الإثنين 30 أغسطس 2021 - 18:52

تقرير- عبدالله عبدالرحيم
شهدت جمهورية تشاد الشقيقة، مطلع إبريل من العام الحالي، تغيرات كبيرة على مستوى سدة الحكم بعد المعارك الحامية التي قادتها المعارضة المسلحة التشادية، وأدت لمقتل الرئيس إدريس دبي إتنو، والذي كان يتأهب لقيادة بلاده في فترة دستورية قادمة، بيد أن ن المعارضين له استطاعوا تفعيل معارضتهم له على النحو الذي أدى بتلك التغييرات الكبيرة بانجمينا. وقبل اغتياله تم اختيار نجله الأكبر الجنرال محمد إدري دبي والذي عرف برجل الاستخبارات ليقود بلاده في فترة انتقالية رئيساً للمجلس الانتقالي الرئاسي. وبرغم الخوف الكبير الذي داهم الإقليم ، من أن تشاد قد تقبل على الدخول في صراعات إثنية وعرقية وربما تودي باستقرارها والاستقرار في كل دول الإقليم، إلا أن الرجل القادم الجديد وبرغم تجربته القليلة وصغر سنه استطاع أن يقود بلاده لبر آمن؛ بعد أن بدأت الأحوال هناك تستقر بشكل كبير.
دبي في الخرطوم:
وفي أول زيارة له للسودان وصل إلى الخرطوم أمس رئيس المجلس الانتقالي التشادي في رئاسة وفد بلاده، وذلك في زيارة رسمية للبلاد تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف جوانبها، وقد دخل فور وصوله في مباحثات مع المسؤولين في الحكومة السودانية.
وأمن النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، خلال المباحثات التي جمعته مع الرئيس التشادي، على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين السودان وجمهورية تشاد، خاصة خلال المرحلة الانتقالية التي يمر بها البلدان، مشيداً بالدور الكبير الذي تضطلع به تشاد في إحلال السلام في الإقليم. وشدد على أهمية العمل المشترك والتنسيق في كافة المجالات إقليمياً ودولياً بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين. ودعا النائب الأول الى تنشيط الآليات الثنائية بين البلدين، بما يدفع بالعلاقات الى آفاق أرحب خلال المرحلة المقبلة. من جانبه أثنى رئيس المجلس العسكري الانتقالي التشادي، على الدعم الكبير الذي قدمه السودان لدولة تشاد خلال الأزمة التي أعقبت مقتل الرئيس الراحل إدريس ديبي وقال “إن السودان هو الدولة الأولى التي بادرت بدعم بلاده؛ مما يؤكد متانة أواصر صداقة البلدين”. وأضاف أن البلدين يحتاجان الى التعاون خلال المرحلة الانتقالية، وتكثيف العمل لتوطيد الأمن والاستقرار بالبلدين والمنطقة، خاصة أن السودان وتشاد يتوسطان منطقة ذات تعقيدات أمنية كبيرة.
طابع عسكري
المباحثات التي أجريت بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ورئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد الفريق محمد إدريس ديبي ، تركزت على الجانب الأمني والاستخباراتي بشكل كبير. وقالت المصادر إن مباحثات الطرفين تركزت حول تفعيل القوات المشتركة بين البلدين وزيادة فعالياته بجانب نشر تعزيزات أمنية مشتركة على طول الحدود. ومثل غياب وزير الخارجية السوداني مريم الصادق المهدي عدة علامات استفهام رغم وجود نظيرها التشادي شريف محمد زين، وأشارت المصادر إلى أن وفد رئيس المجلس العسكري التشادي يغلب عليه الجانب الأمني ، حيث يضم اثنين من أعضاء المجلس العسكري وهما الفريق بشارة عيسى جاد الله ، والفريق طاهر إردا طاهر، بجانب وزير الأمن والهجرة سليمان أبكر.
عودة التفاهم
د. السر محمد علي، الخبير الاستراتيجي يرى أن زيارة الرئيس التشادي الانتقالي للسودان تأتي في زمن يحتاج فيه البلدان للاستمرار في التعاون المشترك الذي بدأ بينهما في وقت سابق إبان عهد الرئيسين السابقين التشادي إدريس دبي إتنو والمشير عمر البشير، ‘‘ الأول أغتيل في معارك مع المعارضة والآخر أقيل عقب ثورة شعبية عارمة’’، مشيراً إلى أن الزيارة قد تحقق تعاقداً على الاستمرار في تلك المشاريع السابقة بين البلدين منها القوات المشتركة بين البلدين، والتعاون المشترك في المجالات الإقليمية والدولية، وتجارة الحدود والتاعون الأمني ، وغيرها من المجالات المختلفة في التعاون المشترك بين البلدين المتجاورين. وأكد أن تلك التجربة كانت مفيدة لدرجة كبيرة جداً للبلدين، إذ أدت لوقف التدهور الأمني الذي كاد أن ينسف الاستقرار في البلدين بفعل الخلافات السياسية بينهما، والذي أدى بدوره لتفعيل النشاط المعادي لكليهما. وقال إن التفاهم الكبير بين البلدين أدى لوضع حد بصورة سريعة جداً لكل صور التدهور الذي كاد أن ينتظم الدولتين.
أهداف كبيرة وحيوية
ولكنها ‘‘ الزيارة’’، بعيون بعض المراقبين تبدو وكأنها محاولة لتلافي الخطر القادم بعد العمليات التي ظلت تقودها الجماعات الجهادية والتنظيمات الإسلامية بالدولة الجارة ليبيا، لكلا البلدين، ويؤكد د. أبوبكر آدم “محلل سياسي وخبير في العلاقات الدولية” ، لـ)اليوم التالي( أن تأثيرات المعارضة والجماعات الخارجة عن القانون المنتشرة بالأراضي الليبية طالت تأثيراتها كل دول الإقليم . وقال برغم الجهود الكبيرة التي تبذلها جهات متعددة لتهدئة الأوضاع وإعادة الحكم الشرعي في ليبيا إلا أن ما لحق بدولة تشاد كان نتاجاً لاحتضان وازدهار نشاط المعارضة التشادية بالأراضي الليبية التي لا توجد فيها حكومة يمكن التعامل معها، إذ لا زالت ليبيا تعتبر مهدداً أمنياً كبيراً لكل دول المنطقة ودول الجوار. ولذلك يرى أبوبكر أن زيارة الرئيس التشادي للسودان زيارة مهمة؛ لأنها تحمل أهدافاً حيوية واستراتيجية كبيرة على علاقة باستقرار الأوضاع في الدول المعنية بالزيارة، وقال إن الحكومة السودانية نفسها في حاجة كبيرة لمواجهة تلك التهديدات بمثل هذه التفاهمات المهمة. وزاد: من المؤكد أن الرئيس التشادي حقق بهذه الخطوة تفاهماً سيعيد العلاقات المشتركة بين البلدين لحالاتها الطبيعية بعد اغتيال الرئيس دبي أبريل الماضي.