الخميس 2 سبتمبر 2021 - 5:33
- قولُهُ تَعَالَى: }مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ{ الْآيَةَ ]98[: البقرة
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الأصفهاني قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الشيخ الحافظ قال: حَدَّثَنَا أَبُو يحيى الرازي قال: حَدَّثَنَا سَهْلُ بن عثمان قال: حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كُنْتُ آتِي الْيَهُودَ عِنْدَ دِرَاسَتِهِمُ التَّوْرَاةَ فَأَعْجَبُ مِنْ مُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ التَّوْرَاةَ، وَمُوَافَقَةُ التَّوْرَاةِ الْقُرْآنَ، فَقَالُوا: يَا عُمَرُ مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْكَ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالُوا: لِأَنَّكَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا، قُلْتُ: إِنَّمَا أَجِيءُ لِأَعْجَبَ مِنْ تَصْدِيقِ كِتَابِ اللَّهِ بَعْضِهِ بَعْضًا وَمُوَافَقَةِ التَّوْرَاةِ الْقُرْآنَ، وَمُوَافِقَةِ القرآن التوراة، فبينما أَنَا عِنْدَهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَ ظهري، فقالوا: إن هَذَا صَاحِبُكَ فَقُمْ إِلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ دخل خوخة في الْمَدِينَةِ، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِمْ فقلت: أنشدكم بالله وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابٍ أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ سَيِّدُهُمْ: قد نشدكم الله فَأَخْبِرُوهُ. فَقَالُوا: أَنْتَ سَيِّدُنَا فَأَخْبِرْهُ، فَقَالَ سَيِّدُهُمْ: إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ الله قال: فقلت: فَأَنْتَ أَهْلَكُهُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ لَمْ تَتَّبِعُوهُ، قَالُوا: إِنَّ لَنَا عَدُوًّا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَسِلْمًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقُلْتُ: مَنْ عَدُوُّكُمْ، وَمَنْ سِلْمُكُمْ؟ قَالُوا: عَدُوُّنَا جِبْرِيلُ وَهُوَ مَلَكُ الْفَظَاظَةِ وَالْغِلْظَةِ وَالْآصَارِ وَالتَّشْدِيدِ؛ قُلْتُ: ومن سلمكم؟ قالوا: مِيكَائِيلُ وَهُوَ مَلَكُ الرَّأْفَةِ وَاللِّينِ وَالتَّيْسِيرِ قُلْتُ: فَإِنِّي أَشْهَدُ مَا يَحِلُّ لِجِبْرِيلَ أَنْ يُعَادِيَ سِلْمَ مِيكَائِيلَ، وَمَا يَحِلُّ لِمِيكَائِيلَ أَنْ يُسَالِمَ عدو جبريل، وإنهما جَمِيعًا وَمَنْ مَعَهُمَا أَعْدَاءٌ لِمَنْ عَادُوا وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمُوا. ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ الْخَوْخَةَ الَّتِي دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَقْبَلَنِي فَقَالَ: يَا ابْنَ الخطاب ألا أقرؤك آيات نزلت عَلَيَّ قَبْلُ؟ قُلْتُ: بَلَى فَقَرَأَ:»}قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ{الْآيَةَ حَتَّى بَلَغَ}وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ{«قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا جِئْتُ إِلَّا أُخْبِرُكَ بِقَوْلِ الْيَهُودِ، فَإِذَا اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْخَبَرِ. قَالَ عُمَرُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَشَدَّ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْ حَجَرٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ مِنْ فَدَكَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صوريا حاج النبيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَلَمَّا اتَّجَهَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ قَالَ: أيَّ ملك يأتي مِنَ السَّمَاءِ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ: وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَوْ كَانَ مِيكَائِيلُ مَكَانَهُ لَآمَنَّا بِكَ، إن جبريل نزل بِالْعَذَابِ والقتال والشدة، فإنه عَادَانَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَكَانَ أَشَدُّ ذَلِكَ عَلَيْنَا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّنَا أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَيُخَرَّبُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ بُخْتُنَصَّرَ، وَأَخْبَرَنَا بِالْحِينِ الَّذِي يُخَرَّبُ فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُهُ بَعَثْنَا رَجُلًا مِنْ أَقْوِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي طَلَبِ بُخْتُنَصَّرَ لِيَقْتُلَهُ، فَانْطَلَقَ يَطْلُبُهُ حَتَّى لَقِيَهُ بِبَابِلَ غُلَامًا مِسْكِينًا لَيْسَتْ لَهُ قُوَّةٌ، فَأَخَذَهُ صَاحِبُنَا لِيَقْتُلَهُ فَدَفَعَ عَنْهُ جِبْرِيلُ، وَقَالَ لِصَاحِبِنَا: إِنْ كَانَ رَبُّكُمُ الَّذِي أَذِنَ في هلاككم فلا تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَقْتُلُهُ؟ فَصَدَّقَهُ صَاحِبُنَا وَرَجَعَ إِلَيْنَا، وَكَبُرَ بُخْتُنَصَّرَ وَقَوِيَ وَغَزَانَا وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلِهَذَا نَتَّخِذُهُ عَدُوًّا فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَدُوُّنَا أُمِرَ أَنْ يَجْعَلَ النُّبُوَّةَ فِينَا فَجَعَلَهَا فِي غَيْرِنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.