الأربعاء 15 سبتمبر 2021 - 23:05

لم يحمل البيان الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، بشأن سد النهضة أي جديد بعد تأخره لأسابيع طويلة، بل أغلق الباب أمام دعوة مصر والسودان لمشاركة الرباعية الدولية في أي جولة مفاوضات قادمة، وقصّر مشاركة أي طرف على صفة المراقب، في الوقت الذي استبعدت فيه الخرطوم الحلول العسكرية في أي من نزاعاتها مع إثيوبيا.
فما هو المتاح أمام القاهرة والخرطوم بعد هذا البيان؟
بداية، تقول أسماء الحسيني، الباحثة المصرية في الشأن الأفريقي، رغم أن بيان مجلس الأمن حول سد النهضةلم يلب تماما رغبة مصر والسودان بشأن الرباعية الدولية، إلا أنه يمثل تقدم على طريق حل الأزمة.


الإرادة الدولية
وأضافت في حديثها لـ" سبوتنيك"، بعد هذا البيان ستكون المفاوضات القادمة والتي دعا لها البيان تحت سمع وبصر ورقابة العالم، حيث أن هناك قلق دولي مما يجري في إثيوبيا من احتراب داخلي وما نتج عنه من مآسي إنسانية، وهنا لن يكون بمقدور الحكومة الإثيوبية تجاهل الإرادة السياسية الدولية تجاه ملف سد النهضة والملفات الأخرى.
وتابعت الحسيني: "في اعتقادي أن القيادة الإثيوبية سوف تواجه خلال المرحلة المقبلة ضغوطا كبيرة، ما قد يدفعها إلى المبادرة بتقديم بعض التنازلات في هذا الملف لتلافي بعض الضغوط في الملفات الأخرى، لذا أرى أن هذا البيان يحمل تقدم بالنسبة للأزمة، كل ما نريده أن يكون هناك تفاوض جدي ومدى زمني محدد، وأن تدرك الدول التي أعربت في السابق عن مخاوفها من تلك الأزمة مدى الخطر الذي يمكن أن يترتب على عدم الحل".
حرب مفتوحة
وأوضحت الباحثة في الشأن الأفريقي، أنه كانت هناك فترة طويلة بين جلسة مجلس الأمن وصدور البيان، حاولت خلالها كل الأطراف ممارسة أقصى درجات الاتصالات والضغوط من أن أجل أن يكون ما يصدر عن المجلس متوافق مع ما تريده، لكنني اعتقد أن مجلس الأمن سوف يجد نفسه مضطرا في نهاية المطاف لاتخاذ موقف تجاه تلك القضية التي ينتج عنها الآن الكثير من التعقيدات، وأسوأ ما يكون هو أن تترك الدول الثلاث في حالة حرب مفتوحة.
فرنسا والبيان
من جانبه يرى المحلل السياسي السوداني، عبد الرحمن الأمين، أن بيان مجلس الأمن جاء مؤكدا لما قاله المندوب الفرنسي عندما طالبت مصر والسودان بانعقاد المجلس لإلزام إثيوبيا باتفاق قانوني وملزم وأن تكف عن الخطوات الأحادية حيث قال وقتها: "ليس بوسع مجلس الأمن أن يفعل شيئا، كل ما بوسع المجلس هو حث الأطراف مجددا على بدء التفاوض بجديه"، هذا بالفعل ما جاء في بيان المجلس الذي صدر الليلة حول أزمة سد النهضة.
وأضاف في حديثه لـ" سبوتنيك"، إن ما جاء في بيان مجلس الأمن حرفيا: "نشجع أطراف سد النهضة على استئناف التفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، من أجل الوصول إلى نص مقبول، ونشجع أطراف أخرى أن تساعد الأطراف في التفاوض، لكن بصفة مراقب".

المحاولة الأخيرة
وتابع المحلل السياسي، أن السودان ومصر لجأتا إلى مجلس الأمن، لكن في النهاية لم تكن هناك النتائج المطلوبة ولو في أدنى مستوياتها، وليس أمام مصر والسودان الآن سوى السير في محاولة أخيرة من التفاوض، بغية الوصول مع إثيوبيا إلى اتفاق ملزم وقانوني.
وأشار الأمين إلى أنه من الواضح، أن أقصى سقف وصلت له السودان ومصر هو مجلس الأمن ولم يرجعا من تلك الجولة بنتيجة تردع إثيوبيا أو تردها إلى طاولة المفاوضات الجادة، ولم يعد هناك حلول أمام مصر والسودان سوى التحلي بالصبر، وذلك بعد تصريحات رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك عن الاستبعاد التام للخيار العسكري في أزمة سد النهضة أو الخلافات الحدودية مع أديس أبابا.
إضفاء الشرعية
بدوره قال الخبير القانوني السوداني، العضو السابق في مفاوضات حوض النيل، الدكتور أحمد المفتي، إن السودان يعطي الملء الثاني الشرعية التي تنقصه، ولا يطالب إثيوبيا بالتعويض عن الأضرار التي سببتها، حيث أبلغ وزير الري والموارد المائية السوداني، وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي مؤخرا، احتجاج السودان على البيانات الفنية التي زودت بها إثيوبيا السودانفي يوليو/تموز الماضي، لأنها غير دقيقة، وغير مكتملة، موضحا الأضرار التي لحقت بالسودان جراء المعلومات الخاطئة وعدم التنسيق في الملء.
وأضاف في حديثه لـ" سبوتنيك": "وزير الري السوداني، حث نظيره الإثيوبي على قبول عملية "الوساطة المعززة"، بقيادة الاتحاد الأفريقي، لمساعدة الأطراف الثلاثة في الوصول لاتفاق مرض حول سد النهضة، ولم يطالب الوزير إثيوبيا بالتعويض عن الأضرار التي سببتها، كما أنه تناسى الملء الثاني الآحادي، وطالب بـ "الوساطة المعززة"، وهي الرباعية التي سبق أن رفضتها إثيوبيا، وبذلك يكون قد أكسب الملء الثاني الشرعية التي تنقصه".
ومنذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سد النهضةوضمان حقوق كل بلد في مياه النيل ولكن على مدى 10 سنوات لم تفلح أي جهود في التوصل إلى اتفاق ملزم بين البلدان الثلاثة.
يذكر أن مصر أعلنت في وقت سابق، أن الذهاب إلى مجلس الأمن في قضية "سد النهضة" يعد أحد المسارات وليس المسار الوحيد أو المنتظر لحل المشكلة من خلاله.
وقال المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير محمد إدريس، إن "مصر توجهت إلى مجلس الأمن في 3 قضايا مفصلية وحيوية وهي: قضية الجلاء، وقضية الأرض عقب 1967، وأخيرا أزمة سد النهضة".
وتابع: "لو كان مجلس الأمن هو الحل، لماذا لم نذهب له منذ 10 سنوات، بالطبع لأنه يوجد إدراك بأن المجلس ليس هو الحل، لكنه مسار طرقناه بعد أن انخرطنا في المفاوضات لفترة طويلة لم تصل إلى نتيجة، فذهبنا للمجلس لنعرض عليه قضيتنا".
وأفاد بأن "ذهاب مصر لمجلس الأمن هو لتوضيح أن مسار الاتحاد الأفريقي لم يصل إلى نتيجة".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، أعاد مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، ملف سد النهضة الإثيوبي إلى الاتحاد الأفريقي مجددا.
و اعتمد مجلس الأمن بيانا رئاسيايدعو أطراف سد النهضة إلى العودة للمفاوضات، معتبرا أن ""مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار".