الخميس 16 سبتمبر 2021 - 21:58
أسماء جمعة تكتب: الدم المهدور بحوادث المرور


واحدة من أسوأ الصفات التي كانت تميز مسؤولي النظام المخلوع، هي عدم الضمير وفقدان الاحساس بالآخرين والتعاطف معهم، وقد عظم عندهم هذا الأمر لدرجة أنهم استرخصوا أرواح الناس حتى اصبحت حوادث الموت عندهم أمراً عادياً تمر عليهم دون أن تلفت انتباههم،وليس من مثال مناسب يمكن أن نتحدث عنه اكثر من حوادث المرور التي أظنها أصبحت المسبب الاول للموت في السودان، وحتى بعد الثورة لم يتغير شيء.
حوادث المرور في السودان واحدة من الكوارث التي تتكرر يوميا،ولا يمر يوم من أيام السنة دون وقوع عدد منها،واغلبها في الطرق السريعة التي تربط الخرطوم بالشمال والغرب والجزيرة والشرق.
ويمكن أن يموت في الحادث الواحد عشرون أو ثلاثون أو أربعون مواطناً ويصاب مثلهم أو أكثر، ورغم هذا، الحكومة الانتقالية لا تتحرك ولا عزاء لأهل المتوفين.
السودان يعتبر واحداً من اعلى الدول التي تقع فيها حوادث المرور في العالم، والسبب سوء الشوارع وضيقها والسرعة الزائدة وسلوك المواطن عموما في ظل غياب الرقابة الرسمية.
سنويا تقدم شرطة المرور تقريرا عن ضحايا حوادث المرور، في العام 2018 رصدت السلطات وقوع 9823 حادثاً، أدى إلى إصابة ومقتل المئات، وحسب تقرير المرور للعام 2019 ارتفعت الوفيات والإصابات الناتجة عن حوادث السير بنسبة 20.2 في المائة عن 2018، وحتى لم يصدر تقرير بالعام 2020 ولكن نعتقد أنها ارتفعت أكثر بسبب حالة التدهور المستمرة مع عدم وجود اهتمام بالأمر.
في العام 2016 قال استشاري المخ والأعصاب والعمود الفقري، اللواء طبيب الفاتح محمود بشير،في أحد البرامج التلفزيونية، إن الوفيات بسبب الحوادث المرورية تأتي في المرتبة الأولى، قبل جميع الأمراض، وقال إن البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، كشفا عن صرف السودان مبلغ 500 مليار جنيه سنوياً لمواجهة حوادث المرور، وهذه التكلفة وحدها يمكن أن تحدث الفرق اذا تمت إدارتها بشكل أفضل، خلال تأهيل الشوارع وتأسيس منظومة مرور متطورة اذا توفرت الرغبة والإرادة، رغم وقوع حوادث مرور كثيرة وكبيرة خلال الفترة الماضية، لم يخرج مسؤول من الحكومة يعبر عن أسفه ويحذر المواطنين، فقط الصحف تكتب وتعلق وتثور مواقع التواصل الاجتماعي وما أن تهدأ حتى تعود للثوران بسبب حوادث اخرى، شرطة المرور لا يمكنها فعل شيء في ظل هذا الوضع غير أن تحصي عدد الحوادث وضحاياها وهو أضعف الإيمان، فهيواجبها التنظيم وفرض القوانين والمراقبة وهذا يحتاج إلى إمكانات وبنية تحتية وشوارع بمواصفات وهي مسؤولية وزارة التنمية العمرانية والطرق والجسور الغائبة،كما يحتاج إلى بيئة عمل وأوضاع وظيفية جيدة تمكن العاملين من أداء واجبهم بكفاءة وهذه مسؤولية وزارة المالية، وحقيقة حوادث المرور تعتبر إبادة جماعية يجب أن تهتم الدولة بحقوقها.
شرطة المرور دائما ما تعزو الحوادث المرورية المتكررة إلى سوء الشوارع والسرعة الزائدة،ومطلوب الآن من الحكومة التحرك الفوري لوقف الدم المهدور بسبب حوادث المرور ولابد من عمل كبير،إدارة المرور مؤخرا قامت بزيادة غرامات المخالفات، وهى خطوة من خطوات كثيرة تساعد في العلاج ولكن لن تؤتي اكلها من دون رقابة ومتابعة ومحاسبة وتأهيل للشوارع.