الثلاثاء 5 أكتوبر 2021 - 20:10
أحمد يوسف التاي يكتب: والله ما بتقدر يا سعادتك


قبل شهرين من سقوط نظام البشير، سجل وزير الإعلام النظام بشارة جمعة زيارة لمقر صحيفة “اليوم التالي” وقال إن زيارته للصحيفة تأتي في إطار جولة تفقدية لدور الصحف بهدف الوقوف على المشاكل التي تعاني منها الصحف…
وقال وقتها إن وزارته ستعمل على إزالة القيود التي تعاني منها الصحافة، إلى جانب زيادة مساحة الحرية لعكس الحقيقة للمواطن مما يجري من قضايا… وقتها كتبت في هذه الزاوية هذا النص دون زيادة أو نقصان : )طبعاً الوزير أطلق هذه التصريحات وهو كلام ممتاز وزي العسل ، لكن من الناحية النظرية فقط، ونقبله من السيد الوزير كنوع من المجاملة والعزاء والمواساة فقط ، أما من الناحية العملية فأقول لك يا سيد بشارة، “عليّ الطلاق بالتلاتة” لا تستطيع إزالة القيود التي تعاني منها الصحافة والصحافيون، وليس بإمكانك أن تفي بوعدك هذا… ولا أقول ذلك تقليلاً من شأنك، ولا استخفافاً بك ، معاذ الله أن أفعل هذا ، فلا ينبغي لي ولا أستطيع، لكنك يا سعادة الوزير ، وأنت تعلم قبل غيرك أنك تعمل داخل منظومة المؤتمر الوطني، وهي منظومة تقوم على عقلية شمولية دكتاتورية مستبدة ليس فيها مساحة للحريات ولا يُري الناس إلا ما يرى ومن خالفه فهو “خائن” و”عميل” و”مُندس” و”مُخرب”….. وكما أشار وزير التجارة المُعتَذِر عن المنصب الدكتور منصور يوسف العجب إلى أنه توصل إلى قناعة راسخة بأن المؤتمر الوطني يريد أن يضع كل من يشاركه السلطة تحت “إبطه” وإلا فليخرج صاغراً…
وعندما أقول لوزير الإعلام إنك لن تسطيع إزالة القيود التي تعاني منها الصحافة فإني أعني ما أقول تماماً، فهل تستطيع أن توقف العقوبات المزدوجة التي تعاني منها الصحافة؟ فإننا يا سعادة الوزير نعاني من من هذا النوع من العقوبات وحدث لي شخصياً مرات عديدة أن حوكمت في قضية نشر واحدة في مجلس الصحافة والمطبوعات عبر لجنة الشكاوى ، وفي جهاز الأمن )استدعاء وتحقيق(، وفي نيابة الصحافة )تحريات( أيضاً، ثم المحكمة أخيراً، وذات مرة حوكمتُ في قضية واحدة في محكمتين مختلفتين إحداهما مختصة والأخرى غير مُختصة علماً بأن موضوع الشكوى واحد فقط ومتعلق بالنشر الصحفي، فرئيس التحرير يُستدعى لدى لجنة الشكاوى، ويُعاقب في مجلس الصحافة، ويذهب إلى النيابة، ثم إلى المحكمة، وقبل ذلك تكون أحياناً المُصادرة من المطبعة، والاستدعاء في جهاز الأمن والتحقيق معه… فهل تستطيع أن توقف هذه العقوبات المُزدوجة في قضية واحدة يا سعادة؟.. لن تستطيع..
والصحافة يا سيد بشارة تعاني أيضاً من الرقابة الأمنية، القَبْلية والبَعْدية، والمصادرات ، وكثرة ما يسمى بـ “الخطوط الحمراء”، وعدد من الصحافيين الآن موقوفون عن الكتابة، فهل تستطيع يا سعادة الوزير إيقاف الرقابة، والمصادرات، وإعادة الأقلام التي يفتقدها القارئ إلى بساط صاحبة الجلالة؟… سألتُك وبالطبع لا أنتظر منك إجابة لأني ببساطة شديدة أعرفها تماماً، أما حديثك فقد قبلناه من باب العزاء والمجاملة، لكن أيضاً هذا الكلام السياسي لا ينبغي لك أن تحيله إلى ماء لتبيعه في حارة السقايين،هذا مع احترامي وتقديري لظروف السيد الوزير الآن… انتهى مقال الأمس… وأما مقال اليوم هو عبارة واحدة : )ما اشبه الليلة بالبارحة(…
الآن اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.