الخميس 7 أكتوبر 2021 - 13:44
سمية سيد يكتب: شيطنة جهاز المخابرات


مع انطلاق عمليات نوعية في مكافحة الإرهاب الأيام الماضية ، برزت أصوات تحاول التشكيك في وجود خلايا إرهابية بالسودان، بل ذهب البعض للترويج لفكرة وجود مؤامرة من الأجهزة الأمنية و القوات المسلحة للقيام بهذا الدور في هذا التوقيت؛ لتثبيت المكون العسكري في السلطة .
مع غباء الفكرة إلا أن هذا الرأي وللأسف وجد من يؤيده ويروج له على أوسع نطاق ، طالما أنه يخدم أجندة محددة.
جهاز المخابرات فقد عدداً من عناصره – تقبلهم الله شهداء – بخلاف الجرحى، قام بواجبه الوطني في حماية البلاد . في ظروف هشاشة أمنية وسيولة سياسية ، وانشغال كافة مكونات الحكم من سلطة سيادية وتنفيذية بمعارك البقاء، و تنابذ وتصعيد إعلامي .
لمصلحة من يطالب البعض بتفكيك جهاز المخابرات في دولة مكشوفة كبلادنا .
السودان من أكثر الدول التي تتعرض لمخاطر دخول الإرهابيين والجماعات المسلحة بسبب حدوده المفتوحة ، وبسبب عدم الاستقرار السياسي والاختراق الأمني..كما أنه من الدول المستهدفة من الخارج، وما نشاهده اليوم من تأثير الاستقطاب الإقليمي والدولي على الأوضاع الداخلية والصراعات القبلية يمثل تهديداً واضحاً للأمن القومي.
السودان من أكثر الدول التي تعد معبراً للهجرات غير الشرعية. ولتدفق الأموال المحتاجة الى تنظيف وغسل، أضف إلى ذلك الظواهر الاقتصادية الشاذة مثل المضاربات وتسيد السوق السوداء على أسواق العملة والسلع، وغيرها كثير من السلبيات التي تحتاج إلى وجود أجهزة أمنية قوية للتصدي لها.
صحيح أن أجهزة الأمن والمخابرات كانت ذات سمعة سيئة فترة حكم النظام البائد؛ جراء قيامه بأعمال غير إنسانية، وتدخله في الشأن العام للدولة؛ بعيداً عن مهامه الأساسية في الحماية ..لكن هذا لا يمنح المبرر الكافي للتخلص منه . كما حدث عقب انتفاضة ابريل 85 لتعيش البلاد فوضى أمنية غير مسبوقة
منذ تأسيس أول جهاز مخابرات في العالم، على يد الرئيس الأمريكي جورج واشنطن خلال حرب الاستقلال تحت اسم )الخدمات السرية( 1797 ظلت أجهزة المخابرات أهم المؤسسات في جميع البلدان.ولا توجد دولة تستطيع الاستغناء عنها .بل تجد أن الدول تسعى لتطوير وتقوية أجهزة مخابراتها بما يسهل أعمالها ويحقق أهدافها من خلال التدريب وبناء القدرات واكتساب المهارات .
جميع الدول العربية والأفريقية تسعى الآن لتقوية أجهزة المخابرات بعد الضغوط الدولية التي تواجهها لمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال. فخصصت لذلك ميزانيات كبيرة لتنجز هذه المهام .
بعد ثورة ديسمبر حدثت تغييرات كبيرة في هيكل جهاز المخابرات بدءاً من تفكيك هيئة العمليات انتهاءً بمهامه الأساسية .
الثورة التصحيحية التي شهدها جهاز المخابرات تعد غير مسبوقة؛ لجهة سحب صلاحيات الجهاز في عمليات الاعتقال السياسي .وقمع الحريات وأعمال التجسس على الأفراد لحماية النظام البائد.
غير أن تفكيك هيئة العمليات كانت من أكبر الأخطاء التي ارتكبت .وكان بالإمكان التخلص من العناصر المرتبطة بالنظام السابق، والتي كان هدفها حماية الرئيس المخلوع والإبقاء على العناصر النظيفة، وهي عناصر مدربة تدريباً عالياً للاستفادة منها في تحصين الجبهة الداخلية .
على الدولة أن تتجه إلى تطوير جهاز المخابرات لمواكبة التطور المذهل في ثورة الاتصالات، وتقانة المعلومات، وتعدد وسائل الإعلام، والفضاءات المفتوحة، خاصة أن أجهزة المخابرات لم تعد تلك المؤسسات ذات القدسية والمحصنة من التناول الإعلامي التي تعمل في تكتم وسرية.
الممارسة المهنية لجهاز المخابرات هي التي تبعده عن الشبهات. وهذه تتم بأن تكون مصلحة البلاد ومصلحة المواطن هي الهدف الأساسي بعيداً عن حماية النظام السياسي . وبعيداً عن القمع وممارسات البطش والتعدي على حقوق الإنسان .
خشونة الممارسات وتراكم سوء السمعة جعل جهاز المخابرات عرضة للهجوم المكثف عقب ثورة ديسمبر المجيدة. وهو ما يجب على قيادات الجهاز الحالي العمل على تجاوزه بتعديل صورته لدى الرأي العام .
somiasayed@gmail.com