الأحد 10 أكتوبر 2021 - 21:31
محجوب عروة: العسكريون والمدنيون وحديث الصراحة والتعقل


**حذار من الفوضى والتشظى وانهيار الوطن
**الثورة وإدارة الدولة شراكة بين المدنيين والعسكريين الذين قدموا أنموذجا احترمه وأشاد به العالم فلنحافظ عليه.
** لن ينجح أحد الطرفين وحده في إدارة الدولة
** استفيدوا من أخطاء الماضي ياهداكم الله فهي مسؤولية أمام الله
** انهيار الدولة السودانية سيحدث أضراراً خطيرة على من حولنا وستعم الفوضى المسلحة وسينتشر الإرهاب
لا أجد وصفا مناسبا لما يجرى في الساحة السياسية اليوم من خلافات وصراعات وصلت درجة الاتهامات والتحديات والعصبيات الا أنه جزاء سنمار وعدم وفاء للشباب والرجال والنساء الذين مهروا الثورة بدمائهم الغالية من أجل الحرية والسلام والعدالة والحكم الرشيد وعودة الديمقراطية بصورة أفضل مما مضى فيحقق العيش الكريم والازدهار الاقتصادى واستعادة السيادة للوطن المسلوب ارادته لدرجة أصبح سلة مبادرات العالم بدلا عن سلة غذائه فيواجه مجاعة عالمية مؤكدة قادمة قريبا كما تؤكد البحوث العالمية.
ماذا فعل الشعب السودانى خاصة الثوار ليفعل بهم المتصارعون هكذا؟ لماذا لا يرتقى هؤلاء لمستوى المسؤولية الوطنية والسياسية والأخلاقية والمهنية الرفيعة؟ هذ لا يرضاه الله ولا رسوله يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم وعمل نافع لمن اولاه خالقه أمر الناس سائلهم حتى لو عثرت عنزة فى الصحراء مثلما خشى العادل ابن الخطاب..
ثم لماذا المستوى الضعيف لدرجة الهوان تجاه تمرد يقوده شخص لا يتمتع بالاجماع فى اقليمه كل همه ألا يحاسب على ماضيه فيستغل البسطاء وربما بدعم من جهات لها اجندتها السياسية فيغلق شرايين البلاد من طرق وميناء لا يهمه مصلحة المواطن ولا سمعة الوطن ومصالحه العليا فتكون النتيجة الحتمية نقصا حادا فى السلع الضرورية خاصة للأطفال وترتفع أسعارها ويتعطل تخليص وسائل الانتاج وقد تتوقف الحركة لعدم توفر الوقود والأسوأ نسف مناخ الاستثمار فيتضرر الجميع.. يا لها من مهزلة لا تليق بدولة محترمة وثورة سلمية أشاد بها العالم، بل أشاد بالنموذج السودانى فى شراكة محترمة بين العسكريين والمدنيين فدخل الشيطان بينهم.. هل هو الطمع وشهوة السلطة ام لعله الحسد والتكاره الذى بذر بذرته النظام السابق أم هو العمى الاستراتيجي لبلد غني بموارده ووضعه الجيواستراتيجى المميز الذي يمكن ان يستفيد منه الجميع اذا تراضوا؟.
هل صدق بيت شعر يصف حالنا :
أرى زمنا نوكاه أسعد اهله ولا يشقى به سوى كل عاقل
أم محمد سعيد العباسى كأنه كان يصف حال الثوار والمواطن؟
أرقت من طول هم بات يعرونى يثير من لاعج الذكرى ويشجونى
منيت نفسى آمالا يماطلنى بها زمانى من حين الى حين
ألقى بصبرى جسام الحادثات ولى عزم اصد به ما قد يلاقينى
ولا اتوق لحال لا تلائمها حالى ولا منزل اللذات يلهينى
ولست ارضى من الدنيا وان عظمت الا الذى بجميل الذكر يرضينى
وكيف أقبل أسباب الهوان ولى آباء صدق من الغر الميامين
النازلين على حكم العلا أبدا من زينوا الكون أى تزيين
كففت عن غرب التصابى والتفت الى حلمى ولم اك فى هذا بمغبون
وصرت لا أرتضى الا العلا أبد ما قد لقيت من التبريح يكفينى
وعودة الى العلاقة السابقة الوطنية الصائبة بين المدنيين والعسكريين حتى نفك هذا الاشتباك الذى سيصيب الثورة ومؤسسات الدولة فى مقتل وسيكون الاثنان اول ضحاياه فيصدق المثل القائل )اذا تشاجرت الإفيال فإن المتضرر هى الأشجار والحشائش( فأذكرهم بواقعة يعرفها من عايشها منهم حين طالب المدنيون العسكر فى فترة الانقاذ الاطاحة بالنظام عسكريا فقال لهم هؤلاء أن النظام يحكم الرقابة على الجيش استخباراتيا والحل الوحيد هو ثورة مدنية شعبية لفترة ترهق النظام وتربكه وتضعفه اقتصاديا فتمكن الوطنيون فى الجيش من تنظيم أنفسهم والضغط على قيادته للانحياز للثورة مثلما حدث فى ثورتى اكتوبر 1964 وابريل 1985. هذا يعنى أن المدنيين والعسكريين شركاء مناصفة فى الثورة ومن الظلم والغباء اقصاء أحدهم للآخر بل عدم امكانية ذلك والا حدثت الفوضى وسقط الطرفان لصالح قوى تتربص، فالمدنيون لا يستطيعون ادارة الدولة وتكريس الأمن وحدهم وبنفس القدر لا يستطيع العسكريون ادارة البلاد دون المدنيين فى ظل أوضاع ادارية ومؤسسية واقتصادية صعبة داخلية وكذلك خارجية بالغة التعقيد والمصالح الدولية خاصة فى السودان الذى يتوسط المنطقة من حوله اذا انهار فلن اندهش اذا تأثر فلن ينجو من حوله فى كل الاتجاهات فالتوازن مطلوب وشلل الدولة بسبب هذه الخلافات مؤذن بخراب الوطن .. هذا هو القول الصريح فما هو الحل العاقل والمناسب يا ترى؟ أواصل غدا.