الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 - 20:11
محجوب عروة يكتب: حكومة حمدوك الثالثة بالكفاءات


كان أكبر خطأ ترتكبه القوى السياسية عقب ثورة ديسمبر هو اندفاعها نحو كراسى الحكم واحتكار ادارة الدولة خاصة الجهاز التنفيذى بطريقة تفتقر الى الحكمة والتعقل والكياسة السياسية والاستفادة من أخطاء الماضى التى أورثتنا الدورة الخبيثة.. كان الأوفق ألا تصر على المحاصصة الحزبية لدرجة جعلت السلطة مجرد وسيلة لاقصاء الآخر وتكريس الأجند ة الحزبية والشخصية الضيقة فأدى ذلك الى خلافات وتشققات داخل الحاضن السياسى كانت نتيجته حتمية انقسامه الى اثنين )قحط 1 وقحط 2(. حدث هذا فى تقديرى لأن عدد كراسى السلطة لا يتسع لجميع الناشطين المعارضين فى الداخل أو الذين عادوا من الخارج وعددهم بالمئات يريدون ان ينالوا نصيبهم وهمهم المصالح الحزبية والشخصية لا مصالح الوطن وممارسة الاقصاء والتمكين مثل الانقاذ كما اتضح.
تسبب ذلك فى بروز عدم الثقة بين المدنيين الحزبيين والعسكريين فى السلطة فأدى ذلك الى حرب الاتهامات والتصريحات والمواجهات لدرجة التحديات المتبادلة وقد زاد من تلك الظواهر المحاولة الانقلابية الفاشلة التى أنتجت المزيد من الاتهامات المتبادلة لدرجة تكاد مؤسسات الدولة تصاب بالشلل وقد فاقم ذلك أحداث شرق السودان باستغلال السيد ترك للوضع السياسى المتفجر ليغلق طريق بورتسودان والميناء متحديا الحكومة التى بدا واضحا عدم قدرتها على معالجة الأوضاع بالكفاءة المطلوبة وخضوعها للابتزاز مثلما حدث مع الحلو.. يساعد على هذه الوضعية السياسية السيئة موقف الحزبين العقائديين الشيوعى والاسلامى حيث ظلا يتربصان بحكومة د. حمدوك لاسقاطها. كل منهما من منطلقه الحزبى الضيق.. ولا شك عندى – بل كما تؤكد معلوماتى الخاصة – أن ثمة أيادٍ خارجية ظلت تتحرك داخل البلاد خدمة لأجندتها الخاصة مستفيدة من تلك الخلافات وتصدع الجبهة الداخلية ـ وللأسف تساعدها عناصر وطنية تدمن الخيانة الوطنية عبر سداد فواتير سياسية قديمة خلال فترة المعارضة للنظام السابق مؤكدة ما قاله أحد المفتشين الانجليز الذين عملوا فى السودان خلال فترة الحكم الاستعمارى بأنه رغم حبه للسودانيين وصفاتهم الايجابية الا أن أكبر سلبيات المتعلمين خاصة السياسيين منهم ظاهرة الحسد بينهم وعدم الوطنية لدى غالب السودانيين حيث إن القبلية عندهم أهم من الوطن، علمهم دافع الضرائب ليرتقوا به ويديروا شأنه بافضل ما تعلموه لكنهم تنكروا له وضرب ذلك الادارى الانجليزى أمثالا عديدة لهذه الظواهر السيئة. ولعله لو حضر ما ظل يحدث عقب الاستقلال حتى اليوم لقال أسوأ من ذلك وللعن اليوم الذى حضر فيه للعمل بالسودان..
لا حل للواقع السياسى اليوم الا أن يشمر د. حمدوك عن ساعد الجد ويتجاوز المحاصصة الحزبية ويشكل حكومة الكفاءات ويعمل مع مجلس السيادة بعد تقليصه لأدنى حد ممكن لا هذا الترهل والصرف الهائل عليه ويتوصل معه باعتباره الحاضن الجديد لتكوين المجلس التشريعى على تعديل الوثيقة الدستورية وتكوين المحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء ولتذهب الأحزاب الى المجلس التشريعى مع توسيع المشاركة فيه ليقوم المجلس عبر التوافق والحوار الوطنى المسؤول بالرقابة على الحكومة ووضع دستور دائم ووضع القوانين وسن التشريعات خاصة قانون الانتخابات والنقابات وقانون الأحزاب واجازة الموازنة. ولتنصرف الأحزاب الى الحوار بينها واعادة الثقة وبناء نفسها من جديد بدلا عن الصراع حول كراسى السلطة خلال الفترة الانتقالية.. هذا او الطوفان.. صدقوني.