الأربعاء 13 أكتوبر 2021 - 21:37
محجوب عروة يكتب: لا للتنافر نعم للتوافق وكفاءة الحكم


يحدث فى بلادنا اليوم ما ظللت أحذر منه كلما كتبت معلقا على الأوضاع السياسية ألا تكررى أيتها القوى السياسية ما حدث عقب الثورات السابقة فلا تنتكس ثورة ديسمبر كما انتكست ثورة 21 أكتوبر وانتفاضة أبريل.. لكنهم للأسف جميعا لا يستمعون وأخشى ما أخشى أن يتكرر ربما ليس سيناريو 25 مايو و30 يونيو تحديدا بل ربما أقرب لما يحدث فى تونس اليوم، فقد ظننا أننا سنشهد ميلاد ديمقراطية حقيقية وحكما راشدا جديدا فى الدول العربية لنضيئ شمعة تنير نفق العرب المظلم وتنهى كابوسه الطويل الذى كرس للديكتاتوريات بمختلف أشكالها من وطنية مدنية وعسكرية وقومية عربية ناصرية او بعثية او شيوعية أو اسلاموية بأشكال تقليدية عشائرية أو حديثة عبر الاسلام السياسى يدعي كل منهم أنه على الحق وغيره على باطل يستحق الاعتقال والتهميش والاقصاء بل التعذيب والقتل بدم بارد..
قبل أن اطرح بعض الحلول التى أراها منقذة لنا من انهيار حتمى لدولتنا مثلما حدث فى دول الربيع العربى دعونى أمثّل الوضع الحالى بالضرغام )الأسد ويرمز للقوة( الذى يحاول كل طرف من أطراف النزاع ان يجعله وسيلة ليقصي به الآخرين..
ولنا فى تاريخ ما بعد الاستقلال أمثلة وعظات فحين قام السيد عبد الله خليل بتسليم السلطة الى الجيش )نكاية( فى غريمه الأزهرى لم ينج من اقصاء حكام 17 نوفمبر العسكرى له وارساله مع الآخرين فى معتقل ناقشوط بجوبا ففقدوا جميعا السلطة ستة اعوام.. وهذا ما حدث للأحزاب اليسارية فى فترة نميرى وللاسلاميين بعد انقلاب الانقاذ ذاقوا جميعا الاقصاء والاعتقال بل الاعدام ممن جاءوا به للسلطة.. لقد صدق الشاعر حين قال :
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا
والقوة قد لا تعنى القوة الصلبة وحدها مثل القوة العسكرية التى قد تنهار مثلما انهارت أنظمة وقيادات عسكرية كما حدث لانظمة عبود والنميرى وصدام والقذافى وعلي صالح بل قد تعنى القوة الناعمة المدنية حين تظن القوى المدنية أنها بمنأى عن الانهيار حين يضيق غالب الشعب بحكم أحزابها المتشاكسة التى تفشل فى ادارة دفة الحكم وتحسين معاش الناس وتأمينهم من الخوف.

الحل الوحيد أن يستهدي الجميع بالله ويحلوا خلافاتهم عبر حوار جاد وصادق ومنتج للاستقرار والسلام وعودة الثقة وللتحول الديمقراطى السليم عبر التعاون المثمر والتوافق حتى لو تنازل كل طرف عن بعض مطالبه.. ليبدأ ذلك بمؤتمر دستورى لا تعزل منه جهة حتى الاسلاميين المعتدلين بعد ان يعتذروا للشعب عن انقلابهم، ولتعدّل الوثيقة الدستورية تبعا لذلك فهى ليست قرآناً، ولتنشأ حكومة الكفاءات وليس حكومة المحاصصة الحزبية التى لا تتسع للجميع. ولتقبل طلبات الناظر ترك بعدم احتكار مسار الشرق لقضاياه دون الآخرين الكثر الذين تم تهميشهم. ولتقوم المحكمة الدستورية وليعين رئيس القضاء..
أما بخصوص مجلس السيادة فلتقلص عضويته مثل تقليص الوزارات لأقل عدد ممكن ولا داعى للصرف على كثرة المسشارين نصرف عليهم دون وجه حق فالوزراء كل حسب اختصاصه هم مسشارو رئيس الوزراء.. دعونا لا نكرر أخطاء الانقاذ بالصرف الحكومى الهائل.. too much government
ثم هناك التقسيم الادارى اللامركزى لماذا يتأخر؟ وهناك المفوضيات لماذا لم تكتمل؟
ليعلم الذين يديرون البلاد أن نسبة شعبيتهم قد وصلت الحضيض ولات ساعة مندم اذا قام الشعب بثورة جديدة تصحح هذه الأوضاع المزرية..