الأحد 24 أكتوبر 2021 - 21:16
أحمد يوسف التاي يكتب: رمتني بدائها وانسلت


)1(
جُلَّ القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لا تمتلك أية حساسية إزاء التعامل مع “الأجنبي” والاحتماء والاستنجاد به في معارك الصراع الداخلي بين الفرقاء السودانيين، ولعل هذا الأمر لا يحتاج إلى كثير جدال ومغالطات، فهناك أحزاب هي أصلاً امتداد لأحزاب أجنبية فهذه بالطبع لا تعنيها هذه الحساسية في شيء ، وهناك أحزاب جاء مؤسسوها مع جيوش الاستعمار الغازية )دي علاقتها شنو بالحساسية( ، وأخرى قدم قادتها أخطر المعلومات للاستخبارات الأجنبية لضرب منشآت سودانية ،فأي جرم أكبر من هذا …أما الأحزاب الأكثر فاعلية في الساحة فقد أدمنت سياسة المحاور الإقليمية وتحولت إلى دُمى في أيدي القوى الإقليمية، وتبعتها الآن أحزاب صغيرة ما زالت تتحسس طريق )والله ماعارف أقول شنو العمالة شايفها كلمة قاسية(…
)2(
وفي ظل انعدام هذا الحساسية إزاء الاستنجاد والاحتماء بالأجنبي والرهان عليه في حسم الصراعات الداخلية فإن أي حزب تأتي فرصته للاستقواء بالأجنبي وطلب دعمه لن يفوتها إطلاقاً لأنه لا يملك الحساسية اللازمة تجاه هذه الأمور التي تتعدى التعامل العادي إلى الاحتماء بالأجنبي لتحقيق طموحاته السياسية وحسم خلافاته مع الآخر وبالتالي سيكون أكثر استعداداً لدفع أي فواتير من أجل الحماية والنجدة والنصرة، ولهذا نستطيع القول إنه لا يوجد حزب بريء من هذه التهمة، ومن يفعل ذلك لا يحق له أن يتهم الآخرين بزخائم نفسه حتى لا ينطبق عليه المثل :)رمتني بدائها وانسلت(، ولهذا أقول دعونا من تبادل الاتهامات بالعمالة والارتزاق والاستقواء بالاجنبي…
)3(
إذن يا سادتي كلكم سواء تفتقدون هذه الحساسية، ومنكم من رأيناه الآن يخوِّن خصومه السياسيين ويعيب عليهم الاستقواء بالأجنبي ورأيناه هو نفسه يستنجد في منتصف التسعينات بذات الأجنبي، وهل من دليل أكبر من أحزاب التجمع الوطني المعارض في التسعينات.. وهل ننكر أن أحزاب الجبهة الوطنية كانت في العام 1976 تتلقى الدعم العسكري والأموال والسلاح من )الأجنبي(… ونظام الإنقاذ الذي صدع رؤوسنا بكثرة اتهام خصومه بالعمالة يتردد بقوة أنه أيضاً صناعة أجنبية، وهل مشروع الترابي إلا مشروعاً إخوانياً أجنبياً..
)4(
بعد تلك النقاط أعلاه أعود وأقول إن أي رهان غير الشارع لن يجدي فتيلاً، السياسي الناجح الذي يمتلك قدراً من الحكمة والذكاء والانتماء للوطن هو من يراهن على شعبه ويحتمي به، فالشعوب الآن هي السلاح الأقوى والعزم الأمضى، والإرادة الحرة التي لا تخضع للابتزاز، وما سواها خسرانٌ مبين… فليس من الحكمة والذكاء أن يطلق فمك عبارة )الشوارع لا تخون( وتغمز عينك إلى )السفارة(..
)5(
الآن الشوارع حسمت أمرها وفصلت القول وقطعت قول كل خطيب، فالذي يراهن على الشارع ويستعصم به حقاً وصدقاً، إيماناً واحتساباً بغير زيف فقد كفاه الشارع وانعم به من ناصر وإن خسر معركةً فلن يخسر كل المعارك، ومن تحدثه نفسه بالعمالة فليقرأ كتب التاريخ، ليعرف كيف ضاعت دولة الخلافة العباسية، وكذا الأندلس، وما كرزاي عن كل ذلك ببعيد….اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.