الخميس 9 ديسمبر 2021 - 15:03

** المقال أدناه، من المقالات التي تمنيت لو أنني كاتبها… فقد شخّص فيه صاحبه بأسلوب )السهل الممتنع(، أسباب الإخفاقات المتواصلة للكرة، وقدم روشتة للعلاج تستحق الاهتمام… وهذا نصها:
* تبخّرت أحلام السودانيين في قطر مثلما تبخّرت سابقاً في المغرب، واحتل المنتخب المركز الأخير في مجموعتي تصفيات كأس العالم وبطولة العرب عن جدارة واستحقاق.
* ست مباريات متتالية لم يحقق فيها الفوز وهو يواجه منتخبات أفريقية الهوى وبعضها عربي الأصل، لنثبت فشلنا عربياً وأفريقياً، وبعضنا ما زال يتصارع ليثبت إلى أيِّ هوية ننتمي..
* الجميع يعرف أسباب الخسائر, والجميع يعرف ما المطلوب لتفادي هذه الفضائح، الوحيدون الذين لا يعرفون ما يجب عمله لتطوير كرة القدم في السودان هم من جلسوا على مقاعد الاتحاد العام، ومَن يجلسون حالياً، ورجال الدولة وأصحاب القرار.
* منتخبنا الوطني هو نتاج فشل المنظومة الرياضية في السودان وهو مكمل لمسلسلات الفشل السودانية، اقتصادنا وتعليمنا ونهضتنا وتمسُّكنا بالقيم والدين ومُمارستنا للديمقراطية، وباقي مناحي الحياة، فشل هذا المنتخب ليس بمُستغربٍ على العارفين بحقيقة وكيفية إدارة المؤسسات.
* دولتنا ومريخنا ومنتخبنا ورياضاتنا واقتصادنا وتعليمنا، تختلف المُسمّيات ويتّفقون في عنصر الفشل، والأسباب واضحة إلا لمن أبى، غياب الخطة، وعدم اتّضاح الرؤية، وعدم فعل الأمور بطريقتها الصّحيحة، ووضع الأشخاص غير المُناسبين في المكان المُناسب.. نُكرِّر الأخطاء بالكربون عاماً بعد عامٍ، ونهدر وقتنا في الجدال والتعارك على الأمور الانصرافية، ونضع العقبات والمتاريس لكل من يُريد التطوير والتغيير، ونخالف كل من يقول كلمة الحق، ونضع مصلحتنا فوق مصلحة الوطن والمريخ والمنتخب، نذكرهم جميعاً لتطابق حالة الفشل بينهم.
* إدارة أي مؤسسة أو دولة أو نادٍ؛ أصبحت أمراً لا يحتاج إلى عناء تفكير، أو ابتكار أشياء جديدة، هنالك خطوات ثابتة وعلمية مُطبّقة في كل الدول الناجحة، يكفي أن نطبق 50% لنبدأ رحلة التطوُّر ومُواكبة العالم، ولكن في بلادنا يحدث عكس ذلك تماماً، الأكثر فساداً هو مَن يصل وهو مَن يتّخذ القرار.
* وبالعودة للمنتخب الوطني سنقولها لكم علناً، أي نجاح للمنتخب أو الأندية السودانية في أي منافسة، هو صدفة كونية نادرة، ومعجزة تحتاج للدراسة، لأن كل أسباب الفشل متوفرة عندنا وبدائلها موجودة.
* لينجح المنتخب وتتطوّر الرياضة ويتطوّر السودان، يجب أولاً أن تؤمن الحكومة وأصحاب القرار والاتحاد العام بهذه الفكرة، ويجب أن يكون الأشخاص الجالسون على كراسي الحكم حريصين على نهضة هذا الوطن وهذه الرياضة، لأنّ الصحافة ستكتب والمشجعين سيكتبون, ولكن مَن يتّخذ القرار ومَن يضمن التمويل لنجاح المشروع غير مُقتنع بالفكرة، ويسعى لزيادة رصيده البنكي في أسرع وقتٍ.
* أول مُناشدة نطلقها من منصة المسالمة 1908، ونود تقديمها للاتحاد العام، هي إنشاء إدارة للتخطيط لتطوير الرياضة في السودان عبر عقد ورش عمل. وتقديم خُطط مدروسة تتضمن التمويل والمعدل الزمني لتحقيق النجاح مع وجود إدارات تتبع لها مثل الجودة والتفتيش والتحليل والرصد. وبعد وضع الخُطط والشروع في تنفيذها يجب على هذه الإدارة اختيار كفاءات حقيقية، ويُمكن التعاقد مع شركات عالمية لأخذ المشورة وتبادُل المعلومات وتطوير أداء العناصر الوطنية.
* رياضتنا السودانية تحتاج للنهوض، وتطوير كل شئ مُرتبطٌ بها.. الملاعب والمنشآت، الشباب والصغار، مدارس تعليم كرة القدم، أداء الحكام والمدربين، وتطوير أداء أفراد إدارة كل هذه المنظومات المُترابطة، مع تفعيل أدوار الرعاية والإعلان والتسويق والتلفزة، وتطوير كل المُنافسات الرياضية والدوريات وزيادة جودتها، لنحصد مستقبلاً، نتائج فعل الأمور بطريقتها المثالية.
* أما إذا لم يحدث تعاون بين الدولة والاتحاد العام. والأندية السودانية، سنظل ننتقل من فشل إلى آخر ونتحسّر على هيبة قميص منتخبنا وأنديتنا ودولتنا.
* كل هذه الحلول للمستقبل القريب والبعيد، ولكن ما نحتاجه الآن في حاضرنا الحالي، هو التدخُّل السريع من الاتحاد العام لإنقاذ سُمعة السودان، وعلاج المشاكل الحالية، إقالة الجهاز الفني، والتعاقد مع جهاز فني مُتمكِّن يستطيع معرفة مَن يحقق الفائدة، ومَن لا يصلح لحمل هذا القميص الغالي، وإقناع المُحترفين السودانيين بالخارج للانضمام لكلية المنتخب، والبحث عن تمويل وداعمين للمنتخب من الشركات الوطنية.
* الخلاصة: هذا المريخ، وهذا المنتخب، وهذا الوطن، يستحقون رجالاً سودانيين حقيقيين تربّوا على أكل الحلال، وفعل الحلال، للنهوض به، وتحقيق المراد.
* يستحقون صحافة حرة.. وجمهورا داعما يمتلك القدرة على دعم الجهود الحقيقية للتغيير مع توفير الضغط الكافي لتصحيح كل خلل.
* يستحق ثورة لتصحيح كل الأخطاء، بدايةً من عيوبنا الشخصية، وانتهاءً بهموم الوطن.. المسالمة 1908.
* من المحرر: المقال منشور هكذا باسم المسالمة 1908 في أحد القروبات.. وتعميماً للفائدة أفسحت له مساحتي كاملة، لقناعتي بأن مثل هذه المقالات هي التي نحتاجها هذه الأيام.
* وكفى.