الجمعة 10 ديسمبر 2021 - 11:24
صباح محمد الحسن<br />خياطة الدستور أم رتقه ؟!

تحدثنا أمس الأول عن الاتفاق السياسي بين رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء، أنه لم يكن كافياً كوثيقة للحكم في الفترة الانتقالية، وأن العودة للوثيقة الدستورية، تأتي حسب الحاجة لها، وان الاعلان فقط عن انها ستكون مرجعية للحكم في السودان هو الازمة والقصور، وانه يعد حديثاً منقوصاً يحتاج الى مابعده كما أن أغلب بنود الاتفاق جاءت كشروط لقبول حمدوك العودة الى منصبه ولكنها لم تحرص على أهمية مابعد عودة حمدوك.
لذلك كان لابد من اتخاذ خطوات جادة لمناقشة الوثيقة الدستورية والعمل بها كدستور للبلاد وإعادة المواد التي قام البرهان بحذفها حتى يتمكن من انقلابه .
وأكدت بعض الأخبار بالأمس ان ثمة اعلان عن اتفاق سياسي جديد خلال الساعات المقبلة، بين المكون العسكري والقوى السياسية، لتكون خطوة جديدة تجاه حل الأزمة السياسية في البلاد، وأن الإعلان السياسي الجديد سيتم طرحه في غضون ساعات وسيتم التوقيع عليه من المكون العسكري والقوى السياسية، كما أن أهم بنود الإعلان السياسي، هي أن الوثيقة الدستورية هي الحاكم للفترة الانتقالية، والتأكيد أن الحريات العامة غير قابلة للانتهاك كما يشدد الإعلان السياسي على ضرورة إكمال الهياكل الدستورية والعدلية، لكن هذا الإعلان لن يكون دستوراً للفترة الانتقالية.
وقال رئيس حزب الأمة السوداني، فضل الله ناصر، إن القوى السياسية السودانية تتشاور لتطوير الاتفاق السياسي الموقع حالياً بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، موضحاً أن هذا الاتفاق حقق إيجابيات كبيرة، لكن سلبيته أنه اتفاق ثنائي، وأكد ناصر أن هناك مساعٍ لتكوين قاعدة عريضة لدعم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مؤكداً أن حزبه لم يرفض اتفاق حمدوك والبرهان، منذ البداية ولكنه كان يطالب بتطويره (.
فهذا التخبط السياسي الذي يعاني منه قادة الحكم في البلاد هو الذي خلق هذه الأجواء الضبابية التي تخيم على المشهد السياسي السوداني.
فالوثيقة الدستورية منذ التوقيع عليها بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، جاءت وكأنها وعاء مثقوب قتل النصب صاحبه وهو يحمل به الماء من النيل بينما ينتظره الناس عطشى، وهذا اول مسمار وجسم غريب سكن جسد التغيير والتحول الديمقراطي وجعله يعاني الكثير من العلل والأمراض .
وجاء الطرفان يحملان أدوات الخياطة لتعديل بعض الثقوب في قماش الوثيقة ولكن كثير ما كانت )إبرة ( الخياطة تعمل كاداة لاتساع الثقب وليس لرتقه، ورئيس مجلس السيادة الذي ) غشته الامنيات ( يوماً ) كترزي انقلابات( لم يستخدم الإبرة لكي يفصل وثيقة جديدة تناسب مقاس إجراءاته التي اتخذها بل أمسك بالمقص وقطع مالا يتوافق ويتناسب مع مظهره.
ومن ثم عاد البرهان الى رشده بعد الضغط عليه من الشارع السوداني )صانع ومورد القماش (، ان هذا التفصيل السييء يضر بسمعته ناصعة البياض في الأسواق المحلية والعالمية ودعم موقف الشارع السوداني المجتمع الدولي الذي يرى ان التعامل معه في السوق العالمية يجب ان يكون الشارع السوداني فيه سيد القرار ليعود البرهان ويقوم بتفصيل مقاس جديد، ليسعه ويسع معه عبد الله حمدوك، ولكن كلما سحب البرهان القماش ليغطي به عورة انقلابه انكشفت سوءة المدنية عند حمدوك فكيف لغطاء فُصل لاثنين ان يسع العشرات من القوى السياسية.
ليأتي رئيس حزب الأمة بتصريح جديد يقول فيه أن أهم بنود الإعلان السياسي الجديد، أن الوثيقة الدستورية هي الحاكم للفترة الانتقالية، والتأكيد أن الحريات العامة غير قابلة للانتهاك كما يشدد الإعلان السياسي على ضرورة إكمال الهياكل الدستورية والعدلية، لكنه يقول ان هذا الإعلان لن يكون دستوراً للفترة الانتقالية.
فبالرغم من أن الحديث عن الحريات العامة غير قابلة للانتهاك قد تعني اشراك القوى السياسية في الحكم الا ان الاعلان لن يكون دستوراً للبلاد قد يعني العودة مرة أخرى لعملية الرتق مستقبلاً او بعد أيام، وتظل الفترة الانتقالية هكذا اعلان عن وثيقة ناقصة ومن ثم اعلان عن اتفاق مشوه، ومن ثم الاعلان عن اتفاق جديد آخر غير مكتمل .
هذا هو التخبط السياسي الذي نعيشه في حكومة غير قادرة على كتابة نصوص تخرجنا من هذا المأزق، لأن السبب المباشر ان المواد والبنود تفصل حسب مقاس الاشخاص وليس على مقاس الوطن !!
طيف أخير :
لو عرفنا النهايات، لتجنبنا الكثير من البدايات رغم روعتها
الجريدة