الأربعاء 15 ديسمبر 2021 - 11:24
حيدر المكاشفي يكتب: حكومة التكنوقراط وحكاية خروف الامبرراوي

مضى قرابة الشهر منذ عودة حمدوك لتسنم منصبه مجدداً، على خلفية الاتفاق الذي أبرمه مع قائد الجيش البرهان الذي قاد انقلاباً على حمدوك وحكومته، بل أودعه ووزراءه دهاليز الحبس الانفرادي، وكان حمدوك بعد عودته أعلن أنه سيشكل حكومة تكنوقراط حسبما نص الاتفاق في بحر اسبوعين، ولكن رغم مرور حوالي شهر ماتزال هذه الحكومة في رحم الغيب ولا يعرف متى سيتم تشكيلها، وقد أدى هذا التباطؤ في تشكيل الحكومة لاثارة جملة من التساؤلات لدى عامة الناس، وقد ظللت شخصيا اتلقى سؤال موعد تشكيل الحكومة من كل من يعرف أنني أعمل بالصحافة ويظن أنني من العالمين ببواطن الأمور، وكانت اجابتي الحاضرة دوما أن حمدوك نفسه لا يعلم متى سيشكل حكومته دعكم مني أنا العبد الفقير لله، ولكن بالأمس لم يكتف المهندس التكنوقراطي الذي لا يهتم بالسياسة ولا يتابع أخبارها باجابتي المعتادة، وانما قال معلقا )والله التعقيدات دي كلها من انقلاب البرهان الذي يعيد للذاكرة حكاية خروف الامبرراوي(، فضحكت على التعليق لعلمي المسبق بهذه الحكاية، والحكاية باختصار تقص عن لص سطا على خروف يخص أحد أهلنا الامبررو الذين احمل لهم معزة خاصة لهم التحية، ولكن اللص عجز عن انزال الخروف من كتفه، حيث ظل الخروف ملتصقا التصاق طفلين سياميين برقبة الحرامي، وعبثا حاول اصحابه اللصوص الذين استعان بهم انزال الخروف من رقبة زميلهم كأنه جزء منها، ولم يكن امامهم لانزال الخروف سوى واحد من حلين، اما عن طريق حل البصيرة أم حمد بقطع رقبة زميلهم وهذا يعني قتله، أو الذهاب لصاحب الخروف والتوسل له لانزال خروفه واستلامه وهذا ما فعلوه، اذ عفا عنهم صاحب الخروف وتمتم ببعض الطلاسم فقفز الخروف من رقبة اللص..المهم أن وجه المقارنة بين انقلاب البرهان والتعقيدات التي حالت دون تشكيل الحكومة وحكاية خروف الامبرراوي، تتمثل في أن الانقلاب جعل البلاد تعيش أوضاعا مربوكة ومرتبكة ومجوبكة، لاهي تحت سلطة انقلابية عسكرية كاملة، ولا هي عادت لوضعها السابق، وانما ظلت تدور في حلقة مفرغة كما ظل يدور اللص والخروف معلق على رقبته..
وأيا يكن الاستعصاء الذي تسبب في تأخر تشكيل الحكومة، سواء كان بسبب اصرار حمدوك على عدم تكوين الحكومة حتى يحصل على سند سياسي وشعبي واسع كي لا تكون حكومته المرتقبة معزولة عن الشارع السوداني، أو بسبب تعثر وتعذر توافق السياسيون والمكونات المدنية والثورية على صيغة متوافق عليها تمضي بالفترة الانتقالية الى الأمام، فكل ذلك لا يعني عامة الناس في شئ، هذا غير أن آخرين منهم ليسوا في عجلة لتكوين الحكومة، وانما يشغلهم ما يمكن أن تأتي به الحكومة الجديدة هل يكون سبعا أم ضبعا، وبعض هؤلاء يخشى أن يكون انتظارهم لها مثل انتظار جودو، وفي رواية سودانية خالصة مثل )الراجي الري(، وعلى كل حال من السابق لأوانه التكهن بشئ مازال في رحم الغيب وتحت التخلق، وما علينا سوى الانتظار الذي نرجو ان لا يكون مثل انتظار جودو أو )الراجي الري(..