الجمعة 17 ديسمبر 2021 - 11:41
إن من عباد الله من لو اقسم عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ... شرح الحديث
روى البخاري (2703) - واللفظ له - ، ومسلم (1675)
عن أنس : أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ ،
فَطَلَبُوا الأَرْشَ ، وَطَلَبُوا العَفْوَ ، فَأَبَوْا ،
فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ ،
فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا ،
فَقَالَ : ( يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ ) ، فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ) .
وروى مسلم (2622)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( رُبَّ أَشْعَثَ ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ ) .
قيل : المعنى : أنه لو حلف على شيء أن يقع ؛ ثقة بالله وحسن ظن به لأبره الله ، وقيل : معنى القسم في الحديث : الدعاء .
قال النووي رحمه الله :
" (لَوْ أقسم على الله لأبره) أي لو حلف على وقوع شَيْءٍ أَوْقَعَهُ اللَّهُ إِكْرَامًا لَهُ بِإِجَابَةِ سُؤَالِهِ وَصِيَانَتِهِ مِنَ الْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ ، وَهَذَا لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ مَعْنَى الْقَسَمِ هُنَا الدُّعَاءُ ، وَإِبْرَارُهُ إِجَابَتُهُ " انتهى .
وقال الحافظ رحمه الله :
" أَيْ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى شَيْءٍ أَنْ يَقَعَ طَمَعًا فِي كَرَمِ اللَّهِ بِإِبْرَارِهِ لَأَبَرَّهُ وَأَوْقَعَهُ لِأَجْلِهِ ، وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَن إِجَابَة دُعَائِهِ " انتهى .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" الإقسام على الله أن يقول الإنسان : والله ، لا يكون كذا وكذا ، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا ، والإقسام على الله نوعان:
أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله -عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء ، فهذا جائز ، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: ( رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) .
النوع الثاني: من الإقسام على الله : ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس ، وأنه يستحق على الله كذا وكذا ، فهذا - والعياذ بالله – محرم ، وقد يكون مُحبِطا للعمل " انتهى ملخصا من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (3/ 78-79)