السبت 18 ديسمبر 2021 - 18:26
أحمد  يوسف التاي يكتب: التحية لشباب السودان


)1(
غداً الأحد ستحل الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر الشبابية التي انطلقت من الولايات، واستكملت انتصاراتها في العاصمة الخرطوم … في 19 ديسمبر 2018 اندلعت شرارة المظاهرات السلمية من الروصيرص وسنار واشتعل أوارها في بورتسودان وعطبرة والقضارف وفي 20 ديسمبر توقدت جذوتها في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان، واستمرت المظاهرات حتى أعلنت سقوط نظام البشير في 11 ابريل 2019 .
)2(
غداً الأحد سيخرج آلاف السودانيين إحياءً لذكرى ثورة ديسمبر المباركة التي أنهت ثلاثة عقود من الطغيان السلطوي والفساد المنظم والقهر والاستبداد، ومن هنا نترحم على أرواح جميع الشهداء، ونُحيي شباب السودان الفوارس وشاباته الجسورات الذين أنجزوا أعظم ثورة سلمية في العالم، ثورة عنوانها الأبرز السلمية والوعي وحب السودان، وشعارها الحرية والسلام والعدالة، وأهدافها بناء دولة القانون وصيانة الحقوق المدنية وتوطين العدالة الاجتماعية وتعزيز السيادة الوطنية…
)3(
صحيح أن أهداف الثورة وغاياتها الكبرى لم تر النور، وشعاراتها لم تتحقق على أرض الواقع كما ينبغي، ولا يزال البون شاسعاً بين سقوفات الطموح والعشم وما تحقق على أرض الواقع، لكن هذا ليس ذنب شباب الثورة وليست تلك مسؤولياتهم، فقد أدى شباب السودان الثائرون دورهم على أتم وجه وأحسنه فقد أنجزوا ثورة شغلت العالم حيناً من الدهر لطالما تحدث بحسنها وتغزل في محاسنها وافتتن بتفاصيلها المُبهرة، وقد انتهى دورهم بـ )المغارم( وأتى دور غيرهم بـ)الغنائم ( … تزاحمت أكتافهم في ساحات الموت ومواجهة الرصاص الحي والاعتقالات والتنكيل والتعذيب، تدافعت حوافر خيولهم نحو ميادين المواجهة مع أعتى نظام ديكتاتوري في المنطقة ودفع الأثمان الباهظة، أرواحاً غضة، ودماءً زكية في سبيل الحرية والسلام والعدالة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحفظ كرامة وحقوق الإنسان وتُدير الاختلاف بأفضل ما يكون… وما أن لاح فجر النصر عفَّ الشباب عن المغانم السلطوية، ليأتي دور من كان لهم سابقة في الفشل والصراع على المواقع والغنائم والتآمر وتخريب الأوطان…
)4(
لقد كُتب على شباب السودان مواجهة الموت والمخاطر حتى في عهد الثورة التي أنجزوها بالدماء ودموع الأمهات المفجوعات، فقد ظلوا وما زالوا جنوداً يدافعون عن مسار مدنية الدولة يقاومون كل أشكال التآمر والانقلاب على ثورتهم حتى وإن جاءهم يرتدي عباءة الثورة ويرفع راياتها وشعاراتها، ولا غرو في ذلك فهم يمتلكون أكثر من غيرهم حساسية مفرطة تجاه الشموليين من المدنيين والعسكر ولأنهم ذاقوا مرارة فقد الأحبة والتنكيل والتحقير والتعذيب والظلم في ميادين المواجهة وبيوت الأشباح ومعتقلات الشموليين.
)5(
ثم بقي أن أختم بمفارقة عجيبة، وهي ظهور حملة مناوئة لمواكب الغد تدعو الشباب إلى عدم الخروج في المواكب لحفظ دمائهم )دمك غالي تواجدك بالبيت هو الضمان لحفظ دمك( وغيره من البوستات الإعلانية التي تبث الخوف في أوساط المتظاهرين حتى لا يموتون… يحدث ذلك وكأن الأصل هو قتل المتظاهرين وسفك دمائهم، وأن الدم المسفوح غدراً وظلماً هو مسؤولية المُتظاهِر السلمي الذي يخرج معبراً عن رأيه وموقفه وفقاً للقانون والدستور، وليس مسؤولية القاتل المجرم الذي يرتكب أفظع وأبشع جريمة في حق أعزل لا يملك إلا حنجرة مذبوحة تطلق الهتاف وحسب…
)6(
سمعنا حمدوك يردد كثيراً بعد خروجه من “الاحتجاز” : )الدم السوداني غالي، وقبلت بالاتفاق من أجل إيقاف إراقة الدم الغالي(، وها أنت يا حمدوك قد عدتَ للسلطة وما زال الدم ينزف فهل من مبرر لقبول الاتفاق في ظل سيول الدماء النازفة من قلب السودان؟!!…..اللهم هذا قسمي فيما املك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.