الخميس 30 ديسمبر 2021 - 12:34
هنادي الصديق تكتب: شركاء الدم

تزايدت في الايام الماضية أعمال العنف والنهب في إقليم دارفور بشكل لم يسبق له مثيل منذ توقيع إتفاق جوبا للسلام، ولكنها تأتي بشكل مختلف هذه المرة.
يأتي الإختلاف في أن النهب والفوضى هذه المرة طالت عددا من مرافق وأصول منظمة الأمم المتحدة في رسالة واضحة للمجتمع الدولي والمحلي، الرسالة ضلت طريقها لبعض البسطاء من مواطني الولاية ممن أوجعهم الجوع، فكان النهب حلاً مؤقتاً ربما ظنوا انه يسد عنهم الجوع ولو لفترة او يوفر لمريضهم جرعة دواء عجزوا عن شرائها.
شخصيا كان لديَ رأي واضح في مفاوضات سلام جوبا بإعتبار أن الذين يفاوضون بإسم أهل دارفور غير مؤهلين سياسيا ولا أخلاقيا للعب هذا الدور، ولا وجود لهم على ارض الواقع بالأساس، بل منهم من لا يجروء حتى على الوصول لحدود الإقليم، ولكنها السياسة.
ما حدث بدارفور غير مستبعد لأن الخيانة هي طبع وسلوك، والجبن هو الصفة المرادفة لهذه الصفات، لذا كان طبيعي أللا يجروء أيا من قادة الحركات على المطالبة بكشف الفاعل الحقيقي، ولا حتى الوصول لأرض الحدث للوقوف على حجم المأساة، ولا حتى إرسال قواتهم لحماية مرافق الأمم المتحدة على الاقل طالما عجزوا عن حماية المواطنين الأبرياء.
والسؤال الذي يطرح نفسه، طالما إختفت جيوش العدل والمساواة والجبهة الثورية وغيرها من حركات الإستهبال السياسي عن مأساوية الأوضاع في دارفور، فما فائدة وجودهم بالاساس؟
وما فائدة وجودهم على مسرح السياسة بالسودان؟
بل من يمثلون في حقيقة الأمر؟
طالما فشلوا في الدفاع عن إنسان دارفور حتى الآن وإنتزاع حقوقه، فعن من يدافعون؟
ولماذا يستميتون في الدفاع عن قادة الإنقلاب الأكثر دموية في تاريخ السودان السياسي؟؟
حقيقة يتساءل المرء يوميا، من يمثل القادة جبريل إبراهيم واركو مناوي والطاهر حجر والهادي إدريس؟؟
)أكابر الحركات المسلحة وأمراء الحروب( لن يهرولوا مسرعين لإدانة ما حدث، ولا ملاحقة الجناة، ولا حتى سيسعون للإعتذار للجهات المتضررة مما يحدث وأولها المواطن البسيط المتضرر الأوحد من هذه الفوضى، لأن أيا من هذه الفضائل لا يعرفونها، لأنها لا تتوفر فيمن كان الخيانة طبعه، والغدر سلوكه.
لسان حال مواطن دارفور بمعسكرات النزوح، يقول لهم، كونوا حيث انتم، تواجدوا بالخرطوم، فهي ملآذكم الآمن والمخرج الوحيد لكم ولشركائكم من الإنقلابيين من الورطة التي ستدفعون ثمنها باهظا عاجلا ام آجلا.
التاريخ لن يرحم كل من إغتنى بالمتاجرة بقضية دارفور، وكل من بحث لنفسه عن وضع مستقر بأرقى أحياء الخرطوم، وترك لمواطن دارفور بؤس الإقامة في جحيم معسكرات النزوح تحت رحمة مرتزقة دول الجوار ودوشكات الخونة من أبناء الإقليم لتكملة دورهم في إكمال المجازر البشرية بغرض التطهير العرقي، وبغرض إفراغ تلك المناطق من أي وجود للمواطنين وإتاحة الفرصة لنهب ما تبقى من ثروات الإقليم لسادتهم من دول المحاور.
عائدات ذهب )جبل عامر( تذهب لبعض دول المحور، ومواطن دارفور لا زال يبحث عن شربة ماء نظيفة، وجرعة دواء؟
قوى إعلان الحرية والتغيير المغضوب عليها، تمت شيطنتها بواسطة هؤلاء القادة لأجل إبعادها عن المشهد لإستباحة البلاد، والعبث بها تحت مسمى )تصحيح المسار(، رغم أنها الكيان الذي منحهم قبلة حياة بهذه الفرصة التي لم يجدوها طيلة ثلاثين عاما، وما كان لهم أن يجدوها لولا إصرار من انقلبوا عليهم اليوم على وقف الحرب وتوقيع إتفاقية السلام إحدى أهم بنود الوثيقة الدستورية لإستكمال مطلوبات التحول الديمقراطي.
سؤال أخير، لماذا تأخر قيام المجلس التشريعي وبقية هياكل السلطة الإنتقالية لما بعد مفاوضات السلام؟ أكان نتيجة قصر نظر المسؤولين ام ان الأمر مرتب له سلفا؟