الأحد 16 يناير 2022 - 21:46

تقرير: رندا عبد الله
منذ الخامس والعشرين من أكتوبر وعلى مدى أكثر من شهرين على قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الموصوفة بالقرارات الانقلابية، ظلت الأرض تتزلزل تحت عرش رئيس مجلس السيادة وتهدد كرسيه بمليونيات تطالب بشكل واضح بالمدنية الكاملة للدولة وإبعاد العسكر عن الحكم، فضلاً عن ضغوط دولية مكثفة مورست على المكون العسكري خاصةً مع بداية الأزمة.
وعلى الرغم من استناد البرهان الى حاضنته الممثلة في قوى الميثاق الوطني فضلاً عن الإدارات الأهلية والطرق الصوفية وبعض القبائل، لمواجهة المليونيات والضغط الدولي، وعلى الرغم من دعوات الحشود المؤيدة للمجلس العسكرى في مناطق شرق النيل أمس الأول لدعم القوات المسلحة، يظل السؤال حول إفلاح هذه المحاولات في إخراج )الجنرال( من مأزق الأزمة السياسية؟ وهل يحتاج إلى قرارات تدعم سلطته مستغلاً الوضع الأمنى للبلاد أم ينتظر مبادرة الأمم المتحدة لتكون الطريق والمخرج الآمن له؟
تمهيد
في ظل المشهد السياسي المصطرع، تترى التساؤلات تباعاً عن كيفية الخروج من المأزق الذي تقبع فيه البلاد منذ سقوط البشير وحتى الآن. والاستفهامات تبلغ مداها في ظل تتابع الأحداث المستمر وكذا السياسات من مختلف الأطراف، وفيما تظل سياسات المكون العسكري تحت المجهر، فقد استرجع الحشد الشعبي للبرهان أمس الأول ذكريات أيام الرئيس المعزول البشير وسياساته كلما اشتد عليه كرب أو أمر جلل، وفي هذا الشأن يؤكد أستاذ العلوم السياسية مصعب محمد على لـ )الانتباهة( أن الدعم الشعبي للبرهان يأتي في إطار دعم الإدارات الأهلية والنظارات له، والموقف من السياسات المتعبة بعد إجراءات )25( أكتوبر. ووفق مصعب فإنه يمكن القول إن الدعم من الممكن أن يكون تمهيداً لقرارات جديدة بموجبه يصدرها البرهان ومجلس السيادة الانتقالي بشأن مسار الفترة الانتقالية.
والحال كذلك سبق للبرهان وحميدتي أن تحدثا عن أن هنالك جزءاً كبيراً من الشارع يؤيدونهم ويطالبون بالانتخابات المبكرة كحل للأزمة السياسية، مشيرين إلى أن المواكب التي تخرج لا تمثل كل قطاعات الشعب السوداني، وأنهم يراهنون على خيار الشعب الكامل عبر الديمقراطية والانتخابات.
رفض
ولاحظ مراقبون أن أكثر الحشود التي استطاع المجلس العسكري وقوى الميثاق الوطني أن يظهروا بها في الشارع كانت في أيام اعتصام القصر، وبعد ذلك لم يستطيعوا تنظيم أي حشد موال لهم حتى بعد استيلائهم على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر، والشاهد أن تحركات بعض الموالين لمعسكر البرهان فى حشد أهل بعض المسارات، قد باءت بالفشل وتم إحراجهم بل تعالت أصوات من ذات الولاية رافضة لتمثيلهم، وهذا كله كما يقول بعض المراقبين إن المجلس العسكري والقوى السياسية المؤيدة له لم تنجح حتى الآن في إثبات ما تدعيه بأن هنالك مؤيدين لها، موضحين أن الشارع الذي يخرج هو الثابت والمطالب بالدولة المدنية وعودة العسكر للثكنات.
دعم الجيش
ودفعت قيادات الإدارة الأهلية بمناطق شرق النيل برسائل مباشرة وتفويض لرئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بإعمال الطوارئ وتعيين رئيس وزراء في أسرع وقت، ووضع حد للتدخلات الأجنبية وحسم كافة أشكال الاختراق السياسي والخروج عن السلمية في التظاهرات.
وأكدت الإدارات الأهلية خلال النفرة التي أقاموها أمس الأول بشرق النيل دعماً للقوات المسلحة، على حق التظاهر ولكن دون الخروج عن السلمية، وأجمعت الإدارة الأهلية بمناطق بحري وشرق النيل ممثلة في قبائل البطاحين وقبائل شرق النيل مساندتها للقوات المسلحة، وذلك في الحشد الجماهيري الجامع بمنطقة عد بابكر ضمن مبادرة )دعم القوات المسلحة(، بحضور عدد من القيادات العسكرية ونظار القبائل والطرق الصوفية.
وأكد محمدين العوض نائب رئيس شورى قبيلة البطاحين، إنابة عن الإدارة الأهلية، أن الرسالة التي تود الإدارة الأهلية بمناطق بحري وشرق النيل أن ترسلها في هذا اليوم لقيادات مجلس السيادة والقوات المسلحة، أنهم يمثلون أهل الريف وقطاع المنتجين في ولاية الخرطوم على مدى التاريخ، ومنذ طليعة الاستقلال ظلت قيادتهم تعمل لأجل مصلحة الوطن، مطالبين الجهات المعنية بتخفيف المعاناة والأوضاع المعيشية عن أهل الريف والمنتجين، والنظر إلى قطاع الإنتاج نظرة خاصة لتحقيق مصلحة البلاد، مؤكدين مساندتهم للقوات المسلحة لإنجاح التحول الديمقراطي في السودان والوصول إلى صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة، مطالبين القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بعكس واقع قطاع المنتجين في الولاية والالتزام بالرسالة الإعلامية والبعد عن التضليل الإعلامي.
قرارات مرتقبة
ومن المتوقع أن يلجأ الفريق البرهان إلى إصدار العديد من القرارات التي تزيد من تمكنه من السلطة واكتساب ثقة المواطنين من جديد، خاصةً وسط تصاعد حدة المواكب وتعطيلها حياة الناس بولاية الخرطوم، مما ينعكس على معاش الناس الذين بدأ بعضهم يتذمر من حالة الإغلاق، فيلجأ البرهان إلى قرارات تعيد الحياة إلى طبيعتها تحت أمر الطوارئ، وذلك تحت غطاء الحشود من رجالات الإدارة الأهلية وبعض الشباب الداعمين له. وبحسب المحلل السياسي محمد السيد لـ )الانتباهة( فإن البرهان يسعى لأخذ تفويض، وهذا ما بدا واضحاً من خلال الحشد الجماهيري أمس الأول، مؤكداً أنه بذلك يدخل نفسه في مأزق من نوع آخر وهو قسم الشارع إلى نصفين، نصف موالٍ وآخر رافض.