الأحد 23 يناير 2022 - 18:29

)1(
سيظل على خطأ فادح تماماً كُل من يظن أن هيمنة المكون العسكري بقيادة البرهان حالياً على مفاصل السلطة هو الطريق الآمن لاستقرار البلاد والوصول إلى محطة الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية، وذلك لسبب بسيط ،هو أن المكونين العسكري والمدني في مجلس السيادة ليسا جهة محايدة بل جزء من صراع مرير مُخضب بالدماء والمرارات والغبن… الفترات الانتقالية في كل تجارب العالم تقودها جهات محايدة والآن هذه الصفة ليست متوفرة لا في البرهان ولا أعضاء مجلسه السيادي من العسكريين والمدنيين، ولا في حكومة تسيير الأعمال التي عينها البرهان كما عين المدنيين في مجلس السيادة، ولهذا ستظل المواجهة في أوجها والنتيجة هي المزيد من سقوط الضحايا من أبناء السودان وتعقيد المشهد على نحو عقيم…
)2(
حكومة الأمر الواقع الحالية والتي تأسست بناءً على انقلاب 25 اكتوبر 2021 فرضت حلولاً أمنية وسارت عليها وظنت أن تلك هي الحلول المثلى، وأقصت شركاءها المدنيين وانقلبت عليهم وتجاوزت الوثيقة الدستورية، وبهذا اعطت خصومها السياسيين كل المبررات لمقاومتها خاصةً أنها فقدت خاصية الحياد المطلوبة في أي سلطة انتقالية بعد أن أصبحت طرفاً من أطراف الصراع ومتهمة بعمليات قتل الثوار السلميين…
)3(
أجهزة السلطة الانتقالية ومؤسساتها مثل القاضي لا بد أن تتسم بقدر كبير من الحيادية وتقف على مسافة واحدة بين المتخاصمين والمتنافسين والأنداد والغرماء والفرقاء، فالقاضي لا يصلح أن يكون خصماً بأية حال، ومهمة السلطة الانتقالية خطيرة وحساسة لا تتحمل حتى مجرد الشكوك والشبهات في حياديتها دعك أن تكون خصماً وجلاداً ومتهماً مسؤولاً عن بعض أعمال قتل المتظاهرين السلميين حتى ولو من باب المسؤولية التقصيرية…
)4(
إن قضية مقتل 74 ثائراً معظمهم بالرصاص الحي خلال ثلاثة أشهرٍ فقط وإصابة المئات لهو كافٍ لتنحي السلطة الحالية عن إدارة الفترة الانتقالية وإفساح المجال لأخرى محايدة يتم تشكيلها من عناصر ليست لها علاقة بالفرقاء المتصارعين ولا الأحزاب ولا النظام المخلوع… السلطة الحالية تظل مسؤولة مباشرة عن إزهاق أرواح 74 شهيداً من المتظاهرين السلميين… لماذا قتلتهم، أو لماذا تساهلت مع قاتليهم ولم تحاسبهم، أو لماذا قصرت في حمايتهم… أما مجزرة فض الاعتصام فتلك حكاية أخرى…
)5(
الوفود الإسرائيلية والأمريكية والغربية عموماً تحج عندنا في الخرطوم ليس من أجل سلامة واستقرار السودان ولا لدعم الفترة الانتقالية لكنها ـ أي الوفود ـ تبحث عن نقاط ضعف الذين بيدهم السلطة الآن لتوظيفها في خدمة أجندتها والضغط بها لتحقيق غاياتها، فكلما قتلت السلطة الانتقالية وسفكت المزيد من الدماء وضعت نفسها في يد تلك الوفود الانتهازية، ولا شك أن تلك الوفود تعطي الضوء الأخضر لمزيد من إزهاق الأرواح لتسهيل مهامها وتنفيذ مهامها على أكمل وجه مثلما فعلت مع صدام وغيره، ولكنّ هل يدرك الذين يتحكمون في شفرة القتل انتهازية تلك الوفود….الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.