الثلاثاء 15 فبراير 2022 - 20:58

المجتمع البدوي قائم على علاقة الرجل بالمرأة فهما الطرفان اللذان تستند عليها مهام القبيلة، فالرجل مستعد دائما للقتال والدفاع والحماية وتحمل الصعاب والغياب فترات طويلة، والمرأة تدرك ذلك جيداً أن أباها أو زوجها أو أخاها ما إن يذهب قد لا يعود، وحالة عدم الإستقرار التي تتماز بها حياتها القاسية، هي تدرك أهمية الرجل في حياتها الذي يساعدها على مواجهة تلك المصاعب، وما إختيارها ورغبتها وحبها للرجل الشجاع القوي والكريم إلا رغبة في مواجهة هذه الظروف .
أغلب صور الحضور للرجل في أشعار المرأة أياً كان هذا الرجل في حياتها فهي تتحدث عن خصال كريمة، وأفعال الشجعان، وإكرام الضيف، وكل هذه الصفات تقوّي المرأة وتجعلها في مأمن في كنف رجل قادر على مساعدتها في تحمل قساوة الحياة الطبيعية، فالمرأة بحاجة للشعور بالأمان ونبذ الخوف، تحتاج لقوة تبقيها لا تضعفها .
جاء شعر المرأة لصور تجلي الرجل، نتيجة “الدوافع النفسية” ، فالمرأة البدوية من خلال شعرها تظهر عاطفة التعلق وإنفعال حول شخص الرجل، فهي لاتذكر حبها لزوجها من غرام ولوعة، بل تخص حبها له بما يمتاز به من صفات أصيلة، فالشجاعة والكرم تجعلها تتمسك به، وإن رثته ستذكر مآثره وصفاته الحميدة لتعبر عن فقدها لسندها، ومثل هذه الصفات بلا شك تحولها من حال القلق إلى حال الطمأنينة .
فالمرأة التي يغيب عنها زوجها في المعركة ولا يرجع يبدأ يعتريها الخوف، وتسأل عنه سؤال الخائف عن المُأمِّن له، لذا نجد أن حضور الرجل هو حاجة نفسية عند المرأة فهو صمام أمان وملاذ وإطمئنان لها، وإن تصف الأخلاق والصفات التي يكون بها الرجل إنما تصف أسباب الأمان والراحة والقوة التي تحميها، وهي صفات البدوي التي تساعده على التكيّف مع البيئة، فجاء التركيز على الصفات لا على الهيئة الشكلية التي لا تلتفت إليها المرأة البدوية كمعيار لاختيار الزوج .
الحديث عن المرأة البدوية، حديث ذو شجون وذلك لأن المرأة البدوية تتميز عن غيرها من النساء بميزات عديدة فقد أضفت عليها الطبيعة الصحراوية ونمط حياتها عديد من الصفات ، فاكتسبت من الصحراء اتساعها وصفائها، ومن الخيل شموخها وعزها، ومن الإبل صبرها وقوة إحتمالها .
الحياء عندها فطري إكتسبته من بيئة الصحراء الصافية النقية، وغالباً ما تكون نحيلة الجسم ممشوقة القامة في صوتها نعومة ورقة، فإذا تحدثت مع أختها أو صديقتها حدثتها بصوت منخفض .
شظف العيش وخشونة الحياة والصراع مع طبيعة الصحراء أكسبتها القوة والصلابة وجعلتها تقف دوماً إلي جانب الرجل، بل أن بمهامها تتفوق على الرجل فهي تربي الأطفال وتعتني بالأسرة وتجمع الحطب من مسافات بعيدة وتجلب الراوية “الماء”، وتقوم بهذا العمل يومياً، وتنسج كثيراً من تجهيزات البيت من الصوف والوبر والخيام، وتحلب البهم وتصنع من الحليب الزبدة وبعض مشتقاته الأخرى .