الخميس 3 مارس 2022 - 15:39
دائرة الأبالسة .. لجنة التفكيك وإزالة التمكين !

[ أبلغت الشيخ وتمَّ فك السحر ] المؤلِّف ص : 128

القاهرة في : 26 / 9 / 2021 م

كتب / بدر الدين العتَّاق

قرار لجنة التحكيم :

[ عالجت الرواية ظاهرة الفساد في مؤسسة خاصة وارتباطها بما يدور في الراهن السوداني ، وفِقَ الكاتب في بناء الشخصيات بناءً فنياً محكماً وامتاز النص بالتدفق والحيوية والتشويق واللغة السليمة ، كما وظَّف ضميري الغائب والمتكلم وتنقل بينهما بسلاسة ويسر ] ص : 189 ، لجنة التحكيم .

الطعن في قرار لجنة التحكيم :

[ الرواية لم تعالج ظاهرة الفساد في مؤسسة خاصة وليس لها ارتباط بما يدور في الراهن السوداني ولم يوفَّق الكاتب في بناء الشخصيات بناءً فنياً محكماً ولم يمتاز النص بالتدفق والحيوية والتشويق كما أنَّ اللغة المستعملة غير سليمة ، ولم يوظَّف ضميري الغائب والمتكلم والتنقل بينهما بسلاسة ويسر ] كما زعمت لجنة التحكيم التي تحتاج إلى لجنة تحكيم / لجنة تفكيك وإزالة تمكين / نفسها لإعادة تقييم هذا العمل والأعمال السابقة ، والقادمة من جديد على فهم صحيح ، وذلك للأسباب الآتية :

1 / جاء في ص 189 : [ ويبدو أنَّ ربطة العنق وحدها هي التي أسدلت الستار على خواتيم الحكاية ] تتكلم الرواية عن الفساد المؤسسي الخاص فينهي الكاتب المفسد بأن خنقته ربطة العنق "الكرفتة" فدخل غرفة العناية المكثفة في إشارة منه لموته على هذه الحالة ، وفك السحر عن شخصيته المحورية الثانية ( محمود عبد الكريم وأسرته ، المدير العام للمؤسسة ،  الموقرة ) ، فيما بدا لي منها، ولم يمت الفساد كما يجب بطبيعة الحال لنهاية الموضوع بالعمل الفني للرواية ، مما يعني بقاء الفساد في مكانه لم يبرحه لا في لغة الخيال / أخاطب هنا لجنة التحكيم لأنَّها أخطأت التقدير والتمييز بين الخيال والواقع - بدون اتهام – ولاقت هوىً في نفسها وراق لها ما تمنته من الجانب السياسي لعمل الكاتب مما يوعز عندي أنَّ الجائزة كانت سياسية بحتة كذلك التقييم وليست روائية ابداعية ، فهراقت قيمة النص الفني بالإيحاء السياسي لأنَّ الكاتب أصلاً لم يأت متطرقاً لفساد حكومي كما نصَّت اللجنة فكيف لها القول : { عالجت الرواية ظاهرة الفساد في مؤسسة خاصة وارتباطها بما يدور في الراهن السوداني } وجاء إقرار اللجنة وقرارها تصريحاً واضحاً بأنَّ ظاهرة الفساد كانت في { مؤسسة خاصة } ولم تكن في مؤسسة حكومية مما باعد في تقديري الشخصي بتقدير العمل الروائي للكاتب من الناحية الفنية الروائية المباشرة وإن كانت أشارت لذلك – أي : اللجنة - ، ومن هنا جاء الاضطراب في التقييم والتمييز بين التقييم والتقدير السياسي لمنح الجائزة وبين التقييم والتقدير الفني للعمل الروائي ولو كنت في محل اللجنة لمنحته إياها للسبب الثاني مع وقف التنفيذ أيضاً لما سيرد لاحقاً من كتابة هذه الأسطر / ولا في لغة الواقع ، لأنَّ خاتمة النص لم تفض إلى حسم موضوعي أو تخيلي لمبدأ مفهوم نهاية الفساد بعامة مثل المحاكمات والقرارات القضائية مما يترتب عليه البراعة في النسج المحكم لبناء النص الفني الروائي وهو موضع قولنا : " مع وقف التنفيذ " وذلك لسبب بسيط أيضاً هو : تفريع الأحداث وخلق شخصيات ثانوية لا داعي لكثرتها المملة والفجَّة في نص يميل للجودة كان حري به أن يوصله للإتقان بلا شك في تحديد قضيته المتمركزة في شخصيته المحورية " عاصم مأمون الرشيد " بمعالجة ناجعة وحاسمة لقضية الفساد موضوع النص مع التحفظ أصلاً ( هل النص الروائي به قضية أصلاً ، سواء أن كان فساداً أم غيره ؟ ) على مجمل ما فيها لما سيتضح لاحقاً إن شاء الله .

2 / للمتأمل ، يحاول الكاتب أن يكون لكتابه الروائي قضية يتمحور حولها النسج الفني ولم يفلح أغلب الظن / أنا أتكلم عن وحدة الموضوع لا النسج السردي بخاصة ههنا / لأنَّه ذكر ص 143 : [ قال ذلك وأخرج ملفاً يضم بعض الأوراق والمستندات، فتحها أمام عاصم.. وبدأ فأخذ منها واحدة تلو الأخرى ويعرضها أمامه.. فتح الورقة الأولى وكانت عبارة عن خطاب باسم عاصم موجَّه منه إلى مجلس إدارة المؤسسة، بطلب فيه من انتحل الاسم فرصة للدراسة خارج البلاد وعلى نفقة المؤسسة التي ستتحمل مبلغاً كبيراً في حالة موافقتها على المنحة. وعلى المستند تعليقات من صادق عبد الرحمن، وكمال غريب، وإشادة مع طلب آخر مُقدم من المدير العام لمجلس الإدارة بالتصديق . وعدد من الفواتير الواردة من جامعة أوربية تطالب بسداد المبلغ. خطاب آخر به تصديق بسلفية وبمبلغ كبير، وثالث به استرحام وطلب بإهلاك قرض بمبلغ كبير لم يكن قد أخذه من المؤسسة. الاسترحام المكتوب كان بلهجة استعطافية، وبه تفصيل لظروف أسرية قاهرة قال كاتبها بأنها منعته من السداد.

فتح بقية الخطابات والمستندات الأخرى فكانت كلها مكتوبة باسم عاصم ومُقَيَّمة للإدارة بطرق ووسائل مختلفة، وبها موافقات وتصديقات بمبالغ كبيرة.

كانت الأوراق عبارة عن مجموعة من المعاملات المالية التي تجري باسم عاصم، ودون علمه. لذا فالمفاجأة كانت أكبر من تصوره. ] .

قضايا فساد مالي تتم باسم مستعار لشخصية حقيقة وهي " عاصم مأمون الرشيد " / الشخصية خيالية في قالب واقعي / ففي الحالتين : الواقعية والخيالية إنَّنا نخاطب العقل في كل المستويات بلا ريب ، مثل هذه الحادثة في القانون الجنائي عديمة الجدوى ولا فائدة  ترجى من وراءها كقضية جنائية احتيالية وتزوير – أكرر : أنا أتكلم عن المستويين مما جاء في النص وأحاول مذاكرته كما ورد مناقشاً كما ترى أخي القارئ العزيز – ولا يمكن اعتبارها ولا اعتمادها قضية أصلاً موسومة بالفساد المالي للموظف " عاصم " ولا يمكن اتهام المؤسسة بها لأنَّها لا تخص الموظف بحال من الأحوال ، ولا يُعقل أن يتهم شخص بتصريف أمواله الخاصة بطريقة ما لا تعجب لجنة التحكيم أو تعجبها أو تروق للكاتب أو لا تروق له سواء بسواء ، ومن هنا تسقط عندي فكرة أنَّ النص ( دائرة الأبالسة ) به قضية محورية تستحق الكتابة حال كان هذا محورها السطحي المبذول .

3 / هذه الــــــ " دائرة الأبالسة " عبارة عن سيرة ذاتية في قالب روائي ، ولا يعيب الكاتب ذلك ولا النص لكنها تقلل من فكرة النضج الفني للنص من الناحية الموضوعية الدالة على أثر التجربة الشخصية على المجتمع عامة فيخرج لهم كتاباً ليقرأه عليهم  وعاليهم ( هاؤم اقرأوا كتابيه ) سورة الحاقة ، فيفيد منه الجميع ، لأنَّها حديثة العهد بالحياة ( 2003 م سنة التخرج – 2015 م سنة كتابة النص ، يعني اثني عشر سنة خبرته الحياتية فتأمَّل ! ) ، قال ص 137 : [ أبرز ما عَلقِ بذهنه عن شخصية مالك الصحفي الكبير؛ ذكاؤه وطموحه. دراسته للإعلام بجامعة القاهرة، وتلقيه لفترته التدريبية الأولى بأكبر المؤسسات الصحفية المرموقة.

فوصف من قبل زملائه بأنه مولعٌ بالسبق الصحفي، ومهووس بالخبطات الإعلامية الخطيرة.. وأتم هو من عنده بقية الوصف، "يدهس كل من يقف أمام طموحه، ومستعد للتحالف مع الشيطان للوصول إلى أهدافه".] .

وقال من ص 60 : [ وقبل أن يواصل حديثه صمت لبرهة وثوان لكنها كانت كافية لتقذف بذاكرة عاصم إلى سنوات خلَتْ كان فيها مغرماً بالصحافة أثناء فترة دراسته بالجامعة. ] .

وقال من ص 96 : [ وعندما فتح له مدير مكتب رئيس التحرير الباب وسمح له بالدخول؛ أحس بأنه مُقْيِم في اللحظات القادمة على واحدة من أهم لحظات حياته، لأنه حلم كثيراً بالعمل في الصحافة، وكان قد تمنى أن يكون واحداً من أساطينها ونجومها، لكن ظروف الحياة ضايقته، وقذفت به في مجال عمل آخر، بعيد كل البعد عن الصحافة والإعلام. فهل يا ترى ستتحقق أمنيته ورغبته بعد كل الذي مضى من الزمن .!!..] انتهى .

  علماً أنَّ كاتب النص كان بعمل بالصحافة والإعلام كما جاء في سيرته الذاتية ولك أن تفهم النص كما شئت أيها القارئ الحذق .

4 / قالت لجنة التحكيم ما يلي : [ وفِقَ الكاتب في بناء الشخصيات بناءً فنياً محكماً ] وهذا صحيح ولكنه غير دقيق ! لتعدد الشخصيات في النص فنياً والذي ربى على أكثر من أربعين شخصية غير مهمة أو محورية يعتمد عليها بناء النص المحكم ، فهو لم يوفق فيه بقدر ما وفق في الكثرة الكثيرة وأنت تكاد تلمس فعلاً ( بناءً فنياً محكماً ) عبارة لجنة التحكيم ، لكنها لا تخلو من تجويف وافراغ للمحتوى لخروجه عن الهدف المنوط بموضوعية النص الفني ذاته – قضايا الفساد ، هل فعلاً هذه قضية البناء الفني للنص المحكم الذي وفق فيه الكاتب الذي ادعته لجنة التحكيم ؟ الله أعلم – فلا تُفْضِ لذي بال مع التماسك حقاً الذي رامه الكاتب .

خذ مثلاً الشخصيات الثانوية : وداد ، أريج ، زهور ، هند ، عاصم ، حسن ، يونس ، ابراهيم ، محمود ، تماضر ، ماهر ، جعفر ، رباب ، عبد السميع ، وغيرهم كثير .

 مرحوم وزوجته ، أريح وعاصم ، وداد وعاصم ، عاصم ومحمود عبد الكريم – مدير المؤسسة - ، يونس والمدير ، المدير وحسن فكَّه ، رجاء ومرحوم ، المدير والموظفين ، هاله وعاصم ، مشاعر وجبر الله ، مشاعر وصادق عبد الرحمن ( كل زوجين يصلح لعمل روائي منفرد ) .

هل هذا يا لجنة التحكيم سوق بصل أم ( بناءً فنياً محكماً ) ؟ .

كان على الكاتب أن يجعل من الحدث ( عاصم وأريج ) موضوعاً روائياً قائماً بذاته لا فقرة أو جزء من كتاب فهي تصلح لذلك ، إذ خَلْقُ عاطفة بدون سبب ( راجع لقاءهما بالمصعد ، لا يشي لشيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها ) أو بسبب الاعجاب المتوهم إذ تفارقا نهاية الرواية رغم كل تلك الحبكة الوصفية الغير مفضية لنتيجة مرجوة من العلاقة العاطفية إذ تحوَّل بعدها في رمشة عين أن يغرم صبابة بسماح / سبحان الله / شقيقة يونس غاسل العربات ، فقط غير نوع من السذاجة الكتابية وخلق موقف علَّه يشد انتباه القاري المسكين ، فلقاء " عاصم / أريج " بالمصعد في برج الاتصالات غالباً / تحتاج اللجنة مراجعة هذا العمل من جديد / ليس كفيلاً بخلق علاقة عاطفية كالذي وصفه الكاتب تعييناً ، فلا هو أبرأ ذمته في شكل العلاقة الرومانسية المبتدعة بإكمال قصة متكاملة الأركان منها ولا هو أحسن لذات الفكرة موضوع النص لأن يكون عملاً منفرداً خارجاً عن الجزئية ولا أدري أهي براعة أم يراعة ؟ ، قال : [ شكراً .. لنبضات قلبك التي أحييت بها قلبي يا روحي ، حبك سيقتلني يوماً ما ] ص 115 ، ثم هو أقحم الوصف الإنشائي للغاية فيما لا يستحق كل تلك الوصفات الجنسية المثيرة للغريزة ص 64 قال :

 [ يأتي عاصم داخلاً بعد مهاتفة السكرتيرة وداد بدقائق . يلحظ منذ دخوله الأول بالمكتب جَوَّها المهيأ للاندياح والتداعي. مهتمةٌ هي بزينتها المفرطة التي لا تُخفى على أحد، يعلم أنها فعلت كل ما بوسعها من تَجمل وإدهاش للفت نظر رجل تحبه، وتأمل في الظفر باستمالة عواطفه، تجتهد في ذلك، وفق ما يتاح لها في مؤسسة تُعتبر محافظة في طابعها العام لدرجة أن معظم العاملين بها يلجأون للإعلان عن خضوعهم، بل والتأكيد على ولائهم والتزامهم المؤسسي؛ باختيارهم لأدعية مأثورة، ومفردات ذات معان وإيحاءات دينية وصوفية، ووضعها كنغمات رنين بهواتفهم المحمولة.

تتحايل هي عليه وتشتغل بفنون الجذب والإغراء. تطلب منه في بعض المرات الحضور إلى مكتبها، وتتعلل بأنها لا تستطيع مغادرة المكان، وخصوصية وظيفتها التي تفرض عليها متابعة شئون المدير العام.

 يذهب فلا يجد سببا لمناداته ، تتحجج بعطل في جهازها المحمول، يفتحه فلا يجد به عُطلاً مؤثراً، وفي مرات أخر تطلب منه تحميل بعض البرامج على جوالها، أو جهاز الحاسوب  الشخصي الخاص بها، تفتح معه موضوعات لا تتعلق باهتماماته أو عمله، لدرجة أنه في كثير من المرات يحمل كل ما تطرحه عليه من مشكلات، ويذهب به لموظفي إدارة التقنيات الفنية والحاسوب، وهي تعرف بأنها إدارة قائمة بذاتها، وبإمكانها التواصل معهم بشكل مباشر، فيكتفي بالمتابعة حتى تنجح المعالجة ويرجعه لها مستغرباً ، لأنه لا يرغب في إحراجها.

يلاحظ هو ذلك التناجي الروحي الذي قد لبسها، وتتقمصه، في كل مرة يأتى فيها إلى مكتبها. وفي كل محاولة تجربها معه؛ لا يقْدم هو على أية خطوة إيجابية، ولا تمل هي من مطاردته، أو تتعب. ] هاك الحب دا .

5 / قالت لجنة التحكيم : [ واللغة السليمة ] ، فلا أدري أي لغة تعنيها اللجنة ، هل هي اللغة العربية وتراكيبها اللغوية أم اللغة العامة للنص ؟ لنرى معاً هل قرار اللجنة حكيماً أم حزيناً :

أ / جاء ص 16 : [ لاحظ أنَّها ضغطت قبل صعودهما الأول بالمصعد على الرقم عشرة بينما نزل هو في الطابق الرابع عشر ] ثم : [ بالفروع الأخرى والولايات ] هذه العبارة تحتاج إلى ضبط ، والضبط هو مراجعة النص الواقع بين الواقعية والخيالية ، فلا هو خيالي بحت فنتعامل معه من هذا الباب ، ولا هو واقعي محض فنتعامل معه على هذه الشاكلة ، فليس في السودان مؤسسة بنايتها أعلى من أربعة عشر طابقاً غير برج الاتصالات بالمنشية في الخرطوم ما لم يكن يعنيه هو بالتحديد / موضع اللبس لدى لجنة التحكيم " عالجت الرواية ظاهرة الفساد في مؤسسة خاصة وارتباطها بما يدور في الراهن السوداني " المضطرب ( مؤسسة خاصة ، بينما برج الاتصالات مؤسسة حكومية ) فمع من نقف : مع قرار اللجنة المضطرب أم مع العبارة الغير منضبطة للكاتب ؟ / فلا تناسق بين العبارة وبين الوصف الفني المحكم كما قالته اللجنة موضع الضبط المطلوب .

ب / ثم ص 38 : [ كانوا يصنعون حوله حالة من النجومية والتقدير ] استعمال كلمة " حالة من النجومية " غير جيدة  والأجود منها أن يقول : " هاله من النجومية " لقرينة الشبه بين النجوم وهالتها النورانية النجمية كما في القمر مثلاً لمَّا يكتمل بدراً .

ج / ثم ص 49 : [ استعدي للسفر غداً عند الثامنة صباحاً ] العبارة تحتاج إلى مراجعة ! لأنَّ العالم كله يسافر بالليل لا بالنهار في أغلب الأحيان ولم أسمع بمن سافر نهاراً الساعة الثامنة صباحاً غير الكاتب ههنا بشخصيته الثانوية الملهمة .

د / ثم ص 50 : حسن فكَّه [ لكنه أبدى لهم عدم الفهم ، وأشعرهم بأنَّ الأمر لا يعنيه ] هذا عندما لبَّى طلباتهم في المكاتب وغيروا الموضوع الذي كانوا به ، لا تتسق العبارة الوصفية مع الصفة الوظيفية للعامل حسن فكَّه ، فليست لها داعي ولا لها معنى وسخيفة أغلب الظن " لا تخلو من ورجقة ورجقة ورجقة " .

هـــــ / ثم ص 53 : [ مندفعة كانزلاق المياه من ربوة عالية نحو هوَّة سحيقة ] ، هذه العبارة أكثر من جيدة لأنَّ الكاتب استخدم فيها لغة القرآن الكريم بتدفق وحيوية / كما قالت لجنة التحكيم / قال تعالى : { وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين } سورة المؤمنون ، وهي ما نطنا بها كتابنا هذا بين يديك أخي القاري النبيه .

و / الحدث بالفقرة في ص 135 ، مناقضة لذات الحدث في الفقرة من ص 138 ، من أنَّ عاصم – الشخصية المحورية في العمل الروائي – كان في ص 135 واقفاً أمام المكتبة يتصفح الصحف السيارة اليومية ، ثم لم يتغير المشهد ذات الفقرة من ص 138 إذ هو في العربة متجهاً إلى شارع النيل ليأكل السمك !!!!!  مع يونس غاسل العربات ، كيف لشخصٍ واحد في مشهدٍ واحد أن يعمل عملين في مكانين مختلفين في وقت واحد ؟ أنا أحتاج هنا لآينشتاين ليحل هذه المعضلة الزمنية المكانية بلا شك .

ز / ص 137 : [ محور الملف وصف الفاسدين بأقزع النعوت ] ، سخيفة للغاية ! والحق أن يقول : المفسدون ، لمجيء القرآن الكريم بها ، قال تعالى : { إنَّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض } سورة الكهف ، فوجب مراجعتها ومراجعة أعضاء اللجنة ذاتهم الذين يفتقرون لأبسط قواعد اللغة العربية التي هي من أساسيات القياس على جودة الأعمال الفنية من عدمها ، فاللجنة تحتاج إلى لجنة لتقييم الأداء نفسها .

قالت اللجنة : { واللغة السليمة } ، لنراها معاً هل صدقت اللجنة أنَّ اللغة العربية النحوية التي استعملها الكاتب سليمة أم لا ؟ :

1 / قال من ص 43 : [ ماذا بك يا أخينا حسن فكَّه ] فهذا خطأ ! والصواب أن يقول : يا أخانا ، لأنَّها من الأسماء الخمسة فترفع بالألف عند النداء أو إذا سبقها ياء النداء .

2 / ثم ص 162 : [ إلا أنَّ عاصم أدرك بحسه ] خطأ أيضاً ! والصواب أن يقول : عاصماً ! لأنَّها اسم أنَّ منصوباً وهي من الأسماء الناصبة لما بعدها في علم النحو والصرف والقواعد اللغوية ، وذاتها في ص 62 قال : [ كان على ثقة بأنَّ سليم شخصيةٌ بريئة ، قد تكون قدراته عالية وفهمه للعمل ممتاز ] والخطأ هنا في كلمتي : " سليم / شخصية بريئة " والصواب : سليماً ، لأنَّها اسم أنَّ وجب نصبه لا تسكينه ، وما يليها مضافاً إليه يتبعها في حركة الإعراب حيثما كانت و" ممتاز " فوجب نصب ممتاز : ممتازاً ، لوقوعها صفة مضافاً إلى الجملة السابقة .

3 / وفي ص 28 : [ لأنَّ عباراته ساهمت في تغيير ] هذا خطأ ! والصواب أن يقول : أسهمت ، فالأولى من السهم والسهام والثانية " أسهمت " من المساهمة كما ترى ، ولك أن تلاحظ ما جاء من ص 67 : [ كان هاتفاً أبيض وصغير ] فهذا خطأ أيضاً ! والصواب : نصب أبيض وصغير هكذا : أبيضاً وصغيراً ، لوقوعهما تابعاً مضافاً إلى خبر كان منصوباً واسم كان ضمير مستَتِر تقديره هو ما لم يستعمل في الأصل " هاتف " بالضم حال وقع اسماً لكان .

4 / وجاء ص 30 : [ جاهز إن سنحت لي الفرصة ] خطأ ! والأصح أن يقول : إن تهيأت أو ما شابه ، فالسانح نوع من الطيور كانت تتشائم منها العرب قديماً ، راجع جملة ما جاء سابقاً عن هذه النقطة بالتحديد .

سلامات يا لجنة التحكيم ، هل رأيتم [ كما وظَّف ضميري الغائب والمتكلم وتنقل بينهما بسلاسة ويسر ] كيف تنقَّل صاحبكم بين ضميري الغائب والمتكلم بسلاسة ويسر أم لا ؟ .

موضوع العمل الروائي :

قلت فيما سبق ، ليس لهذا العمل الروائي قضية حقيقية مطروحة عالجها الكاتب كما زعمت لجنة التحكيم إذ مزجت بين الشخصنة / قضية فساد مالي تتم باسم مستعار لشخصية الرواية المحورية " عاصم " / لبطل الرواية وبين تسبيب قضية فساد المؤسسة التي لا تعني الموظفين وبالتحديد عاصم المكتشف العبقري لهذه الجريمة الخاصة التي لا تعنيه ولا تعني اضطرابي لجنة التحكيم والكاتب في قولبة الشخصنة الروائية ومقارنتها بالراهن السوداني فلا تمد للاثنين بصلة لا واقعياً ولا خيالياً – راجع المقدِّمة السابقة – ومما يؤكد منحاي هذا قول الكاتب فيما جاء ص 171 – 172 المتناقض بينهما مما أخلَّ بالبناء الفني المحكم الذي قالته اللجنة نسبياً من الإحكام ، وص 189 حيث قال : [ ويبدو أنَّ ربطة العنق وحدها هي التي أسدلت الستار على خواتيم الحكاية ] ، باعتبار أنَّ الكاتب رسم النهاية للفساد بموت المفسد وبقاء الفساد كما كان في ذات المؤسسة سواء أن كانت خاصة أو حكومية / كما تفعل لجنة التفكيك وإزالة التمكين اليوم في حزب المؤتمر الوطني المنحل في أبريل 2019 م الذي عاث في الأرض فساداً طيلة ثلاثين سنة [ أكملنا ما علينا فعله ... إلخ ] ص : 175 ، يعني التفكيك وإزالة التمكين / فهو لم يعالج قضيته بحال من الأحوال ، فهل ترى أنَّ تلك الجملة كفيلة وكافية بقرار اللجنة المدلهم الأنكى بالتقييم الإيجابي للنص ؟ أنا شخصياً لا أرى .

 ألفت إنتباه القارئ النبيه إلى أنَّ الكاتب لم يذكر موضوع " دائرة الأبالسة " { قضية الفساد المتوهم لبطل الرواية " عاصم " / المشخصنة / ولمدير المؤسسة الخاصة " محمود عبد الكريم " - التحوير نحو العمل الحكومي ومقاربته بالراهن السوداني للمؤسسات الحكومية  - ، فهذا مال خاص لا علاقة له بالفساد فهو صاحب المنشأة والمصلحة والمؤسسة فلا يحق لأحد محاسبته وله حق التصرف في أملاكه وممتلكاته كيف شاء ، ولا مقاضاته إلا ضميره قبل موته بربطة العنق أو كما زعم المؤلِّف ، في توزيع المال على ورثته بالعدل كما هو معروف ومتعارف عليه ليقابل ربه وهو نظيف من الفساد فلا يدخل جهنَّم } إلا في الصفحة رقم 175 ، في حين أنَّ الرواية بها 189 صفحة ، مما يعني ضياع خمسة وتسعين بالمئة من جهد الكتابة والتأليف في بناء عمل فني محكم وجيد ليلخصه في ورقة واحدة شمار في مرقة ( ص 175 فقط ) ،       [ أبلغت الشيخ وتمَّ فك السحر ] ص : 128، حنانيك ربنا حنانيك .

لم أظفر بشيء ذي بال ليستحق العمل جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي لسنة 2019 م ، طبعة أولى ، وقرار اللجنة المضطرب .

نهاية القراءة :

" دائرة الأبالسة " عمل روائي من تأليف الأستاذ / محمد الخير حامد ، كتبه سنة : 2015 م ، وهو عمل في المجال الصحافي والإعلامي بالسودان وهو متخرج في جامعة الخرطوم بكالوريوس الاقتصاد القياسي والاحصاء الاجتماعي سنة 2003 م ، نال به جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي بالتعاون مع مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي في طبعته الأولى سنة " 2019 م .