السبت 12 مارس 2022 - 18:29
أحمد يوسف التاي يكتب: بأي حال عدتَ يا حمدوك


(1)
ترتيبات إماراتية سعودية مصرية أفضت إلى لقاء جمع بين رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء السابق الدكتورعبد الله حمدوك بالإمارات … اللقاء بحث إمكانية عودة حمدوك لمنصبه رئيساً للوزراء وهو هدف المساعي الإقليمية الظاهرة، والدولية المستترة ، وبحسب المصادر التي سربت بعضاً مما دار في الغرف المغلقة فإن اللقاء تم بمبادرة تهدف لحل الأزمة السياسية في السودان… تأتي كل هذه التحركات الخارجية في ظل غليان في الشارع الثوري ، وانهيار شامل للعملة الوطنية مع تصاعد حدة الغلاء والضائقة المعيشية وانفجار التضخم وانفلات خطير في الأسواق يتزامن مع انفلات أمني كما لو لم تكن هناك دولة ذات سيادة وقوانين.. وتجيءُ التحركات نفسها في غمرة صراع سياسي بين أحزاب هشة ورخوة وقادة عسكريين يتحينون الفرصة للانقضاض على السلطة بحجة أن الأوضاع تحتم التحرك لإنقاذ الوطن وانتشاله من الهاوية…
(2)
المساعي الداخلية والتحركات الدولية والإقليمية الرامية لإعادة حمدوك إلى السلطة لها أجندة وغايات مختلفة ، وكل جهة ترى في حمدوك وسيلةً لتحقيق أهدافها، فالاتحاد الأوروبي يرى في دعم حمدوك دعماً للتحول الديمقراطي والدولة المدنية حتى لا يظهر أمام الرأي العام الأوروبي متناقضاً بين المبادئ والشعارات والواقع، فضلاً عن أجندة أخرى لا تزال محل تساؤلات وشكوك، وهذا الأمر ينسحب بنسبة كبيرة أيضاً على الولايات المتحدة الأمريكية ، غير أن الإدارة الأمريكية توازن دائماً بين المصالح بشكل اساسي وحاسم وبين دعم الحريات والديمقراطية ظاهرياً لتثبيت الصورة الذهنية لدى الرأي العام الداخلي والخارجي، ومن هنا يأتي دعمها الظاهر لحمدوك ، والخفي للشركاء العسكريين لتحقيق أجندة لا يمكن للمدنيين تحقيقها كالتطبيع مع اسرائيل مثلاً… الشركاء العسكريون وفي ظل حاجتهم الماسة لتسيير دولاب الدولة والتعاون الدولي والمساعدات الخارجية يرون في وجود حمدوك بينهم طوق نجاة واستمراراً للدعم الخارجي..
(3)
ثمة أمر آخر لا بد من قراءته في هذا السياق وهو أن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة إلى موسكو في تلك الظروف التي شهدتها الزيارة حملت الغرب وحلفاءه وأصدقاءه من العرب للتحرك باتجاه عودة حمدوك بصلاحيات أوسع وسلطة أقوى حتى يستطيع (فرملة) الهرولة إلى روسيا، ألم أقل إن أجندة هذه التحركات الداخلية والخارجية متعددة الأغراض والأجندات ، والكل فيها يمدح ليلاه…
(4)
أمريكا والغرب لا يريدان لحمدوك الانفراد بالسلطة وحده كما لا يريدان لقادة الجيش أن يسيطروا على مقاليد السلطة بمفردهم، وفي هذا الأمر ظاهرياً هو تنفيذ الوثيقة الدستورية التي تقول بشراكة العسكر والمدنيين، لكن واقع الحال هما يريدان إبراز دعم حمدوك ليتسق ذلك مع شعارات الغرب وأمريكا في مساندة المدنية والديمقراطية، وفي نفس الوقت يتمسكان بشدة بالجانب العسكري لينجز أمرين الأول مهم للاتحاد الأوروبي وهو قطع الطريق أمام سيول المهاجرين إلى القارة العجوز، والثاني مهم للأمريكان ومراكز القوى الصهيونية واللوبيات اليهودية في أمريكا وهو التطبيع مع تل أبيب.
(5)
أما عودة حمدوك فهي ربما لا تعني شيئاً بالنسبة للثوار ولجان المقاومة الذين يبسطون سيطرتهم الآن على الشارع، وقوى الحراك الثوري، خاصةً بعد اتفاقه الذي ابرمه مع البرهان عقب انقلاب 25 اكتوبر…… اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.