الثلاثاء 15 مارس 2022 - 21:35

 قيل ان الذي كان يفعله الدكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة بالشعب السوداني عندما كان معارضاً و(محارباً) للحكومة أسوأ من الذي يفعله بالشعب السوداني الآن عندما اصبح (مشاركاً) في الحكومة ووزيراً للمالية والتخطيط الاقتصادي.

 السلام الذي تم بين الحكومة والحركات المسلحة سلام (مشوّه) ، يقوم على تصفية الحسابات ويبقي على الصراعات والضغينة وينقل الحرب من الغابة الى القصر ومن الميادين الى المكاتب.

 لقد كان الصراع على السلطة صراعاً (سياسياً) ، وأصبح الصراع على السلطة الآن صراعاً (عسكرياً).

 الحرب تدار الآن (تحت التربيزة) – حرب قائمة على المصالح الشخصية والأجندة الخارجية.

 جبريل ابراهيم (عدو) معارض افضل من (صديق) مشارك.

 نحن نستبشر بالثورة لأن جبريل اصبح (عدواً) لها… هذه هي الحسنة الوحيدة التي يمكن ان نجنيها من انقلاب 25 اكتوبر.

 ما فشل فيه جبريل ابراهيم (محارباً) يريد ان يحققه (مشاركاً) ، فليس هناك أسوأ من هذه السياسة التي يتبعها وزير المالية (المنقلب).

 ألا يدري البرهان ان وزير ماليته جبريل اصبح خطراً عليه اكثر من المواكب التى تخرج ضده في كل انحاء السودان؟

 لماذا تحمل الحركات المسلحة تلك الروح (الانتقامية) والعدائية للشعب حتى بعد توقيع اتفاقية السلام لتعمل لنقل الحرب الى كل اجزاء الوطن… لقد اشاعوا الفوضى والتفلتات الامنية في العاصمة القومية التى لم تعد آمنة في وجود سبعة جيوش يضمر كل منهم شراً للآخر.

 كأنهم يريدون ان يجعلوا كل انحاء الوطن يعيش ما عاشته دارفور في العهد البائد عندما كانت دارفور تحت نيران الحرب والإبادة البشرية تنزف دماً.

 لقد فشلوا في ان يحققوا السلام بقيمه الكبيرة فاتجهوا الى ان يجعلوا كل البلاد تعيش في حالة حرب حتى تكون هناك مساواة بين الناس في الحرب – هذا هو الشيء الذي قدروا عليه.

 هذه الثورة قامت من اجل دارفور ومن اجل الحرية والسلام والعدالة.

(2)

 جائحة كورونا الصحية عندما ضربت العالم فرضت الكثير من القيود وجعلت الناس يعيشون في عزلة عامة حتى في البيت الواحد تفرق الاهل والأحباب بسبب هذه الجائحة الخطيرة.

 اخطر من جائحة كورونا الجائحة الاقتصادية المتمثلة في سياسات وقرارات وزير المالية جبريل ابراهيم الارتجالية التى تقوم على خيار واحد وهو زيادة اسعار الوقود، هذا كل ما يمكن ان تجود به قريحة جبريل ابراهيم الذي ضرب عزلة تامة على الشعب السوداني بتلك الجائحة الاقتصادية – اذ اصبح التحرك والتواصل بين الناس بسبب اسعار الوقود يكاد ان يكون مستحيلاً – وبقي التواصل بين الناس وصلة الرحم بين الاهل حتى عبر التلفون بسبب الغلاء في حدود من استطاع إليه سبيلاً.

 السودانيون الآن يعيشون في عزلة اجتماعية حقيقية بسبب الجائحة الاقتصادية التى فرضها على الشعب وزير المالية جبريل ابراهيم.

 الدعم الذي رفعته الحكومة عن المحروقات تدفع الحكومة اضعافه الآن في الأمن والمستشفيات والمحاكم والجرائم التى افرزتها الاوضاع الاقتصادية الصعبة.

 ما تصرفه الحكومة في استيراد الغاز المسيل للدموع لتفريق احد المواكب يكفي لأن يؤمن المحروقات التى يستهلكها هذا الموكب لمدة اسبوع.

 سوف ترتفع نسبة الجهل والمرض والجريمة بسبب ارتفاع نسبة الفقر بسبب هذا الغلاء الناتج من رفع الدعم عن المحروقات، وسوف تجد الحكومة نفسها مجبرة على ان تدفع اضعاف المبالغ التى كانت تدفعها لدعم المحروقات لسد الفروقات والآثار التى تسبب فيها رفع الدعم عن المحروقات.

 زيادة اسعار المحروقات تعني زيادة اسعار كل السلع .. ارتفعت بسبب ارتفاع اسعار المحروقات اسعار الخضروات واللحوم والألبان والأدوية والملابس والكهرباء والمياه والخبز ، كل شيء ارتفع بما في ذلك بصورة مباشرة ترحيل الطلاب من منازلهم الى مدارسهم والعكس.

 الحكومة الآن ضاعفت المرتبات مع ذلك لم تجد تلك الزيادات ـ لأن زيادة سعر المحروقات طبقت على كل سلعة بصورة منفردة .. وطبيعي ان لا تفي المرتبات مهما كانت الزيادات فيها احتياجات المواطن العادية.

 كان الافضل للحكومة ان تدعم المحروقات لينعكس ذلك على الانتاج والصناعة والزراعة والصحة والتعليم ويشمل الرخاء والخير كل القطاعات.

 الموسم الزراعي سوف يكون حصاده هذا العام (شيكات) طائرة وسوف يقضي بمعظم المزارعين الى السجون.

 السجون التى كان يفترض ان يسحن فيها المجرمون والفاسدون سوف يسجن فيها المزارعون الذين يشقون ويعرقون من اجل لقمة العيش ويجتهدون من اجل ان يقدموا الغذاء للسودان وللعالم كله.

 كيف تنهض دولة وكيف نكون سلة غذاء العالم ونحن نسجن المزارعين ونلاحقهم بالنيابات وأوامر القبض؟

(3)

 تآمر جبريل ابراهيم مع اخرين في انقلاب 25 اكتوبر ليدخل السودان في عزلة اخطر من العزلة التى كان يعيش فيها السودان في العهد البائد بعد ذلك الانقلاب المشئوم – وزير المالية جفف كل مصادر الدعم الخارجي الذي كان ينتفع منه السودان بعد سقوط البشير ، حيث اغلقت كل ابواب الدعم الخارجي للسودان ليجد جبريل ابراهيم نفسه امام خيار واحد لتسيير الدولة وهو رفع الدعم عن المحروقات، والذي اصبح يتم بصورة يومية وتلقائية رغم ان الدولة لا تدعم المحروقات ولكنها في ظل الاقتصاد المنهار ليس امامها غير سد العجز بزيادة اسعار المحروقات.

 (جيب) ريل!!

 في العهد البائد كانت زيادة المحروقات لا تحدث إلّا في السنة مرة واحدة وعندما يتم وضع الميزانية العامة قبل بداية العام، في ولاية جبريل ابراهيم المالية زيادة اسعار المحروقات اصبحت تتم بشكل اسبوعي ويمكن ان تصبح لاحقاً في كل يوم.

 بل يمكن ان تتزود سيارة بالوقود بسعر معين وتأتي السيارة التى تليها في نفس الصف في محطة الوقود نفسها وتتزود بسعر اخر غير الذي تزودت به السيارة التى سبقتها.

 النمو الوحيد الذي يحدث في السودان بعد انقلاب 25 اكتوبر هو النمو الذي يحدث في زيادة الاسعار وفي ارتفاع الدولار.

 وزير مالية يهبط (الجنيه) في عهده لهذا الحد، لا يصلح لإدارة (مزرعة دواجن) فكيف لصاحب هذا الفشل ان يدير مالية دولة كاملة؟

 اتفاقية السلام هل تلزم البرهان بان يحتمل كل هذا الفشل من جبريل ابراهيم؟ ونعيش في ظل هذا الانهيار وهو الذي انقلب على حمدوك بعد كل النجاحات التى حققها اقتصادياً وسياسياً للسودان.

 ما الذي يجبر البرهان على هذا (الجبريل) الذي نزل بالجنيه للدرك الأسفل؟

(4)

 بغم /

 هذا الذي يقوم به جبريل ابراهيم يشبه ما يحدث في (التصفيات) عندما تخسر الشركات التجارية وتنهار فتحدث (التصفية).

 السودان في طريقه الى (التصفية) ان لم يكن تصفية (تجارية) سوف تكون هناك تصفية (جسدية) لكل الشعب من خلال تلك الحركات التى تحمل الاسلحة وتتحرك بين المدنيين في المدن.

 الجيوش تتواجد في (المدن) وهم الذين يرفضون (المدنية) ويريدونها ان تكون (عسكرية).

 احتجاجات (الطلاب) في المدن السودانية امس تؤكد ان (المدنية) توغلت في (طعم الدروس).

 عندما ينزل (الطلاب) للشوارع لا احد يستطيع ان يوقفهم.

 النهاية اقتربت.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).