الأحد 20 مارس 2022 - 18:44
هاجر سليمان تكتب: آلام الشرطة!!


قبل عدة اشهر قادتنى الاقدار لزيارة مستشفى الشرطة، وكنت حينها مرافقة لشقيقتى، ووقتها كتبت مقالاً فى اليوم التالى تناولت فيه تردي الخدمات الطبية بهذا الصرح العظيم، ولعلنا كتبنا وقتها لأن هذا الصرح ما كان ينبغى ان يكون بذلك المنظر مهما بلغ تردى خدماته، الا اننى بالامس كنت حضوراً فى ورشة لتطوير الخدمات الطبية، وعندما سمعت ما دار بها وقتها علمت لماذا تدهور حال المستشفى الى ذلك الحد رغم انه ما كان ينبغى ان يحدث. فتدهور الاوضاع الاقتصادية القى بظلاله على الخدمة الطبية فى كل البلاد، الا ان الشرطة حالة خاصة بالنسبة لنا، نسبة لانها على مدار سنوات ظلت تقدم خدمات متميزة رغم تردى الخدمات الطبية بكافة مستشفيات السودان، وبدت لنا سوءات الخدمة الطبية للشرطة حينما علمنا الاسباب الحقيقية التى قادت لتلك السوءات المتمثلة فى نقص الكوادر الطبية ونظام التعاقدات الذى تمنح بموجبه استحقاقات ضعيفة للمتعاقد تجعله يغادر مع اول فرصة ممزقاً عقد الاتفاق بينه وبين مستشفى الشرطة. والادهى والامر ان وزارة المالية التى تستغل الشرطة كبقرة حلوب وتمتص أثداءها حتى آخر قطرة حليب، لا تقوم بتقديم ابسط المعينات للشرطة حتى تتمكن من الاستمرار فى تقديم خدمات مجودة.
هجرة الكوادر وامتناعها عن مزاولة العمل الطبي جراء ضعف العوائد كان سبباً فى تردى الخدمات، ورغم ذلك ظل مستشفى الشرطة كالغريق الذى مازال يجاهد من اجل البقاء رغم كل الظروف القاتلة المحيطة به. وبالفعل مازالت الشرطة تعمل تارة باسلوب الترغيب وتارة باسلوب الترهيب ورغم ذلك تقدم الخدمة، ولكن سياسة ارغام صاحب اليد الواحدة على التصفيق غير مجدية بل عقيمة، اذ انه وحتى يتمتع اولئك الجنود بالخدمة الطبية المطلوبة ينبغى على وزارة المالية ان تخصص بنداً للخدمات الطبية الشرطية بجانب انشاء محفظة متخصصة وانشاء شركات شرطية صرفة فى كافة المجالات الطبية، شركات متخصصة فى التصنيع الدوائي واخرى فى النظافة وثالثة فى فن ابادة المخلفات الاشعاعية والكيميائية، بجانب شركات لاستيراد الدواء، ومحطات تصنيع وتعبئة الغاز، بل حتى شركات لتصنيع مياه الشرب وكافة المعينات المطلوبة ابتداءً من الابرة والخيط الطبي وحتى صحن العملية، بل حتى ازياء الاطباء بدلاً من شرائها.
إن سياسة زيادة الاستقطاعات من رواتب الشرطة غير مجدية، خاصة انها لا تكفى الرغيف الحاف، لذلك استوجب الآن رفع مرتبات منسوبي الشرطة والمتعاقدين وخلق نسب ارباح تعود لهم جراء العمل الاستثمارى، بجانب الاتجاه لانشاء مستشفيات متخصصة وتوفير اساطيل اسعافات باسعار اقل من اسعار اسعافات المنظمات لتسهيل نقل المرضى والجثامين.
ان منسوبي مستشفى الشرطة اليوم يعملون فى ظل ظروف بالغة التعقيد، الا انهم يصرون على مواصلة ما بدأوه من مشوار ويؤثرون الاهتمام بمرضاهم على مزاولة اعمال بمكاسب ضخمة خارج الحقل الشرطى. والمغالطنا يمشى يزور قسم غسيل الكلى وعدداً من الاقسام، بس أختوا لينا الحوادث دى، وهذه لانها تقدم خدمات مجانية اصبحت تشكل عبئاً عليها ولرفعتها، ولكن فى حال نجحت الخطط التى بصدد تنفيذها من قبل الشرطة، فسيكون مستشفى الرباط من أميز المستشفيات، ولا ننسى دوره الكبير إبان جائحة )كورونا(.
كسرة:
اكثر ما جعل الورشة مميزة ان وزير الداخلية كان الاكثر شغفاً باستمرارها وحضورها للآخر، وانتظار جمع توصياتها لبدء العمل بها، وهذا دليل على همته وجديته. والاكثر جمالاً في الورشة أن قادة الشرطة السابقين سجلوا حضوراً مميزاً بها، خاصة الرجل الهمام هاشم عثمان الحسين المدير العام الأسبق للشرطة.