الأربعاء 30 مارس 2022 - 18:56
محمد عبد الماجد يكتب: حزب الأمة القومي )يوجد بالمحل فني صيانة بوتاجازات(


)1(
 لا سبيل لتحقيق الديمقراطية إلّا من خلال الاحزاب السياسية، أي تفكير في سُبل اخرى في الحكم غير الاحزاب السياسية سوف يقودنا الى الدكتاتوريات والتسلط والشمولية والتقهقر من جديد.
 مع التأكيد ان تجاربنا الحزبية في الحكم دائماً كان يصاحبها الفشل وربما ذلك كان ناتجاً من كمية التآمر الذي يتم في فترات الحكم الديمقراطي بسبب ضعف الاحزاب وصراعاتها وانشقاقاتها التي تخدم الاتجاهات الاخرى بما في ذلك الحكم الشمولي.
 لكن مهما بلغنا من خنوع وفتور فان الحكم الديمقراطي والراشد لا يكون إلّا عبر الاحزاب.
 من يريد حكومة ديمقراطية من غير احزاب، هو كأنه يريد ان يضيف مستحيلاً خامساً للمستحيلات الاربعة.
)2(
 كان في مقدور حزب الامة والحزب الاتحادي ان يعطونا نماذج راشدة وقوية في الحكم الديمقراطي بمثل ما يحدث في ثنائيات التنافس الحزبي في الولايات المتحدة الامريكية بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري وما يحدث في انجلترا بين حزب المحافظين وحزب العمال.
 شعبية وارث حزب الامة والحزب الاتحادي وتاريخهما السياسي الطويل وعمقهما في المجتمع السوداني وشعبيتهما العريضة كان يمكن ان تمنحنا تجارب راشدة وأمثلة ناجحة ومشرفة في الحكم الديمقراطي في السودان.
 لذلك تبقى المسؤولية كبيرة على الامة والاتحادي تحديداً ويرجع لهما السبب في هذا التدهور والتراجع السياسي الذي نعيشه على مستوى السلطة في السودان رغم ان السياسة على مستوى الشارع والقاع في السودان متقدمة ومتقدة.
 العلة لم تكن في )العسكر( وحدهم – بل ان العلة تكمن في تلك الاحزاب الضعيفة رغم شعبيتها الكبيرة ، فقد كانوا كلما بزغ فجر الخلاص اعادونا الى غسق الانقلابات العسكرية بسبب الضعف الذي كانت تعاني منه تلك الاحزاب حتى وهي في قمة السلطة.
 التسلط والدكتاتوريات التي عشناها في السودان منذ الاستقلال وحتى الآن يعود السبب فيها الى هوان الاحزاب وصراعاتها وانشقاقاتها الداخلية.
 لو كانت هناك احزاب قوية ومتماسكة لما نجحت الانقلابات العسكرية ولما حدثت كل هذه الانتكاسات التي كانت ترجعنا الى الحكم الشمولي كلما اعتقنا منها بانتفاضة شعبية وثورة مجيدة.
 هذه الاحزاب كان الشعب كلما سلمها السلطة بعد انتفاضة شعبية قدم فيها الشعب الكثير من التضحيات اعادونا مرة اخرى الى الحكم العسكري بسبب تلك الاحزاب المتهالكة.
 مع ذلك لا سبيل للخلاص إلّا عن طريق الاحزاب السياسية ..فالأحزاب مع فشلها افضل من الحكم العسكري الذي يعيدنا للوراء ويفقدنا حقوقنا الدستورية والإنسانية والطبيعية.
 يجب ان ندرك ألا سبيل من الخلاص إلّا عبر الاحزاب السياسية وان الديمقراطية بدون ممارسة حزبية حقيقية تشبه من يريد ان يمارس مهنة )الطب( بعد ان يتخرج من كلية الزراعة.
 سنابل القمح لا يمكن ان تحصد منها عنباً.
)3(
 بعض احزابنا بل الكثير منها يدار بعقلية )عسكرية( وأظن من هنا هزمت تجاربنا الديمقراطية.
 رئيس حزب الامة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر لم يتخل عن )بزته العسكرية( حتى وهو في اكبر الاحزاب السودانية التي تمثل المدنية والديمقراطية.
 انجذاب برمة للعسكر والتماهي معهم واضح في كل تحركاته وتصريحاته وهو امر يمكن ان نشعر به فيما يحدث الآن من حزب الامة القومي وما سيحدث في المستقبل.
 دعا رئيس حزب الامة القومي فضل الله برمة ناصر المكون العسكري الى وقف العنف ضد المتظاهرين – وهذا كلام للاستهلاك وهو يأتي في اطار )أنا لا اكذب ولكن اتجمّل(.
 بدعوة المكون العسكري الى وقف العنف نعطيهم ما لا يملكون.. هذا حق اصبح الشعب قادر على انتزاعه.. انتهى زمن هذه الدعوات.
 حمّل برمة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان مسؤولية قتل المتظاهرين، وقال ان ازاحة البرهان ليست بالأمر الساهل.
 انه يدس السم في العسل – هذه الاشارة التي قال فيها برمة ان ازاحة البرهان ليست بالأمر الساهل تعتبر رسالة دعم للمكون العسكري او هي كرت ضغط يستعمله العسكر في حوارهم مع المكون المدني.
 الامر لم يعد صعباً.. هذه حقيقة يجب ان يدركها الجميع.
 الشعب السوداني على استعداد ان يدفع أي ثمن لإزاحة البرهان– هذا الشعب واضح انه لا يعنيه الثمن كثيراً – لذلك لن يتوقف هذا الجيل عن نضاله وكفاحه ان كانت ازاحة البرهان من السلطة امر سهل او كانت غير ذلك – فقد قدموا كل شيء وهم على استعداد لتقديم المزيد من اجل ان يصلوا الى هدفهم.
 تلك الرسالة التي دسها برمة في تصريح يرفض فيه العنف ضد المتظاهرين وهو في حقيقة الامر يدعوهم للمزيد منه وهو يقول ان ازاحة البرهان من السلطة ليست بالأمر الساهل.
 هكذا كانوا يقولون عن ازاحة البشير وهكذا كان الحال مع زين العابدين بن علي ومع معمر القذافي ومع محمد حسني مبارك، وقبل ذلك مع نميري وقبله مع عبود – كل تلك الازاحات لم تكن بالأمر الساهل.
 قال برمة في تصريحات نشرتها الانتباهة امس : )الذين يرفضون الحوار يورونا الحل(.. ونحن نقول ان الحل هو في المواصلة والاستمرار في الثورة والانتفاضة – ماذا جنينا من الحوار؟ – وقد خانه المكون العسكري في كل نتائجه السابقة.
 مجزرة فض الاعتصام.
 انقلاب 25 اكتوبر.
 هذه هي كانت نتائج الحوار مع المكون العسكري.
 برمة دعا الى توحيد المعارضة ونحن نسأله هل حزب الامة القومي من غير حتى فروعه المنشقة متوحداً ؟ ..على برمة ان يوحد حزبه اولاً قبل ان يدعو الى توحيد المعارضة.
 مواقف حزب الامة القومي تبدو غريبة ومتناقضة ومتفرقة – لم اجد في التاريخ حزباً تتفرق مواقف قياداته بهذه الصورة التي تتفرق بها مواقف وتصريحات قيادات حزب الامة القومي.
 حزب الامة لم يبق له غير ان يكتب بمقر الحزب )يوجد بالمحل فني صيانة بوتاجازات( فهم يفهمون في كل شيء.
 برمة بموقف ومريم الصادق المهدي بموقف اخر – الواثق البرير له مواقف تختلف عن مواقف صديق الصادق المهدي… وهؤلاء كلهم يختلفون مع مواقف الدكتور ابراهيم الامين.
 يبقى حزب الامة القومي المنتج الرسمي للتناقضات السياسية في السودان – فحزب الامة القومي يمكن ان يشارك منه عبدالرحمن الصادق المهدي في حكومة الانقاذ التي تعارضها شقيقته مريم المنصورة.
 هذا هو حزب الامة القومي – طرف مع المكون المدني وطرف مع المكون العسكري– يشاركون في حكومة ويعارضونها في نفس الوقت – هذه المواقف المتناقضة تتجسد الآن من حزب الامة القومي في التعامل مع حكومة الانقلاب.
 في حكومة حمدوك الثانية شارك ولاة من حزب الامة القومي في الحكومة رغم ان الحزب اعلن رفضه المشاركة في الحكومة.
 اذا كان التناقض حزباً فهو حزب الامة القومي.
 من هنا يظهر ضعف الاحزاب السودانية التي لا تلتزم بموقف واحد ولا تتفق على برنامج موحد.
)4(
 بغم /
 أي زول يقول ليك الحكومة دي صعب تسقط، او يقول ليك ازاحة البرهان ليست بالأمر الساهل – اعرف طوالي ان هذا )الزول( داخل ليه في صندوق مع الحكومة – ولسه ما شال صرفتو.
 اول ما يستلم صرفته … سيطلع مع الناس للشارع.
 في ابريل سنعيدها سيرتها الاولى.
 وكل الطرق تؤدي الى )المدنية(.