الخميس 31 مارس 2022 - 6:01
منذ أسبوعين وبيتنا يعج ويضج بالصراخ والضحك وأصوات أشياء تتحطم، كما صرت أعاني من الإجهاد بسبب الحرمان من النوم المتواصل لأكثر من ثلاث ساعات، والسر في كل ذلك هو أن أكبر عيالي يقوم بزيارتنا رفقة حفيدي الاثنين اللذين أخضعا البيت لسيطرتهما الكاملة، وقد تفرغت لهما تماما لأن التعامل معهما يتطلب إجادة الركض والمصارعة غير الحرة، الأمر الذي كلفني آلاما في الظهر وما تبقى عندي من عضلات، ومع هذا فإنني أبدأ يومي بترقب استيقاظهما لنبدأ جولة جديدة من العبث الطفولي، وأنا في منتهى السعادة لأنني ظللت أعيش في انتظار تلك المرحلة من عمري.
وأذكر يوما آخر انتظرته طويلا، وتمنيت أن يمد الله سنوات عمري حتى أشهده، كي يتسنى لي أن أمدّ رجلي، وأن أحس براحة في الأحشاء وكأنما يد خبير حانية قامت بتمسيدها، وكان ذلك قبل سنوات عندما عاد ولدي لؤي إلى بيت العائلة بعد غربة أربع سنوات في بلاد تموت من البرد حيتانها حاملا شهادته الجامعية، ولؤي هو آخر العنقود في عائلتي الصغيرة، وبعودته الى حضني وحضن أمه متبكلرسا )أي حاملا البكالريوس( من بلاد العم سام، كنت قد حققت أمنية عزيزة وأوفيت بعهد قطعته على نفسي بألا أدخر جهدا ولا مالا في سبيل توفير أفضل تعليم تسمح به إمكاناتي المادية لعيالي بما يتوافق مع قدراتهم الأكاديمية
وأذكر أنه اتصل بي هاتفيا بعد أيام من الجلوس لآخر امتحان ليبلغني بنجاحه وبأنه لن ينتظر حفل التخريج المقرر تنظيمه بعد أسبوع، لأنه في شوق عارم لنا، وكنت قد وعدت أمه )وهي في نفس الوقت زوجتي( بأن أصطحبها إلى الولايات المتحدة لنشهد حفل تخرجه وبالمرة نزور مدينة ديزني في أورلاندو، ولكنه قال: دعهم يرسلون الشهادة بالبريد أو الحمام الزاجل. مش مهم أحضر حفل التخرج لأنني تخرجت و»خلصت«, ولو لم يرسلوا الشهادة المكتوبة بأحرف ذهبية مش ضروري لأن الحصول على عمل يتطلب فقط إبراز تفاصيل الشهادة الـ»transcript«, قلت له: طالع على أبوك الذي حضر حفل تخرجه في الجامعة وتسلم البكالريوس من يد رئيس الجمهورية وضاعت منه »الشهادة« في هوجة فرحة أصدقائي وزغاريد قريباتي وهتافهن بعد لحظات من تسلمها: يا سلام يا جافر )جعفر( رفأت )رفعت( راسنا.. ينسر )ينصر( دينك!! هذه العربية التي أشبعها أهلي النوبيون تكسيرا كانت أجمل وقعا على أذني من شعر المتنبي، وغناء أم كلثوم )بصراحة لم أجد في أي أغنية لأم كلثوم ما يشد انتباهي وحواسي، وفسّر البعض ذلك بأنني أعاني من خلل في غدد الاستقبال والاستمتاع، ويقصدون بذلك أن حسي الموسيقي والغنائي فاسد ومضروب، ولكنني أعتقد أن أحد أسباب عزوفي عن الاستماع إلى أغنياتها هو كرهي الشديد لأي شكل من أشكال عبادة الأفراد، ولا أقصد بذلك أن المعجبين بأم كلثوم كانوا يعبدونها بالمعنى الديني للـ»عبادة«, ولكنهم جعلوا كلمة »الست« وقفاً عليها، وأطلقوا عليها لقب كوكب الشرق، وتركبني العفاريت عندما أسمع الألقاب العبثية تطلق على أناس ولو كانوا متميزين في مجالات معينة، ولهذا لا تعجبني مسميات أمير الشعراء وعميد الأدب وشاعر الجبل وعذراء الشاشة.. واللقب الأخير كانت تحمله الممثلة المصرية ماجدة صباحي لكونها لم تكن تقبل أي دور سينمائي فيه قبلات وهبش وخمش(.
وبعد إكمال أصغر عيالي لتعليمه الجامعي وعودته الى البيت لم أكن أمانع في أن يضفي علي أحدهم لقب »أمير السعداء« رغم رفضي إضفاء لقب أمير الشعراء على أحمد شوقي، )أفضل حافظ إبراهيم عليه(, يا ما انت كريم يا رب، فقد عشت ورأيت عيالي جميعا يكملون تعليمهم العالي وأتمنى أن أعيش لأشهدهم جميعا يكملون تأهلهم العائلي.
وها هو الله قد أكرمني بوصول حفيدين جعلاني أتذكر من قال: لو كنت أعرف متعة الأحفاد لـ»حاولت« الحصول عليهم قبل الحصول على عيالي.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــ ــــر عبــــــــا س"
*. عن رهق المرا هقة المزع وم
*. المست هتر يكس ب والمن ضبط يخس ر
*. ونجه ل فوق جهل الجاهل ينا
*. ابن عاق وزوج ضمي ره معاق
*. مبرو ك أم نح س؟
*. يصر ف النقود والكلا م
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك
الاسم:الاسم
النص:
تبقى لديك )600( حرف
أنا لست برنامج روبوت
reCAPTCHA الخصو صية- البنود
أرسل
aak_news
الرئيسية
أخبار البحرين
المال و الاقتصاد
عربية ودولية
الرياضة
قضـايــا وحـــوادث
منوعات
أعمدة
عن أخبار الخليج
إتصل بنا
المطبعة
جميع الاقسام
إشترك في النشرة الاخباريةالبريد الإلكتروني
التسجيل
رئيس مجلس الادارة رئيس التحرير: أنور محمد عبدالرحمن | مدير التحرير: عبدالمنعم إبراهيم
منذ أسبوعين وبيتنا يعج ويضج بالصراخ والضحك وأصوات أشياء تتحطم، كما صرت أعاني من الإجهاد بسبب الحرمان من النوم المتواصل لأكثر من ثلاث ساعات، والسر في كل ذلك هو أن أكبر عيالي يقوم بزيارتنا رفقة حفيدي الاثنين اللذين أخضعا البيت لسيطرتهما الكاملة، وقد تفرغت لهما تماما لأن التعامل معهما يتطلب إجادة الركض والمصارعة غير الحرة، الأمر الذي كلفني آلاما في الظهر وما تبقى عندي من عضلات، ومع هذا فإنني أبدأ يومي بترقب استيقاظهما لنبدأ جولة جديدة من العبث الطفولي، وأنا في منتهى السعادة لأنني ظللت أعيش في انتظار تلك المرحلة من عمري.
وأذكر يوما آخر انتظرته طويلا، وتمنيت أن يمد الله سنوات عمري حتى أشهده، كي يتسنى لي أن أمدّ رجلي، وأن أحس براحة في الأحشاء وكأنما يد خبير حانية قامت بتمسيدها، وكان ذلك قبل سنوات عندما عاد ولدي لؤي إلى بيت العائلة بعد غربة أربع سنوات في بلاد تموت من البرد حيتانها حاملا شهادته الجامعية، ولؤي هو آخر العنقود في عائلتي الصغيرة، وبعودته الى حضني وحضن أمه متبكلرسا )أي حاملا البكالريوس( من بلاد العم سام، كنت قد حققت أمنية عزيزة وأوفيت بعهد قطعته على نفسي بألا أدخر جهدا ولا مالا في سبيل توفير أفضل تعليم تسمح به إمكاناتي المادية لعيالي بما يتوافق مع قدراتهم الأكاديمية
وأذكر أنه اتصل بي هاتفيا بعد أيام من الجلوس لآخر امتحان ليبلغني بنجاحه وبأنه لن ينتظر حفل التخريج المقرر تنظيمه بعد أسبوع، لأنه في شوق عارم لنا، وكنت قد وعدت أمه )وهي في نفس الوقت زوجتي( بأن أصطحبها إلى الولايات المتحدة لنشهد حفل تخرجه وبالمرة نزور مدينة ديزني في أورلاندو، ولكنه قال: دعهم يرسلون الشهادة بالبريد أو الحمام الزاجل. مش مهم أحضر حفل التخرج لأنني تخرجت و»خلصت«, ولو لم يرسلوا الشهادة المكتوبة بأحرف ذهبية مش ضروري لأن الحصول على عمل يتطلب فقط إبراز تفاصيل الشهادة الـ»transcript«, قلت له: طالع على أبوك الذي حضر حفل تخرجه في الجامعة وتسلم البكالريوس من يد رئيس الجمهورية وضاعت منه »الشهادة« في هوجة فرحة أصدقائي وزغاريد قريباتي وهتافهن بعد لحظات من تسلمها: يا سلام يا جافر )جعفر( رفأت )رفعت( راسنا.. ينسر )ينصر( دينك!! هذه العربية التي أشبعها أهلي النوبيون تكسيرا كانت أجمل وقعا على أذني من شعر المتنبي، وغناء أم كلثوم )بصراحة لم أجد في أي أغنية لأم كلثوم ما يشد انتباهي وحواسي، وفسّر البعض ذلك بأنني أعاني من خلل في غدد الاستقبال والاستمتاع، ويقصدون بذلك أن حسي الموسيقي والغنائي فاسد ومضروب، ولكنني أعتقد أن أحد أسباب عزوفي عن الاستماع إلى أغنياتها هو كرهي الشديد لأي شكل من أشكال عبادة الأفراد، ولا أقصد بذلك أن المعجبين بأم كلثوم كانوا يعبدونها بالمعنى الديني للـ»عبادة«, ولكنهم جعلوا كلمة »الست« وقفاً عليها، وأطلقوا عليها لقب كوكب الشرق، وتركبني العفاريت عندما أسمع الألقاب العبثية تطلق على أناس ولو كانوا متميزين في مجالات معينة، ولهذا لا تعجبني مسميات أمير الشعراء وعميد الأدب وشاعر الجبل وعذراء الشاشة.. واللقب الأخير كانت تحمله الممثلة المصرية ماجدة صباحي لكونها لم تكن تقبل أي دور سينمائي فيه قبلات وهبش وخمش(.
وبعد إكمال أصغر عيالي لتعليمه الجامعي وعودته الى البيت لم أكن أمانع في أن يضفي علي أحدهم لقب »أمير السعداء« رغم رفضي إضفاء لقب أمير الشعراء على أحمد شوقي، )أفضل حافظ إبراهيم عليه(, يا ما انت كريم يا رب، فقد عشت ورأيت عيالي جميعا يكملون تعليمهم العالي وأتمنى أن أعيش لأشهدهم جميعا يكملون تأهلهم العائلي.
وها هو الله قد أكرمني بوصول حفيدين جعلاني أتذكر من قال: لو كنت أعرف متعة الأحفاد لـ»حاولت« الحصول عليهم قبل الحصول على عيالي.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــ ــــر عبــــــــا س"
*. عن رهق المرا هقة المزع وم
*. المست هتر يكس ب والمن ضبط يخس ر
*. ونجه ل فوق جهل الجاهل ينا
*. ابن عاق وزوج ضمي ره معاق
*. مبرو ك أم نح س؟
*. يصر ف النقود والكلا م
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك
الاسم:الاسم
النص:
تبقى لديك )600( حرف
أنا لست برنامج روبوت
reCAPTCHA الخصو صية- البنود
أرسل
aak_news
الرئيسية
أخبار البحرين
المال و الاقتصاد
عربية ودولية
الرياضة
قضـايــا وحـــوادث
منوعات
أعمدة
عن أخبار الخليج
إتصل بنا
المطبعة
جميع الاقسام
إشترك في النشرة الاخباريةالبريد الإلكتروني
التسجيل
رئيس مجلس الادارة رئيس التحرير: أنور محمد عبدالرحمن | مدير التحرير: عبدالمنعم إبراهيم