الإثنين 16 أغسطس 2021 - 19:14
محجوب عروة يكتب: عوائق الاستثمار

قولوا حسنا : محجوب عروة


يتفق الجميع ان الحل الجذرى لازدهار الاقتصاد السودانى وتحسين معيشة المواطن ومواجهة الأمراض الاقتصادية الخطيرة هو الانتاج ثم الانتاج ثم الانتاج، وهو زيادة الصادرات. وهذا الانتاج لا ولن يتحقق الا بالاستثمارات الواسعة المتنوعة والمستدامة.. وهذه الاستثمارات اذا لم تجد الاهتمام الكافى والرعاية الجيدة التي تبدأ بتحسين المناخ السياسى ممثلا فى الاستقرار والاحساس الحقيقى بالتوافق الوطنى ودولة سيادة القانون التي توفر العدالة والمساواة، يضاف لذلك كفاءة الادارة، ثم تحسين المناخ الاقتصادى عبر حسن السياسات والقرارات المالية والنقدية والزراعية والصناعية والتجارية والخدمية والعقارية، ويأتى على رأس ذلك توفر بنيات أساسية من طرق ومواصلات جيدة وكهرباء كافية ومستقرة ورى منساب وحسن تخطيط للأراضى التى تقام عليها المشروعات دون خلافات، ثم محاصرة الفساد واخيرا لا آخر فى رفع المستوى المتدنى للأداء في ميناء بورتسودان حيث ضعف التمويل وضعف المعينات الفنية لدرجة ارتفعت فيها تكاليف الشحن البحرى بدرجة مخيفة حيث أصبحت الخطوط البحرية العالمية تفرض زيادات عالية فى الشحن البحرى.
كل ذلك من مطلوبات ومقومات الاستثمار الناجح اذا لم يتوفر ويتحقق فلن يندهش أحد اذا فشل أى حديث أو وعود لاستثمار حقيقى وناجح. فهل حدث ويحدث ذلك؟ دعونا نناقش ذلك بالجدية اللازمة وفقا لما يلاحظه كل من يتابع الأحوال والأوضاع التى ورثناها من النظام السابق وزدناها حاليا بسبب ضعف الأداء لدى المسؤولين والخلافات والتجاذبات والأجندة السياسية المتعارضة..
أبدأ أولا بالسؤال ما هى الرؤية الاقتصادية الواضحة التى ترتكز عليها سياساتنا وقراراتنا الاقتصادية؟ هى غير واضحة ولا متفق عليها فما ظللنا نشاهده منذ أن نجحت ثورة ديسمبر لا نجد رؤية واضحة وظللنا نتأرجح فى سياسات وقرارات متقلبة بسبب الخلافات السياسية فى الحاضن الذى يشكلها. كما ظللنا نعتمد على وعود خارجية عبر وفود خارجية تأتى وتذهب ومؤتمرات تدعي دعم السودان فلا نجد الا ما يجده المتسول من الغني البخيل..
ثم هل من المعقول ان يندفع مستثمر وطنى او أجنبى بأموال طائلة فى مثل هذا التجاذب والخلافات الحادة والدعوة لاسقاط الحكومة ليس من معارضيها وحسب بل حتى من الذين كانوا جزءا” منها؟.
ثم سؤال مفصلى لماذا هذا التباطؤ والضعف فى الاداء الحكومى وتلك البيروقراطية والسلحفائية القاتلة من العاملين فى الدولة وعدم توفر المعينات الفنية والادارية حيث يشتكى كل طالب خدمة الأمر الذى أدى الى ممارسات فاسدة بصورة لم تحدث فى البلاد منذ أن نالت استقلالها..
ثم هناك ما طرأ أخيرا من زيادات هائلة فى الرسوم التى تتقاضاها الدولة فى الخدمات والتصديقات لا قبل للمستثمرين بها خاصة للشباب الذين يرغبون فى الاستثمار.. نظرة واحدة للائحة الجديدة لرسوم تسجيل الشركات بتلك المبالغ الكبيرة تعطيك مثالا واحدا لكيف يعرقل تسجيل الشركات خاصة اذا أردنا تشجيع المستثمر الوطنى وعلى وجه الخصوص الشباب الذين يجب تشجيعهم لانشاء شركات خاصة او عامة. ان تلك الرسوم تشجع الاقتصاد السرى عبر السمسرة التى تعكس كيف يتهرب الناس من الضرائب والرسوم ومن ثم تكون الرشاوى هى البديل.. وأسألوا من يؤكد لكم ذلك.