الجمعة 3 يونيو 2022 - 14:53
عزا تقرير اللجنة التي كونها النائب العام للتحقيق في تكدس الجثث بالمشارح وتحللها، عزا السبب الى، قرار رئيس لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسريا والذي قضى بمنع التشريح ودفن الجثامين، مما تسبب في تكدسها بمشارح ولاية الخرطوم بما فيها جثامين من فض الاعتصام، وتبلغ السعة الاستيعابية للمشارح فقط )130( جثة، مما يدل على ضعف كفاءة التبريد في ثلاجات الحفظ في ظل هذا العدد الكبير الموجود حالياً، ويطمس الأدلة الخاصة التي توضح سبب الوفاة وإخفاء معالم بعض الجرائم التي ارتكبت في حق المتوفين. هذ الوضع أثار الكثير من الشكوك والتساؤلات حول اللجنة!!
) الديمقراطي( تلقي الضوء على هذه القضية في المساحة التالية.
تحقيق – لبنى عبدالله
الاتهامات تطارد لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً
مماطلة وتسويف
توثيق الساعات الأولى لجرائم فض الاعتصام
كشف مصدر مطلع – فضل حجب اسمه- من هيئة الطب العدلي لـ)الديمقراطي( عن مماطلات وتسويف في قضايا الجثث المتكدسة بالمشارح بولاية الخرطوم، ووضع المتاريس بمنع التشريح والدفن، متهماً لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً بمنع دفنها لطمس هوية الجثث بالمشارح، والاستهداف الممنهج للأطباء المهنيين العاملين بهيئة الطب العدلي، لخدمة أجندة خفية وضحت من خلال الحرب الإعلامية وتسليط الضوء على هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم بصورة سلبية، واتهامها بأنها السبب وراء تكدس الجثث بالمشارح بالرغم من أنها الأكثر حرصاً على دفن الجثث وفقاً للأسس العلمية المعمول بها، والجثث المعنية بالدفن يقصد بها الجثث التي لا علاقة لها بفض الاعتصام.
بعض شهداء مجزرة فض الاعتصام 3 يونيو 2019
وأكد المصدر اتهامه بقوله، إن رئيس هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، ظل يخاطب كل الجهات ذات الصلة بعمل المشارح بهدف تشريح ودفن الجثث بالمشارح بسبب تكدسها بصورة كبيرة تفوق سعة المشارح بولاية الخرطوم، ولكن كل مخاطبات الهيئة قوبلت بالتجاهل.
منع الدفن
وكشف المصدر عن منع لجنة التحقيقفي اختفاء الأشخاص قسرياً، عبر رئيسها “الطيب العباسي” دفن الجثث، وذلك عقب رفع هيئة الطب العدلي تقريراً مفصلاً للنائب العام عن تكدس الجثث بمشارح ولاية الخرطوم، والتي وصلت إلى )1300( جثة وقتها. وأشارت في تقريرها إلى عدم موافقة رئيس ومقرر لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً بالرغم من موافقة بقية أعضاء اللجنة.
وذكر المصدر أن مبررات رئيس اللجنة الطيب العباسي القاضية بمنع دفن الجثث ضعيفة وواهية، يتحجج فيها بأن التحقيق لم يكتمل، وكان ذلك سبباً للخلاف بينه وهيئة الطب العدلي والنيابة العامة. وأفضت تلك الخلافات إلى إعفاء إلمدير العام لهيئة الطب العدلي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم من منصبه، وقبل ذلك ظلت هيئة الطب العدلي تخاطب الجهات المسؤولة بصورة راتبة، وتجتمع مع لجنة المفقودين بغرض معالجة تكدس الجثث وتشريحها ودفنها.
مايزال البحث عن المفقودين مستمرا ولا توجد إحصائيات بأعدادهم
إحصائية
كشف المصدر عن وجود عدد )2450( جثة بمشارح ولاية الخرطوم حتى تاريخه، مع العلم أن السعة الاستيعابية لمشرحة مستشفى الأكاديمي )40( جثة، ومشرحة مستشفى بشائر )50( جثة، ومشرحة أمدرمان )40( جثة، وجملة السعة الاستيعابية للمشارح الثلاث )130( جثة. وقال: “حالياً توجد أكثر من ألفين جثة كما هو مذكور أعلاه”، مشيراً إلى أن تكدس الجثث يعمل على تعطيل الثلاجات بسبب عدم تحرك الهواء داخلها بالتالي تعفن وتحلل الجثث، ينتج عن ذلك طمس المعلومات الخاصة بهوية الجثمان واختفاء الأدلة حول أسباب الوفاة.
واتهم المصدر مقرر ورئيس “لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً” بوجود علاقة مصالح تربطهم بجهات نظامية يعملون لعرقلة دفن الجثث حتى تضيع أدلة ومعالم وأسباب الوفاة، وبالتالي التستر على الجرائم المرتكبة بحق المتوفين. وكشف المصدر عن تقرير لجنة التحقيق المكونة بهدف معرفة أسباب تكدس الجثث والتي كونها النائب العام، مبارك محمود، برئاسة مولانا دكتور الهادي، وعقب تقصيها حول الأسباب الحقيقية لتكدس الجثث كتبت في تقريرها أن السبب الأساسي يعود إلى قرار لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً، والذي منع تشريح ودفن الجثث، ورغماً عن ذلك ظلت اللجنة باقية حتى
تاريخه ولم يتم حلها، وتم إعفاء مدير عام هيئة الطب العدلي من منصبه بعد الانقلاب. وتساءل المصدر: “لمصلحة من يتم ذلك؟ ولماذا لم يتم حل اللجنة حتى الآن؟”.
تجاهل المخاطبات
يشير المصدر إلى تجاهل المخاطبات الراتبة لإدارة هيئة الطب العدلي الخاصة بتكدس الجثث والمطالبة بمعالجتها، والتي اتضح لاحقاً أن “لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً” هي التي تعمل على عرقلتها، وتسبب ذلك في تكدس الجثث وتحليلها، واستدل بعدد من المخاطبات التي لم تجد استجابة.
موضحاً أنه بتاريخ 14/1/2020 خاطب مسؤول هيئة الطب العدلي النيابة ولجنة التحقيق في الأشخاص المختفين قسرياً بخصوص تكدس الجثث بالمشارح، والبالغ عددها )300( جثة وقتها، في عدد )3( مشارح، موضحاً أن السعة الاستيعابية لكل المشارح لا تتعدى )130( جثة كحد أقصى.
وبتاريخ 15/1/2020 خاطبت هيئة الطب العدلي للمرة الثانية الجهات المسؤولة بخصوص قضية الجثث المتكدسة بغرض التشريح والدفن، وأعقبه خطاب بتاريخ 30/1/2020 بذات الخصوص. وكان الخطاب معنوناً إلى النائب العام لحل مشكلة تكدس الجثامين ومد المشارح بثلاجات إضافية وصيانة الثلاجات الموجودة بالمشارح.
ويشير المصدر إلى مخاطبة أخرى بتاريخ 2/3/2020 من هيئة الطب العدلي للمكتب التنفيذي لوالي ولاية الخرطوم بخصوص تكدس الجثث، أعقبه خطاب بتاريخ 3/8/2020 من هيئة الطب العدلي لمدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم، لتشكيل لجنة لحل مشكلة تكدس الجثث، ضمت في عضويتها: هيئة الطب العدلي، والنائب العام، والأدلة الجنائية، وجهاز الأمن والمخابرات، ووالي ولاية الخرطوم، والهيئة القضائية، ووزير الصحة الاتحادي، والأوقاف، وأسر المفقودين.
بالإضافة لخطاب من هيئة الطب العدلي إلى لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً بتاريخ 22/3/2020 بهدف إصدار إذن تشريح ودفن الجثث مجهولة الهوية، والتي دخلت المشارح بعد تاريخ 15/3/2020 والتي لا علاقة لها بفض الاعتصام، ولكن لا حياة لمن تنادي.
أضاف المصدر: “لم تتوقف المخاطبات المتعلقة بتشريح ودفن الجثث، مما خلق صراعاً بين الهيئة واللجنة. وظلت هيئة الطب العدلي ترسل المخاطبات”. مشيراً لدعوة هيئة الطب العدلي لاجتماع مهم وعاجل بتاريخ 3/9/2020 موجهة لوزير الصحة الاتحادي، ووزير العدل، ووزير الداخلية، والأدلة الجنائية، وممثل أسر المفقودين. ضم الاجتماع: دكتور هاشم فقيري مدير عام هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، ونائب مدير هيئة الطب العدلي دكتور عصام أحمد، والسيد رئيس لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً الطيب العباسي، ومقرر اللجنة مولانا أحمد سليمان.
وقال المصدر إنه بتاريخ 7/6/2020 استلمت هيئة الطب العدلي شكاوى عبر خطابين من مشرحتي أمدرمان وبشائر بخصوص تكدس الجثث وبتاريخ 28/6/2020 كونت هيئة الطب العدلي لجنة لمعالجة تكدس الجثث، ضمت: وزارة الصحة وإدارتها المختصة، ووزارة العدل، والنائب العام، قامت بزيارة المشارح لوضع الأسس الفنية لمعالجة المشاكل في المشارح عبر تصور وضعته هيئة الطب العدلي وقتها بتاريخ 3/7/2020 لعدد )400( جثة عقب إكمال الإجراءات الفنية من تشريح وأخذ العينات.
جانب من مجزرة فض الاعتصام
وقامت إدارة هيئة الطب العدلي بمنحها إذن دفن بتاريخ 25/2/2020 وكان ذلك قبل أكثر من شهر من أزمة تكدس الجثث بمشرحة مستشفى الأكاديمي، ورفعت هيئة الطب العدلي خطاب استعجال لتشريح وأخذ العينات ودفن جثث مجهولي الهوية بشواهد مميزة ومرقمة بغرض تخفيف الضغط على مشارح ولاية الخرطوم. وأشار المصدر إلى أنه بتاريخ 4/3/2020 عقدت عضو مجلس السيادة عائشة موسى اجتماعاً مع مدير عام هيئة الطب العدلي لمناقشة آخر التطورات في أزمة تكدس الجثث.
وبتاريخ 25/5/2020 رفعت هيئة الطب العدلي تقريراً مفصلاً للنائب العام عن تكدس الجثث بمشارح ولاية الخرطوم، والبالغ عددها )1300( جثة. وأشارت في خطابها لعدم موافقة رئيس ومقرر لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً بدفنها بالرغم من موافقة بقية الأعضاء باللجنة، بحجة أن هنالك تحقيقات يجب أن تكتمل، مشيراً إلى استهداف مشرحة مستشفى الأكاديمي بصورة واضحة، من خلال الترتيب لتشويه سمعتها والتشكيك في الأطباء المهنيين العاملين بها لغرض يعلمه أصحاب الحملة من العاملين بلجنة للتحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً والتي بدأت تقرب وتستقطب الذين تم إبعادهم في فترة ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة بسبب انتمائهم للنظام البائد.
وأكد أنهم عادوا لمواقعهم عقب الانقلاب، وبعضهم كان موجوداً قبل الانقلاب في فترة الحكومة الانتقالية باللجنة، واتهم المصدر لجنة المفقودين والمجموعات العاملة في مجال التحقيق بالتآمر ضد هيئة الطب العدلي، لجهة أن الأطباء العاملين بها من الكفاءات ويتمتعون بمهنية عالية وليس لديهم أجندة سياسية، وتم اختيارهم في فترة الحكومة الانتقالية. وأشار إلى أن لجنة التحقيق في الأشخاص المختفين قسرياً تعمل وفق أجندة سياسية، متهماً اللجنة بالمماطلة والتسويف في العمل بالرغم من توفير كافة الإمكانيات لها.
وكشف عن وجود عدد )350( جثة بمشرحة مستشفى الأكاديمي بالرغم من أن السعة الاستيعابية للمشرحة فقط )40( جثة، وأن تكدس الجثث فوق بعضها لمدة زمنية طويلة يعمل على طمس هويتها، واتهموا النيابة بتجاهل الرد على هيئة الطب العدلي التي طالبت فيها بتشريح الجثث ودفنها، والمماطلة في الاجتماعات وتباعد الزمن بين كل اجتماع والآخر.
وذكر المصدر في تصريح لـ )الديمقراطي( أنه لا توجد إجابه واضحة عن السؤال حول عدد المفقودين، وأن هيئة الطب العدلي كانت تحمل ملفات مفصلة حول عدد الجثامين وتواريخ دخولها للمشارح، وأسماء أقسام البوليس التي أحضرتها، وأرقام البلاغات، بغرض حسم قضايا الجثامين لمجهولي الهوية، ولكن اللجنة في كل مرة تأتي بحجة. وقال إن من الحجج التي يسوقونها
أن فحص )DNA( مكلف، بالرغم من أن هنالك جهات متعدده يمكن أن تساهم في نفقات الفحص مثل الصليب الأحمر، ولكن هنالك تعمداً ببقاء الجثث بالمشارح.
تبادل الاتهامات
اتهم رئيس لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص قسرياً، في تصريحات صحفية، هيئة الطب العدلي بأنها وراء تكدس الجثث بالمشارح، وأنها تعمل في جزر معزولة. وقال إنه لا يوجد قانون للطب العدلي، متهماً بعض العاملين من الأطباء بأنهم أخذوا العينات الخاصة بفحص الجثث عقب فض الاعتصام بإهمال، وبدلاً من أخذها في )كونتنير( معين كان يتم أخذها في صندوق لبن بودرة.
وعن جملة البلاغات المتعلقة باختفاء الأشخاص عقب فض الاعتصام والتي تم التحقيق فيها، ذكر أنها )41( بلاغاً. وعن التحديات التي تواجه اللجنة أوضح بقوله إن بعض الأطباء بهيئة الطب العدلي لا يقتنعون بمؤهلات بعض الأطباء الذين تم ترشيحهم للعمل، وأي طبيب يظن أن خبرته كبيرة، ولا يوجد تناغم وانسجام بين العاملين.
وذكر أن المشارح تسيطر عليها قبل وبعد فض الاعتصام العناصر الأمنية المحسوبة على النظام البائد، وأن اللجنة تكونت في العام 2019، وأصدرت في شهر 9 من العام 2020 قراراً يقضي بدفن أي شخص ثبت من خلال التشريح أن لا علاقة له بفض الاعتصام يتم دفنه، مؤكداً بقوله: “نعمل وفق برتوكول نصت عليه المواثيق الدولية بما فيها الصليب الأحمر، بأن تكون هنالك مقابر لمجهولي الهوية منفصلة”. وكشف عن تحديد مقبرة بالوادي الأخضر تبلغ مساحتها )10( آلاف فدان، موضحاً أن فاعلي الخير وفروا أكفاناً للجثامين.