الإثنين 16 أغسطس 2021 - 20:47
شمايل النور تكتب: الإرادة المعدومة

هدأت الأوضاع في منطقة كولقي بشمال دارفور بعد أيام دامية، راح ضحيتها مَن راح حيث لم يعد مهماً أن يكون هناك قتلى أو ضحايا.
شكلت السلطات لجنة للتقصي حول الأحداث برئاسة عضو المجلس السيادي؛ محمد حسن التعايشي، وصلت اللجنة إلى ميدان الاقتتال هناك وانتهت بتوصيات فرض هيبة الدولة والقبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة.
قطعاً ليس هناك أي جديد في هذه التوصيات، بل ربما السؤال الأكثر موضوعية هو؛ لماذا تشكيل لجنة أساساً، هل هذه الحادثة هي الأولى من نوعها في دارفور، وهل هذه أول لجنة تتشكل للتقصي؟
الإجابة طبعاً.. لا.!
ما يحدث في دارفور أكبر من لجنة التعايشي والمطلوب من الحكومة الانتقالية ليس مجرد رفع توصيات بهذه الدرجة المخجلة من الحياد. الحياد في اتخاذ القرارات الصارمة الواضحة التي تحفظ أرواح من تبقى من المدنيين في هذا الإقليم المأزوم.
ثم لمن ترفع توصية جمع السلاح والقبض على الجناة إذا كان حملة السلاح والجناة هم جزء لا يتجزأ من هياكل السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر.
تصاعد وتيرة الاقتتال في دارفور ليس عفوياً، هناك أيدٍ تعبث في أمن البلاد ككل ودارفور والشرق بشكل خاص، والحكومة الانتقالية تعلم ذلك علم اليقين وتتفرج.
قضية الترتيبات الأمنية ينبغي أن تتحول لقضية كل فرد وأن تعي الحكومة حجم وخطورة هذا البند في اتفاقية السلام وتسارع بمسؤولية لتنفيذه بدرجة عالية من الصرامة والجدية.
وقضية مثل الترتيبات الأمنية في وضع مثل السودان يعج بالجيوش وحملة السلاح ينبغي أن تخرج من احتكار المكون العسكري إلى إطار أوسع.
تمدد دوائر الاقتتال القبلي في دارفور كانت ولا تزال بسبب غياب القانون ومؤتمرات الصلح التي لا تأبه بقضية العدالة الحقة. على مر السنوات الفائتة ما أن تعقد الحكومة مؤتمراً للصلح إلا وانفجرت الأوضاع قبل أن يجف حبر وثائق الصبح.
والواقع أن مظاهر الدولة غابت عن دارفور منذ تفجر الحرب وهاهي تتلاشى تماماً في فترة الحكومة الانتقالية.
جمع السلاح ظل قضية خاسرة منذ أن بدأ هذه الحملات الرئيس المخلوع، خاسرة لأن الإرادة منعدمة ولأن دوي الرصاص والقبيلة أقوى وأعلى صوتاً من الدولة وقوانينها.
ما لم تأخذ الحكومة القانون بيد صارمة وتأخذ بالمقابل قضية الترتيبات الأمنية بدرجة عالية من الجدية والمسؤولية فلن يتوقف الانفجار على دارفور وحدها.