السبت 23 يوليو 2022 - 19:22

تقرير: حافظ كبير
قدمت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي خلال الورشة التي تنظمها هذه الأيام نقداً كبيرًا لتجربتها خلال الفترة الانتقالية، منذ تأسيس التحالف في يناير 2019 وحتى خروجها عن الحكومة بعد قرارات قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م. وخلال الأوراق قدم الكثير من القيادات اعتذاراً للشعب السوداني عن أخطاء الفترة الماضية، ويطرح الكثيرون سؤالاً حول جدوى التقييم والاعتذار في ظل التعقيدات الحالية.
مراجعات
وفي هذا الإطار يقول القيادي في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، نور الدين صلاح الدين، بأن الحرية والتغيير تعكف هذه الأيام على مراجعات لمسيرتها منذ تشكيلها في يناير 2019 وحتى الانقلاب في 25 أكتوبر 2021م، وأضاف في تصريح لـ”الانتباهة” إن ملفات التقييم متعددة منها ما يشمل التحالف وطبيعته السياسية والتنظيمية واداء الجهاز التنفيذي للحكومة، خاصة وأن قوى الحرية والتغيير مساءلة عن الحكومة الأولى ومساءلة بشكل تضامني عن الحكومة الثانية بعد اتفاق السلام.
وأوضح أن هناك ملفات التقييم تشمل الاقتصاد والامن والعلاقات الخارجية وغيرها. وتابع: “هذه الملفات كلها تعكف الحرية والتغيير على تقييم علني وشفاف لها وبتعاون مع مؤسسات مدنية مستقلة في إطار الشفافية، وهي كذلك منقولة للشعب السوداني للمتابعة، الجهد الذي بذل خلال الفترة الماضية انعكس على جموع الشعب كله وليست الحرية والتغيير وحدها”.
ويرى صلاح الدين أن الفترة الماضية ليست كلها خير وليست كلها شر كذلك، ويرى بأنها تجربة اجتهاد لسياسيين ممن تصدوا لقيادة الفترة الماضية لتحقيق العبور الآمن للفترة الانتقالية، وأن هناك بعض الملفات فيها نجاح وأخرى بها بعض الاخفاق، والغرض من التقييم والنقد هو تجويد ما كان صحيحاً وتصويب ما كان خاطئًا”.
وبالنسبة لنور الدين، فإن الانقلاب ساقط وإلى زوال. وزاد: “نريد أن نستفيد من تجربتنا ونبني عليها، وبعد انتهاء التقييم سيكون له انعكاسه في التركيبة الداخلية والهياكل واللوائح المنظمة لأعمال التحالف وتفاعله مع شركائه من قوى الثورة وكذلك فيما يلي وجهته السياسية وسنستفيد من النقد وقوى الحرية والتغيير تستعد لطرح مشروع اعلان دستوري وتدعو شركاءها من قوى الثورة للتوافق حوله بعد إجراء المشاورات اللازمة، وإذا استطعنا ذلك نكون انجزنا القدر الأكبر من مطلوبات وحدة قوى الثورة”.
اعتذار الحرية والتغيير
وقدم ممثل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، طه عثمان، اعتذاراً للشعب السوداني عن الإخفاقات التي تمت منذ وضع الوثيقة الدستورية إلى فترة حكمهم في حكومة الفترة الانتقالية، وقال عثمان في ورشة تقييم الفترة الانتقالية: “يجب أن نعتذر اولاً للشعب السوداني عن اخطائنا، وأضاف بأن مجزرة فض اعتصام القيادة العامة هي أول انقلاب نفذه المجلس العسكري وليس انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، مؤكداً على أن كل قيادات قوى الحرية والتغيير وافقت على الوثيقة الدستورية ما عدا اعتراض هيئة محامي دارفور.
وأقر وزير الصناعة والتجارة في الحكومة الانتقالية الأولى والقيادي بقوى الحرية والتغيير، مدني عباس مدني، وفقاً لتقارير صحفية بأن أكبر التحديات التي واجهت صناعة الوثيقة الدستورية، ولخص ذلك في عدم توحد الأهداف النهائية لطرفي الوثيقة وهو الأمر الذي أنتج محاصصة ومراوغة المجلس العسكري وحرصه على اقتناص مكاسب دستورية أو زرع نصوص تحتمل التأويل، بجانب محدودية الخبرات الفنية في التفاوض والتركيز على الجوانب السياسية والرغبة في الوصول إلى اتفاق سريع والضغوط لتحقيق ذلك داخلياً وخارجياً فضلاً عن تأجيل قضية تحقيق السلام مما جعل الوثيقة الدستورية انتقالية، لاحتمالية تعديلها مع اتفاقية السلام، بالإضافة إلى أنه لم تتوفر ظروف مشابهة ووثائق يمكن الرجوع إليها من فترات الانتقال الديمقراطي السابقة والتي كانت تهدف فقط للوصول إلى الانتخابات.
سلبيات
وأوضح مدني أن أبرز السلبيات التي شابت الوثيقة الدستورية عدم التفصيل في العديد من القضايا التي تحتاج إلى تفصيل والتعديل الذي طال الوثيقة بخصوص زيادة الفترة الانتقالية عامًا بحيث تبدأ الثلاث سنوات عقب اتفاق جوبا، وأن الاستعجال في الوصول لاتفاق دستوري يؤسس للانتقال الديمقراطي كان له تأثيره على تعميق المشاركة في صناعة الدستور الانتقالي الذي كان يجب أن يتأسس على الاتفاق العام ومستوى الجودة والأحكام في العديد من نقاطه وعدم الاتساق الذي صاحب بعض القضايا.
وأضاف مدني أن الوثيقة تتحدث عن نظام برلماني بينما كانت في العديد من قضاياها تأخذ مسار النظام المختلط، ومنحت مهاماً عديدة للمجلس السيادي، وفي قضية السلام أعطت مجلس السيادة دور الرعاية وفي نفس الوقت أعطته مهاماً جوهرية كتشكيل المفوضية بالتشاور مع رئيس الوزراء.
وشدد على ضرورة ان تكون النصوص الدستورية مؤقتة كانت أو دائمة نصوصًا محكمة بشكل لا يحتمل تفسيرات متناقضة مع ضرورة اللجوء إلى التفصيل في المواد التي تحتاج إلى ذلك في النصوص الدستورية التي تصاحب عملية النزاع، كما شدد على أهمية حضور المؤسسات الدستورية المعنية بالتشريع لحسم الخلافات.
اعتذار بلا جدوى
واعتبر الكاتب الصحفي عبدالماجد عبدالحميد اعتذار الحرية والتغيير لا قيمة له، باعتبار أنه جاء في وقت متأخر ولم تعقبه خطوات عملية لتغيير المنهج السياسي الذي ظلت تعمل به قوى الحرية والتغيير، وأضاف عبدالحميد في تصريح لـ”الانتباهة” بأنه من ناحية أخرى تعتبر الخطوة ايجابية، وهي أن تكون هناك قوى سياسية تعترف بأخطائها، وتصل لقراءة تجربتها وتراجع موقفها، مؤكداً أن هذا الأمر ايجابي بصورة عامة، وتابع: “المشكلة أن قوى الحرية والتغيير تقرأ في كتاب أخطائها دون أن تقدم رؤية للمستقبل ومعالجة الخطأ، ومن يقر بالاخطاء عليه اتخاذ طرق جديدة لتجاوزها”.
وأوضح عبدالحميد أن مشكلة الحرية والتغيير وهي تراجع في اخطائها قد تجاوزها الزمن والظروف، وأنها الآن ليس لديها شيء لتقدمه وكذلك ليس لديها قدرة للقيام بدور جديد.
ويشير الكاتب الصحفي عبدالماجد عبدالحميد إلى أن القراءة والتقييم والاعتراف بالخطأ وحده لا يفيد، إذا لم تفكر قوى الحرية والتغيير في طرق جديدة للعمل، مثل أن تنخرط في التحالفات الجديدة وتتحول إلى جسم سياسي جديد، وأن تتحلى بالشجاعة وتفارق الشعارات الهتافية السابقة. لكن عبدالحميد يؤكد من جديد بأن قوى الحرية والتغيير ككتلة سياسية يصعب أو يستحيل في ظل الظروف الحالية أن تعبر نحو أفق جديد، وأنها يمكن أن تقدم نقداً، ولكن ليس هناك خطوات عملية تقدمها وبالتالي هذا الاعتذار ليس لديه قيمة وهو في الزمن الضائع.
ما بعد الاعتذار
ويرى الدكتور محمد تورشين، الباحث السياسي، بأن النقد ليس كافياً، وأن الاعتذار لا يعيد الأوضاع السياسية لما قبل التجرية، واعتبره محاولة لبدء صفحة جديدة في تاريخ قوى الحرية والتغيير وما تبقى منها، ويقول تورشين في تصريح لـ”الانتباهة”: “لكن السؤال الملح، هل لديهم القدرة على بدء صفحة جديدة وإدارة حوارات عميقة في القضايا التي تسببت في الخلاف وأدت إلى انقلاب 25 أكتوبر؟ الاعتذار يجب أن يكون مصحوباً بمصالحة حقيقية بينهم والقوى السياسية المؤمنة بالتغيير والحريات، وخاصة مع حركات الكفاح المسلح التي كانوا معها في حلف واحد وشركاء في نداء السودان وقوى الحرية والتغيير، وكذلك هل قدموا نقداً فيما يتعلق بالشراكة مع المؤسسة العسكرية ودورها في المرحلة الانتقالية وما بعدها؟ “.
يقول تورشين بأن تحالف الحرية والتغيير قدم نموذجاً سيئاً من خلال الشخصيات التي كان أداؤها أقل من المواقع التي شغلتها باسم الكفاءات الحزبية، وأضاف: “في مرحلة وجيزة هل يستطيعون أن تكون الفترة الانتقالية قصيرة للدخول في انتخابات ويختار الشعب من يمثله”.