السبت 23 يوليو 2022 - 19:23

تقرير:محمد جمال قندول
في الرابع من يوليو خرج رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في خطاب أفضى إلى تشكيل مشهد مغاير بعد أن رمي بالكرة في ملعب القوى السياسية للاتفاق وتشكيل حكومة معلناً انسحاب القوات المسلحة من المشهد السياسي وحل مجلس السيادة عقب تشكيل حكومة وتشكيل مجلس عسكري مروراً للانتخابات. قرارات الرجل الاول للدولة حينها لم تحدد سقفاً زمنياً للمكونات السياسية للوصول إلى حل للازمة السياسية، وبعد مرور ثلاثة اسابيع من حديث البرهان يرى كثير من المراقبين عدم قدرة القوى السياسية على الاتفاق فيما بينها وإحداث اختراق في العملية التفاوضية، في ظل مضي الوقت، وتفاقم الازمات الاقتصادية والسياسة والامنية وسط دعوات اقليمية ودولية لضرورة الحوار والوصول إلى حلول، ومع مرور كل يوم تتمدد التساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة وهل تتفق القوى السياسية وحال عدم اتفاقها هل يتجاوزها البرهان بتشكيل حكومة تصريف مهام؟
)1(
القيادي بالهيئة المركزية بالحزب الاتحادي الديمقراطي خالد الفحل اعتبر أن الفريق اول ركن عبد البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي اقدم على خطوة مهمة فى طريق تجاوز الأزمة، وذلك بانسحاب الجيش من العملية السياسية والذي كان مطلباً اساسياً لقوى الثورة غير ان الخطوة واجهت تحديات سياسية من بعض المكونات السياسية وعلى رأسها الحرية والتغيير المجلس المركزي.
الفحل اعتبر بان قرارات البرهان وجدت تفاعلاً إيجابياً عبر المجتمع الدولى وذلك من خلال البيانات التى صدرت من الترويكا والاتحاد الأوروبي وقمة جدة للأمن والتنمية وطالب المجتمع الدولى من الجيش التأكيد على تعهداته التى التزم بها بانسحابه من العملية السياسية ومراجعة صلاحيات المجلس الأعلى للأمن والدفاع الذي أشار إلى تكوينه رئيس مجلس السيادة في خطابه الشهير بالشهر الجاري عقب تكوين الحكومة المدنية بحل مجلس السيادة وتكوين المجلس الأعلى للأمن والدفاع. كما ان تهيئة المناخ السياسي للعملية السياسية تتطلب مزيداً من الاجراءات من المكون العسكرى والالتزام بحماية المواكب السلمية وعدم استخدام العنف المفرط والتحقيق فى سقوط الشهداء وتقديم الجناة الى محاكمات فورية ..
محدثي اعتبر بان الفرصة لا زالت مواتية لنجاح العملية السياسية حيث إن الدور المهم فى تحرك الآلية الثلاثية عبر خارطة زمنية محددة والتواصل مع كافة القوى السياسية لبداية الحوار السوداني السوداني فى الفترة المقبلة، كما أن تطور الأحداث فى ولاية النيل الأزرق قد يسهم فى سرعة الحل السياسي لمعالجة الأسباب التى أدت للحروب القبلية فى السودان واخرها احداث النيل الأزرق فى سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى المدنيين.
واضاف الفحل أن الراهن السياسي لا زال في حالة تعقيد مستمرة تتطلب البدء فوراً بالعملية السياسية لتدارك المخاطر التى تحدق بالسودان وقد تشعل الحرب الأهلية وتفكيك البلاد حال لم يتم تجاوز الازمة الراهنة وتكوين حكومة مدنية تستكمل مهام الانتقال المدنى الديمقراطي وتضع كل الترتيبات اللازمة لقيام انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.
القيادي الاتحادي خالد الفحل توقع حدوث سيناريو مغاير مستنداً على المهددات الأمنية التي تحيط بالبلاد وحال عدم توافق القوى السياسية ان يكون خيار تكوين حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة وارداً رغم انه حل مستبعد على الاقل بالوقت الراهن في ظل ترحيب عدد كبير من القوى السياسية بالمشاركة فى العملية السياسية التى بدأت وتوقفت بعد لقاء المكون العسكري والمجلس المركزي للحرية والتغيير بوساطة السفير السعودى مما أوقف بداية الحوار المباشر الذي تم التنسيق له بواسطة الآلية الثلاثية.
)2(
ولكن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي د. ياسر محجوب كان له راي مغاير حيث يرى ان اتفاق المكونات السياسية صعب وذلك بقوله : لا يبدو البتة أن القوى السياسية سيهبط عليها أمر رشد بين ليلة وضحاها فتتفق؛ وارجع ذلك على حد تعبيره الى فوضى الخطاب السياسي الضاربة بأطنابها في السودان، هي فوضى يتصدى لها قادة المكونات السياسية بالوعود الزائفة والارتجال الامر الذي قاد الى تمدد لغة الكراهية واستعداء الآخر فكانت تلك الممارسات بمثابة قوة طرد مركزية سالبة واشار محجوب الى انه في ظل تراجع البلاد أمنياً واقتصادياً بحيث انه لا ديمقراطية استزرعت فأحيت الأرض بعد موتها فأعجبت الزُّراع، ولا إدارة مركزية بقبضة عسكرية جنبت البلاد شرور التشرذم والتفرق، فغدا الناس طوائف وشيعاً يذيق بعضهم بأس بعض وتابع : من المدهش أن تاريخ القوى السياسية في السودان أنها لا تجتمع إلا حول مركزية القوات المسلحة وهذا ما يعضد احتمال تشكيل حكومة انتقالية من قبل القوات المسلحة مع الالتزام باتفاق جوبا للسلام مع الحركات المسلحة. محجوب اشار كذلك الى الأزمة بالبلاد احتكرت عسفاً في مكونين، عسكري ومدني، فبلغ سيل الأزمة زبى الإجراءات الاستثنائية -على حد تعبيره-.
)3(
عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير معتز صالح توقع بان يقدم البرهان على خطوة تشكيل حكومة تصريف مهام غير انه حال اقدم على خطوة كهذه فان ذلك لن يغير شيئاً بالمشهد.
وقطع معتز صالح بحاجة الازمة لحل سياسي وشامل مشيراً الى ان الوساطة لديها فكرة باعادة ترتيب الحوار بعد انسحاب الجيش وتقديم رؤية جديدة للحوار المدني المدني عقب عودة الوسيط الاممي فولكر من الخارج .
واشار الى ان مجموعة المركزي قدمت اسئلة عن انسحاب القوات المسلحة بالشكل الحالي.
وانتقد محدثي بيان الترويكا الذي اشاد بقرارات البرهان وقال انها خلت من الادانة للانتهاكات التي جرت والتي اثبتت بان الجوء السياسي غير معافى لترحيبهم ببيان البرهان ولكنه عاد وقال بان خطاب الترويكا الاخير يقرأ من زاوية الدبلوماسية رغم ان انسحاب القوات المسلحة ليس له اي اثر على الراهن السياسي ،
ولا يرى صالح امكانية لحدوث اي سيناريوهات مرتقبة بالوقت الراهن.
الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عصام بطران بدوره دلف للاجابة عن التساؤلات المطروحة وقال انه بعد مضي ثلاثة اسابيع وبعد ان رمى البرهان الحجر في بركة ساكنة وبدأ ينتظر القوى السياسية وهي تتناحر وامس اعلنت مجموعة ان هنالك ٣٦ مكوناً سياسياً تنوي الاتفاق بمبادرة او مدخول سياسي جديد لاكمال الفترة الانتقالية، بطران ابدى استغرابه ان هذه المكونات لم تفصح عن جسمها او اسمائها .
واضاف ان حديث رئيس مجلس السيادة كان واضحاً بالوصول الى الحد الادنى من الاجماع بالقوى السياسية الفاعلة والاتفاق حول حوار واضح المعالم بموجبه سيتم اعلان مجلس اعلى للامن والدفاع يختص بالامن القومي وهذا ما لم يحدث ولن يحدث قريباً وتابع : الان الحكومة تسيرها مجموعة تكنوقراط تنفيذية عالية المستوى والاعمال تسير بحكومة تصريف المهام التي اعلنها البرهان سابقاً ولم يطرأ جديد غير ان السؤال هل تتفق القوى على حوار جامع وهذا لن يحدث وبالتالي المطلوب الان حكومة تصريف اعمال يشرف عليها مجلس اعلى بمسمى عسكري او مدني واجراء انتخابات حرة ونزيهة.
)4(
مصدر مطلع كشف لـ”الانتباهة” انه حال عدم الاتفاق بين الاحزاب السياسية قد يتم تجاوزها وتشكيل حكومة تصريف مهام وتحديد سقف زمني للانتخابات يتراوح ما بين ٩ اشهر وعام وان البرهان قد يقدم على هذه الخطوة خلال الشهر المقبل وانه لن ينتظر اكثر من ذلك في ظل تمدد الازمات السياسية التي القت بظلال سالبة على الاقتصاد تفرع عنها انفلات امني وزيادة رقعة الجريمة وتعاطي المخدرات.
ويرى مراقبون ان عدم تحديد رئيس مجلس السيادة لسقف زمني محدد يغري القوى السياسية بالتمدد في خلافاتها وانشقاقاتها وتوقعوا بان يكون خيار تشكيل حكومة تصريف المهام وارداً خاصة بعد التطمينات التي وجدها الرجل وذلك عبر بيانات الادارة الامريكية ودول الترويكا ودول عربية وافريقية حملت في فحواها ضرورة الحوار والوصول الى حل للازمة وانه حال فشلت المكونات السياسية التي بدأت تفقد يومياً الكثير بالاتفاق فقد تلجأ القوات المسلحة عبر قائدها العام لتشكيل حكومة وتحديد انتخابات.
ولكن الخبير والمحلل السياسي د. عبد الرحمن السلمابي يرى ان المحك الحقيقي في خطاب البرهان التوافق على شخصية مقبولة لمنصب رئيس الوزراء وقبلها الاتفاق على المعايير المطلوبة وفق سؤال جوهري هل يكون شخصية حزبية مقبولة أم تكنوقراط مستقل؟ الامر الذي يجعل الاجابة صعبة جداً في الواقع خاصة مع وجود ثلاثة كيانات ذات ثلاثة خطوط متوازية تمثل الأحزاب المختلفة مع بعضها البعض وفي داخلها، ثم لجان المقاومة و شباب الثورة وهم كيانات ذات تنظيمات أفقية يصعب ترتيبها تنظيمياً استصعب معه اختيار رئاسة أو مجلس قيادة رئاسية لها. وتجمعات المهنيين والتي هى ايضاً منقسمة ولا اجماع حول الأهداف، وايضاً قد يكون هنالك محور رابع متمثل في منظمات المجتمع المدني، وبحسب السلمابي فان الوضع الأمثل كان في قيام المجلس التشريعي في ميقاته الزمني كما في الوثيقة الدستورية حيث كانت الروح الثورية ملهمة للتنازلات من أجل الوطن كما ان التشريعي به سعة رحبة لضم أكبر عدد ممكن ليمثلهم بصورة ما لكن هذا من الماضي.
المحلل السياسي عبد الرحمن يرى ان خطاب البرهان شكل صدمة لجميع الأحزاب، مثل قحت أ و قحت ب و الوثبة وغيرهم، الطامحة في الحكم الآني في الفترة الانتقالية حيث الكل يرغب في الاستقواء بالعسكر و كسب ودهم و التحالف معهم و المساعدة على إقصاء الاخرين خاصة وان العسكر وفق محتويات خطاب البرهان فضلوا الابتعاد من أن يكونوا مطية لانتهازية أو فهلوة أي حزب و لا مانع من أن تكتسب شرعيتها عبر الانتخابات.
فيما يرى مراقبون ايضاً ان خيار الانتخابات الرئاسية يعد اقرب الخيارات لجهة سهولة اجرائها وعدم كلفتها المادية العالية.