الأحد 31 يوليو 2022 - 14:46

قامت في السُّودان ثورة في أبريل ٢٠١٩م، تجمّعت لقيامها عوامل مختلفة، منها صراع داخل مؤسسات الحكم حزبي وامني وقبلي واقتصادي، وصراع مسلح من حركات مسلحة من أطراف السُّودان وخاصة من إقليم غرب السُّودان.. ومعارضة حزبية تحت رعاية المخابرات العالمية ودول الاستكبار مع حصار اقتصادي خارجي قوي مستهدفا نظام الحكم الإسلامي.
صمد النظام الحاكم ثلاثين سنه، ولكنه تآكل من الداخل، وبالضغط الخارجي انهار وسقط فقط بدون برنامج ولا رؤية.
بعد ما سقط بدون برنامج حكم ولا رؤية من الحاكمين الجدد الذين قسّموا السُّودان سياسياً إلى علمانيين وشيوعيين وليبراليين ونيولبراليين وشباب مستقلين وأحزاب يسار، أرادوا الفوز بحكم السُّودان في الفترة الانتقالية بتفويض ثوري، بدون تماسك قومي ولا وطني ولا رصيد شعبي جماهيري، ولتطبيق نظام علماني يساري صفوي عقدي جديد يستند على أحقاد وضغائن، وسعى لكنس كل السُّودان القديم، وكونوا لذلك تحالفات هشّة مُتنافرة مدعومة من الخارج عبر السفارات والنظام الأممي ومنظمات مجتمع مدني غربي خارجي.
ثم جاءت حركات الكفاح المُسلّح بعد اتفاقية جوبا لتوجد لها موقعاً في معادلة الحكم هذه، ثم القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، ثم وطنيون يتضامنون مع القوات المسلحة لمنع انزلاق السُّودان إلى الهاوية وهم من القوى الوطنية المعتدلة والتقليدية والإدارة الأهلية والطرق الصوفية وبعض من أحزاب اليمين وبعض منظمات مجتمع مدني، وعامة السُّودانيين الحريصين على وجود السُّودان كدولة وبلد ووطن.
هذا هو شكل السُّودان السياسي، وهذا الوضع أفرز دولة هشّة مُتنافرة ونظاماً اقتصادياً مُتهالكاً ونظام حكم ضعيف، وصراعات أهلية حادة وانفراطاً أمنياً كبيراً وتعصباً جهوياً وقبلياً ضخماً، بل نشر خطاب كراهية وبغضاً حاداً. وجعل الفترة الانتقالية فترة تجاذب واستقطاب شديد، حتى قُسِّم الثوار إلى مجموعات تحارب وتخون بعضها البعض، وتتصادم مع بعضها )معركة باشدار نموذجاً(.
كل هذه الحالة أوجدت لا وطن، وجعلت البلاد في وضع صعب جداً تتّجه نحو السُّقوط والانهيار الذي قد يؤدي إلى حروب أهلية أو تفكك وتقسيم البلاد إلى دويلات مُتنافرة ومتضادة ومتقاتلة.
ولكن يوجد ضوء في نهاية النفق، وهو ان يعي الجميع خطورة الوضع ونذهب جميعاً الى التراضي السياسي لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية أو نذهب إلى انتخابات رئاسية مبكرة في فترة أقصاها عام.
عليه، مطلوبٌ من البرهان عاجلاً منح القوى السياسية فترة لا تتجاوز الشهر للاتفاق حول مؤتمر حوار وطني يقود إلى تراض سياسي لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية أو تكوين مجلس سيادة عسكري ومجلس وزراء كفاءات غير حزبية )حكومة مهام محددة( لمدة عام، ويتم الشروع في تكوين مفوضية الانتخابات وأجهزة الانتخابات الأخرى، ويبدأ الإعداد للانتخابات فوراً،
مع إبعاد فولكر وغيره، وإيقاف وإبعاد هذا التدخُّل الخارجي السافر في شؤون البلاد، وكذلك إيقاف كل هذه الفوضى، وفرض هيبة الدولة.
بغير هذا.. الطوفان..!