الثلاثاء 2 أغسطس 2022 - 20:29

الخرطوم : عبد الرحمن صالح
بدأت السلطات تتحرك نحو ضبط الهجرة والوجود الأجنبي في البلاد ، بعد أن اصبح هاجسا يؤرق مضاجع الحكومة ، التي أعلنت سابقاً ووفقاً لإحصائية رسمية لوزارة الداخلية عن وجود ثمانية ملايين أجنبي يعيشون في السودان بطريقة غير شرعية ، ومؤخراً شن ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي هجمة شرسة على الوجود الأجنبي غير المقنن ، لا سيما في العاصمة الخرطوم ، بسبب الظواهر السالبة التي بدأت تأتي من بعض الاجانب ، الامر الذي دفع بمعهد دارسات الهجرة واللجوء والتنمية بجامعة المغتربين ، والمنظمة الوطنية لقضايا الهجرة ، بالتعاون مع جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج ، إلى عقد ورشة حول الهجرة والوجود الأجنبي في السودان “الواقع والتحديات” ، عقب التساؤلات التي بدأت تزداد حول المخاطر الأمنية والاقتصادية التي تترتب على الوجود الأجنبي ، وهل هناك خطة من الدولة لوقف تمدد الأجانب في السودان ؟
مفوضية للمهاجرين
ويؤكد الامين العام لجهاز السودانيين العاملين بالخارج مكين حامد تيراب أن الدولة السودانية لم تضع سابقاً سياسة وطنية للهجرة ، ويشدد على ضرورة التأسيس لسياسة تراعي جميع التحديات التي تواجه ظاهرة الهجرة ، لجهة أنها ظاهرة مستمرة ، ولها ابعاد سياسية واقتصادية ، ويجب أن تولي الجهات العليا في الدولة اهتماما أعلى بها ، في وقت كشف فيه تيراب خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لورشة الهجرة والوجود الأجنبي في السودان “الواقع والتحديات” بمباني جهاز المغتربين أمس عن الانتقال من جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج وترفيعه إلى مفوضية للمهاجرين السودانيين ، التي تكون شاملة لكل الوجود السوداني بالخارج من مغتربين ومهاجرين غير شرعيين ولاجئين ، وتعنى بكافة قضاياهم ومشكلاتهم ، ويؤكد ان تلك الخطوة تعتبر إنجازا غير مسبوق وانها ستدفع بالعمل الهجري الى الامام بطرق علمية وتخطيط استراتيجي بعيد المدى ، عقب إجازة قانون المفوضية الذي تجري مناقشاته حالياً ، ويضيف قائلاً الاعلان بشكل رسمي عن قيام المفوضية سيتم خلال الايام القادمة.
آثار سالبة للهجرة
ويشير مكين إلى وجود تحديات كبيرة للهجرة “الصادرة” القت بآثار سالبة على سمعة البلاد بالخارج خلال الشهور الماضية وان تلك الآثار والتبعات مازالت قائمة وانهم يعملون على معالجتها وتداركها من خلال إيفاد وفد من الآلية الوطنية التي تم تفعيلها مؤخرا لزيارة عدد من الدول الاكثر “هشاشة” ستبدأ بالسعودية في اكتوبر المقبل ، ويقول أن الآلية الوطنية لحماية السودانيين بالخارج ستعالج كل القضايا التي تواجه المهاجرين السودانيين ، بعد أن تضع لها ضوابط صارمة ، وتجري معالجات حكيمة لها .
اهتمام دولة
أما بالنسبة لممثل وزير التنمية الاجتماعية وصال حسين عبد الله فأن الدولة تولي اهتماما كبيرا بقضايا الهجرة والوجود الاجنبي ، وكشفت عن وجود تكليف من مجلس السيادة بإعداد إستراتيجية وطنية للهجرة في السودان ، وتؤكد أن الاستراتيجية سوف ترى النور بعد 9 اشهر ، عقب إعداد الموجهات ، وإجراء مسح لكل السياسات الاستراتيجية الخاصة بالهجرة ، ومسح لكل الولايات التي تأثرت بالهجرة ، في وقت تجزم فيه وصال بأن السودان ليس ضد الهجرة ، ولكن يعمل من خلال وضع هذه الاستراتيجية لتعزيز الآثار الايجابية للهجرة وتقليل الآثار السلبية لها ، وتقول ” الدولة لن تتبنى سياسة تقول للمهاجرين اخرجوا من السودان” ، والاستراتيجية ستكون لإدارة الهجرة فقط ، وتشير إلى أن الهجرة أصبحت تأخذ انماطا واشكالا جديدة من الهجرات الوافدة للسودان ، لجهة وجود كثير من النزاعات والحروب .
تصاعد معدلات الهجرة
بدوره يشدد نائب رئيس جامعة المغتربين بروفيسر عبد الوهاب احمد عبد الرحمن على ضرورة التركيز على قضية الوجود الاجنبي في السودان ودراسة الامر من كافة الجوانب في ظل تصاعد معدلات الهجرة وتزايدها فضلا عن التحركات الكبيرة للسكان في السنوات الاخيرة ، ويؤكد ان الازمات العديدة التي يشهدها العالم بعد كوفيد 2019 لها تداعياتها الخطيرة فيما يتعلق بالامن والاستقرار بجانب التوقعات بازمة في الغذاء بسبب الحرب الروسية الاوكرانية ، ويقول كل ذلك اثر على الوجود الاجنبي سواء تمثل في العمالة الاجنبية واللاجئين والنازحين اضافة للهجرة غير الشرعية.
ويشير عبد الوهاب الى ان ظاهرة الوجود الاجنبي في السودان تكتسب اهمية استثنائية في ظل الظروف التي تعيشها البلاد خاصة وان السودان يعتبر اكبر دولة افريقية استقبالا للاجئين ومعاناته ازمات اقتصادية حادة فضلا عن عدم الاستقرار السياسي . ويؤكد عبد الوهاب ان معهد دراسات الهجرة واللجوء والتنمية بجامعة المغتربين ينتظر ان يكون المرجعية العلمية لقضايا الهجرة بالبلاد لجهة اهتمامات وانشغالات المعهد الذي يمنح درجات علمية في مجال الهجرة ” الدبلوم العالي” الماجستير” الدكتوراه”.
سياسة لإقامة الأجانب
وفي غضون ذلك أوصى مشاركون في الورشة بضرورة تبني سياسة تجاه دخول وإقامة الاجانب توازن بين مصالح البلاد وعلاقاتها الدولية وتضمن تحقيق حماية أمن واقتصاد البلاد من خلال استراتيجية محددة تفصل بها ادوار كل المؤسسات الوطنية ذات الصلة ، والسعي إلى إبرام اتفاقيات وتوقيع مذكرات تفاهم خاصة مع دول الجوار لحل مشكلات الوجود الاجنبي غير الشرعي بالبلاد سيما جنوب السودان واثيوبيا ، بالاضافة إلى مراجعة كل الامتيازات والاستثناءات الممنوحة لبعض فئات الاجانب ، بالاضافة إلى الغاء العمل ببطاقة حصر وتسجيل الاجانب ، وانشاء نقطة مراقبة حدودية فعالية خاصة في الحدود الشرقية ، فضلاً عن تنفيذ خطة محكمة تهدف إلى ابقاء اللاجئين داخل المعسكرات الدائمة لعدم تغلغلهم بالمجتمع ، والنظر في إنشاء وزارة تعنى بتنظيم شؤون الهجرة من وإلى السودان ، والاستفادة من تجارب الدول الكبرى في مواجهة الهجرة غير الشرعية ، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع دول الجوار حول الهجرة ، وانشاء مركز معلومات لحفظ قاعدة بيانات الهجرة وربطة بشبكة تتيح للادارات المسؤولة في الاجهزة المعنية من تداول كافة البيانات المتعلقة بها ، فضلاً عن إجراء دراسات ومسوحات اجتماعية دورية للتعرف على الظواهر والتغيرات في المجتمع نتيجة للوجود الأجنبي.