الخميس 4 أغسطس 2022 - 11:59

* عضو بلجان المقاومة : مُندسين في المواكب يمدون أفراد الأجهزة الأمنية بمعلومات عن الثٌوار الأكثر نشاطًا وفعالية
* المتحدث باسم لجان مقاومة أمبدة: تواجد الثُوار الفاعلين في الصفوف الأمامية بصورة دائمة جعلهم عُرضة للاغتيال
* عضو اللجنة الاعلامية لمحاميي الطوارئ: جهات تعمل على رصد وتتبع الثُوار الأكثر فاعلية لاستهدافهم
تحقيق: سلمى عبدالعزيز
أنا صديق الشهيد محمد أحمد حسين "سيزر"، وكنتُ على بعد أمتار مِنه لحظة اصابته في الثلاثين من يونيو الماضي على مقربة من قسم السكة حديد الواقع بين معمل استاك و موقف شروني؛سقط أرضًا فور اصابته برصاصة في الرأس ولم نستطع اسعافه لتجمع أفراد من شُرطة الاحتياطي المركزي حوله كانوا يضربونه وهو ميت ويطلقون الرصاص على كل من يحاول الاقتراب مِنهم. بهذه الكلمات روى عضو بلجان المقاومة شهادته حول مقتل صديقه على يد قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشُرطة . وأضاف : "بحثنا عن دُرقات للاحتماء بِها من الرصاص وحشدنا الثُوار ومن ثمَّ تمكنا من إبعادهم وانتشاله من بين ايديهم بيد أنه كان قد فارق الحياة“.
تصفية جسدية
يعد الشهيد محمد أحمد حسين "سيزر" وهو مهندس كيميائي حديث التخرج، احد اعضاء لجان مُقاومة الديوم الشرقية الفاعلين في تأمين المواكب الاحتجاجية الرافضة للانقلاب وقد سلط قتله بطريقة وحشية خلال انخراطه في تأمين موكب الـ)30( من يونيو الماضي الضوء على فرضية رصد واستهداف القوات الأمنية للثُوار الفاعلين في الحِراك الثوري سيما بعد سُقوط أعداد كبيرة مِنهم. وتصرّ والدته، السيدة لطيفة جعفر في مقابلة أجرتها معها )الجريدة( على أنّ حادثة قتل ابنها ليست عشوائية بل عن قصد وترصد وأن ماحدث اغتيال وتصفية جسدية لوضع حد لنشاطه الثوري، وتؤكَّد وهي المتتبعة لمسيرته النضالية مُنذ العام 2018 أن القوات الأمنية تعلم من قتلت جيدًا.
حقيقة الأمر فإن حادثة قتل الشهيد أبوبكر المعتصم اسماعيل "غيمة"وهو عُضو في كيان غاضبون بلا حدود خلال مُشاركته في مواكب احتجاجية محدودة على مقربة من صينية الزعيم الأزهري بأمدرمان في الـ21 من يوليو الماضي،جعل الاصوات المؤيدة لما يُدور من حديث حول استهداف الثُوار الفاعلين في الحِراك الثوري وتتبع أثرهم وسط جموع المتظاهرين وتعرضهم للتصفية الجسدية او لاصابات خطيرة قد تؤدي إلى فقدان اجزاء مُهمة في الجسم لاحقًا.
يقول شاهد عيان كان من ضمن المسعفين للشهيد أبوبكر المعتصم الشهير بـ"غيمة" عقب اصابته برصاصة اخترقت الرئتين والقلب في حديثه لـ)الجريدة( :"لم نتمكن من اسعافه لحظة اصابته وسُقوطه ارضًا على مقربة من "الفاخر للأثاث" وتمكنا بعد عُدة محاولات من انتشاله وركضنا بِه داخل الأحياء السكنية لأن بعض افراد القوات الأمنية كانوا يُطلقون الرصاص في اتجاهنا".أُسرة الشهيد "غيمة" أيضًا في حديث لها عقب تشييع جُثمانه اشارت إلى جزمها باستهدافه وتعمد قتله لمواقفه الداعمة للثورة مُنذ انطلاقها وأن ماحدث له لم يكن أمرًا عشوائيًا البتة.
رصد داخل المواكب
في حديثه لـ)الجريدة( يقول عضو لجان المُقاومة خطاب محمد الحسن إنّ مايحدث ليس استهداف ورصد لعضوية لجان المُقاومة والثُوار الفاعلين في الحِراك الثوري في شكله العام وإنما تتبع للفاعلين داخل المواكب والأكثر نشاطًا سيما في الصفوف الامامية من قبل "مندسين الأمن". ويتابع :"شهدتُ لحظة اصابة الشهيدين غيمة وسيزر إنهم يستهدفون الشخصيات البارزة في المواكب وليس في الحِراك الثوري عامة، أعتقد أنّ هُناك من يرصد ويُتابع المتظاهرين ومن ثمَّ يٌشير لمن بيده "السلاح" عن أكثرهم فعالية لقنصه".
بينما يُشير المتحدث باسم لجان مقاومة أمبدة السبيل، محمد طاهر،إلى أنه لايُمكن وصف مايحدث بالقتل الممنهج مبررًا رأيه في حديثه لـ)الجريدة( بأن تواجد الثُوار الفاعلين في الحِراك الثوري بصورة دائمة في الصفوف الأمامية والاشتباك والفعاليات التي تُنظمها أُسر الشهداء ولجان المقاومة والمؤتمرات السياسية يجعلهم عَرضة للاغتيال.وتابع:"هؤلاء الشباب متواجدين بكثافة ميدانيًا ويقومون بأدوار فاعلة وملفتة للانتباه مايجعلهم عُرضة للاستهداف". ويؤَّكد بأن تسريع وتيرة العمل للخروج بميثاق موحد بين لجان المقاومة كافة والقوى الثورية لابداء موقف سياسي موحد من الانقلاب يعجل من سقوطه، هو الحل الأمثل لإيقاف القتل واغتيال الثُوار.
قتل مُمنهج
بدورها تؤَكد لجنة محامو الطوارئ أنّ مايحدث للثُوار وعُضوية لجان المُقاومة "قتل ممنهج" حيثُ يتم استهداف هؤلاء الشباب سيما الفاعلين والنُشطاء مِنهم عبر رصد تقوم بِه جهات محدودة ومعلومة لديهم ـ رفضت تسميتها ـ ومن ثمَّ قنصهم في مناطق قاتلة من الجسد كالرأس مباشرةً والقلب والكُلى بحيث يضمن عدم امكانية اسعافهم.وتشددّ عضو لجنة محامو الطوارئ إشراقة عثمان في مواصلة حديثها لـ)الجريدة( أنّ أغلب الشُهداء الذين تم اغتيالهم "مرصودين"سيما شُهداء مدينة أمدرمان وأن جريمة القتل التي تعرضوا لها ليست عشوائية أو غير مخطط لها.
مستدلة بتعرض الشهيد أبوبكر المعتصم اسماعيل "غيمة" ـ شهيد صينية الأزهري بأمدرمان ـ للإصابة أولاً بواسطة عبوة غاز مسيّل للدموع في منطقة "الجبهة" ثم ما لبث أن تم اعتقاله وتدوين بلاغ في مواجهته لدى القسم الأوسط بأمدرمان لايزال مفتوحًا . وتزيد : " أشرفتُ على اجراءات اطلاق سراحه بنفسي"،ولم يمضي سوى شهرين حتى تم قنصه برصاصة في الصدر مباشرة تسببَّت في قتله. وأضافت : "كافة المؤشرات تدل على أن هُناك رصد وتتبع للثُوار الفاعلين مايحدث ليس صدفة".
اللجنة التي تعمل على رصد انتهاكات القوات الامنية ضد المتظاهرين السلميّن منذ انقلاب لـ25 من اكتوبر ادانت في بيان لها ـ اطلعت عليه الجريدة ـ إستهداف السلطة الانقلابية للثوار والمحتجين السلمييّن في كل مناطق السودان وخصوصا بمدينة أمدرمان الذين خرجوا في مواكب سلمية مطالبين بإسقاط الانقلاب،منذ انقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر المشؤوم.
وأشارت إلى أن العنف المُفرط والضرب القاتل الذي تمارسه القوات المشتركة ضدّ ثوار أمدرمان على وجه الخصوص ليس محضْ صدفة بل هو عملية يبدو وانها ممنهحة وتحمل في طيّاتها إدانة قانونية وأخلاقية وإنسانية ترتقِ لكونها جريمة ضد الإنسانية لا يمكن تجاهلها الإحصائيات التي تمت دراستها لمكان وطبيعة الإصابات ونوع السلاح المستخدم بالتحديد تُثبت وبما لا يدع مجالاً للشك بأن هنالك عداء وعنف ممنهج من قبل السلطة ضد ثوار أمدرمان.
ولفتت إلى إن سلوك وعنفوان الإنقلابيين ضدّ أبناء وبنات ومواطني مدينة أمدرمان تحديداً يؤكد أن الغرض الأساسي من هذا العنف هو كسر عزيمة وهيبة وجسارة أمدرمان وترهيب سكانها .وأعلنت اللجنة عن اطلاق حملة حقوقية،طبية ،واعلامية واسعة يتم فيها تقديم تقارير حول الشهداء وأعدادهم وطرق استهدافهم واستعرض نوع الاسلحة المستخدمة في قمع الثوار وتقديم مذكرات للنائب العام بغرض قيامه بدوره في إجراء تحقيق عادل.
الجريدة