الجمعة 19 أغسطس 2022 - 9:14

الخرطوم: الخواض عبدالفصيل
بعد أن أعلن الفريق أول عبدالفتاح البرهان عن انسحاب القوات المسلحة السودانية من العملية السياسية تاركاً الباب أمام القوى السياسية للتوافق حول برنامج يفضي إلى كيفية إدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية ويمر الآن على قرارات البرهان ما يقرب الشهر والنصف وحتى الآن لم تظهر بارقة أمل للتوافق عدا مبادرة الخليفة الطيب الجد والتي رفضتها أحزاب اليسار وعزا البعض الى أن عدم التوصل الى حل يرجع الى فشل قوى الثورة في توافق كل اللاعبين الأساسيين والانقسامات التي تضرب تنظيمات قوى الثورة بالإضافة الى أن خطاب البرهان أربك حسابات كل القوى المدنية وجعلها تتشاكس في ما بينها .
نفق مظلم
قال الكاتب والمحلل السياسي دكتور أزهري بشير في حديثه لـ)اليوم التالي(: فشل قوى الثورة والقوي السياسية للوصول إلى توافق لخروج البلاد والعباد من النفق المظلم المجهول، بعد أن تحكمت القوى الخارجية في السيطرة على بعض القيادات والنخب السياسية، التي كانت حاكمة خلال الفترة الانتقالية الكسيحة، تابع ذلك وفقاً للصراع والسباق للحصول على كرسي السلطة، فكانت الطامة الكبرى عندما أطاح البرهان الحكومة الانتقالية، بالإضافة الى حل الحكومة الانتقالية، والذي حدث في ٢٥ أكتوبر من العام المنصرم، وزاد: وللأسف الشديد لم يستطع البرهان معالجة الوضع السياسي والاقتصادي، مما أدى ذلك إلى فوضى عارمة في البلاد والشارع المتحرر. وأشار أزهري الى أنه عقب ذلك ما فعله قائد الجيش البرهان لا نرى أي بوادر حل من قوى الثورة ليسود الانسداد المشهد السياسي وأصبحت هنالك وبدون أي برنامج، فقط تظاهرات متقطعة وفقاً لما تمليه المخابرات الأجنبية، والتي استطاعت أن تشق الصف الوطني وأضاف قائلاً: للأسف قبل أيام توافقت بعض النخب والقوى السياسية مع الخواجة فولكر في برنامج دعت له بعض من القوى السياسية، منوهاً الى أن فولكر دائماً كان يسعى بين الناس، وكأنه شيخ جودية أو زعيم قبيلة. أثناء الحوار والحراك الفولكري، الذي زرع الفتنة وسط الشباب والقبائل، وقاد ذلك الى فوضى نتجت عنها ما يعرف بـ)9 طويلة(، وقتال في الشرق والنيل الأزرق ودارفور، وكردفان. مؤكداً أن هذه الفوضى التي تعيشها البلاد أربكت المشهد السياسي وزادت من الانقسامات في الشارع حيث نرى حرية وتغيير متناحرة ومنقسمة ولجان مقاومة غير موحدة في السودان بالإضافة الى الحراك المجتمعي من المؤسسات الأهلية والطرق الصوفية جميع هذه المكونات ليست على قلب رجل واحد، لذلك فشلت قوى الثورة من الاستفادة من قرارات البرهان الأخيرة.
خلافات عميقة
من جهته يرى الباحث في العلوم السياسية الأستاذ زهير هاشم خلال حديثه لـ)اليوم التالي( والذي تطابق حديثه مع معظم ما قاله سلفه أن الثورة ضربتها خلافات عميقة وجذرية هذا ما جعلها من الاستحالة أن تتوافق على موقف موحد عقب قرارات البرهان التي أعلنها في الرابع من يوليو الماضي ويعزو ذلك أستاذ زهير لانعدام الثقة بين مكونات الثورة بالرجوع الى الذاكرة الى الوراء نجد أن قوى الثورة لم يكن يجمعها موقف سياسي أو فكري واحد كان ما يجمعها عداوة نظام البشير، وتابع: بعد سقوط البشير ظهرت العداوات القديمة بداية بخروج الحزب الشيوعي من الحرية والتغيير متهماً إياها بأنها قوى هبوط ناعم، كذلك تجمع المهنيين كواجهة الشيوعيين اتخذ نفس الموقف من الحرية والتغيير، كما اتخذت لجان المقاومة نفس المواقف السابقة عطفاً على أن لديها مواقفها الذاتية الخاصة لأنها تعبر عن شباب الثورة التي أحبطت من قبل حكومة الثورة من عدم الاقتصاص لدم الشهداء وعدم تلبية حكومة الثورة لتطلعات الشباب الذين ارتبطوا وجدانياً بثورة ديسمبر ويعتبرونها مشروعهم في الحياة وجميع أحلامهم فيها، وزاد: لكنهم خذلوا وتساقطوا من جراء العنف الذي خلف جرحى وشهداء طوال فترة الثورة وأضاف: لذلك أخذ الثوار موقفاً واضحاً من الحرية والتغيير واعتبروها قوى تسوية وهبوط ناعم وصل ذلك الى طرد قيادات الحرية من بعض المواكب التي كانت تعلنها لجان المقاومة لافتاً إلى هذه الخلافات العميقة هي التي أثرت على قوى الثورة منعتها أنها تتخذ موقف واحد وتستفيد من قرارات الفريق أول البرهان والتوحد من أجل أن تستمر الفترة الانتقالية والانتهاء بانتخابات حرة ونزيهة.
توافق وطني
من ناحيته أكد لـ)اليوم التالي( الأستاذ علي آدم يوسف المختص في العلوم السياسية أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي البرهان بإعلانه انسحاب الجيش من العملية السياسية أفسح الطريق أمام كل القوى السياسية للالتفاف حول التوافق الوطني من أجل بناء فترة انتقالية يجمع عليها كل السودانيين، وهنالك قوى تريد أن تستأثر بالسلطة وإقصاء الآخرين في الفترة الانتقالية بالطبع هذا لا يمكن خاصة أن كل الشعب بجميع ألوان أطيافه شارك في الثورة ومن حقه المشاركة في بناء والمشاركة في الفترة الانتقالية وزاد: عدم مشاركة كل القوى الوطنية الأخرى في حكومتي الفترة الانتقالية أفشل تلك الفترة مضيفاً: توجد تصريحات من بعض منسوبي أحزاب اليسار التي تتسم بالإقصاء ساعدت في الانقسامات التي بدورها أدت الى تعقيد المسرح السياسي وصعوبة التوافق بين كل المكونات السودانية لأنهم يرون أنفسهم هم الأحق بإدارة الفترة الانتقالية، لكنهم لم يعوا الدرس من الفترة الانتقالية الأولى وإزاحتهم عنها، لذلك لم ولن يستفيدوا من قرارات البرهان لوحدهم في خطف الفترة الانتقالية مرة أخرى ما لم يكن هنالك توافق وطني يفضي الى اتفاق الى الحد الأدنى مع كل القوى السياسية.