الثلاثاء 30 أغسطس 2022 - 19:28

القاهرة في : ٢٣ / ٨ / ٢٠٢٢ م

كتب؛ بدر الدين العتَّاق

لتوضيح العنوان أكثر فإنَّ الشريعة الإسلامية هي عشرة قواعد أساسية دستورية سماوية تحكم كل البشر بلا أي نوع من أنواع الاستثناءات ولا يستطيع أي عنصر بشري فرداً كان أو جماعة أن يخرج من هذه القواعد العشر مهما بلغ من الفكر والحذق والفسق فالكل داخل تحتها وإن قال من قال ما يقول وما يقال؛ على النحو التالي وحسب ما وضحناه من قبل :
١ / وحدانية الله وعدم الإشراك به.
٢ / بر الوالدين والإحسان إليهما.
٣ / ايتاء ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل.
٤ / عدم قتل النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحق.
٥ / عدم قتل الأولاد خشية الإملاق.
٦ / عدم أكل مال اليتيم.
٧ / الإيفاء بالعهد.
٨ / الإيفاء بالوعد.
٩ / الإيفاء في الكيل والوزن بالقسطاس المستقيم .
١٠ / عدم مقاربة الزنا.
هذه هي الشريعة الإسلامية كما وردت في القرآن بسورة الإسراء وفي سورة الأنعام فلتراجع هناك ؛ وتجد التفاصيل في كتابنا ( الفكرة الإنسانية العالمية ) تحت الإعداد.
أما " الدين " فهو يختلف من معنى لآخر باختلاف موضعه من الآية كما ورد في القرآن الكريم إذ ورد فيه حوالي إثنين وتسعين مرة ، لكن ما يهمني هنا تعريف العلاقة بينه وبين الشريعة الإسلامية والمرجع هو القرآن في سورة البقرة وأخريات؛ آيات معدودات على النحو التالي وباختصار شديد :
* الدين؛ من حيث التعريف اللغوي يعني من دان الشيء إذا خضع له كلياً بإرادة للعاقل وبلا إرادة لغير العاقل وللتدقيق والتبصير : الكل مَدِيْنٌ لله بالطاعة والولاء والإمتثال والخضوع عاقلاً كان أم غير عاقل .
* أشكل على السواد الأعظم من الناس تعريف الآية الكريمة : { إن الدين عند الله الإسلام } سورة آل عمران ؛ وذهبوا مقرنين الإسلام الرسالة الخاتمة التي جاء بها محمد بن عبد الله؛ عليه السلام؛ هي الإسلام معتمدين على النص أعلاه؛ وما هو بذلك؛ والصحيح هو فصل " الإســـــــــــــــــــــلام " عن " الدين " في هذه الآية بالتحديد؛ فتعريف الإسلام ههنا :
من أسلم الشيء أي انقاد له وجعل أمره لله ، كالميت بين يدي غاسليه لا يقوى على شيء؛ والفرق بين معنى كلمة "الدين" وكلمة "الإسلام" شعرة بسيطة وبمعنى أشمل وأدق : { إن زمام كوني في يدي } حديث قدسي؛ فليس في الوجود من عبثية تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً.
الدين؛ المقصود تفرقته من الشريعة الإسلامية هو : المنهاج المحمدي؛ أو قل : هي التكاليف المنظمة لحياة البشرية جميعها وللمحمديين بالذات؛ وكما وردت في القرآن الكريم للمثال وليس الحصر : استقبال القبلة؛ الطلاق؛ الميراث؛ الوصية؛ النكاح؛ الحيض؛ الطهارة؛ الرضاعة؛ القِوامة؛ وهلم جرا.
ملحوظة مهمة للغاية :
الذين يدافعون عن "الدين الإسلامي" إنَّما هم في حقيقة الأمر يدافعون عن الحيض والرضاعة والقِوامة وما أشبه - راجع سورة البقرة؛ وثلاث آيات من سورة النساء معنيات بالوصية والميراث وسورة الحج وتوسيع مفهوم الطلاق في سورة الطلاق - حين يحملون السلاح يرهبون به عدو الله وعدوهم بعلم كان أم بجهل ؛ وهذا للتوضيح فقط .
للحق وإحقاقه يُقال : هناك بعض أمور مخصوصة بالدين لها علاقة بالشريعة الإسلامية حيث يقع الخلط بين المدافع عن فهم والمدافع من غير فهم مثال : القتال والجهاد في سبيل الله؛ والربا؛ وخلافهما؛ لكن يحب الإنتباه للفصل بين "الدين" وبين "الشريعة الإسلامية" في هذه النقطة بالذات موضع الخلط والغلط .
* من ضمن ما يشمل مفهوم اصطلاحية " الدين " العبادات وما يجري مجراها مثل الأخلاق والصيام والصلاة وغيرهم الكثير؛ وبمعنى أدق : كل الوجود؛ كل البشر؛ من لدن آدم وإلى أن يشاء الله شيئاً؛ هو عابد لله؛ خاضع له؛ مدين له بالولاء والطاعة والامتثال؛ مسلم أمره جميعه ما علمه وما جهله خالصاً لله لا تشوبه شائبة؛ وهذا هو المعنى الحقيقي المراد الأشمل من قوله تعالى : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي؛ لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } سورة الأنعام؛ وهو ما أشرنا إليه آنفاً من الحديث القدسي السابق : { إن زمام كوني في يدي } .
* محمد النبي؛ عليه السلام؛ جاء بالشريعة الإسلامية الإنسانية العالمية وجاء بالدين؛ وهو المنهاج المحمدي لأهل الأرض قاطبة وللمحمديين بالذات؛ وسبق توضيح الفرق بينهما؛ فالذين ينادون اجباراً بتطبيق الشريعة الإسلامية – وهي مطبَّقة بحذافيرها سواء أن اعتمدتها دساتير الدول أم لم تعتمدها مصدراً أولاً للتشريعات كتبتها أم لم تكتبها في أعلى ديباجتها ، أرجو التركيز جيداً في هذه النقطة بالذَّات لأهميتها - وتطبيق الدين؛ منذ اليوم؛ بل منذ اللحظة هذه؛ وجب عليهم معرفة وممارسة التفريق بينهما مدى الحياة.
ويحتجون بالآية : { وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } سورة الحشر ؛ والآية : { واطيعوا الله ورسوله وأولى الأمر منكم } سورة النساء ؛ والآية : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } سورة النساء ؛ وكل الآيات التي يحتجون بها على غيرهم معتقدين أنهم أوصياء الله على أمره وخلقه؛ أقول لهم بالصوت العالي : يجب معرفة الفرق بين الشريعة الإسلامية وبين الدين والعلاقة ما بينهما وتعريفها من حيث موضعها وحاجتها ووقتها حتى نعمل جميعاً للغاية المثلى وهي عبودية الله من طريق معرفة مراده منَّا فيما نص عليه القرآن وكُلِّفَ به محمد النبي الخاتم؛ عليه السلام؛ تبليغه المجتمع البشري إلى أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً.
الأمر الثاني؛ ليس لله على خلقه من وصي ولا وكيل ولا حفيظ ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً؛ إلاَّ من باب التربية الروحية والرشد والإبانة والمناصحة والمؤازرة على فعل الخير والصلاح المجتمعي بالتي هي أحسن ليس برفع العقيرة ادعاء وجهلاً بالوصاية على الناس ولا بحمل السلاح كرهاً أن يدخلوا معك في دينك؛ فقد قال تعالى : { أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } سورة يونس؛ وقال : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } سورة يوسف ؛ وقال : { وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم } سورة الأنعام؛ وقال عليه السلام : { الدين النصيحة! قلنا لمن يا رسول الله؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم } يعني التعامل والأخلاق والسلوك القويم .
* الآية الكريمة : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } سورة آل عمران ؛ تدخل ضمن مفهوم التفريق موضوع المقال هذا وكما سبق بيانه؛ وللتبسيط أقول : ضرب الله مثلاً لمن يحاول جاهداً بذكاء أو بفكر أو بفسق أو خلافهم مما ينبته العقل الجمعي البشري بحكم الوقت وبحكم التطور من أفكار وفلسفات ونظريات وما إلى ذلك؛ بأنَّ كل تلك المحاولات ما هي إلاَّ خارجة من رحم قواعد الشريعة الإسلامية العشر ومن الدين بالمعنى الذي سبق بيانه وليس خارجة من إطارهما مثل فلسفة ونظرية العالمانية في العصر الحديث هذا؛ وعنها يقول الشاعر الأعشى :
كناطح صخرة يوماً ليوهنها * فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل
أي لن يعود بفائدة ولن يغير من أصول الأشياء والأحياء شيئاً فالناموس الطبيعي للوجود وقانونه ثابت لا يقبل التغيير ولن يقدر عليه أحد مهما كان ومهما يكن وبلغ والعكس صحيح إذ يقع الضرر عليه والخسران المبين؛ قال تعالى : { لا تبديل لخلق الله؛ ذلك الدين القيم } سورة الروم؛ فلا يحق لأحد أن يجاهر جهلاً أو علماً ويقاتل بكل السبل لتغيير هذه القواعد الراسخة في الوجود فالحاكمية المطلقة والقبضة المحكمة المسيطرة لله في الوجود بدون شك خلقاً وأمراً وعليهم المذاكرة جيداً في القرآن وسيجدون صحة هذا الخبر ؛ والدين هنا راجع للقانون الأزلي الأبدي؛ راجع جملة السورة؛ وهذا معنى الآية الكريمة السابقة .
• تلقائياً ووفقاً لما فُهِمَ عاليه يجب تغيير المفاهيم تلك إلى تغيير حياتي على أرض الواقع من طريق تحديث القوانين ذات الصلة وإعادة سياقها وصياغها لتواكب المستجدات وتراجع القديم تنقية وتنقيحاً وتطبيقاً بصورة معالجة وأهل التخصص أدرى بآلية التدرج المرحلي وكيفية الأداء والتنفيذ والتشريع والقضاء .
• تجد التفاصيل في المرجع " الفكرة الإنسانية العالمية " بين دفتيه حسب الترتيب والتفصيل المصاحب له ، وبالله التوفيق