الخميس 1 سبتمبر 2022 - 21:50

كلاب القرى وأزقة الحواري تعدو، تنهب الأرض، وراء كل سيارة عابرة، بيد أن هذه الكلاب اللاهثة بحكم العادة فقط، لا تعرف على أية حال، ما الذي يمكن أن تفعله بالضبط لو أنها أمسكت بسيارتها الطريدة بعد كل هذا الجهد الجهيد، من الركض والنباح.

إن هذه الصورة، صورة كلاب القرى التي تطارد السيارات بلا جدوى بالطبع، ودون كلل، أو ملل، ظلت تقفز إلى ذهني باستمرار، كلما رأيت أو سمعت أحداً من عناصر النظام المباد، يتحدث بيقين زائف، وثقة كذوب، عن هزيمة مشروع الثورة، التي يجادلون أن صلاح قوش قد صنعها على عينه، وأنها مجرد حالة استثنائية في طريقها لأن تزول، في ظن ومخيلة عراب ٢٥ أكتوبر علي كرتي أمين الحركة الإسلامية الجديد، بعد أن برأت حركته في آخر “عيلفونياتها” قوش نفسه من تهمة الضلوع في مخطط الإطاحة بالبشير، وقصة الشارع الواحد الذي فتحه فأطاح بنظام ما كان ينبغي أن يسلم حكم البلاد، إلا لنبي مرسل هو عيسى عليه السلام.

فلو نقابة للصحفيين نبتت بروح وتحت مناخ الثورة، فإنها لا محالة قد ولدت على يد جنرال من قادة الانقلاب أو بتمويل منه، على الأقل وفق ما يرى رئيس اتحاد الصحفيين المحلول، والمنتهية ولايته.

إنه حال مثير للرثاء وللشفقة، حال الإسلاميين وهم يسرون عن أنفسهم بخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان، لا يصدقها في النهاية حتى عقل طفل صغير.

إن من آيات هذا الزمان، وجود هذا النوع من الناس الذين لا زالوا يراوحون مكانهم، بين مرارة هذا الواقع الذي صنعوه بأيديهم، وحلاوة الوهم الذي يعيشون عليه.

المهم فلو أن التاريخ نحاك جانباً، أو أعادتك أقداره إلى الوراء، فإن نباح قوافله ومطاردتها لن تعيدك إلى حيث كنت في الأمام، فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا في صورة ملهاة أو مأساة كالتي نشهد.

حالتي

أشهد ألا انتماء الآن، إلا أنني في الآن لا.