الأربعاء 21 سبتمبر 2022 - 7:05

أعلنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التحول إلى «تيار ثوري ديمقراطي»، يعتمد العمل الجماهيري والتحالفات مع قوى الثورة، واستعادة دورها كمنظمة ديمقراطية تعمل في الريف والمدن السودانية، ووجّهت انتقادات رئيسية للتجربة التنظيمية للحركة، وذلك في أعقاب الانقسام الذي شهدته الحركة أخيراً بين رئيسها مالك عقار، عضو مجلس السيادة، ونائبه، رئيس التيار الجديد ياسر سعيد عرمان، الذي أطلق على تياره اسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي».
وكان قد أُعلن رسمياً في أغسطس (آب) الماضي انقسام الحركة الشعبية إلى تيارين، بين رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – جناح مالك عقار، ونائبه ياسر سعيد عرمان، واتفق الرجلان على تقاسم الحركة بالتراضي، وذلك بسبب خلافات حادة على الموقف من إجراءات الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
ويتمسك عقار بدعم تلك الإجراءات وبمنصبه في مجلس السيادة، فيما يرى نائبه عرمان أن ما تم هو انقلاب عسكري، ويسعى ضمن تحالف المعارضة «قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى إسقاطه، ما دفع عقار إلى إعلان التبرؤ من وجود نائبه ضمن تحالف المعارضة، منكراً وجود الحركة الشعبية في تحالف المعارضة «الحرية والتغيير». وأدى ذلك لاستقالة وزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار من منصبها والالتحاق بمعسكر نائب الرئيس.
وأصدر عرمان، الذي تم تكليفه برئاسة الجناح الرافض للانقلاب العسكري، بياناً أمس، أعلن فيه قرارات تحت عنوان «تجديد الرؤية والتنظيم»، جاء فيها أن تياره، بعد مشاورات استغرقت نحو الشهر، قرر تكوين ما أطلقوا عليه «المجلس القيادي للحركة» من 38 عضواً، و4 أعضاء يمثلون سكرتارية المجلس.
وانتقد البيان تجربة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تأسست عام 1983، وما أسماه «تأسيسها الثاني» بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، وقال إن بيئة الحركة وقتها اتسمت بـ«غلبة البنية العسكرية»، بحكم الدور المتعاظم لـ«الجيش الشعبي لتحرير السودان»، الجناح العسكري للحركة.
وقال بيان عرمان إن أسباباً تاريخية جعلت التجربة تقدم «قليلاً من الإجابات وطرحت كثيراً من الأسئلة، خاصة ما يتعلق بالديمقراطية الداخلية للتنظيم، وتطبيق أطروحة المواطنة المتساوية على الحقوق التنظيمية المتساوية، ومساواة المدنيين من أعضاء التنظيم، والاعتراف بدورهم… والتمسك برؤية السودان الجديد في بناء حركة تشمل أرجاء السودان كافة». وفي انتقادات تعد الأولى من نوعها، قطع عرمان بأن رؤية الحركة السياسية الممثلة في «السودان الجديد» كانت متفوقة على تجربتها الديمقراطية، ما دعا لتطوير الشكل التنظيمي. ويتكون المجلس القيادي الجديد من أعضاء المجلس القدامى، ورؤساء الحركة في الولايات، من المؤيدين لطرح التيار الثوري الديمقراطي، وقيادات الولايات، والقيادات البارزة في المهجر والقيادات النسوية. وقررت منح النساء 40 في المائة على الأقل من المجلس القيادي، إلى جانب الشباب والطلاب، وأبرزهم «الوزيرة المستقيلة بثينة إبراهيم دينار، ونعمات آدم جماع، وعثمان علي أدروب، وإحسان عبد العزيز، وطارق بابكر محيسي».
وبعد تكوينه، سيعمل المجلس على المصادقة على اختيار نائب الرئيس والسكرتير العام والسكرتارية العامة، الذي سيعمل استناداً إلى الرؤية التنظيمية الجديدة على إجراء تعديلات في «المنفيستو» والدستور والاسم والشعار والعلم والرموز وغيرها، فضلاً عن إكمال الهياكل، ووضع البرامج اللازمة لاستكمال وانتصار ثورة ديسمبر (كانون الأول) عن طريق العمل الجماهيري والتحالفات، من أجل استعادة ما أطلق عليه البيان الاتجاه «الثوري للحركة الشعبية كمنظمة ديمقراطية».
ووجّه البيان دعوة لـ«بنات وأبناء شعبنا في كافة أرجاء السودان والمهجر وفي الريف والمدن»، وخصّ منهم الشباب والنساء، للانضمام للحركة، ودعا الذين ابتعدوا عن الحركة لأسباب تتعلق بطرحها السياسي وعدم فاعلية التنظيم، لاستعادة عضويتهم. وتكونت «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال»، بادئ الأمر، من سودانيين اختاروا الانحياز إلى جنوب السودان في الحرب الأهلية، التي كان يقودها الراحل جون قرنق ديمبيور، وبعد انفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة عام 2011 احتفظت بالاسم ذاته، وأضافت إليه كلمة «الشمال»، ثم خاضت حروباً ضد حكومة الرئيس المعزول عمر البشير في منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، وكان يقودها عبد العزيز الحلو، وينوب عنه مالك عقار، وكان يرأس الأمانة العامة ياسر عرمان.
وفي سنة 2017 انقسمت «الحركة الشعبية – الشمال» رأسياً إلى جناحين، ترأس أحدهما عبد العزيز آدم الحلو، وتركز ثقله العسكري والسياسي في جبال النوبة بكردفان، فيما ترأس الجناح الثاني مالك عقار، وتركز ثقله في منطقة النيل الأزرق.
وبعد ثورة 2019 التي أطاحت بنظام عمر البشير، وقّعت حركة عقار وعرمان اتفاقاً مع الحكومة الانتقالية في عاصمة دولة جنوب السودان، جوبا، عادت بموجبه الحركة وقياداتها إلى الخرطوم، وحصل عقار بناء على تلك الاتفاقية على منصب «عضو مجلس سيادة» وعدد من المناصب التنفيذية، فضلاً عن وزارة واحدة، فيما رفضت الحركة التي يتزعمها الحلو التوقيع على الاتفاق، ورهنت ذلك بتنفيذ عدد من المطالب، من بينها النص على «علمانية الدولة».
وبذلك تكونت 3 حركات تحمل اسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال»، إحداها بقيادة مالك عقار، والثانية بقيادة ياسر سعيد عرمان، وهما موقعان على اتفاقية سلام جوبا، أما الثالث الذي يقوده عبد العزيز آدم الحلو فيرفض اتفاقية جوبا ويسيطر على منطقة «كاودا» في جبال النوبة بولاية جنوب كردفان، ويطلق عليها اسم «المناطق المحررة».