الثلاثاء 27 سبتمبر 2022 - 6:41

فاليوم خروف..
وأمس كلمتنا كانت عن الطائر..
حيث تمنيت أن أكون طائراً - في زماننا هذا - أو كما نقول بالعامية (طيرة)..
أو حتى - من بين الطيور - الفِرَّة..
ومن قبل كتبنا كلمة عن البقر ؛ على خلفية سخرية فيصل القاسم منا..
أو من عقلياتنا الحاكمة التي لا تستثمر في ثروة البقر..
بينما هولندا - والتي لا تملك سوى عُشر أبقارنا - نستورد منها اللبن..
وكذلك السمن...والجبن...والزبدة..
وتتسيد أسواق العالم كافة في مجال منتجات الأبقار ؛ بقليل بقرها هذا..
بينما كثير بقرنا نحن نعجز عن الاستثمار فيه..
وليس البقر وحده ؛ فنحن من أغنى أغنياء دول الدنيا في الثروة الحيوانية..
إذن فمن منا - أو فينا - البقر؟..
يتساءل القاسم بسخرية مغلفة ؛ وحتى إن نزع عنها غلافها فلا لوم عليه..
فاللوم يقع على عقلياتنا (البقرية) الحاكمة..
والتي هي - في الوقت ذاته - تتغذى بدم بقري يجري في عروق أصحابها..
أصحاب هذه العقليات...أو أجسادهم...أو (جتتهم)..
بمعنى أنهم لا يحسون....ولا يستحون....ولا يتنحون....ولا يتزحزحون..
وأسوأ حكومة حيوانية مرت علينا هي حكومة قحت..
ومن شدة سوئها حتى الأبقار - والخراف - ما كانت تقدر على تصديرها..
فتُعاد إلينا المرة...تلو الأخرى...تلو الثالثة..
وقد حذرناها من سوء عاقبة سوئها هذا بتحذيرات تفهمها حتى الخرفان..
بل حتى الغنم قد تفهم مكرور التحذير..
رغم أن مفردة (غنماية) - عندنا - يُوصف بها من هو مصاب بعسر فهم..
واليوم كلمتنا عن الخروف ؛ والخراف..
وأخشى أن تتحول زاويتنا هذه - عما قليل - إلى (مزرعة الحيوانات)..
حيوانات جورج أورويل في روايته الشهيرة..
وسببها - الكلمة هذه - ما نُسب إلى حاكم دارفور من فعلٍ غاية في الغرابة..
وهو تبرعه بنحو ثلاثة آلاف رأس من الخراف..
ليس للذين هو مسؤول عنهم أمام الله - ثم الناس والتاريخ - جوعى دارفور..
ولا لنازحيها الذين يعانون المسغبة..
ولا لضيوف الرحمن - من حجاج ومعتمرين - كلحوم هدي يُؤجر عليها..
أو قد لا يُؤجر...بما أن هناك من هو أولى بها..
وإنما لضيوف مونديال كأس العالم من الأثرياء ؛ بدولة قطر ذات الثراء..
فما من فقير يقدر على شراء تذاكر المونديال هذا..
ثم لا نسمع نفياً من مناوي...ولا عتاباً من برهان...ولا احتجاجاً من جبريل..
وكأنما ما قام به حاكم دارفور - مناوي هذا - أمرٌ طبيعي..
وكيف يكون طبيعياً في بلد يقول وزير ماليته ألا حل له سوى جيب المواطن؟..
وفي بلد ذي إقليم يتضور نازحوه جوعاً؟..
وفي منطقة يشتكي حاكمها - أركو مناوي - من افتقارها إلى عاجل الإغاثات
ثم يجود بثلاثة ألف رأس خروف لضيوف (كورة)..
وفيما يليني أتمنى - ليس فقط أن أكون طيرة - وإنما أي حيوانٍ بالمزرعة..
مزرعة حيواناتنا العجيبة..
فقط ثمة حيوان لا أتمنى أن أكونه أبداً...في زمان بقرنا - وخرفاننا - هذا..
أو في زماننا البقري - والخروفي - هذا..
أو في زمانٍ دفع القاسم إلى أن يتساءل - ضمناً - بسخرية (من البقر؟)..
أعرفتم هذا الحيوان؟...أعرفته يا مناوي؟..
إنه الخروف !.