الأحد 22 أغسطس 2021 - 5:11
محجوب عروة: مبادرة د. حمدوك والآلية الوطنية


قولوا حسنا | محجوب عروة


من واجبنا جميعا تأييد ومؤازرة مبادرة  د. حمدوك اذا كنا فعلا لا قولا نريد الاستقرار والتحول الديمقراطى والحكم الرشيد فى وطننا ونحقق شعارات الثورة فى الحرية والسلام والعدالة وننجز التنمية المستدامة المتوازنة.. ولكن بنفس القدر من حقنا جميعا أن نشارك فى تجويد تلك المبادرة حتى تنجح وتعبر بنا الفترة الانتقالية الى ما هو أفضل اذ ليس من حق أحد أو جهة ولا حتى المجلسين السيادى والتنفيذى ولا مستشاريهم أن يفرضوا على الشعب السودانى رؤاهم الخاصة من طرف واحد فثورة 19 ديسمبر هى ثورة كل الشعب لاينبغى أن تحتكرها جهة واحدة أو فرد مهما علا شأنه أو أتت به الظروف والتسويات السياسية لموقع السلطة ذلك أن ملايين الناس قد شاركوا فى انجاحها منذ بواكير تسلط نظام الانقاذ على الدولة.. منهم من اعترض عليها وبذر البذورة الأولى للمقاومة منذ بواكير الانقلاب فاعتقل وعذب أو قتل، ومنهم من فصل عن عمله فتشرد، ومنهم من اعترض ونصح فلقي مصيرا ظالما. بل حتى الذين دخلوا مع نظام الانقاذ خلال الثلاثين عاما فى أجهزتها الدستورية خاصة التشريعية منها من كل الأحزاب السياسية.. مثل الأمة والاتحاديين والشيوعيين والناصريين والبعثيين والحركات المسلحة لم يدخلوها قناعة بنظام الانقاذ وانما من أجل تجنب الفوضى والصراعات الدامية عبر اتفاقيات مع نظام الانقاذ وان خرقها..أما الموظفون والمهنيون وأهل الكسب والابداع الفنى والاعلامى والثقافى والرياضى فلم يكن خيارا الا أن يعملوا فى وطنهم.أما زعماء القبائل والطرق الصوفية ففعلوا مثل ما فعل اخوانهم فى الوطن سابقا فى فترة الادارة البريطانية فهذا وطنهم.. هؤلاء جميعا لا يمكن مقارنتهم بمن فسد واجرم فى حق الوطن والمواطن خلال فترة الانقاذ فهؤلاء تجب محاسبتهم بل اقصاؤهم وعقابهم بما كسبت أيديهم ليكونوا عبرة لغيرهم حاضرا ومستقبلا فلا تتكرر الأخطاء والجرائم..
ما ساقنى لأكتب ما كتبت أعلاه للتعليق على مبادرة د. حمدوك هو ذلك الخطأ الكبير الذى رأيناه فى تكوين الآلية التى صدرت ولم تجد قبولا وقيل أنها لتنفيذ مبادرة د.حمدوك.. فالشاهد أن تكوين هذه الآلية قد أضر كثيرا بمبادرة د. حمدوك من حيث إنها جاء تكوينها ضعيفا ومبتسرا، قاصرة وغير شاملة بل أقرب للمزاج الشخصى ولعل فى اعتذار أركو مناوى والناظرين ترك ودقلل وغيرهم – وربما يتوالى الاعتذار- خير دليل على قصور هذه الآلية وفشلها ومن المؤكد ستلقى ظلالا سالبة قد تؤدى الى نسف مبادرة رئيس الوزراء..
كان الأوفق من د. حمدوك اذا أراد انجاح مبادرته وتفعيلها لتؤتى أكلها ألا يترك أمر تكوين آليتها لمن قاموا بها لم يحسنوا تكوينها بل الأجدر أن يترك ذلك الى عناصر أكثر قبولا لكل السودانيين والقوى المختلفة ليقوم هؤلاء أولا بالاجتماع مع د. حمدوك ليفصلوا عناصر المبادرة وأجندتها ومنهج ادارتها والمطلوب منها بشكل جيد يتوافق مع عظمتها ذلك أن كثيرين لم يعرفوا بعد مكنونها بشكل جيد ومن المؤكد تحتاج الى عمل اعلامى واسع واتصالات مكثفة لا مجرد الاعلان عنها فى وسائل الاعلام.
ثانيا لا بد أن تكون العناصر المكونة للآلية تمثل كل أبناء السودان وقواه السياسية – العسكرية منها والمدنية – وكذلك الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والاعلامية والأدبية والمهنية والفنية ممن لهم فكر محترم ومستقل وخبرات وطنية حقيقية مفيدة لا مجرد محاصصات واستلطافات شخصية.. ولعل الأوفق ألا يقل عدد الممثلين لهذه الفاعليات عن مائة شخصية يختارون بعناية ولعل تمثيل شباب الثورة من الجنسين وممثلين للشهداء من أوجب الواجبات.
فيا د. حمدوك، ان أردت ألا تكون مبادرتك مثل حوار الوثبة الانقاذى وطريقة تكوينه ومنهجه فتفشل نرجو اعادة النظر فى هذه الآلية وتعديل عناصرها لتكون أكثر قبولا فلا تصبح معوقا للاستقرار ونجاح الانتقال ولعلها تكون بديلا مؤقتا للمجلس التشريعى الذى يبدو انه لن يتكون بسبب الخلافات الواضحة بل ربما تساعد الآلية الصحيحة فى الاتفاق على تكوينه عندما يتفق الجميع على المشتركات وماهى صلاحيات المجلس التشريعى .. ليوفقك الله لخير هذا الوطن..