الجمعة 13 أغسطس 2021 - 16:31
بعد عجز الجهاز التنفيذي بلاغ ضد )أردول(.. هل يكبح التحرك الأهلي في حسم التجاوزات؟

الخرطوم: الزين عثمان
في يوم عطلة الهجرة النبوية يبلِّغ رئيس مجلس الوزراء عبد الله مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك اردول ساعة استدعائه قائلاً )إن ما تم في عملية جمع اموال لصالح تنصيب حاكم عام اقليم دارفور لا يشبه الثورة ولا قيم الحوكمة والرشد في ادارة شأن الناس في سودان ما بعد سقوط نظام الفساد بل اكثر من ذلك يرقى لكونه حالة تعارض مصالح كما انعملية تحويل اموال المسؤولية الاجتماعية في حساب شخصي سلوك يرقى لكونه فسادا..
خلاصة الاجتماع الذي شارك فيه مدير الشركة ووزيرا المعادن والمالية انتهى الى ضرورة تبني نهج جديد في التعاطي مع المال العام وتحديداً اموال المسؤولية الاجتماعية..
دون الطموحات
نهاية اجتماع رئيس الوزراء مع مدير الشركة بعبارة )اذهبوا فأنتم الطلقاء( امر لم يكن ليرضي طموحات من كانوا ينتظرون واقعا جديدا في التعامل مع قضايا الفساد في سودان الثورة، حيث ابدى الكثيرون امتعاضهم وعدم رضائهم عن مخرجات الاجتماع بأيلولة عمليات التصرف في الاموال العامة عن طريق استخدام الدورة المستنديه المتعارف عليها وذلك عبر وزارة المالية، لكن ما تم لم يكن ليشفي غليل كثيرين ممن انتظروا قرارات حاسمة من رئيس وزراء حكومة الثورة في التعامل مع قضايا الفساد حتى وان كانت مجرد شبهات فقط لدرجة أن البعض، قال أن من يحمي الفساد يمكن أن يطلق عليه لقب )نفس الزول(..
كثيرون كانوا ينتظرون قرارا بمغادرة اردول لمنصبه لإثبات جدية الحكومة في عمليات مكافحة الفساد مما يعني استعادة ذات سلوكيات العهد الذي اسقطته الثورة..
المواجهة اسفيريا
في ظل انتظار الكثيرين لقرار اقالة مدير الشركة، وهو الامر الذي لم يتم الوصول اليه بقرار حكومي، كما أن من كانوا ينتظرون أن يأتي القرار من قبل مبارك نفسه التزاماً بمشروعه نحو التغيير وبثوريته التي دفعت به لخوض غمار معارك الكفاح المسلح..
انخرط كثيرون في انتقاد سلوك المدير وعجز السلطة عن مواجهته مدشنين هاشتاق تحت وسم )اردول فاسد( في معركة كان مسرحها الاسافير، بدأت وكأنها معركة منقولة من زمان آخر، حيث ظل المدير على الدوام مادة دسمة لجدل الاسافير، ومعارك خاضها آخرون تحت شعار البحث عن الحقيقة وتلافي امكانية أن يفرض عليهم شخص جديد معايشة نسخة ثانية من فساد المسؤولين في سودان ما بعد الثورة.
بالنسبة لـ الناشطين في موقع فيسبوك مجاهد بشرى ومنعم توم، وصفوا طريقة إدارة مبارك للشركة وسياساته عبر تعبير وصف بالأكثر بلاغة، وقالوا إنها لم تسقط بعد، وأننا الآن في مواجهة لصوص العهد الجديد بزعامة مبارك.
بينما هنا يمكن استدعاء ما حدث في اعقاب شراء مدير الشركة احد المباني التابعة للضمان الاجتماعي بالعملة الحرة ما يعني ان سلوك التجاوز الجديد هو في الأصل قديم او كما قال من وصفهم اردول بأنهم يخوضون معركة ضده، معلناً في الوقت ذاته كامل استعداده للخضوع للمحاكمة حال ثبتت عليه تهمة كونه فاسداً.
تدوين بلاغات
في اللحظة التي كان يشارك فيها مدير عام الشركة السودانية في حفل تنصيب حاكم عام دارفور اركو مناوي كان مواطنون سودانيون يقومون بتدوين بلاغات بالفساد ضده.
وكشف المواطن غازي الريح، عن تدوين بلاغات فساد في مواجهة الشركة السودانية للموارد المعدنية ومديرها مبارك أردول وآخرون، لدى نيابة مكافحة الفساد وجرائم الأموال العامة. إنه أقدم ومعه المستشار القانوني المحامي معتز الجعلي، على تدوين بلاغات عقب تقاعس مجلس الوزراء ووزارتي المالية والعدل بجانب النائب العام في حسم فساد الشركة السودانية للموارد المعدنية، وأضاف: “ذهبنا لنيابة مكافحة الفساد إلا أننا وجدنا أحد المواطنين قد قام بالفعل بتدوين البلاغات، ونعلن عن انضمامنا للقضية التي رفعها مواطن آخر اسمه صديق امبدي. وأشار غازي الريح إلى ان البلاغات تشمل كل من شارك في عملية الفساد بدءًا من الشركة السودانية للموارد المعدنية ومديرها مبارك أردول، والموظف صديق حسن مساعد ود أصول، بجانب الشركات المودعة للأموال.
ووصف غازي الريح ردة فعل مجلس الوزراء تجاه القضية بأنها تمثل ردة على الثورة، مؤكدًا أن التهاون في التعامل مع مثل هذه الممارسات غير المسؤولة يشجع آخرين على الفساد بالقانون.
وفقاً لغازي الريح ومن قبله صاحب البلاغ فان الدافع لتدوين البلاغات هو قطع الطريق امام عمليات الفساد وتجددها في العهد الثوري كما أن تلكؤ الاجهزة الرسمية في هذا الجانب هو الذي اضطرهم لخوض غمار المعركة قانونيا من اجل قطع الطريق على عمليات الفساد بينما يرى الصحفي وائل محجوب ان التوصيف السليم لما يجري الآن هو توصيف السلوك بانه تجاوزات وليس عملية فساد. يؤكد وائل فرضيته تلك بأن ما حدث من عمليات لطلب الدعم وبحسب قانون الاجراءات المالية والمحاسبية لسنة ٢٠٠٧م، الفصل الثاني الموازنة العامة، باب الصرف من الاعتمادات وتحصيل ربط الإيرادات: انه لا يجوز لأي من أجهزة الدولة تحصيل أي إيرادات أو رسوم أو أي متحصلات إلا بموجب النماذج المالية الأصولية الملحقة باللوائح الصادرة بموجب أحكام هذا القانون. كما ان ذات القانون يؤكد ان حق التصرف حظر على الهيئات العامة وشركات القطاع العام والصناديق تقديم أي دعم أو تبرع نقدي أو عيني لأي من أجهزة الدولة إلا بعد الموافقة المسبقة لوزير المالية. بالنسبة لوائل فإن نهج الطريق القانوني مطلوب بشدة في هذا التوقيت ومن شأنه ان يجعل السلطة تعيد النظر في التعامل مع قضايا الفساد التي يجب عدكم التساهل معها وتحت كل الظروف.
طريق آخر
ما تؤكد عليه تداعيات التبرعات أن مدير الشركة مبارك في وجه العاصفة عاصفة تهب في مكان عبر السياق القانوني بينما يثيرها آخرون بالاستناد على التاثير الفاعل لوسائل التواصل الاجتماعي التي يقودون من خلالها معركتهم مستندين على توصيف )الفساد( وربطه بشكل او بأخر بالمدير الذي يقول البعض انه يواجه حملة شرسة هدفها الرئيسي ابعاده من المنصب، ما يدعم ذلك هو انه وبالرغم من انتهاج البعض الجانب القانوني فانهم لم يكتفوا بذلك وينتظرون النتيجة المترتبة عليه فهم قد حسموا امرهم سلفاً بإن المدير مذنب وفاسد حتى وإن اثبتت التحقيقات براءته من التهم المنسوبة اليه فيما يرتب فريق لحملة ذات طابع آخر تقوم على الضغط عبر الاعتصام في مبنى الشركة وهو اعتصام يقول من يرتبون لقيامه انه لا يهدف فقط لإقالة اردول من منصبه وانما يهدف وبشكل رئيسي لاجتثاث الفساد ومن جذوره وانهاء حالة اللا مبالاة الرسمية اتجاه الفساد.
خلاصة الامر في قضية تجاوزات الشركة السودانية للموارد المعدنية تتعدد الطرق وتتداخل الخطوات بينما يظل السؤال أي الطرق سيكون الاقرب في طريق مكافحة الفساد؟ وما مصير المدير ؟