الجمعة 24 مايو 2024 - 20:10
الحرب تحطم آمال شباب السودان.. لكن “شعلة الثورة لاتزال في القلوب”
على مدار أكثر من عام ما زالت الحرب تدور على رؤوس السودانيين وتزداد تمدداً وضراوة وشراسة يوماً بعد يوم، بينما تتعرض البنية التحتية للبلاد للتدمير بصورة أكبر، ومع تفاقم المعاناة الكارثية ومخاوف الانحدار المتسارع نحو حرب شاملة، بدأت الأصوات تتصاعد للدفع بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن في اتجاه اتخاذ خطوات وأدوات أكثر نجاعة وفعالية بحظر توريد السلاح لطرفي القتال من أجل تأمين الحماية للمدنيين وإجبارهما على وقف الحرب والتفاوض.
ضمن الجهود والضغوط التي انطلقت في نهاية أبريل (نيسان) الماضي طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) مجلس الأمن بفرض حظر فوري للأسلحة في السودان، ونشرت المنظمة عبر موقعها عريضة مفتوحة للتوقيع عليها من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك تجاه إقرار خطوات فعالة من أجل تأمين الحماية للمدنيين في السودان.
وأوضحت المنظمة أن الوضع في السودان المروع الذي يضطر الشعب إلى العيش فيه ليس قدراً محتوماً، إذ ثمة أشياء يمكن للمجتمع الدولي أن يفعلها لضمان حماية المدنيين وعدم استمرارهم في تحمل العبء الأكبر لهذا النزاع.
تابعت “نحتاج إلى التحرك الآن، ومطالبة مجلس الأمن الدولي بتوسيع نطاق حظر الأسلحة المفروض على دارفور منذ 2005 ليشمل كل السودان وضمان تنفيذه بالكامل”، لافتة إلى أن تعطيل تدفق الأسلحة لطرفي القتال سيسهم في تخفيف معاناة المدنيين.
وكانت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري دي كارلو، وصفت في أحدث إحاطة لها لأعضاء مجلس الأمن الدولي حول الوضع في السودان، استمرار تدفق الأسلحة لطرفي القتال بأنه أمر غير أخلاقي أو قانوني، مطالبة بإيقافه.
على نحو متصل طالبت منظمة “هيومان رايتس ووتش” مجلس الأمن، في تقرير شامل لها حول فرض حظر على توريد السلاح إلى السودان، بإرسال بعثة لحماية المدنيين ومعاقبة المسؤولين عما وصفته بالفظائع والجرائم، على رغم أن قوانين الحرب تحظر الهجمات العشوائية واستهداف المدنيين وغير المتناسبة مع الضرر الذي تسببه لهم.
واتهم التقرير قوات “الدعم السريع” والميليشيات المتحالفة معها بقتل آلاف الأشخاص وتشريد نزوح مئات الآلاف الآخرين من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
الإجراءات الممكنة
في السياق نفسه شددت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية أليس وايريمو ندريتو، على ضرورة تنفيذ جميع الإجراءات الممكنة، التي تهدف إلى حماية السكان المدنيين الأبرياء في مدينة الفاشر وجميع أراضي السودان، ومن الضرورة وقف الدوافع العرقية للعنف.
وانتقدت ندريتو ضعف رد فعل المجتمع الدولي في ما يتعلق بجرائم الإبادة الجماعية، مما سيقلل من أي تقدم أحرز جماعياً لمنع أخطر الجرائم، مطالبة بضمان توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح ممرات آمنة للمدنيين الراغبين للفرار من مدينة الفاشر المحاصرة بالمعارك، وضمان المساءلة عن جرائم الحرب، ومحاكمة الجناة لكسر دائرة الإفلات من العقاب والعنف.
ونفى المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبدالله استهداف قواته للمدنيين وارتكاب انتهاكات في حقهم، مؤكداً التزام الجيش بقوانين الحرب الدولية.
أكد عبدالله رداً على اتهامات “الدعم السريع” للجيش باستهداف المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية في الفاشر، التزام الجيش بالقوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني.
الفشل السابق
على الصعيد نفسه قال المحلل والباحث الأمني إسماعيل يوسف إن توسيع نطاق حظر الأسلحة ليشمل كل السودان، يعد من الناحية النظرية أمراً مطلوباً للحد من تصاعد القتال وكبح قدرتهما على مواصلة القتال والجنوح إلى التفاوض، لكن تجربة حظر السلاح غير الفعال الذي كان مضروباً على إقليم دارفور منذ نهاية مارس (آذار) 2005، يتوقع أن تواجه بالعقبات نفسها، لأن وصول السلاح إلى السودان يتخذ سبلاً غير تقليدية وطرقاً غير تلك المتعارف عليها ومعظمها تدخل بترتيبات سرية أو التهريب، مما يجعل التحكم في دخوله صعباً للغاية.
واعتبر يوسف أن عمليات التضييق على تدفق السلاح لطرفي القتال في السودان بدأت بالفعل منذ نحو شهر سابق، بفرض دول عدة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عقوبات تستهدف حظر عدد من الشركات التي تمول تسليح أطراف القتال بالسودان.
ولفت الباحث إلى أن الحرب أنعشت عمليات تهريب السلاح بخاصة على جبهة شرق السودان التي تشهد حركة نشطة في الاتجار بالسلاح، خصوصاً على المناطق الحدودية الشرقية مع دولتي إريتريا أو إثيوبيا، سواء للاقتناء الشخصي لشعور الناس بالرعب مما حدث في ولايات أخرى، أم بغرض التسليح القبلي والجهوي، وتلك منافذ صعب التحكم والوصول إليها إلا عبر رقابة ميدانية فعالة مسنودة بمراقبة جوية متطورة.
الأسلحة الثقيلة
المحلل إسماعيل يوسف لفت الانتباه إلى إعلان الأجهزة الأمنية السودانية في أكثر من واقعة خلال الأشهر الماضية من الحرب ضبط ومصادرة شحنات من الأسلحة المهربة إلى داخل البلاد بما في ذلك أسلحة متطورة يعتقد أنها كانت في طريقها إلى الخرطوم لصالح قوات “الدعم السريع”، مبيناً أن الطلب المتنامي على السلاح نتيجة الحرب ضاعف أرباح المهربين وحفزهم على استجلاب مزيد من الأسلحة.
ومضى في حديثه بأن “تجفيف منابع التسليح سيسهم بشكل مباشر في إبطاء وتيرة الحرب، لا سيما الأسلحة الثقيلة ذات الأثر التدميري الكبير الذي ضاعف من أعداد الضحايا المدنيين بشكل مخيف”.
ثغرات المرور
على نحو متصل قلل اللواء معتصم العجب، عضو تجمع قدامى المحاربين، من التأثير المتوقع لأية خطوة في شأن حظر توريد السلاح للسودان، كونه يحتاج إلى مراقبة دقيقة ومرهقة ومكلفة على مدار الساعة جواً وبراً وبحراً، مما يصعب تحققه، خصوصاً في ظل الوضع الدولي المضطرب والقرارات الدولية المهزوزة والتنافر بين الدول العظمى والأقطاب المتنافرة.
أضاف العجب أن معظم التسليح يأتي عبر دول مصنفة دولياً بأنها دولاً مارقة، كما أن حدود السودان المفتوحة مع عدد من الدول الأفريقية يلعب الفساد فيها دوراً كبيراً في تمرير السلاح، فضلاً عن أن هيمنة الحكومة السودانية الراهنة على الموانئ المطارات يمكنها من إدخال أية شحنات من الأسلحة لطالما وصلت إلى الموانئ، منوهاً إلى أن ضعف عمليات التفتيش عبر البحار والأجواء الدولية بجانب عمليات التحايل والتلاعب تجعل من الصعب مراقبة أي حظر على واردات السلاح للسودان على رغم أنها قد تحد من تدفقه.
وأوضح أن الجيش في الأحوال العادية كان يتسلح من روسيا وأوكرانيا ومجموعة دول الاتحاد السوفياتي على رأسها بلاروسيا، واستمر التعامل معها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عبر مكتب لها خاص بمشتريات الأسلحة، ووصل التعاون في هذا الجانب إلى مجال التصنيع الحربي التجميعي داخل السودان في مصانع اليرموك ومجموعة جياد الصناعية.
السوق السوداء
عضو تجمع قدامى المحاربين قال أيضاً إن “خيار اللجوء إلى سوق السلاح السوداء متاح للجميع لكنه باهظ الكلفة ويتطلب الدفع نقداً وفوراً، وهو أمر صعب بالنسبة إلى دولة تعاني شح الموارد، وليس هناك حلفاء واضحون لحكومة السودان الحالية باستثناء إيران وروسيا وأوكرانيا الأوضح في دعمها بالسلاح على رغم معاناتها ومشكلاتها هي نفسها في جانب التسليح”.
أما بالنسبة إلى قوات “الدعم السريع” فإنها بحسب العجب فتبدو خطوط إمدادها مفتوحة بشكل جيد خصوصاً عبر غرب السودان، إذ من الواضح حتى الآن أن هناك إمدادات تصل إليها من ليبيا، بخاصة ما يرتبط بحاجاتهم من العربات والذخائر والمدافع الخفيفة بجانب الوقود، علاوة على أن قوات “الدعم السريع” لديها خبرة في مخارج ومداخل دارفور والصحراء الليبية.
الحظر الجوي
من جانبه يرى القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) علاء الدين نقد أن هناك حظراً للسلاح مفروضاً أصلاً على دارفور منذ ما يقارب 19 عاماً لكنه غير مطبق، مما يثير أسئلة مفصلية حول ما الآليات اللازمة لتطبيق مثل ذلك القرار.
ولذلك يعتقد نقد أنه ربما يكون من الأجدى فرض حصار جوي (حظر الطيران الحربي)، معتبراً أن ذلك سيكون هو البداية الصحيحة لحماية المدنيين، باعتبار أن سلاح الطيران من أهم أسباب استمرار الحرب الذي يبدو أنه بيد “الحركة الإسلامية” كلياً داخل الجيش، على حد قوله.
يتابع “فرض منطقة حظر طيران على السودان كان ليكون قراراً فعالاً على صعيد جهود إيقاف الحرب في السودان إذا طبق، إذ إن الطيران كان هو السبب في خرق الهدن والانتهاكات التي وقعت على المدنيين الأبرياء وتدمير البنى التحتية، وتجنيب البلاد والعباد كثيراً من الدمار والخراب وويلات الحرب الكثيرة”.
ويعتقد نقد أن حظر الطيران سيكون الوسيلة الأكثر فاعلية سيما بملاحظة أن قوة سلاح الطيران هي بيد الطرف الذي ظل يتعنت دائماً في التفاوض، وينسحب من المنابر ويجمد نشاط السودان في المنظمات والمنابر التي تعمل لإيقاف القتال وإنهاء الحر.
“لذلك فان المطالبة بحظر الطيران ليست خيانة وإضعافاً لقوة الجيش كما يقول دعاة استمرار الحرب، لكنه عامل فعال لفرض إيقاف القتال وإجبار الجيش على الجلوس للتفاوض بوصفه الطرف المتعنت الذي ظل يتحدث عن شروط كانت مفروضة على الطرفين المتقاتلين في الجولة الأولى لمنبر جدة، غير أنه ينسبها فقط للطرف الآخر من أجل الاستمرار في القتال”، وفقاً لعضو تجمع قدامى المحاربين.
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر في مارس (آذار) 2005 قراراً بفرض حظر توريد السلاح على الحكومة السودانية والفصائل المسلحة في دارفور، مصحوباً بتشكيل لجنة مدة ولايتها ستة أشهر فقط لمراقبة تطبيق قرار الحظر، عهد إليها تحديد الأشخاص الذين يعوقون عملية السلام في دارفور أو يمثلون تهديداً لاستقرار المنطقة أو يرتكبون أعمالاً مخالفة للقانون الإنساني الدولي أو حقوق الإنسان أو يرتكبون أعمالاً وحشية ضد المدنيين لمراقبة تنفيذ القرار الذي لم يكن له أثر في وقف تدفق السلاح إلى الإقليم.
اندبندنت عربية
الحرب تحطم آمال شباب السودان.. لكن “شعلة الثورة لاتزال في القلوب”
على مدار أكثر من عام ما زالت الحرب تدور على رؤوس السودانيين وتزداد تمدداً وضراوة وشراسة يوماً بعد يوم، بينما تتعرض البنية التحتية للبلاد للتدمير بصورة أكبر، ومع تفاقم المعاناة الكارثية ومخاوف الانحدار المتسارع نحو حرب شاملة، بدأت الأصوات تتصاعد للدفع بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن في اتجاه اتخاذ خطوات وأدوات أكثر نجاعة وفعالية بحظر توريد السلاح لطرفي القتال من أجل تأمين الحماية للمدنيين وإجبارهما على وقف الحرب والتفاوض.
ضمن الجهود والضغوط التي انطلقت في نهاية أبريل (نيسان) الماضي طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) مجلس الأمن بفرض حظر فوري للأسلحة في السودان، ونشرت المنظمة عبر موقعها عريضة مفتوحة للتوقيع عليها من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك تجاه إقرار خطوات فعالة من أجل تأمين الحماية للمدنيين في السودان.
وأوضحت المنظمة أن الوضع في السودان المروع الذي يضطر الشعب إلى العيش فيه ليس قدراً محتوماً، إذ ثمة أشياء يمكن للمجتمع الدولي أن يفعلها لضمان حماية المدنيين وعدم استمرارهم في تحمل العبء الأكبر لهذا النزاع.
تابعت “نحتاج إلى التحرك الآن، ومطالبة مجلس الأمن الدولي بتوسيع نطاق حظر الأسلحة المفروض على دارفور منذ 2005 ليشمل كل السودان وضمان تنفيذه بالكامل”، لافتة إلى أن تعطيل تدفق الأسلحة لطرفي القتال سيسهم في تخفيف معاناة المدنيين.
وكانت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري دي كارلو، وصفت في أحدث إحاطة لها لأعضاء مجلس الأمن الدولي حول الوضع في السودان، استمرار تدفق الأسلحة لطرفي القتال بأنه أمر غير أخلاقي أو قانوني، مطالبة بإيقافه.
على نحو متصل طالبت منظمة “هيومان رايتس ووتش” مجلس الأمن، في تقرير شامل لها حول فرض حظر على توريد السلاح إلى السودان، بإرسال بعثة لحماية المدنيين ومعاقبة المسؤولين عما وصفته بالفظائع والجرائم، على رغم أن قوانين الحرب تحظر الهجمات العشوائية واستهداف المدنيين وغير المتناسبة مع الضرر الذي تسببه لهم.
واتهم التقرير قوات “الدعم السريع” والميليشيات المتحالفة معها بقتل آلاف الأشخاص وتشريد نزوح مئات الآلاف الآخرين من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
الإجراءات الممكنة
في السياق نفسه شددت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية أليس وايريمو ندريتو، على ضرورة تنفيذ جميع الإجراءات الممكنة، التي تهدف إلى حماية السكان المدنيين الأبرياء في مدينة الفاشر وجميع أراضي السودان، ومن الضرورة وقف الدوافع العرقية للعنف.
وانتقدت ندريتو ضعف رد فعل المجتمع الدولي في ما يتعلق بجرائم الإبادة الجماعية، مما سيقلل من أي تقدم أحرز جماعياً لمنع أخطر الجرائم، مطالبة بضمان توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح ممرات آمنة للمدنيين الراغبين للفرار من مدينة الفاشر المحاصرة بالمعارك، وضمان المساءلة عن جرائم الحرب، ومحاكمة الجناة لكسر دائرة الإفلات من العقاب والعنف.
ونفى المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبدالله استهداف قواته للمدنيين وارتكاب انتهاكات في حقهم، مؤكداً التزام الجيش بقوانين الحرب الدولية.
أكد عبدالله رداً على اتهامات “الدعم السريع” للجيش باستهداف المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية في الفاشر، التزام الجيش بالقوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني.
الفشل السابق
على الصعيد نفسه قال المحلل والباحث الأمني إسماعيل يوسف إن توسيع نطاق حظر الأسلحة ليشمل كل السودان، يعد من الناحية النظرية أمراً مطلوباً للحد من تصاعد القتال وكبح قدرتهما على مواصلة القتال والجنوح إلى التفاوض، لكن تجربة حظر السلاح غير الفعال الذي كان مضروباً على إقليم دارفور منذ نهاية مارس (آذار) 2005، يتوقع أن تواجه بالعقبات نفسها، لأن وصول السلاح إلى السودان يتخذ سبلاً غير تقليدية وطرقاً غير تلك المتعارف عليها ومعظمها تدخل بترتيبات سرية أو التهريب، مما يجعل التحكم في دخوله صعباً للغاية.
واعتبر يوسف أن عمليات التضييق على تدفق السلاح لطرفي القتال في السودان بدأت بالفعل منذ نحو شهر سابق، بفرض دول عدة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عقوبات تستهدف حظر عدد من الشركات التي تمول تسليح أطراف القتال بالسودان.
ولفت الباحث إلى أن الحرب أنعشت عمليات تهريب السلاح بخاصة على جبهة شرق السودان التي تشهد حركة نشطة في الاتجار بالسلاح، خصوصاً على المناطق الحدودية الشرقية مع دولتي إريتريا أو إثيوبيا، سواء للاقتناء الشخصي لشعور الناس بالرعب مما حدث في ولايات أخرى، أم بغرض التسليح القبلي والجهوي، وتلك منافذ صعب التحكم والوصول إليها إلا عبر رقابة ميدانية فعالة مسنودة بمراقبة جوية متطورة.
الأسلحة الثقيلة
المحلل إسماعيل يوسف لفت الانتباه إلى إعلان الأجهزة الأمنية السودانية في أكثر من واقعة خلال الأشهر الماضية من الحرب ضبط ومصادرة شحنات من الأسلحة المهربة إلى داخل البلاد بما في ذلك أسلحة متطورة يعتقد أنها كانت في طريقها إلى الخرطوم لصالح قوات “الدعم السريع”، مبيناً أن الطلب المتنامي على السلاح نتيجة الحرب ضاعف أرباح المهربين وحفزهم على استجلاب مزيد من الأسلحة.
ومضى في حديثه بأن “تجفيف منابع التسليح سيسهم بشكل مباشر في إبطاء وتيرة الحرب، لا سيما الأسلحة الثقيلة ذات الأثر التدميري الكبير الذي ضاعف من أعداد الضحايا المدنيين بشكل مخيف”.
ثغرات المرور
على نحو متصل قلل اللواء معتصم العجب، عضو تجمع قدامى المحاربين، من التأثير المتوقع لأية خطوة في شأن حظر توريد السلاح للسودان، كونه يحتاج إلى مراقبة دقيقة ومرهقة ومكلفة على مدار الساعة جواً وبراً وبحراً، مما يصعب تحققه، خصوصاً في ظل الوضع الدولي المضطرب والقرارات الدولية المهزوزة والتنافر بين الدول العظمى والأقطاب المتنافرة.
أضاف العجب أن معظم التسليح يأتي عبر دول مصنفة دولياً بأنها دولاً مارقة، كما أن حدود السودان المفتوحة مع عدد من الدول الأفريقية يلعب الفساد فيها دوراً كبيراً في تمرير السلاح، فضلاً عن أن هيمنة الحكومة السودانية الراهنة على الموانئ المطارات يمكنها من إدخال أية شحنات من الأسلحة لطالما وصلت إلى الموانئ، منوهاً إلى أن ضعف عمليات التفتيش عبر البحار والأجواء الدولية بجانب عمليات التحايل والتلاعب تجعل من الصعب مراقبة أي حظر على واردات السلاح للسودان على رغم أنها قد تحد من تدفقه.
وأوضح أن الجيش في الأحوال العادية كان يتسلح من روسيا وأوكرانيا ومجموعة دول الاتحاد السوفياتي على رأسها بلاروسيا، واستمر التعامل معها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عبر مكتب لها خاص بمشتريات الأسلحة، ووصل التعاون في هذا الجانب إلى مجال التصنيع الحربي التجميعي داخل السودان في مصانع اليرموك ومجموعة جياد الصناعية.
السوق السوداء
عضو تجمع قدامى المحاربين قال أيضاً إن “خيار اللجوء إلى سوق السلاح السوداء متاح للجميع لكنه باهظ الكلفة ويتطلب الدفع نقداً وفوراً، وهو أمر صعب بالنسبة إلى دولة تعاني شح الموارد، وليس هناك حلفاء واضحون لحكومة السودان الحالية باستثناء إيران وروسيا وأوكرانيا الأوضح في دعمها بالسلاح على رغم معاناتها ومشكلاتها هي نفسها في جانب التسليح”.
أما بالنسبة إلى قوات “الدعم السريع” فإنها بحسب العجب فتبدو خطوط إمدادها مفتوحة بشكل جيد خصوصاً عبر غرب السودان، إذ من الواضح حتى الآن أن هناك إمدادات تصل إليها من ليبيا، بخاصة ما يرتبط بحاجاتهم من العربات والذخائر والمدافع الخفيفة بجانب الوقود، علاوة على أن قوات “الدعم السريع” لديها خبرة في مخارج ومداخل دارفور والصحراء الليبية.
الحظر الجوي
من جانبه يرى القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) علاء الدين نقد أن هناك حظراً للسلاح مفروضاً أصلاً على دارفور منذ ما يقارب 19 عاماً لكنه غير مطبق، مما يثير أسئلة مفصلية حول ما الآليات اللازمة لتطبيق مثل ذلك القرار.
ولذلك يعتقد نقد أنه ربما يكون من الأجدى فرض حصار جوي (حظر الطيران الحربي)، معتبراً أن ذلك سيكون هو البداية الصحيحة لحماية المدنيين، باعتبار أن سلاح الطيران من أهم أسباب استمرار الحرب الذي يبدو أنه بيد “الحركة الإسلامية” كلياً داخل الجيش، على حد قوله.
يتابع “فرض منطقة حظر طيران على السودان كان ليكون قراراً فعالاً على صعيد جهود إيقاف الحرب في السودان إذا طبق، إذ إن الطيران كان هو السبب في خرق الهدن والانتهاكات التي وقعت على المدنيين الأبرياء وتدمير البنى التحتية، وتجنيب البلاد والعباد كثيراً من الدمار والخراب وويلات الحرب الكثيرة”.
ويعتقد نقد أن حظر الطيران سيكون الوسيلة الأكثر فاعلية سيما بملاحظة أن قوة سلاح الطيران هي بيد الطرف الذي ظل يتعنت دائماً في التفاوض، وينسحب من المنابر ويجمد نشاط السودان في المنظمات والمنابر التي تعمل لإيقاف القتال وإنهاء الحر.
“لذلك فان المطالبة بحظر الطيران ليست خيانة وإضعافاً لقوة الجيش كما يقول دعاة استمرار الحرب، لكنه عامل فعال لفرض إيقاف القتال وإجبار الجيش على الجلوس للتفاوض بوصفه الطرف المتعنت الذي ظل يتحدث عن شروط كانت مفروضة على الطرفين المتقاتلين في الجولة الأولى لمنبر جدة، غير أنه ينسبها فقط للطرف الآخر من أجل الاستمرار في القتال”، وفقاً لعضو تجمع قدامى المحاربين.
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر في مارس (آذار) 2005 قراراً بفرض حظر توريد السلاح على الحكومة السودانية والفصائل المسلحة في دارفور، مصحوباً بتشكيل لجنة مدة ولايتها ستة أشهر فقط لمراقبة تطبيق قرار الحظر، عهد إليها تحديد الأشخاص الذين يعوقون عملية السلام في دارفور أو يمثلون تهديداً لاستقرار المنطقة أو يرتكبون أعمالاً مخالفة للقانون الإنساني الدولي أو حقوق الإنسان أو يرتكبون أعمالاً وحشية ضد المدنيين لمراقبة تنفيذ القرار الذي لم يكن له أثر في وقف تدفق السلاح إلى الإقليم.
اندبندنت عربية