الجمعة 24 مايو 2024 - 20:11
يواصل الجنيه السوداني تدهوره مقابل العملات الأجنبية الرئيسية وفي مقدمتها الدولار. وتراجعت قيمة تبادل الجنيه السوداني مقابل الدولار من 600 جنيها في بداية الحرب إلى 1800 جنيه خلال الأيام الثلاثة الماضية. ودفع ذلك بنك السودان المركزي لاتخاذ حزمة من الإجراءات لمحاولة وقف هذا التدهور. وشملت الإجراءات تجميد حسابات لتجار العملة الذين يضاربون خارج القنوات الرسمية. كما تضمنت زيادة كم المبالغ المسحوبة يوميا من الصراف الآلي إلى 50 ألف جنيه وزيادة التحويلات عبر التطبيقات البنكية من 3 مليون جنيه إلى 15 مليون جنيه يوميا وزيادة المبالغ المسموح بسحبها مباشرة من المصارف إلى 3 مليون جنيه يوميا.

وينظر للإجراءات الأخيرة على أنها تكييف مع تدهور سعر الصرف أكثر منها إجراءات لمواجهة تدهور قيمة الجنيه بالنظر إلى أن المبالغ المسموح بصرفها وتداولها تعادل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه وهي بالضبط نسبة تدهور قيمة جنيه خلال عام من الحرب مما يعني أن الإجراء يستهدف المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن. راديو دبنقا اتصل بالبروفيسور حسن بشير محمد نور، أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية ومدير جامعة البحر الأحمر السابق، وطلب منه التعليق على استمرار تدهور الجنيه السوداني.

تدهور قيمة العملة سيستمر
نوه البروفيسور حسن بشير محمد نور إلى أنه قد سبق تناول هذه القضية في مرات سابقة ومن بينها لقاءات على راديو دبنقا وتوقعت أن يتدهور سعر صرف الجنيه السوداني وسيستمر في التدهور وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى انعدام احتياطات النقد الأجنبي ونضوب الموارد التي كانت تغذي ولو بشكل متواضع احتياطات النقد الأجنبي في السودان بسبب الحرب. وأوضح أن هناك تراجع كبير في الصادرات السودانية، كما تراجعت أيضا صادرات الذهب التي أصبحت منقسمة بين مناطق سيطرة الجيش ومناطق سيطرة الدعم السريع وهذا في حد ذاته مشكلة لأن أكثر من 50% من صادرات الذهب تذهب لقوات الدعم السريع.

 الاستيراد من الخارج
وأضاف مدير جامعة البحر الأحمر السابق في حديث لراديو دبنقا أن الوضع ازداد سوءا بسبب توقف صادرات نفط جنوب السودان والتي كانت تدعم الخزينة العامة ببعض موارد النقد الأجنبي ويوفر وقود لحكومة الأمر الواقع وبالتالي يقلل من وارداتها من الوقود. هذا من جانب، ومن الجانب الأخر، هناك اعتماد كامل على الاستيراد من الخارج لجميع مستلزمات الحياة بسبب توقف الإنتاج بشكل شبه كامل. وحتى الإنتاج الزراعي تدهور إلى حد كبير ما يجعل هناك تهديد حقيقي بحدوث مجاعة سيعاني منها 20 مليون مواطن سوداني وفق المعلومات المتوفرة من المنظمات الدولية المعنية بالغذاء.

وأكد البروفيسور حسن بشير محمد نور إلى أن كل ما قلناه يبقى في جانب وفي الجانب الأخر تمويل الحرب والصرف المهول للمجهود الحربي والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تسببها الحرب بالإضافة للاعتمادات المالية الضخمة في الصرف على الجيوش التابعة لحكومة الأمر الواقع وتكلفة استيراد السلاح. هذه العوامل جميعها تؤدي إلى إهلاك أي موارد نقد أجنبي يتم الحصول عليها. لذلك أصبح الجنيه السوداني مكشوفا من حيث الموارد أو من حيث أن يكون هنالك أي دعم له بالموارد اللازمة حتى يستقر سعره.

خلل هيكلي
ويمضي أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية في حديثه لراديو دبنقا منبها إلى أن الاقتصاد السوداني يعاني من خلل هيكلي وأزمة عميقة من قبل الحرب. ومنذ حدوث انقلاب 25 أكتوبر 2021 كان معلوما أن الأمور ستتدهور تدهور سريع وكبير لأن السودان فقد موارد تقدر بمليارات الدولارات إضافة إلى فقدان ميزة تخفيض الديون الخارجية المرتبطة بمبادرة تخفيف عبء ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون عبر إعفاء الديون ودخول الاستثمارات الأجنبية خصوصا في البنيات التحتية والحصول على المنح والإعانات وتدفق تحويلات السودانيين من الخارج عبر القنوات الرسمية كل ذلك ذهب أدراج الرياح بسبب الانقلاب ومن ثم جاءت الحرب لتقضي على الأخضر واليابس.