الثلاثاء 28 مايو 2024 - 16:10
يبدو أن الوضع في السودان يزداد سوءا مع مرور الوقت واتساع رقعة الحرب، في ظل فشل كل وساطات ومبادرات الحل سواء كانت محلية أو إقليمية ودولية، الأمر الذي كاد أن يودي بأي بارقة أمل لوقف القتال وحقن الدماء.
لماذا عجز الداخل والخارج عن وقف الحرب السودانية أو حتى التوصل إلى هدنة إنسانية لإيصال المساعدات لملايين النازحين والفارين من ويلات الحرب، وحقيقة ما يتم تداوله بأن الحرب اليوم في السودان تدار من أطراف وداعمين إقليميين ودوليين؟
بداية يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني: “لا أعتقد أن الحرب في السودان خرجت عن السيطرة في هذا الوقت، رغم أنها توسعت ودخلت في امتدادات جديدة في الفاشر بإقليم دارفور وفي ولاية الجزيرة، لكن إلى الآن توجد قوات مسلحة متماسكة وحكومة عسكرية تدير شؤون البلاد وتعمل على طريق استعادة الأمن في البلاد.
الجيش السوداني
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “حتى الآن الجيش السوداني يقاتل ويحافظ على أماكنه التي يتمركز فيها منذ 15 أبريل/نيسان من العام الماضي، فلا تزال القيادة العامة وسلاح المدرعات وسلاح المهندسين والإشارة وغالبية الأسلحة الفنية في الولايات هى تحت إمرة الجيش، مشيرا إلى أن القوات الحكومية الموجودة في دارفور وجنوب كردفان تقاتل بضراوة في جانبين، الحفاظ على مقراتها وصد الهجوم من قبل أفراد الدعم السريع على المواطنين في المناطق التي لا توجد بها قوات”.
وفيما يتعلق بمدى امكانية وصول السودان إلى مرحلة التقسيم يقول تاور: “التقسيم موضوع خطير يجب التعامل معه بجدية والنظر إليه بحذر شديد، لأن فكرة تقسيم السودان ليست وليدة تلك الشهور التي اندلعت فيها الحرب، بل هناك مخططات دولية لتقسيم البلاد وفق الرؤية الجديدة للشرق الأوسط، كما أن هناك مخطط إسرائيلي منذ العام 2008 لتقسيم السودان فيما سمى بسياسة شد الأطراف ثم بترها”.
مخططات خارجية
وتابع تاور: “كلما توسعت الحرب كان هناك مجال أكبر لتمزيق البلاد وتشتيتها وأن تكون هناك بيئة مناسبة جدا لعمل المخططات بأريحية تامة وتوجيه الرأي العام وزرع الفتن وإشعال الاحتراب الأهلي، هذا كله يأتي من الخارج، ولو كانت الأرض بين السودانيين فقط لانتهت منذ فترة طويلة، لكن هناك دعما واضحا من جهات عسكرية أجنبية وإسناد سياسي واضح من جهات إقليمية لطرف على حساب آخر”.
وأشار الخبير العسكري إلى أن “من يدافع اليوم عن السودان ليست القوات المسلحة والمشتركة وحدها في الفاشر بإقليم دارفور، بل إن الجميع في الفاشر على سبيل المثال رجال ونساء يقاتلون إلى جانب القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلح ، الجميع يدافعون عن الوطن والدولة ككيان”.
واختتم قائلا: “الجيش السوداني هو الأكثر ثباتا على الأرض وهو جيش وطني سوداني، والكثير من قادرة الأسلحة ظلوا في مناطقهم العسكرية منذ اندلاع الحرب حتى تم فتح الطرق في فبراير الماضي”.
خارجة عن السيطرة
من جانبه يقول وليد أبوزيد، المحلل السياسي السوداني، “إذا اتفقنا على أن السيطرة على الحرب المقصودة هنا، هي أن يكون كل من طرفي الصراع لهم القرار الكامل والإرادة غير المنقوصة فيما يخص إتخاذ قرار وقف أو استمرار الحرب، فإن الإجابة الأقرب للحقيقة هي أن هذه الحرب كانت قد خرجت عن سيطرة قيادة الطرفين مباشرة بعد أول رصاصة تم إطلاقها في يوم 15 أبريل/نيسان عام 2023، و لم يعد بإمكان أحدهما إيقافها”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، “أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى فقدان طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) السيطرة على ما يجري من معارك واشتباكات على الأرض، أولها بروز التدخل الخارجي منذ اللحظة الأولى على سطح الأحداث، علاوة على انعطاف الحرب نحو مستنقع الانتهاكات الوحشية التي أفقدت طرفي الصراع شرف القتال لأجل قضية قومية، و أدى هذا لازدياد الاستقطاب الإثني واصطفاف قبائل بعينها مع طرفي الصراع”.
غياب الإرادة
وحول ما يثار أن طول أمد الحرب يمكن أن يؤدي إلى تقسيم البلاد يقول أبو زيد: “ظهور شبح التقسيم الذي نعرف من خلال تجربتنا مع تاريخ الاحتراب في السودان، أنه كلما ازداد نفي المتقاتلين أو أطراف الصراع لهذا الأمر، يزداد احتمال طرحه بعيدا عن دوائر الإعلام”.
ويرى المحلل السياسي من خلال متابعته للواقع على الأرض أن “مواقف دول الإقليم المضطربة حول طرفي الصراع تمثل بيئة مناسبة لاستمرار القتال، لذلك فإن هذه الحرب حاليا تعتبر خارجة عن السيطرة داخليا و خارجيا، وتفتقر قيادة طرفي الصراع للإرادة الكافية لوقف إطلاق النار، كما أنهما يفتقدان القدرة على حسم المعركة عسكريا، و سوف تطول معاناة الشعب السوداني لشهور عديدة إذا ما استمر الحال على ما هو عليه”.
وكان رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، وزعيم الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، قد وقعا السبت الماضي، إعلان نيروبي الهادف لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة على أسس جديدة أهمها الفصل بين الدين والدولة وحق تقرير المصير.
ونص إعلان نيروبي، الذي وقع في العاصمة الكينية على حق الشعوب السودانية في ممارسة حق تقرير المصير، في حالة عدم تضمين المبادئ الواردة في الإعلان في الدستور الدائم “بحسب سودان تربيون”.
وتضمن الاتفاق أيضا “العمل المشترك لمعالجة شاملة للأزمات المتراكمة، عبر عملية تأسيسية، ترتكز على وحدة السودان شعبا وأرضا وسيادته إلى موارده، على أن تقوم الوحدة على أساس تطوعي لشعوبه”.
ونادى الإعلان بتأسيس دولة علمانية غير منحازة وتقف على مسافة واحدة من الأديان والثقافات والهويات، إضافة لقيام دولة مدنية يتشارك ويتساوى جميع السودانيين في السلطة والثروة وضمان حرية الدين والفكر.
الأوضاع الإنسانية التي يعيشها النازحين في مدينة الفاشر بدارفور وشمال كردفان في ظل الحصار والنقص
وتتواصل، منذ أكثر من عام، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
سبوتنيك
قراءة بصوت عالVisit website
يبدو أن الوضع في السودان يزداد سوءا مع مرور الوقت واتساع رقعة الحرب، في ظل فشل كل وساطات ومبادرات الحل سواء كانت محلية أو إقليمية ودولية، الأمر الذي كاد أن يودي بأي بارقة أمل لوقف القتال وحقن الدماء.
لماذا عجز الداخل والخارج عن وقف الحرب السودانية أو حتى التوصل إلى هدنة إنسانية لإيصال المساعدات لملايين النازحين والفارين من ويلات الحرب، وحقيقة ما يتم تداوله بأن الحرب اليوم في السودان تدار من أطراف وداعمين إقليميين ودوليين؟
بداية يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني: “لا أعتقد أن الحرب في السودان خرجت عن السيطرة في هذا الوقت، رغم أنها توسعت ودخلت في امتدادات جديدة في الفاشر بإقليم دارفور وفي ولاية الجزيرة، لكن إلى الآن توجد قوات مسلحة متماسكة وحكومة عسكرية تدير شؤون البلاد وتعمل على طريق استعادة الأمن في البلاد.
الجيش السوداني
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “حتى الآن الجيش السوداني يقاتل ويحافظ على أماكنه التي يتمركز فيها منذ 15 أبريل/نيسان من العام الماضي، فلا تزال القيادة العامة وسلاح المدرعات وسلاح المهندسين والإشارة وغالبية الأسلحة الفنية في الولايات هى تحت إمرة الجيش، مشيرا إلى أن القوات الحكومية الموجودة في دارفور وجنوب كردفان تقاتل بضراوة في جانبين، الحفاظ على مقراتها وصد الهجوم من قبل أفراد الدعم السريع على المواطنين في المناطق التي لا توجد بها قوات”.
وفيما يتعلق بمدى امكانية وصول السودان إلى مرحلة التقسيم يقول تاور: “التقسيم موضوع خطير يجب التعامل معه بجدية والنظر إليه بحذر شديد، لأن فكرة تقسيم السودان ليست وليدة تلك الشهور التي اندلعت فيها الحرب، بل هناك مخططات دولية لتقسيم البلاد وفق الرؤية الجديدة للشرق الأوسط، كما أن هناك مخطط إسرائيلي منذ العام 2008 لتقسيم السودان فيما سمى بسياسة شد الأطراف ثم بترها”.
مخططات خارجية
وتابع تاور: “كلما توسعت الحرب كان هناك مجال أكبر لتمزيق البلاد وتشتيتها وأن تكون هناك بيئة مناسبة جدا لعمل المخططات بأريحية تامة وتوجيه الرأي العام وزرع الفتن وإشعال الاحتراب الأهلي، هذا كله يأتي من الخارج، ولو كانت الأرض بين السودانيين فقط لانتهت منذ فترة طويلة، لكن هناك دعما واضحا من جهات عسكرية أجنبية وإسناد سياسي واضح من جهات إقليمية لطرف على حساب آخر”.
وأشار الخبير العسكري إلى أن “من يدافع اليوم عن السودان ليست القوات المسلحة والمشتركة وحدها في الفاشر بإقليم دارفور، بل إن الجميع في الفاشر على سبيل المثال رجال ونساء يقاتلون إلى جانب القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلح ، الجميع يدافعون عن الوطن والدولة ككيان”.
واختتم قائلا: “الجيش السوداني هو الأكثر ثباتا على الأرض وهو جيش وطني سوداني، والكثير من قادرة الأسلحة ظلوا في مناطقهم العسكرية منذ اندلاع الحرب حتى تم فتح الطرق في فبراير الماضي”.
خارجة عن السيطرة
من جانبه يقول وليد أبوزيد، المحلل السياسي السوداني، “إذا اتفقنا على أن السيطرة على الحرب المقصودة هنا، هي أن يكون كل من طرفي الصراع لهم القرار الكامل والإرادة غير المنقوصة فيما يخص إتخاذ قرار وقف أو استمرار الحرب، فإن الإجابة الأقرب للحقيقة هي أن هذه الحرب كانت قد خرجت عن سيطرة قيادة الطرفين مباشرة بعد أول رصاصة تم إطلاقها في يوم 15 أبريل/نيسان عام 2023، و لم يعد بإمكان أحدهما إيقافها”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، “أن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى فقدان طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) السيطرة على ما يجري من معارك واشتباكات على الأرض، أولها بروز التدخل الخارجي منذ اللحظة الأولى على سطح الأحداث، علاوة على انعطاف الحرب نحو مستنقع الانتهاكات الوحشية التي أفقدت طرفي الصراع شرف القتال لأجل قضية قومية، و أدى هذا لازدياد الاستقطاب الإثني واصطفاف قبائل بعينها مع طرفي الصراع”.
غياب الإرادة
وحول ما يثار أن طول أمد الحرب يمكن أن يؤدي إلى تقسيم البلاد يقول أبو زيد: “ظهور شبح التقسيم الذي نعرف من خلال تجربتنا مع تاريخ الاحتراب في السودان، أنه كلما ازداد نفي المتقاتلين أو أطراف الصراع لهذا الأمر، يزداد احتمال طرحه بعيدا عن دوائر الإعلام”.
ويرى المحلل السياسي من خلال متابعته للواقع على الأرض أن “مواقف دول الإقليم المضطربة حول طرفي الصراع تمثل بيئة مناسبة لاستمرار القتال، لذلك فإن هذه الحرب حاليا تعتبر خارجة عن السيطرة داخليا و خارجيا، وتفتقر قيادة طرفي الصراع للإرادة الكافية لوقف إطلاق النار، كما أنهما يفتقدان القدرة على حسم المعركة عسكريا، و سوف تطول معاناة الشعب السوداني لشهور عديدة إذا ما استمر الحال على ما هو عليه”.
وكان رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، وزعيم الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، قد وقعا السبت الماضي، إعلان نيروبي الهادف لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة على أسس جديدة أهمها الفصل بين الدين والدولة وحق تقرير المصير.
ونص إعلان نيروبي، الذي وقع في العاصمة الكينية على حق الشعوب السودانية في ممارسة حق تقرير المصير، في حالة عدم تضمين المبادئ الواردة في الإعلان في الدستور الدائم “بحسب سودان تربيون”.
وتضمن الاتفاق أيضا “العمل المشترك لمعالجة شاملة للأزمات المتراكمة، عبر عملية تأسيسية، ترتكز على وحدة السودان شعبا وأرضا وسيادته إلى موارده، على أن تقوم الوحدة على أساس تطوعي لشعوبه”.
ونادى الإعلان بتأسيس دولة علمانية غير منحازة وتقف على مسافة واحدة من الأديان والثقافات والهويات، إضافة لقيام دولة مدنية يتشارك ويتساوى جميع السودانيين في السلطة والثروة وضمان حرية الدين والفكر.
الأوضاع الإنسانية التي يعيشها النازحين في مدينة الفاشر بدارفور وشمال كردفان في ظل الحصار والنقص
وتتواصل، منذ أكثر من عام، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
سبوتنيك
قراءة بصوت عالVisit website