الخميس 16 سبتمبر 2021 - 21:23
الخرطوم: الزين عثمان
في الخرطوم تزداد طلبات المواطنين في الحصول على السلاح، وفي ظل حالة الانفلات الأمني الراهن فإن الطريق الوحيد للحفاظ على حياتك وممتلكاتك أن تكون مسلحاً، حشوارع الخرطوم.. الانفلات سيد الموقف
يث إنه من غير المنطقي انتظار أجهزة رسمية تمارس الفُرجة على ما يجري منذ انطلاق هذا العام، يقول مواطنون وهم يشيرون لما يصفونه بتقاعس الجهات الأمنية عن القيام بدورها في حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، بينما تنشر مواقع إخبارية ما يفيد بإقبال كبير من قبل النساء لشراء الأسلحة المرخصة بهدف الحماية الشخصية، يفعلون ذلك لأنه قد طفح الكيل.
قتلوا مازن
في بحري كان صاحب الـ23 ربيعاً يجلس في )ركشته( من أجل توفير لقمة عيشه، وما يمكِّنه في إكمال دراسته الجامعية في الاقتصاد، مازن الجيلي يسكن في ديوم بحري استجاب أمس الأول لطلب مشوار إلى شمبات من قبل أربعة أشخاص، لكنه لم يعد بعدها، إلى أن اكتشفت الشرطة جثته بالقرب من مصنع )سيلدور( بالمنطقة الصناعية بحري، ووجدت الجثة بالقرب من مجرى الصرف الصحي، وتبين أنها لشاب في العقد الثاني من العمر أسمر اللون يرتدى زيّاً بلون أحمر وأخضر )فانلة وبنطال( وعليها آثار جروح في الفخذين والبطن، وهناك نزيف من الأنف. وبحسب بيان الشرطة فإن التحريات الأولية كشفت عن أن أربعة أشخاص مخمورين ركبوا مع الشاب، بعد أن رفض الكثيرون من أصحاب الركشات أخذهم. ونفي بيان الشرطة ما تم تداوله عن أن الجثة وجدت وقد تم تقطيعها، وأكدت على العمل الجاد، وبذل مجهوداتها للقبض على الجناة ، وتكملة الإجراءات وتقديم المتورطين للعدالة .
نفس الملامح
ومقتل مازن يعيد للإذهان تفاصيل حالة الانفلات الأمني التي تشهدها الخرطوم منذ فترة، وفي بحري بالتحديد قبل أسبوعين كان المتفلتون يثيرون الرعب في شارع الشهيد مطر ويقومون بعمليات السلب والنهب والترويع التي انتهت إلى إعلان الشرطة إطلاق ما سمَّته حملة )التحدي( بغية إعادة الأمن والأمان، ولكن المفارقة أنه وبالتزامن مع إعلان وفاة مازن كان هناك اجتماع لرئيس الوزراء مع القيادات الأمنية يشيد بالمجهودات المبذولة من أجل محاربة التفلتات الأمنية في البلاد، في وقت يحدد مواطنو بحري جهاتٍ بعينها، قالوا إنها تمثل بؤر الانفلات الأمني، ويتساءلون إن كان المواطنون يعرفونها فما الذي تنتظره الجهات الأمنية من أجل حسمها وتحقيق الأمن والاستقرار، والابتعاد عن شبهات أنهم يعملون تحت حماية الجهات الأمنية، وفي ظل تقاعسها عن القيام بواجبها وفي مناطق متعددة ومع تمدد ما يطلق عليه )9 طويلة(؟
عرمان صناعة الفلول
في تصريحات على أثير إذاعة )هلا 96(، قال نائب رئيس الحركة الشعبية برئاسة مالك عقار، المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء ياسر عرمان، إن الانفلات الأمني الذي تقوم به عصابات )النيقرز( مقصود، وتديره جهات تقرأ من تاريخ الثورات التي حدثت حولنا في الأعوام الأخيرة، وذلك لإحداث بلبلة أمنية واقتصادية حتى يكره الناس الثورة، لكن الشعب السوداني واعٍ جداً. تصريحات عرمان تتطابق إلى حد بعيد مع الرؤى القائلة بأن ما يجري الآن مخطط له، وأنه خطوة جديدة ومستمرة من أجل تهيئة الأوضاع للقبول بانقلاب عسكري تتم من خلالها مقايضة حرية الناس بأمنهم وسلامتهم الشخصية، خصوصاً أن اتهامات سابقة تقول إن هذه المجموعات مدربة وتعمل بترتيب وتنسيق كامل، وأنها صنيعة جهاز الأمن في حقبة النظام المخلوع، وأنه كان يتم توظيفها لتحقيق أهداف بعينها، وأن ظهورها تزامن مع هبة ديسمبر 2013، ولتحقيق ذات الغاية الأمن في مقابل الإذعان، لكن وبالنسبة لكثيرين فإن الركون لهذا التحليل وإهمال الجوانب المتعلقة بالاقتصاد في مناقشة الظاهرة لن يقود إلى نتائج دقيقة.
المعركة الحمراء
وفي مناقشة ظاهرة الانفلات الأمني لا يمكن الصعود بأي حال من الأحوال حول ما يجري الآن في استاد المريخ، حيث سالت الدماء في حرم النادي والاستاد يوم الثلاثاء، وتزامن ذلك مع حالة احتقان متنامٍ بسبب النزاع حول أحقية إدارة النادي الأحمر بين حازم مصطفى الذي انتخبته الجمعية العمومية بحدائق الموردة، وآدم سوداكال الذي جددت له جمعية انتخابية أخرى تم عقدها في التوقيت ذاته باستاد المريخ يوم الثلاثاء، حيث سيرت أعداد من الجماهير يقودها نائب الرئيس محمد سيد أحمد مسيرة من أجل استعادة النادي، حدثت فيها مواجهات وأصيب عدد من الأشخاص، قبل أن تنجح المجموعة في إجبار مجموعة سوداكال على المغادرة، والتي كان ردها بيان قالت فيه إنها سترد على المعتدين بذات لغتهم، وفي وقت متأخر من ذات الثلاثاء كان سوداكال ومجموعته يستعيدون سيطرتهم على أماكنهم داخل النادي.
مخاوف من القادم
بدا ملعب المريخ في حالة يرثى لها، بحسب ما نقلته الصورة القادمة من هناك، لكن ما يُرثى له أكثر هو أن تصل الأوضاع في النادي الكبير إلى ما وصلت إليه من مواجهات، قال البعض إن كثيرين استخدموا فيها نفوذهم، ففي الوقت الذي دخلت فيه مجموعة حازم مصطفى بدعم من جهات عسكرية، وفي نهاية المطاف سلمت النادي للقوات المسلحة، كانت )تاتشرات( تتبع لإحدى الحركات على أهبة الاستعداد للدخول دعماً لمجموعة سوداكال ــ وفقاً لما نقل الصحفي المريخي أبو عاقلة أماسا ــ الذي كشف أيضاً أن عودة سوداكال تمت بدعم من التاتشرات ولولا أن توجيهات صدرت لمنسوبي القوات المسلحة بالانسحاب وعدم الرد، لحدث ما لا يحمد عقباه، خصوصاً أن النادي يقع في قلب منطقة سكنية، بينما كانت أصوات الرصاص الاحتفالي التي انطلقت من مسدس يحمله نائب رئيس نادي المريخ محمد سيد أحمد، تردد عبارة واحدة مفادها إنها )الفوضى( التي تتطلب من الجهات الرئيسية التدخل لحسم ما يجري في نادي المريخ حتى لا تتكرر بورسعيد أخرى في الأراضي السودانية.
الحل في الهيكلة
في شوارع الخرطوم ثمة سيارات تنهب الطرقات، وقد وضعت على خلفيتها نمرة مكتوب عليها حركة العدل والمساواة وحدة السودان، قيادة إبراهيم يحيى عبد الرحمن في أوضح نموذج لحالة الفوضى، وهو ما يجعل من عملية إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية ضرورة؛ استجابة لمخرجات اتفاق جوبا للسلام، واستجابة في الوقت نفسه لضرورات تحقيق السلام في العاصمة، خصوصاً في ظل ارتفاع حدة الاحتجاجات على سلوك بعض منسوبي الحركات المسلحة، لكن الأمر في خواتيمه يمضي في اتجاه واحد، وهو أن عملية إعادة الهيكلة وإصلاح بنية المؤسسات الأمنية تقع على عاتق المكون العسكري الذي نال حق المشاركة في الفترة الانتقالية لتحقيق هذا الهدف؛ مما يجعل من أي تقصير في هذا الجانب هو مسؤوليته في المقام الأول، ويضعه في مواجهة سؤال لماذا يحدث ذلك، وهل للأمر علاقة بترتيبات تعيد موازين القوى في المرحلة الانتقالية، أم أن ما يجري، يجري في سياق خطة شاملة من أجل الانقلاب على الثورة؟.
الخرطوم: الزين عثمان
في الخرطوم تزداد طلبات المواطنين في الحصول على السلاح، وفي ظل حالة الانفلات الأمني الراهن فإن الطريق الوحيد للحفاظ على حياتك وممتلكاتك أن تكون مسلحاً، حشوارع الخرطوم.. الانفلات سيد الموقف
يث إنه من غير المنطقي انتظار أجهزة رسمية تمارس الفُرجة على ما يجري منذ انطلاق هذا العام، يقول مواطنون وهم يشيرون لما يصفونه بتقاعس الجهات الأمنية عن القيام بدورها في حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، بينما تنشر مواقع إخبارية ما يفيد بإقبال كبير من قبل النساء لشراء الأسلحة المرخصة بهدف الحماية الشخصية، يفعلون ذلك لأنه قد طفح الكيل.
قتلوا مازن
في بحري كان صاحب الـ23 ربيعاً يجلس في )ركشته( من أجل توفير لقمة عيشه، وما يمكِّنه في إكمال دراسته الجامعية في الاقتصاد، مازن الجيلي يسكن في ديوم بحري استجاب أمس الأول لطلب مشوار إلى شمبات من قبل أربعة أشخاص، لكنه لم يعد بعدها، إلى أن اكتشفت الشرطة جثته بالقرب من مصنع )سيلدور( بالمنطقة الصناعية بحري، ووجدت الجثة بالقرب من مجرى الصرف الصحي، وتبين أنها لشاب في العقد الثاني من العمر أسمر اللون يرتدى زيّاً بلون أحمر وأخضر )فانلة وبنطال( وعليها آثار جروح في الفخذين والبطن، وهناك نزيف من الأنف. وبحسب بيان الشرطة فإن التحريات الأولية كشفت عن أن أربعة أشخاص مخمورين ركبوا مع الشاب، بعد أن رفض الكثيرون من أصحاب الركشات أخذهم. ونفي بيان الشرطة ما تم تداوله عن أن الجثة وجدت وقد تم تقطيعها، وأكدت على العمل الجاد، وبذل مجهوداتها للقبض على الجناة ، وتكملة الإجراءات وتقديم المتورطين للعدالة .
نفس الملامح
ومقتل مازن يعيد للإذهان تفاصيل حالة الانفلات الأمني التي تشهدها الخرطوم منذ فترة، وفي بحري بالتحديد قبل أسبوعين كان المتفلتون يثيرون الرعب في شارع الشهيد مطر ويقومون بعمليات السلب والنهب والترويع التي انتهت إلى إعلان الشرطة إطلاق ما سمَّته حملة )التحدي( بغية إعادة الأمن والأمان، ولكن المفارقة أنه وبالتزامن مع إعلان وفاة مازن كان هناك اجتماع لرئيس الوزراء مع القيادات الأمنية يشيد بالمجهودات المبذولة من أجل محاربة التفلتات الأمنية في البلاد، في وقت يحدد مواطنو بحري جهاتٍ بعينها، قالوا إنها تمثل بؤر الانفلات الأمني، ويتساءلون إن كان المواطنون يعرفونها فما الذي تنتظره الجهات الأمنية من أجل حسمها وتحقيق الأمن والاستقرار، والابتعاد عن شبهات أنهم يعملون تحت حماية الجهات الأمنية، وفي ظل تقاعسها عن القيام بواجبها وفي مناطق متعددة ومع تمدد ما يطلق عليه )9 طويلة(؟
عرمان صناعة الفلول
في تصريحات على أثير إذاعة )هلا 96(، قال نائب رئيس الحركة الشعبية برئاسة مالك عقار، المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء ياسر عرمان، إن الانفلات الأمني الذي تقوم به عصابات )النيقرز( مقصود، وتديره جهات تقرأ من تاريخ الثورات التي حدثت حولنا في الأعوام الأخيرة، وذلك لإحداث بلبلة أمنية واقتصادية حتى يكره الناس الثورة، لكن الشعب السوداني واعٍ جداً. تصريحات عرمان تتطابق إلى حد بعيد مع الرؤى القائلة بأن ما يجري الآن مخطط له، وأنه خطوة جديدة ومستمرة من أجل تهيئة الأوضاع للقبول بانقلاب عسكري تتم من خلالها مقايضة حرية الناس بأمنهم وسلامتهم الشخصية، خصوصاً أن اتهامات سابقة تقول إن هذه المجموعات مدربة وتعمل بترتيب وتنسيق كامل، وأنها صنيعة جهاز الأمن في حقبة النظام المخلوع، وأنه كان يتم توظيفها لتحقيق أهداف بعينها، وأن ظهورها تزامن مع هبة ديسمبر 2013، ولتحقيق ذات الغاية الأمن في مقابل الإذعان، لكن وبالنسبة لكثيرين فإن الركون لهذا التحليل وإهمال الجوانب المتعلقة بالاقتصاد في مناقشة الظاهرة لن يقود إلى نتائج دقيقة.
المعركة الحمراء
وفي مناقشة ظاهرة الانفلات الأمني لا يمكن الصعود بأي حال من الأحوال حول ما يجري الآن في استاد المريخ، حيث سالت الدماء في حرم النادي والاستاد يوم الثلاثاء، وتزامن ذلك مع حالة احتقان متنامٍ بسبب النزاع حول أحقية إدارة النادي الأحمر بين حازم مصطفى الذي انتخبته الجمعية العمومية بحدائق الموردة، وآدم سوداكال الذي جددت له جمعية انتخابية أخرى تم عقدها في التوقيت ذاته باستاد المريخ يوم الثلاثاء، حيث سيرت أعداد من الجماهير يقودها نائب الرئيس محمد سيد أحمد مسيرة من أجل استعادة النادي، حدثت فيها مواجهات وأصيب عدد من الأشخاص، قبل أن تنجح المجموعة في إجبار مجموعة سوداكال على المغادرة، والتي كان ردها بيان قالت فيه إنها سترد على المعتدين بذات لغتهم، وفي وقت متأخر من ذات الثلاثاء كان سوداكال ومجموعته يستعيدون سيطرتهم على أماكنهم داخل النادي.
مخاوف من القادم
بدا ملعب المريخ في حالة يرثى لها، بحسب ما نقلته الصورة القادمة من هناك، لكن ما يُرثى له أكثر هو أن تصل الأوضاع في النادي الكبير إلى ما وصلت إليه من مواجهات، قال البعض إن كثيرين استخدموا فيها نفوذهم، ففي الوقت الذي دخلت فيه مجموعة حازم مصطفى بدعم من جهات عسكرية، وفي نهاية المطاف سلمت النادي للقوات المسلحة، كانت )تاتشرات( تتبع لإحدى الحركات على أهبة الاستعداد للدخول دعماً لمجموعة سوداكال ــ وفقاً لما نقل الصحفي المريخي أبو عاقلة أماسا ــ الذي كشف أيضاً أن عودة سوداكال تمت بدعم من التاتشرات ولولا أن توجيهات صدرت لمنسوبي القوات المسلحة بالانسحاب وعدم الرد، لحدث ما لا يحمد عقباه، خصوصاً أن النادي يقع في قلب منطقة سكنية، بينما كانت أصوات الرصاص الاحتفالي التي انطلقت من مسدس يحمله نائب رئيس نادي المريخ محمد سيد أحمد، تردد عبارة واحدة مفادها إنها )الفوضى( التي تتطلب من الجهات الرئيسية التدخل لحسم ما يجري في نادي المريخ حتى لا تتكرر بورسعيد أخرى في الأراضي السودانية.
الحل في الهيكلة
في شوارع الخرطوم ثمة سيارات تنهب الطرقات، وقد وضعت على خلفيتها نمرة مكتوب عليها حركة العدل والمساواة وحدة السودان، قيادة إبراهيم يحيى عبد الرحمن في أوضح نموذج لحالة الفوضى، وهو ما يجعل من عملية إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية ضرورة؛ استجابة لمخرجات اتفاق جوبا للسلام، واستجابة في الوقت نفسه لضرورات تحقيق السلام في العاصمة، خصوصاً في ظل ارتفاع حدة الاحتجاجات على سلوك بعض منسوبي الحركات المسلحة، لكن الأمر في خواتيمه يمضي في اتجاه واحد، وهو أن عملية إعادة الهيكلة وإصلاح بنية المؤسسات الأمنية تقع على عاتق المكون العسكري الذي نال حق المشاركة في الفترة الانتقالية لتحقيق هذا الهدف؛ مما يجعل من أي تقصير في هذا الجانب هو مسؤوليته في المقام الأول، ويضعه في مواجهة سؤال لماذا يحدث ذلك، وهل للأمر علاقة بترتيبات تعيد موازين القوى في المرحلة الانتقالية، أم أن ما يجري، يجري في سياق خطة شاملة من أجل الانقلاب على الثورة؟.