الجمعة 19 نوفمبر 2021 - 7:39
القدس – منذ ما يقرب من 10 سنوات، لم يعرف منعم هارون سوى وطن واحد: إسرائيل. ويعيش مثل الآلاف من المهاجرين السودانيين، ويعمل دون وضع قانوني خوفا من أن تكون عودته إلى وطنه حكما بالإعدام.
وأثار تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان، الذي أُعلن عنه العام الماضي، مخاوف بين المهاجرين من أنهم سيفقدون وضعهم كمهاجرين ويجبرون على العودة. وبعد أسابيع من الانقلاب العسكري الذي أخرج عملية انتقال السودان نحو الديمقراطية عن مسارها، فهم يخشون أن يُعادوا قسرا إلى بلد يخضع لسيطرة الجنرالات المتهمين بارتكاب الفظائع.
وقال هارون “أنا لست ضد التطبيع، لكن التطبيع يجب أن يكون من خلال الحكومة السودانية المدنية، وليس من خلال القوى العسكرية التي تسيطر على السودان اليوم”.
وضمن القادة العسكريون في السودان، القوة الدافعة وراء الاتفاقية، إزالة البلاد من القائمة الأميركية لرعاة الإرهاب، وفتحوا العنان للمساعدات الدولية الحيوية والتجارة.
لكن في الشهر الماضي حل القائد الأعلى للجيش السوداني الفريق ركن عبدالفتاح البرهان الحكومة الانتقالية وأمر باعتقال قادة مدنيين، مما أدى إلى تبدد آمال التحول الديمقراطي بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019. وترك الانقلاب، الذي أدانته الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إسرائيل في وضع محرج.
والتزمت إسرائيل الصمت في ما يتعلق بالانقلاب وعواقبه، مشيرة إلى أنها تنوي الحفاظ على العلاقات الطبيعية. وعمّق تقرير نشره موقع “والا نيوز” الإخباري الإسرائيلي عن زيارة وفد إسرائيلي للسودان سرا للقاء قادة الانقلاب مخاوف المهاجرين من احتمال ترحيلهم قريبا.
أييليت شاكيد: السودانيون متسللون ويجب إعادتهم بعد تطبيع العلاقات
وبدأ المهاجرون السودانيون والإريتريون في الوصول إلى إسرائيل في 2005، مع فرار العديد من السودانيين من الاضطهاد في منطقة دارفور الغربية وجنوب البلاد. وخاضوا في كثير من الأحيان رحلات محفوفة بالمخاطر عبر شبه جزيرة سيناء الوعرة في مصر بحثا عن الأمان والفرص في إسرائيل.
ولم تفعل إسرائيل في البداية سوى القليل لوقف التدفق. ولكن السلطات بدأت في احتجاز الآلاف في سجون صحراوية نائية مع وصول المزيد من المهاجرين. وفي 2013 أكملت إسرائيل بناء حاجز مسيّج على طول حدودها مع مصر أدى إلى تقويض الهجرة.
وأثار وجود المهاجرين رد فعل عنيف بين العديد من الإسرائيليين الذين يقرنونهم بالجريمة والفقر في جنوب تل أبيب، حيث استقر معظمهم. وجرّبت الحكومات اليمينية في السنوات الأخيرة محاولات مختلفة لطردهم.
ووصفت أييليت شاكيد، وهي سياسية يمينية بارزة، المهاجرين السودانيين بأنهم “متسللون” وقالت إنه يجب إعادتهم بعد تطبيع العلاقات. وهي الآن وزيرة الداخلية في حكومة إسرائيل الجديدة، وهو منصب يشرف على سياسات الهجرة.
وقال هارون “نحن قلقون لأنها كانت دائما ضد طالبي اللجوء”.
وقالت وزارة الداخلية إن أوضاع المهاجرين السودانيين لم تتغير بعد الانقلاب، لكنها رفضت الإجابة عن أسئلة أخرى.
ولم تحل إسرائيل سوى جزء صغير من الآلاف من طلبات اللجوء الإريترية والسودانية، معتبرة أسباب قدوم الغالبية العظمى من المهاجرين اقتصادية. ولا تستطيع إسرائيل بموجب القانون الدولي ترحيل المهاجرين إلى دول تتعرض فيها حياتهم أو حرياتهم الأساسية لتهديد خطير.
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني السابق المسجون بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولا تزال المنطقة غير مستقرة مع استمرار انتشار الاشتباكات القبلية. ومنذ انقلاب أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين متظاهرا سودانيا في مواجهات بين المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية والقوات العسكرية.
وقالت سيغال روزن منسقة السياسة العامة في منظمة الخط الساخن للاجئين والمهاجرين الإسرائيلية، إنه “على الرغم من أن إسرائيل لا تعيد المهاجرين، إلا أن المراسيم المتتالية جعلت حياة اللاجئين الأفارقة لا تطاق”.
ويعمل معظم المهاجرين السودانيين والإريتريين الذين يقدر عددهم بنحو 28 ألفا في وظائف متدنية ويكافحون من أجل تغطية نفقاتهم. وتضاءلت أعدادهم بمقدار النصف منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث يسافر معظمهم إلى بلدان ثالثة، معتبرين العودة إلى الوطن غير آمنة.
وفي 2012 أمرت إسرائيل بترحيل أكثر من ألف مهاجر إلى جنوب السودان بعد حصوله على الاستقلال، بحجة أن عودتهم إلى بلادهم آمنة. وحصل أولئك الذين عادوا طواعية على حافز نقدي يبلغ حوالي ألف دولار. وانتقدت الجماعات الحقوقية هذه الخطوة بعد انزلاق جنوب السودان في الحرب الأهلية خلال 2013.
ويبقى معظم المهاجرين الأفارقة ممنوعين من الحقوق الاجتماعية الأساسية مثل الإجازة المرضية ورخص القيادة ويخضعون أيضا لغرامات مالية. وكان من بين أكثرها إثارة للجدل “قانون الإيداع”، الذي حد من وصول طالبي اللجوء إلى نسب من رواتبهم أثناء بقائهم في إسرائيل. ونُقض القانون، الذي لم يمح بإرجاع باقي رواتب المهاجرين إلا إذا غادروا البلاد، في 2020.
وفي أبريل أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية وزارة الداخلية بحل الآلاف من طلبات اللجوء السودانية التي لم تلق الرد بحلول نهاية العام أو منح إقامة مؤقتة للذين يشملهم الأمر.
وكان السودان غائبا بشكل ملحوظ عن الاحتفالات بالذكرى السنوية لاتفاقات أبراهم، بينما شهدت إسرائيل والدول الثلاث الأخرى زيارات رفيعة المستوى وفتحت سفارات. ولم ترد الأنباء من الجبهة السودانية بخلاف اجتماع مفاجئ بين مسؤولين إسرائيليين وسودانيين في الإمارات قبل أسابيع من الانقلاب. وقال السودان في سبتمبر إنه سيصادر أصول شركات مرتبطة بحركة حماس الإسلامية التي تحكم غزة.
وعزا حاييم كورين السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر وجنوب السودان التأخيرات إلى مخاوف المسؤولين السودانيين بشأن ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية الجديدة وإدارة بايدن ستفيان بوعود اتفاق التطبيع. وأعرب كلاهما عن دعمهما القوي لتعميق وتوسيع اتفاقيات أبراهم.
وقال كورين “لا تزال هناك مجالات لا تزال بحاجة إلى مفاوضات، لكنني أتوقع إقامة علاقات كاملة. ربما لن نشهد هذا اليوم، لكنه سيحدث”.
القدس – منذ ما يقرب من 10 سنوات، لم يعرف منعم هارون سوى وطن واحد: إسرائيل. ويعيش مثل الآلاف من المهاجرين السودانيين، ويعمل دون وضع قانوني خوفا من أن تكون عودته إلى وطنه حكما بالإعدام.
وأثار تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان، الذي أُعلن عنه العام الماضي، مخاوف بين المهاجرين من أنهم سيفقدون وضعهم كمهاجرين ويجبرون على العودة. وبعد أسابيع من الانقلاب العسكري الذي أخرج عملية انتقال السودان نحو الديمقراطية عن مسارها، فهم يخشون أن يُعادوا قسرا إلى بلد يخضع لسيطرة الجنرالات المتهمين بارتكاب الفظائع.
وقال هارون “أنا لست ضد التطبيع، لكن التطبيع يجب أن يكون من خلال الحكومة السودانية المدنية، وليس من خلال القوى العسكرية التي تسيطر على السودان اليوم”.
وضمن القادة العسكريون في السودان، القوة الدافعة وراء الاتفاقية، إزالة البلاد من القائمة الأميركية لرعاة الإرهاب، وفتحوا العنان للمساعدات الدولية الحيوية والتجارة.
لكن في الشهر الماضي حل القائد الأعلى للجيش السوداني الفريق ركن عبدالفتاح البرهان الحكومة الانتقالية وأمر باعتقال قادة مدنيين، مما أدى إلى تبدد آمال التحول الديمقراطي بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019. وترك الانقلاب، الذي أدانته الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إسرائيل في وضع محرج.
والتزمت إسرائيل الصمت في ما يتعلق بالانقلاب وعواقبه، مشيرة إلى أنها تنوي الحفاظ على العلاقات الطبيعية. وعمّق تقرير نشره موقع “والا نيوز” الإخباري الإسرائيلي عن زيارة وفد إسرائيلي للسودان سرا للقاء قادة الانقلاب مخاوف المهاجرين من احتمال ترحيلهم قريبا.
أييليت شاكيد: السودانيون متسللون ويجب إعادتهم بعد تطبيع العلاقات
وبدأ المهاجرون السودانيون والإريتريون في الوصول إلى إسرائيل في 2005، مع فرار العديد من السودانيين من الاضطهاد في منطقة دارفور الغربية وجنوب البلاد. وخاضوا في كثير من الأحيان رحلات محفوفة بالمخاطر عبر شبه جزيرة سيناء الوعرة في مصر بحثا عن الأمان والفرص في إسرائيل.
ولم تفعل إسرائيل في البداية سوى القليل لوقف التدفق. ولكن السلطات بدأت في احتجاز الآلاف في سجون صحراوية نائية مع وصول المزيد من المهاجرين. وفي 2013 أكملت إسرائيل بناء حاجز مسيّج على طول حدودها مع مصر أدى إلى تقويض الهجرة.
وأثار وجود المهاجرين رد فعل عنيف بين العديد من الإسرائيليين الذين يقرنونهم بالجريمة والفقر في جنوب تل أبيب، حيث استقر معظمهم. وجرّبت الحكومات اليمينية في السنوات الأخيرة محاولات مختلفة لطردهم.
ووصفت أييليت شاكيد، وهي سياسية يمينية بارزة، المهاجرين السودانيين بأنهم “متسللون” وقالت إنه يجب إعادتهم بعد تطبيع العلاقات. وهي الآن وزيرة الداخلية في حكومة إسرائيل الجديدة، وهو منصب يشرف على سياسات الهجرة.
وقال هارون “نحن قلقون لأنها كانت دائما ضد طالبي اللجوء”.
وقالت وزارة الداخلية إن أوضاع المهاجرين السودانيين لم تتغير بعد الانقلاب، لكنها رفضت الإجابة عن أسئلة أخرى.
ولم تحل إسرائيل سوى جزء صغير من الآلاف من طلبات اللجوء الإريترية والسودانية، معتبرة أسباب قدوم الغالبية العظمى من المهاجرين اقتصادية. ولا تستطيع إسرائيل بموجب القانون الدولي ترحيل المهاجرين إلى دول تتعرض فيها حياتهم أو حرياتهم الأساسية لتهديد خطير.
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني السابق المسجون بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولا تزال المنطقة غير مستقرة مع استمرار انتشار الاشتباكات القبلية. ومنذ انقلاب أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين متظاهرا سودانيا في مواجهات بين المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية والقوات العسكرية.
وقالت سيغال روزن منسقة السياسة العامة في منظمة الخط الساخن للاجئين والمهاجرين الإسرائيلية، إنه “على الرغم من أن إسرائيل لا تعيد المهاجرين، إلا أن المراسيم المتتالية جعلت حياة اللاجئين الأفارقة لا تطاق”.
ويعمل معظم المهاجرين السودانيين والإريتريين الذين يقدر عددهم بنحو 28 ألفا في وظائف متدنية ويكافحون من أجل تغطية نفقاتهم. وتضاءلت أعدادهم بمقدار النصف منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث يسافر معظمهم إلى بلدان ثالثة، معتبرين العودة إلى الوطن غير آمنة.
وفي 2012 أمرت إسرائيل بترحيل أكثر من ألف مهاجر إلى جنوب السودان بعد حصوله على الاستقلال، بحجة أن عودتهم إلى بلادهم آمنة. وحصل أولئك الذين عادوا طواعية على حافز نقدي يبلغ حوالي ألف دولار. وانتقدت الجماعات الحقوقية هذه الخطوة بعد انزلاق جنوب السودان في الحرب الأهلية خلال 2013.
ويبقى معظم المهاجرين الأفارقة ممنوعين من الحقوق الاجتماعية الأساسية مثل الإجازة المرضية ورخص القيادة ويخضعون أيضا لغرامات مالية. وكان من بين أكثرها إثارة للجدل “قانون الإيداع”، الذي حد من وصول طالبي اللجوء إلى نسب من رواتبهم أثناء بقائهم في إسرائيل. ونُقض القانون، الذي لم يمح بإرجاع باقي رواتب المهاجرين إلا إذا غادروا البلاد، في 2020.
وفي أبريل أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية وزارة الداخلية بحل الآلاف من طلبات اللجوء السودانية التي لم تلق الرد بحلول نهاية العام أو منح إقامة مؤقتة للذين يشملهم الأمر.
وكان السودان غائبا بشكل ملحوظ عن الاحتفالات بالذكرى السنوية لاتفاقات أبراهم، بينما شهدت إسرائيل والدول الثلاث الأخرى زيارات رفيعة المستوى وفتحت سفارات. ولم ترد الأنباء من الجبهة السودانية بخلاف اجتماع مفاجئ بين مسؤولين إسرائيليين وسودانيين في الإمارات قبل أسابيع من الانقلاب. وقال السودان في سبتمبر إنه سيصادر أصول شركات مرتبطة بحركة حماس الإسلامية التي تحكم غزة.
وعزا حاييم كورين السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر وجنوب السودان التأخيرات إلى مخاوف المسؤولين السودانيين بشأن ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية الجديدة وإدارة بايدن ستفيان بوعود اتفاق التطبيع. وأعرب كلاهما عن دعمهما القوي لتعميق وتوسيع اتفاقيات أبراهم.
وقال كورين “لا تزال هناك مجالات لا تزال بحاجة إلى مفاوضات، لكنني أتوقع إقامة علاقات كاملة. ربما لن نشهد هذا اليوم، لكنه سيحدث”.