الإثنين 29 نوفمبر 2021 - 5:59
سارع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بقطع الطريق على رئيس الحكومة عبدالله حمدوك وأعلن الأحد تخلّصه من قيادات أمنية رفيعة، قبل أن يتحول إعفاء حمدوك لمدير الشرطة إلى كرة ثلج تكبر ولا يستطيع المكون العسكري وقف تداعياتها السياسية.
وعاد الصراع بين البرهان وحمدوك عقب التوقيع على اتفاق سياسي الأسبوع الماضي بينهما أوقف مؤقتا نزيف أزمة محتدمة كادت تؤدي إلى المزيد من تفاقم الأوضاع.
ويحاول حمدوك تحسين صورته أمام قوى الحرية والتغيير واللجان الثورية التي تحفظت على اتفاقه مع قائد الجيش من خلال تحميل مسؤولية الضحايا الذين راحوا في المظاهرات لأجهزة أمنية اشتبكت مع المتظاهرين في ميادين مختلفة.
وفطن البرهان إلى هذا التوجه فقام بحركة إعفاءات كبيرة لقيادات بعض الأجهزة الرفيعة لتفويت الفرصة على وصول نتائج إعفاء قائد الشرطة إليه شخصيا بكل ما يترتّب عليها من روافد بصفته قائدا عاما للجيش ومتحكّما في مفاتيح أمنية عديدة.
◄ أحمد التهامي: حمدوك يبحث عن مخرج لاستعادة ثقة حاضنته الأولى
ولجأ إلى إنهاء حالة من التردد لأزمته حيال إقالة البعض من القيادات، ما وضعه سابقا في مرمى الكثير من نيران القوى المدنية التي اعتبرته متسترا على العديد من الخروقات الأمنية.
وأطاح الجنرال البرهان بعدد من كبار الضباط بجهاز المخابرات العامة، عقب إعفاء مدير الجهاز الفريق جمال عبدالمجيد من منصبه وتعيين الفريق أحمد إبراهيم مفضل في منصب مدير المخابرات الذي شغل منصب مدير هيئة المخابرات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات وعمل نائبا لمدير المخابرات المُقال.
وشملت عملية الإقالة خمسة من الضباط برتبة لواء كانوا يشغلون إدارات مهمة في جهاز المخابرات، وأربعة برتبة عميد تولوا الإشراف على بعض الملفات المهمة.
وحمل تغيير قائد جهاز المخابرات إشارة بأن الفترة المقبلة سوف تشهد مواجهة عدد من الظواهر المهددة للأمن الداخلي على مستوى حماية السودان من التدخلات الخارجية ومكافحة الإرهاب.
والأمر ذاته بالنسبة إلى هيئة الاستخبارات المتوقع أن تلعب دوراً على مستوى تحقيق الأمن الاقتصادي والتعامل مع الأعباء المعيشية عبر دائرة تابعة لها مختصة بهذا النوع من الملفات.
ووصف متابعون إعفاءات البرهان بأنها “انحناء لعاصفة قادمة” بعد أن أصبح بند إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية يحتل أولوية على أجندة حمدوك ليثبت أنه لم يرضخ لإملاءات الجيش عندما وقّع الاتفاق السياسي وقبل بالعودة ثانية إلى رئاسة الحكومة.
وقال الخبير الأمني الفريق أحمد التهامي إن الإعفاءات يمكن وصفها بالروتينية وطالت من قضوا عامين أو أكثر في وظائفهم على حسب أداء عملهم، ومثل هذه القرارات تصدر من رأس الدولة ومفترض ألاّ تخضع لأهواء وتفسيرات الساسة.
مجدي عبدالعزيز: السلطة الحالية تعمل على تجديد دماء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية
وأضاف لـ”العرب” أن “حمدوك أراد أن يبرهن على امتلاكه للقرار السياسي، وهو يبحث عن مخرج لاستعادة ثقة حاضنته الأولى التي هاجمته بعد توقيع الاتفاق السياسي، وعمدت إلى شيطنة قوات الشرطة وقيادتها أكملت نحو عام في وضع استثنائي تحركه بوصلة الناشطين والسياسيين في غياب مؤسسات الدولة العدلية”.
وذكر أن ترك تقييم الأجهزة النظامية بيد الساسة في وضع عام هش خطأ، لأن حمدوك طالما لوح للقادة القدامى بأن يتم التعامل مع المتظاهرين بالمزيد من التساهل حتى ولو أدى ذلك إلى مهاجمة الشرطة ومقارها التي تحوي أرواحا وممتلكات وأسلحة.
وجاءت خطوة البرهان بعد يوم واحد من إعفاء حمدوك للفريق أول خالد مهدي إبراهيم الإمام من وظيفة مدير عام قوات الشرطة، والفريق الصادق علي إبراهيم علي من وظيفة نائب مدير عام قوات الشرطة، وتعيين الفريق عنان حامد محمد عمر مديراً عاماً لقوات الشرطة، واللواء مدثر عبدالرحمن نصرالدين عبدالله نائباً له ومفتشاً عاماً لقوات الشرطة.
ويبدو أن الشكوك حول تورّط بعض الأجهزة الأمنية في استخدام العنف ضد المتظاهرين دفعت البرهان إلى هذه الإعفاءات للتخفيف من حدة غضب الشارع والقوى السياسية التي طالب بعضها بتشكيل لجنة تحقيق دولية في حوادث قتل المتظاهرين.
ولم تتعامل أجهزة الشرطة باحترافية خلال الاحتجاجات الماضية، واستفزت بياناتها التي أشارت إلى قتل متظاهر واحد فقط المواطنين بما قاد إلى توسيع حركة الاحتجاج، ما شكل خطوة أولى لتوجيه اتهامات لقيادات متهمة بالتورط في قتل المتظاهرين.
وعلمت “العرب” أن إعفاء القيادات الرفيعة لم يلق قبولاً واسعًا لدى قطاعات سياسية وشعبية لا تزال تصر على تشكيل لجان تحقيق داخلية ودولية لتوجيه اتهامات محددة لقيادات تتحمل مسؤولية قتل المتظاهرين، من بينها البرهان نفسه.
وأوضح المحلل السياسي مجدي عبدالعزيز لـ”العرب” أن السلطة الحالية تعمل على تجديد دماء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ما يفسر حجم التغييرات التي شملت عناصر من الشرطة والمخابرات العامة وهيئة الاستخبارات العسكرية.
ويهدف إعفاء بعض القيادات إلى إرسال إشارات إلى الداخل والخارج مفادها أن هناك رغبة في إعادة ترتيب المشهد السوداني أمنيا وسياسيا، وأن قرارات البرهان قد تلحق بها تغييرات على مستوى الأجهزة العدلية والتنفيذية معا لتشكيل حكومة جديدة.
وأكد عبدالعزيز أن التعديلات التي طالت قيادة جهاز الشرطة استبقت خروج نتائج تحقيق بشأن قتل المتظاهرين وتريد ضمان الوصول إلى نتائج عادلة لما جرى خلال الأيام الماضية بعيداً عن أيّ ضغوط قد تتعرض لها من القيادة السابقة، لأن هناك من روّجوا لوجود طرف ثالث اشترك في عمليات العنف ضد المتظاهرين.
الشكوك حول تورّط بعض الأجهزة الأمنية في استخدام العنف ضد المتظاهرين دفع البرهان إلى هذه الإعفاءات
واعتاد الجنرال البرهان على اللجوء إلى إعفاء بعض القيادات منذ الإطاحة بنظام عمر البشير للإيحاء بأنه عازم على إدخال إصلاحات في المنظومة الأمنية، فقد أطاح من قبل بعدد كبير من الضباط، بينهم سبع مئة ينتمون إلى جهاز المخابرات العامة.
ولم تكن الإجراءات المتفرقة مقنعة للمدنيين الذين تراودهم قناعة بأن المئات وربما الآلاف من العناصر المحسوبة على النظام السابق لا تزال نشطة في مؤسستي الجيش والشرطة وهما تتحملان مسؤولية وقوع الكثير من الضحايا في المظاهرات.
وهناك اتفاق بين المكونين العسكري والمدني على إصلاح المؤسستين الأمنية والعسكرية خلال المرحلة الانتقالية جرى تضمينه في الوثيقة الدستورية، وأشارت اتفاقية جوبا للسلام إلى القيام بترتيبات أمنية يستوعب فيها الجيش مقاتلي الحركات المسلحة.
سارع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بقطع الطريق على رئيس الحكومة عبدالله حمدوك وأعلن الأحد تخلّصه من قيادات أمنية رفيعة، قبل أن يتحول إعفاء حمدوك لمدير الشرطة إلى كرة ثلج تكبر ولا يستطيع المكون العسكري وقف تداعياتها السياسية.
وعاد الصراع بين البرهان وحمدوك عقب التوقيع على اتفاق سياسي الأسبوع الماضي بينهما أوقف مؤقتا نزيف أزمة محتدمة كادت تؤدي إلى المزيد من تفاقم الأوضاع.
ويحاول حمدوك تحسين صورته أمام قوى الحرية والتغيير واللجان الثورية التي تحفظت على اتفاقه مع قائد الجيش من خلال تحميل مسؤولية الضحايا الذين راحوا في المظاهرات لأجهزة أمنية اشتبكت مع المتظاهرين في ميادين مختلفة.
وفطن البرهان إلى هذا التوجه فقام بحركة إعفاءات كبيرة لقيادات بعض الأجهزة الرفيعة لتفويت الفرصة على وصول نتائج إعفاء قائد الشرطة إليه شخصيا بكل ما يترتّب عليها من روافد بصفته قائدا عاما للجيش ومتحكّما في مفاتيح أمنية عديدة.
◄ أحمد التهامي: حمدوك يبحث عن مخرج لاستعادة ثقة حاضنته الأولى
ولجأ إلى إنهاء حالة من التردد لأزمته حيال إقالة البعض من القيادات، ما وضعه سابقا في مرمى الكثير من نيران القوى المدنية التي اعتبرته متسترا على العديد من الخروقات الأمنية.
وأطاح الجنرال البرهان بعدد من كبار الضباط بجهاز المخابرات العامة، عقب إعفاء مدير الجهاز الفريق جمال عبدالمجيد من منصبه وتعيين الفريق أحمد إبراهيم مفضل في منصب مدير المخابرات الذي شغل منصب مدير هيئة المخابرات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات وعمل نائبا لمدير المخابرات المُقال.
وشملت عملية الإقالة خمسة من الضباط برتبة لواء كانوا يشغلون إدارات مهمة في جهاز المخابرات، وأربعة برتبة عميد تولوا الإشراف على بعض الملفات المهمة.
وحمل تغيير قائد جهاز المخابرات إشارة بأن الفترة المقبلة سوف تشهد مواجهة عدد من الظواهر المهددة للأمن الداخلي على مستوى حماية السودان من التدخلات الخارجية ومكافحة الإرهاب.
والأمر ذاته بالنسبة إلى هيئة الاستخبارات المتوقع أن تلعب دوراً على مستوى تحقيق الأمن الاقتصادي والتعامل مع الأعباء المعيشية عبر دائرة تابعة لها مختصة بهذا النوع من الملفات.
ووصف متابعون إعفاءات البرهان بأنها “انحناء لعاصفة قادمة” بعد أن أصبح بند إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية يحتل أولوية على أجندة حمدوك ليثبت أنه لم يرضخ لإملاءات الجيش عندما وقّع الاتفاق السياسي وقبل بالعودة ثانية إلى رئاسة الحكومة.
وقال الخبير الأمني الفريق أحمد التهامي إن الإعفاءات يمكن وصفها بالروتينية وطالت من قضوا عامين أو أكثر في وظائفهم على حسب أداء عملهم، ومثل هذه القرارات تصدر من رأس الدولة ومفترض ألاّ تخضع لأهواء وتفسيرات الساسة.
مجدي عبدالعزيز: السلطة الحالية تعمل على تجديد دماء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية
وأضاف لـ”العرب” أن “حمدوك أراد أن يبرهن على امتلاكه للقرار السياسي، وهو يبحث عن مخرج لاستعادة ثقة حاضنته الأولى التي هاجمته بعد توقيع الاتفاق السياسي، وعمدت إلى شيطنة قوات الشرطة وقيادتها أكملت نحو عام في وضع استثنائي تحركه بوصلة الناشطين والسياسيين في غياب مؤسسات الدولة العدلية”.
وذكر أن ترك تقييم الأجهزة النظامية بيد الساسة في وضع عام هش خطأ، لأن حمدوك طالما لوح للقادة القدامى بأن يتم التعامل مع المتظاهرين بالمزيد من التساهل حتى ولو أدى ذلك إلى مهاجمة الشرطة ومقارها التي تحوي أرواحا وممتلكات وأسلحة.
وجاءت خطوة البرهان بعد يوم واحد من إعفاء حمدوك للفريق أول خالد مهدي إبراهيم الإمام من وظيفة مدير عام قوات الشرطة، والفريق الصادق علي إبراهيم علي من وظيفة نائب مدير عام قوات الشرطة، وتعيين الفريق عنان حامد محمد عمر مديراً عاماً لقوات الشرطة، واللواء مدثر عبدالرحمن نصرالدين عبدالله نائباً له ومفتشاً عاماً لقوات الشرطة.
ويبدو أن الشكوك حول تورّط بعض الأجهزة الأمنية في استخدام العنف ضد المتظاهرين دفعت البرهان إلى هذه الإعفاءات للتخفيف من حدة غضب الشارع والقوى السياسية التي طالب بعضها بتشكيل لجنة تحقيق دولية في حوادث قتل المتظاهرين.
ولم تتعامل أجهزة الشرطة باحترافية خلال الاحتجاجات الماضية، واستفزت بياناتها التي أشارت إلى قتل متظاهر واحد فقط المواطنين بما قاد إلى توسيع حركة الاحتجاج، ما شكل خطوة أولى لتوجيه اتهامات لقيادات متهمة بالتورط في قتل المتظاهرين.
وعلمت “العرب” أن إعفاء القيادات الرفيعة لم يلق قبولاً واسعًا لدى قطاعات سياسية وشعبية لا تزال تصر على تشكيل لجان تحقيق داخلية ودولية لتوجيه اتهامات محددة لقيادات تتحمل مسؤولية قتل المتظاهرين، من بينها البرهان نفسه.
وأوضح المحلل السياسي مجدي عبدالعزيز لـ”العرب” أن السلطة الحالية تعمل على تجديد دماء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ما يفسر حجم التغييرات التي شملت عناصر من الشرطة والمخابرات العامة وهيئة الاستخبارات العسكرية.
ويهدف إعفاء بعض القيادات إلى إرسال إشارات إلى الداخل والخارج مفادها أن هناك رغبة في إعادة ترتيب المشهد السوداني أمنيا وسياسيا، وأن قرارات البرهان قد تلحق بها تغييرات على مستوى الأجهزة العدلية والتنفيذية معا لتشكيل حكومة جديدة.
وأكد عبدالعزيز أن التعديلات التي طالت قيادة جهاز الشرطة استبقت خروج نتائج تحقيق بشأن قتل المتظاهرين وتريد ضمان الوصول إلى نتائج عادلة لما جرى خلال الأيام الماضية بعيداً عن أيّ ضغوط قد تتعرض لها من القيادة السابقة، لأن هناك من روّجوا لوجود طرف ثالث اشترك في عمليات العنف ضد المتظاهرين.
الشكوك حول تورّط بعض الأجهزة الأمنية في استخدام العنف ضد المتظاهرين دفع البرهان إلى هذه الإعفاءات
واعتاد الجنرال البرهان على اللجوء إلى إعفاء بعض القيادات منذ الإطاحة بنظام عمر البشير للإيحاء بأنه عازم على إدخال إصلاحات في المنظومة الأمنية، فقد أطاح من قبل بعدد كبير من الضباط، بينهم سبع مئة ينتمون إلى جهاز المخابرات العامة.
ولم تكن الإجراءات المتفرقة مقنعة للمدنيين الذين تراودهم قناعة بأن المئات وربما الآلاف من العناصر المحسوبة على النظام السابق لا تزال نشطة في مؤسستي الجيش والشرطة وهما تتحملان مسؤولية وقوع الكثير من الضحايا في المظاهرات.
وهناك اتفاق بين المكونين العسكري والمدني على إصلاح المؤسستين الأمنية والعسكرية خلال المرحلة الانتقالية جرى تضمينه في الوثيقة الدستورية، وأشارت اتفاقية جوبا للسلام إلى القيام بترتيبات أمنية يستوعب فيها الجيش مقاتلي الحركات المسلحة.