الخميس 9 ديسمبر 2021 - 20:10
تقرير: أميرة الجعلي
خلال مخاطبته أمس ختام العام التدريبي لعام ٢٠٢١م للجيش بمنطقة المعاقيل، اكد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التزامهم بالعمل مع رئيس مجلس الوزراء والاهتمام بمعاش الناس، توفير الأمن، العمل على استدامة واستكمال عملية السلام والتحضير للانتخابات بإشاعة جو الحرية والسلام والعدل.
ليس هذا فحسب، بل أعلن دعمه رئيس الوزراء في أداء مهامه للعبور بالفترة الانتقالية إلى غاياتها، وأضاف قائلاً: )الآن بدأنا بداية حقيقية، وبدأنا نتحرر من كل القيود التي كانت تكبل حتى حمدوك(.
وبالإشارة إلى الدعم الكبير الذي يقدمه المكون العسكري لحمدوك منذ )٢٥( أكتوبر الماضي كرئيس للوزراء بجانب الدعم الدولي والإقليمي للمضي قدماً بالفترة الانتقالية، إلا أن الرجل بحسب المراقبين يمضي بصورة بطيئة في تشكيل الحكومة وإكمال مؤسسات الدولة، منذ أن أعيد تعيينه مجدداً بعد التوقيع على الاتفاق السياسي بينه وبين البرهان.
ويرى البعض أن حمدوك منذ التوقيع على الاتفاق السياسي وجلوسه على كرسيه مجدداً لم يحرك ساكناً ولم يتخذ أي قرار للمضي بالفترة الانتقالية إلى الأمام، أي أن مهامه انحصرت فقط منذ )٢١( نوفمبر في إجراء المقابلات التلفزيونية والتحدث مجدداً عن وعود سينفذها، بجانب إجراء مقابلات روتينية على رأسها لقاء المبعوثين الدوليين والسفراء المعتمدين في السودان، بجانب لقاءات غير رسمية بالمجلس المركزي للحرية والتغيير الذي يشهد صراعاً داخلياً بين مكوناته الحزبية.
ماذا يفعل حمدوك؟
ويتساءل الكثيرون حول ما الذي يفعله حمدوك ولماذا حتى الآن لم يشكل حكومته التي حدد لها أسبوعين منذ أن جلس على كرسيه مجدداً؟ وهل أصبح الرجل زاهداً في المنصب خاصة بعد الصراعات المتزايدة داخل مركزي الحرية ورفض الشارع العام الاتفاق السياسي، أم قرر الرجل ان يعمل بصمت مع مجموعة محددة؟
وهناك تسريبات تفيد بأن بعض أفراد طاقم مكتب حمدوك القديم رفض العودة مجدداً للعمل معه، خاصةً بعد أن تم اعتقال بعضهم من قبل المكون العسكري في )٢٥( أكتوبر الماضي ورفضهم الاتفاق الموقع مع البرهان، كما كانت هناك تسريبات الأسبوع الماضي بأن الرجل يرغب في تقديم استقالته، فيما صدرت تصريحات صحفية من مقربين منه بأن حمدوك رهن استمراره في منصبه بالتزام المكون العسكري بتنفيذ الاتفاق السياسي بجانب دعم القوى السياسية الاتفاق.
حصار دولي
ويبدو أن المجتمع الدولي من خلال مبعوثيه وسفرائه بالداخل يحاصرون رئيس الوزراء من خلال لقائه بصورة مستمرة من حين لآخر، وربما يصرفون له روشتات بكيفية إدارة الفترة الانتقالية في السودان، كما ينشطون في إجراء لقاءات مكثفة مع أطراف متعددة.
وأمس الأول التقى حمدوك سفراء الاتحاد الأوروبي بالبلاد، حيث ناقش اللقاء الوضع السياسي الراهن، وأطلع رئيس الوزراء السفراء على التطورات بالبلاد منذ توقيعه على الاتفاق الإطاري في )21( نوفمبر الماضي والخطوات العملية التي أعقبته.
ومن جانبهم أكد السفراء مساندة الاتحاد الأوروبي المستمر منذ ديسمبر 2018م الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في الحرية والسلام والعدالة، ودعمهم الأنموذج السوداني الفريد في التحول الديموقراطي.
ورحب اللقاء بالبنود الأربعة عشر التي تضمنها الاتفاق الإطاري الموقع في )21( نوفمبر باعتباره خطوة أولى في اتجاه العودة لمسار التحول المدني الديمقراطي، وأكد أن هذه الخطوة تتطلب مزيداً من الخطوات والإجراءات لبناء الثقة بين مختلف مكونات الفترة الانتقالية عقب )25( أكتوبر الماضي.
تحذير عسكري
ورغم اللقاءات المستمرة التي يجريها حمدوك مع بعثات الدبلوماسيين لاسيما الغربية، فقد اتهم القائد العام للجيش بعض الدبلوماسيين بالتحريض على الجيش، وقال: )نحن نعلم تحركاتهم(، وحذر من التطاول على أمن البلاد، وأضاف أن الدبلوماسيين يتجولون وسط المواطنين وشغالين )المديد حرقتني ويحرضون بعض الأطراف على القوات المسلحة عشان يلقوا فرصة ويجوا يدخلوا في الشأن السوداني، ونحن بنحذر من مغبة هذه التحركات، وبنقول نحن شايفين ومفتحين، وما بغلبنا نتخذ أي إجراء ضد أي زول يتطاول على أمن السودان وعلى حرمة أهل السودان، ويتطاول على أي شي بمس أمن هذا البلد(.
مما يعني أن المكون العسكري غير راضٍ عن تحركات السفراء التي أصبحت مفتوحة دون سقف مع كافة الأطراف، ولا يرغب في أن يكون وصياً على الفترة الانتقالية.
حمدوك لن يستمر
وبالمقابل توقع المفكر الإسلامي بروفيسور حسن مكي عدم استمرار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في منصبه.
وقال مكي للزميلة )اليوم التالي( أمس الأول إن حمدوك سيجد استحالة في الاستمرار في منصبه، ليس فقط لأن المكوّن العسكري لا يتعاون معه، لكنّ لأن مشكلات السودان أكبر من قدراته. وأشار إلى أن حمدوك لا يستطيع تكوين المحكمة الدستورية ولا المجلس التشريعي، وسيجد من الأفضل له أنّ ينسحب من المشهد.
وجزم مكي بأن المعركة التي بدأت في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي التي سميت )تصحيح المسار( لم تحسم بعد لا لصالح المكوّن العسكري ولا لصالح رئيس الوزراء، وقال ان هناك جولة قادمة.
وأشار مكي إلى أن المتغيرات في السودان أصبحت أكبر من قدرات الذين يحكمون سواء من المكون العسكري أو رئيس الوزراء. وقال: )لذلك ستفرض نفسها في الشهور القادمة إنّ لم تكن الأسابيع القادمة(.
رهان خاسر
واشار خبير سياسي ــ فضل عدم ذكر اسمه ــ في حديثه لـ )الانتباهة( إلى ما نشره المستشار السياسي السابق لحمدوك والقيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان اخيراً بضرورة تكوين مكتب رئيس الوزراء، وان مكتبه هو المسيطر على الأمور اكثر منه شخصياً. واستغرب الخبير من تصريحات البرهان الداعمة لحمدوك، مؤكداً أن كل المؤشرات ترجح عودة حمدوك إلى حاضنته القديمة من خلال تعيين الوكلاء الذين تم اختيارهم على اساس حزبي ايديولوجي، مشيراً إلى أن التسريبات تؤكد ان وكيل الإعلام اختاره الرشيد سعيد وان وكيل الخارجية اختارته مريم الصادق الوزيرة السابقة، وانتقد الخبير ضعف الحكومة في محاصرة تدخل السفارات الغربية والإقليمية في الشأن الداخلي، مؤكداً ضعف الطاقم التنفيذي لوزارة الخارجية التي عجزت عن ان تمنع التدخل المريع في شؤون البلاد.
واكد ان رهان البرهان على اداء حمدوك يعتبر رهاناً خاسراً، لأن حمدوك كما فشل في السابق سيفشل الآن، هذا إضافة لمحاولة تغيير رأيه بواسطة الحاضنة القديمة وإعادة شعبيته في الشارع عن طريق التنكر للاتفاق الموقع مع البرهان، وهو ما يعرض البلاد لمزيد من الخطر.
عنصر أزمة
اما المحلل السياسي الرشيد محمد فقال لـ )الانتباهة( انه رغم الاجراء الذي تم بعد قرارات )٢٥( أكتوبر، الا ان حمدوك يمثل عنصر ازمة ويصعب ان يكون جزءاً من حل الأزمة. واضاف ان المعيار الذي توافق عليه الناس الخاص بالكفاءة والاستقلالية والحيادية تم تطبيقه على من هم دون رئيس الوزراء، ولم يتطرق احد إلى مدى استيفاء حمدوك شرط الثورة التصحيحية التي استندت الى الكفاءة والاستقلالية. وقال محدثي ان المكون العسكري يعلم قدرات حمدوك مما يعني أن عودته تكتيكية وليست استراتيجية مقصوده بذاتها.
وأوضح أن حمدوك الآن يعمل بذات الطريقة والأدوات القديمة ويحاول انتاج الأزمة، وكان متردداً والسياسة تريد قرارات وجرأة ورؤية وقيادة وهذه الصفات غير متوفرة في حمدوك، وأضاف قائلاً: )حمدوك يريد الآن ارضاء كافة الأطراف، وحديثه عن تكليف نبيل أديب بكتابة إعلان سياسي أيضاً اعادة لانتاج الأزمة، لأن نبيل ساهم في كتابة الوثيقة الدستورية وكذلك كان وسيطاً في الاتفاق السياسي ورئيس للجنة فض الاعتصام التي لم يرفع تقريرها حتى الآن، ويشعر حمدوك بأن امر الوزراء الجدد ليس بيده وان الترشيحات ستأتي من الولايات، وحاول الالتفاف عليها من خلال تعيين وكلاء الوزارات(، وتوقع الرشيد ان ينادي حمدوك الآن بإعلان سياسي ينظم العلاقة بينه وبين الاحزاب، وأشار إلى أن البعض كان يظن انه تخلص مما تسمى الحمولة الزائدة وهي الحرية والتغيير، لكن يبدو أن طريقته في محاولة ارضاء الكل ستفقده ما تبقى له من رصيد.
فراغ كبير
لكن المحلل السياسي خالد الأعيسر يرى انه لما تم من صراعات متراكمة والخلافات السياسية بين القوى المدنية التي كانت حاضنة تحدد حركة واتجاهات رئيس الوزراء وترسم له معالم الطريق قبل )٢٥( أكتوبر وتنتقي له الشخوص المعنيين بالوظائف الدستورية، أصبح هناك فراغ كبير سيقابله رئيس الوزراء، وقال إن هذا في حد ذاته عنصر اساسي في تأخير حركة انتاج رئاسة مجلس الوزراء.
وكشف انهم بصدد بناء منظومة مرجعية تهتم بملء هذه الفراغات، وأضاف قائلاً: )لكن في الواقع هذا التأخير سيكون الناتج منه افضل مما كان عليه الحال في السابق، خاصة اذا اسقطنا فكرة اختيار كفاءات وطنية مستقلة على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني(.
وأكد الأعيسر لـ )الانتباهة( ان التأخير فيه خير وان كانت الضرورة تقتضي التعجيل. وواصل خالد حديثه بأنه من المؤكد أن رئيس الوزراء ومكتبه يعملون بكفاءة لتدارك عثرات الماضي وتجاوز هذه المرحلة التي َوصفها بالمفصلية من تاريخ السودان. وأضاف قائلاً: )من الجيد ان مطلوبات حمدوك للنجاح أصبحت شبه متوفرة بحكم ما تم من إجراءات في )٢١( نوفمبر بما يعرف بالاتفاق السياسي الذي يخول لحمدوك حرية الحركة(.
خلف الكواليس
وكشف الاعيسر عن وجود عمل دؤوب يتم خلف الكواليس، وقال: )لكن المهم في هذه المرحلة ضرورة تعاون المكون العسكري بصورة كاملة مع رئيس الوزراء حتى يتمكن من انجاز مهامه بصورة ناجحة(، وأضاف قائلاً: )إن اي تعطيل من المكون العسكري لحركة حمدوك والحرية في تنفيذ ما يراه مناسباً ستقضي على ما تبقى من الفترة الانتقالية، وستضعها في دائرة الفشل من جديد، ولكن الجيد في الأمر أن رئيس مجلس السيادة قطع على نفسه عهوداً وآخرها يوم أمس، بأنهم يدعمون حمدوك بصورة كاملة، وهذا ما يحتاجه السودان في هذه المرحلة(.
تقرير: أميرة الجعلي
خلال مخاطبته أمس ختام العام التدريبي لعام ٢٠٢١م للجيش بمنطقة المعاقيل، اكد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التزامهم بالعمل مع رئيس مجلس الوزراء والاهتمام بمعاش الناس، توفير الأمن، العمل على استدامة واستكمال عملية السلام والتحضير للانتخابات بإشاعة جو الحرية والسلام والعدل.
ليس هذا فحسب، بل أعلن دعمه رئيس الوزراء في أداء مهامه للعبور بالفترة الانتقالية إلى غاياتها، وأضاف قائلاً: )الآن بدأنا بداية حقيقية، وبدأنا نتحرر من كل القيود التي كانت تكبل حتى حمدوك(.
وبالإشارة إلى الدعم الكبير الذي يقدمه المكون العسكري لحمدوك منذ )٢٥( أكتوبر الماضي كرئيس للوزراء بجانب الدعم الدولي والإقليمي للمضي قدماً بالفترة الانتقالية، إلا أن الرجل بحسب المراقبين يمضي بصورة بطيئة في تشكيل الحكومة وإكمال مؤسسات الدولة، منذ أن أعيد تعيينه مجدداً بعد التوقيع على الاتفاق السياسي بينه وبين البرهان.
ويرى البعض أن حمدوك منذ التوقيع على الاتفاق السياسي وجلوسه على كرسيه مجدداً لم يحرك ساكناً ولم يتخذ أي قرار للمضي بالفترة الانتقالية إلى الأمام، أي أن مهامه انحصرت فقط منذ )٢١( نوفمبر في إجراء المقابلات التلفزيونية والتحدث مجدداً عن وعود سينفذها، بجانب إجراء مقابلات روتينية على رأسها لقاء المبعوثين الدوليين والسفراء المعتمدين في السودان، بجانب لقاءات غير رسمية بالمجلس المركزي للحرية والتغيير الذي يشهد صراعاً داخلياً بين مكوناته الحزبية.
ماذا يفعل حمدوك؟
ويتساءل الكثيرون حول ما الذي يفعله حمدوك ولماذا حتى الآن لم يشكل حكومته التي حدد لها أسبوعين منذ أن جلس على كرسيه مجدداً؟ وهل أصبح الرجل زاهداً في المنصب خاصة بعد الصراعات المتزايدة داخل مركزي الحرية ورفض الشارع العام الاتفاق السياسي، أم قرر الرجل ان يعمل بصمت مع مجموعة محددة؟
وهناك تسريبات تفيد بأن بعض أفراد طاقم مكتب حمدوك القديم رفض العودة مجدداً للعمل معه، خاصةً بعد أن تم اعتقال بعضهم من قبل المكون العسكري في )٢٥( أكتوبر الماضي ورفضهم الاتفاق الموقع مع البرهان، كما كانت هناك تسريبات الأسبوع الماضي بأن الرجل يرغب في تقديم استقالته، فيما صدرت تصريحات صحفية من مقربين منه بأن حمدوك رهن استمراره في منصبه بالتزام المكون العسكري بتنفيذ الاتفاق السياسي بجانب دعم القوى السياسية الاتفاق.
حصار دولي
ويبدو أن المجتمع الدولي من خلال مبعوثيه وسفرائه بالداخل يحاصرون رئيس الوزراء من خلال لقائه بصورة مستمرة من حين لآخر، وربما يصرفون له روشتات بكيفية إدارة الفترة الانتقالية في السودان، كما ينشطون في إجراء لقاءات مكثفة مع أطراف متعددة.
وأمس الأول التقى حمدوك سفراء الاتحاد الأوروبي بالبلاد، حيث ناقش اللقاء الوضع السياسي الراهن، وأطلع رئيس الوزراء السفراء على التطورات بالبلاد منذ توقيعه على الاتفاق الإطاري في )21( نوفمبر الماضي والخطوات العملية التي أعقبته.
ومن جانبهم أكد السفراء مساندة الاتحاد الأوروبي المستمر منذ ديسمبر 2018م الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في الحرية والسلام والعدالة، ودعمهم الأنموذج السوداني الفريد في التحول الديموقراطي.
ورحب اللقاء بالبنود الأربعة عشر التي تضمنها الاتفاق الإطاري الموقع في )21( نوفمبر باعتباره خطوة أولى في اتجاه العودة لمسار التحول المدني الديمقراطي، وأكد أن هذه الخطوة تتطلب مزيداً من الخطوات والإجراءات لبناء الثقة بين مختلف مكونات الفترة الانتقالية عقب )25( أكتوبر الماضي.
تحذير عسكري
ورغم اللقاءات المستمرة التي يجريها حمدوك مع بعثات الدبلوماسيين لاسيما الغربية، فقد اتهم القائد العام للجيش بعض الدبلوماسيين بالتحريض على الجيش، وقال: )نحن نعلم تحركاتهم(، وحذر من التطاول على أمن البلاد، وأضاف أن الدبلوماسيين يتجولون وسط المواطنين وشغالين )المديد حرقتني ويحرضون بعض الأطراف على القوات المسلحة عشان يلقوا فرصة ويجوا يدخلوا في الشأن السوداني، ونحن بنحذر من مغبة هذه التحركات، وبنقول نحن شايفين ومفتحين، وما بغلبنا نتخذ أي إجراء ضد أي زول يتطاول على أمن السودان وعلى حرمة أهل السودان، ويتطاول على أي شي بمس أمن هذا البلد(.
مما يعني أن المكون العسكري غير راضٍ عن تحركات السفراء التي أصبحت مفتوحة دون سقف مع كافة الأطراف، ولا يرغب في أن يكون وصياً على الفترة الانتقالية.
حمدوك لن يستمر
وبالمقابل توقع المفكر الإسلامي بروفيسور حسن مكي عدم استمرار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في منصبه.
وقال مكي للزميلة )اليوم التالي( أمس الأول إن حمدوك سيجد استحالة في الاستمرار في منصبه، ليس فقط لأن المكوّن العسكري لا يتعاون معه، لكنّ لأن مشكلات السودان أكبر من قدراته. وأشار إلى أن حمدوك لا يستطيع تكوين المحكمة الدستورية ولا المجلس التشريعي، وسيجد من الأفضل له أنّ ينسحب من المشهد.
وجزم مكي بأن المعركة التي بدأت في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي التي سميت )تصحيح المسار( لم تحسم بعد لا لصالح المكوّن العسكري ولا لصالح رئيس الوزراء، وقال ان هناك جولة قادمة.
وأشار مكي إلى أن المتغيرات في السودان أصبحت أكبر من قدرات الذين يحكمون سواء من المكون العسكري أو رئيس الوزراء. وقال: )لذلك ستفرض نفسها في الشهور القادمة إنّ لم تكن الأسابيع القادمة(.
رهان خاسر
واشار خبير سياسي ــ فضل عدم ذكر اسمه ــ في حديثه لـ )الانتباهة( إلى ما نشره المستشار السياسي السابق لحمدوك والقيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان اخيراً بضرورة تكوين مكتب رئيس الوزراء، وان مكتبه هو المسيطر على الأمور اكثر منه شخصياً. واستغرب الخبير من تصريحات البرهان الداعمة لحمدوك، مؤكداً أن كل المؤشرات ترجح عودة حمدوك إلى حاضنته القديمة من خلال تعيين الوكلاء الذين تم اختيارهم على اساس حزبي ايديولوجي، مشيراً إلى أن التسريبات تؤكد ان وكيل الإعلام اختاره الرشيد سعيد وان وكيل الخارجية اختارته مريم الصادق الوزيرة السابقة، وانتقد الخبير ضعف الحكومة في محاصرة تدخل السفارات الغربية والإقليمية في الشأن الداخلي، مؤكداً ضعف الطاقم التنفيذي لوزارة الخارجية التي عجزت عن ان تمنع التدخل المريع في شؤون البلاد.
واكد ان رهان البرهان على اداء حمدوك يعتبر رهاناً خاسراً، لأن حمدوك كما فشل في السابق سيفشل الآن، هذا إضافة لمحاولة تغيير رأيه بواسطة الحاضنة القديمة وإعادة شعبيته في الشارع عن طريق التنكر للاتفاق الموقع مع البرهان، وهو ما يعرض البلاد لمزيد من الخطر.
عنصر أزمة
اما المحلل السياسي الرشيد محمد فقال لـ )الانتباهة( انه رغم الاجراء الذي تم بعد قرارات )٢٥( أكتوبر، الا ان حمدوك يمثل عنصر ازمة ويصعب ان يكون جزءاً من حل الأزمة. واضاف ان المعيار الذي توافق عليه الناس الخاص بالكفاءة والاستقلالية والحيادية تم تطبيقه على من هم دون رئيس الوزراء، ولم يتطرق احد إلى مدى استيفاء حمدوك شرط الثورة التصحيحية التي استندت الى الكفاءة والاستقلالية. وقال محدثي ان المكون العسكري يعلم قدرات حمدوك مما يعني أن عودته تكتيكية وليست استراتيجية مقصوده بذاتها.
وأوضح أن حمدوك الآن يعمل بذات الطريقة والأدوات القديمة ويحاول انتاج الأزمة، وكان متردداً والسياسة تريد قرارات وجرأة ورؤية وقيادة وهذه الصفات غير متوفرة في حمدوك، وأضاف قائلاً: )حمدوك يريد الآن ارضاء كافة الأطراف، وحديثه عن تكليف نبيل أديب بكتابة إعلان سياسي أيضاً اعادة لانتاج الأزمة، لأن نبيل ساهم في كتابة الوثيقة الدستورية وكذلك كان وسيطاً في الاتفاق السياسي ورئيس للجنة فض الاعتصام التي لم يرفع تقريرها حتى الآن، ويشعر حمدوك بأن امر الوزراء الجدد ليس بيده وان الترشيحات ستأتي من الولايات، وحاول الالتفاف عليها من خلال تعيين وكلاء الوزارات(، وتوقع الرشيد ان ينادي حمدوك الآن بإعلان سياسي ينظم العلاقة بينه وبين الاحزاب، وأشار إلى أن البعض كان يظن انه تخلص مما تسمى الحمولة الزائدة وهي الحرية والتغيير، لكن يبدو أن طريقته في محاولة ارضاء الكل ستفقده ما تبقى له من رصيد.
فراغ كبير
لكن المحلل السياسي خالد الأعيسر يرى انه لما تم من صراعات متراكمة والخلافات السياسية بين القوى المدنية التي كانت حاضنة تحدد حركة واتجاهات رئيس الوزراء وترسم له معالم الطريق قبل )٢٥( أكتوبر وتنتقي له الشخوص المعنيين بالوظائف الدستورية، أصبح هناك فراغ كبير سيقابله رئيس الوزراء، وقال إن هذا في حد ذاته عنصر اساسي في تأخير حركة انتاج رئاسة مجلس الوزراء.
وكشف انهم بصدد بناء منظومة مرجعية تهتم بملء هذه الفراغات، وأضاف قائلاً: )لكن في الواقع هذا التأخير سيكون الناتج منه افضل مما كان عليه الحال في السابق، خاصة اذا اسقطنا فكرة اختيار كفاءات وطنية مستقلة على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني(.
وأكد الأعيسر لـ )الانتباهة( ان التأخير فيه خير وان كانت الضرورة تقتضي التعجيل. وواصل خالد حديثه بأنه من المؤكد أن رئيس الوزراء ومكتبه يعملون بكفاءة لتدارك عثرات الماضي وتجاوز هذه المرحلة التي َوصفها بالمفصلية من تاريخ السودان. وأضاف قائلاً: )من الجيد ان مطلوبات حمدوك للنجاح أصبحت شبه متوفرة بحكم ما تم من إجراءات في )٢١( نوفمبر بما يعرف بالاتفاق السياسي الذي يخول لحمدوك حرية الحركة(.
خلف الكواليس
وكشف الاعيسر عن وجود عمل دؤوب يتم خلف الكواليس، وقال: )لكن المهم في هذه المرحلة ضرورة تعاون المكون العسكري بصورة كاملة مع رئيس الوزراء حتى يتمكن من انجاز مهامه بصورة ناجحة(، وأضاف قائلاً: )إن اي تعطيل من المكون العسكري لحركة حمدوك والحرية في تنفيذ ما يراه مناسباً ستقضي على ما تبقى من الفترة الانتقالية، وستضعها في دائرة الفشل من جديد، ولكن الجيد في الأمر أن رئيس مجلس السيادة قطع على نفسه عهوداً وآخرها يوم أمس، بأنهم يدعمون حمدوك بصورة كاملة، وهذا ما يحتاجه السودان في هذه المرحلة(.