الإثنين 31 يناير 2022 - 20:15

الخرطوم : عبد الرحمن صالح
شهدت الفترة الماضية جدلاً كبيراً بخصوص السياسات التي انتهجتها لجنة إزالة التمكين ضد منظمات إسلامية وجمعيات خيرية كانت تعمل في فترة حكومة )الإنقاذ( وتمثل واجهات لحزب المؤتمر الوطني )المحلول(، ففي حين رأت عدة جهات سياسية إجراءات إزالة التمكين بإيقاف نشاط المنظمات والجمعيات الإسلامية واستعادة أموال الشعب وممتلكاته ضرورية، وجدت قوى إسلامية أن لجنة إزالة التمكين حركتها الأحقاد والضغائن، وأطلقت جميع قراراتها من خلفيات سياسية، وأمس الأول أصدر وزير الشؤون الدينية والأوقاف عبد العاطي أحمد عباس قراراً بمعاودة جميع نشاطات جمعية القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بالعاصمة والولايات . وقال خلال اجتماعه بموظفي الجمعية بمقرها نحن قررنا بأن نحافظ على القرآن وسنقاتل من أجله والحفاظ على أصول الجمعية ولم نرض لأي شخص بالتصرف في أراضي الجمعية . مؤكداً أن قرار اللجنة جاء بتبعية الجمعية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف . مشيراً إلى أن الجمعية تعتمد على الفندق في تسيير أمورها . وأكد حل جميع المشاكل التي تواجه إذاعة )الفرقان( والحرص على استمراريتها . ليبقى السؤال هل تفتح عودة جمعية القرآن الكريم الباب أمام الجمعيات والمنظمات الإسلامية الأخرى للعودة لممارسة نشاطاتها بالبلاد مجدداً ؟.
انتكاسة كبرى
ويؤكد المحلل السياسي د . معتصم محمد الحاج أن قرار عودة جميع نشاطات جمعية القرآن الكريم والعلوم الإسلامية فتح الباب لعودة جميع المنظمات والجمعيات التي تم إيقاف أنشطتها بأمر لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، ويقول في حديثه لـ)الانتباهة( كل شيء ما قبل ثورة ديسمبر المجيدة سوف يعود، ونحن أمام )انتكاسة( كبرى، والثورة تم التآمر عليها، وبتشاكس القوى السياسية، الأمر الذي أتاح الفرصة للارتداد عن خط الثورة، ويضيف الحديث عن أن الثورة مستمرة ليس في الواقع، واستمرار الثورة يحتاج إلى جولات وجولات حتى تعود الأمور لنصابها، ويؤكد أن جميع المنظمات والجمعيات التي تم حلها سابقاً ومصادرة ممتلكاتها وإيقاف أنشطتها سوف تعود للعمل مجدداً، ويرى أن النظام السابق قد عاد بصورة أو بأخرى حمايةً لمصالحهم .
ويشير معتصم إلى أن القرارات التي اتخذتها لجنة إزالة التمكين بإيقاف المنظمات والجمعيات لا تعني لأصحاب المصالح الذين تآمروا على الثورة شيئاً، ويؤكد أن ما حدث في 25 أكتوبر حمايةً لمصالح مجموعة تسببت في خراب البلاد طوال الفترة الماضية، ويشير إلى أن عودة المنظمات والجمعيات تعني أن النظام القديم قد عاد، ويضيف عودتهم قد تكون بوجوه غير معروفة، والقرارات التي أصدرتها لجنة إزالة التمكين لا تعني لهم شيئاً، ويتابع قائلاً ما حدث بعد 25 أكتوبر من قرارات هو حماية لمصالح هذه المجموعات كي تعود للواجهة، ويؤكد أن النظام القديم قد عاد بكامل قوته، ويضيف التحدي الآن هل يستمر هذا الأمر، أم تستمر روح الثورة وتنتصر..؟ .
دعم سياسي للعسكريين
ويبدو أن الفترة التي أعقبت الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر من العام الماضي، كانت بمثابة ردة عن القرارات التي اتخذتها لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد منذ تكوينها، حيث شهدت الفترة بعد 25 أكتوبر عودة منظمات ومؤسسات كانت محسوبة على النظام البائد، بالإضافة إلى عودة عدد كبير من كوادر الإنقاذ للواجهة من جديد، وبحسب مراقبين كانت هذه الخطوة متوقعة في ظل عدم وجود الدعم السياسي للعسكريين من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير الحاضنة السياسية لحكومة رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، لذلك من الطبيعي أن يملأ هذا الفراغ الإسلاميون .
طابع إسلامي متشدد
وحول عودة عمل المنظمات والجمعيات الإسلامية التي أوقفت أنشطتها لجنة التفكيك، وبما فيها منظمة الدعوة الإسلامية التي أكدت لجنة التفكيك بأنها كانت تشكل معقلاً لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير منذ أول يوم عندما تم إعداد وصياغة بيان انقلاب )ثورة الإنقاذ( داخل مقرها بالخرطوم في 30 يونيو 1989م، يستبعد المحلل السياسي أحمد محمد علي عودة المنظمات ذات الطابع الإسلامي المتشدد للعمل مجدداً، ويقول في حديثه لـ)الانتباهة( المنظمات ذات الخطاب الاسلامي )البحت( ربما لا تعود للعمل مجدداً، لجهة أن العسكريين يخشون من الإرهاب، ومن رفض المجتمع الدولي لعمل تلك المنظمات، ويضيف قائلاً لكن باقي المنظمات والجمعيات يمكن أن تعود للعمل وتزاول نشاطها من جديد، ويشير إلى أن المؤتمر الوطني المحلول والعسكر الذين يتقلدون السلطة الآن على مسافة واحدة و)منبوذون( من قبل الشارع .
ويقول أحمد إن الوزراء الجدد الذين تم تعيينهم مؤخراً لا ينتمون لأية قوى سياسية، لذلك سوف يقومون بدراسة جميع القرارات الماضية التي أصدرتها لجنة إزالة التمكين، خاصةً وأن معظم القرارات التي اصدرتها اللجنة، شابها شيء من التشفي والانتقام دون دراسة متأنية .
“فلاش باك”
وفي يناير من عام 2021م، أعلنت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، حل )131( منظمة وجمعية خيرية ومصادرة مشاريع زراعية واستثمارية تعود لرموز النظام الرئيس المعزول عمر البشير. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده مقرر اللجنة الفرعية بولاية القضارف وجدي خليفة بالقصر الرئاسي في الخرطوم. وأعلن خليفة خلال المؤتمر حل )131( منظمة وجمعية خيرية وبرر ذلك بأنها كانت تمثل واجهات لحزب المؤتمر الوطني )الحاكم السابق(. وقال عضو لجنة إزالة التمكين صلاح مناع )إن القرار جاء باعتبار هذه الجمعيات تعمل كواجهة لحزب المؤتمر الوطني وتتلقى أموالاً من جهات خارجية لتمويل أنشطة الإرهاب(.