الثلاثاء 1 مارس 2022 - 18:31

الخرطوم: رقية يونس
كشف المحقق النيابي للمحكمة عن أسباب تقديم وزير المالية في العهد المباد علي محمود عبد الرسول متهماً في قضية مخالفات في أصول النقل النهري، وذلك لإصداره قراراً بإعفاء أقساط مبالغ متعلقة بإيجارات موانئ النقل النهري وبدون أية صفة.
ويواجه وزير المالية في العهد البائد علي محمود عبد الرسول ومدير الشركة السودانية للنقل النهري السابق واثنان آخران الاتهام على ذمة قضية مخالفات في أصول النقل النهري.
اعتراضات
ورصدت )الإنتباهة( حالة شد وجذب واعتراضات متكررة من قبل محامي دفاع المتهمين طيلة انعقاد الجلسة، وهم )محمد الحسن الأمين، عماد جلجال، محمد عبد المجيد والفاضل عوض الله( على طريقة الأسئلة التي كان يطرحها رئيس هيئة الاتهام بنيابة مكافحة الفساد ومخالفات المال العام على المحقق النيابي، وأشار محامو الدفاع الى أن تلك الأسئلة تخالف طرق المحاماة، لاسيما أنه لم ترد أية إشارة منها في أسئلتهم في جلسات سابقة للمحقق، الأمر الذي جعل المحكمة ترفض اعتراضهم في مرات وتوافق عليها، وتطالب الاتهام بأن يطرح أسئلته بطريقة تتوافق مع أسئلتهم السابقة ووفق ما جرى عليه العمل بالمحكمة.
إعفاء محمود الأقساط
وبرر المحقق وكيل نيابة مكافحة الفساد وجرائم المال العام جلال سنين لدى مناقشته بواسطة ممثل الاتهام رئيس نيابة عامة سليمان عمدة هجانة تقديم المتهم الأول وزير المالية الأسبق في العهد المباد )على محمود( متهماً في هذه القضية، باصداره مستند اتهام )6( عبارة عن خطاب يحوي قراراً بإعفاء مبالغ الأقساط المتعلقة بإيجارات موانئ النقل النهري، وذلك دون صفة له في العقد المبرم بين حكومة السودان كطرف والمتهمة الثالثة الشركة السودانية للنقل النهري كطرف ثانٍ، منبهاً إلى أنه بالتحريات فقد افاد )محمود( بانه اصدر الخطاب مستند الاتهام كـ )حل توفيقي( للنزاع بين طرفي العقد لإيجار أصول النقل النهري، مبيناً أن المتهم الأول أصدر الخطاب بصفته وزير مالية وقتها بالرغم من أن لا صفة له في عقد الإيجارة المبرم.
مبالغ مستحقة للحكومة
وأوضح المحقق سنين للمحكمة الخاصة المنعقدة بمجمع محاكم الخرطوم شمال برئاسة القاضي حامد صالح حامد، اوضح أنه حسب مستندي اتهام )18/19( في هذا البلاغ تقريري المراجع العام، فإنه قد حدد المبالغ المالية المستحقة لحكومة السودان على المتهمة الثالثة الشركة السودانية للنقل النهرى، مبيناً أن هذه المبالغ عبارة عن متأخرات قيمة أصول النقل النهري وجزء من ثلاثة أقساط حول تلك الإيجارات، ومن جهة أخرى فقد شملت هذه المبالغ أية متأخرات أقساط الإيجار منذ الأعوام )2008م وحتى 2019م( بقيمة إيجار سنوي قدره )1.5( مليون دولار أمريكى، مشدداً على أنها مبالغ وردت في تقرير المراجع العام بتاريخ 28/12/2019م.
تعويض الشركة بمساحة
وأشار المحقق في أقواله للمحكمة الى أنه بحسب العقد المبرم فإن المتهمة الثالثة بوصفها طرفاً ثانياً في العقد تسلمت كل الموانئ ماعدا ميناء الخرطوم بحري، وذلك لأن ولاية الخرطوم قامت بتعويض الشركة المتهمة الثالثة بميناء في منطقة الشجرة بمساحة )20( الف متر ومبلغ مالي قدره )10.204.800( دولار أمريكى، وأردف قائلاً إنه بهذه التسوية تعتبر جميع الموانئ قد تم تسليمها على حد تعبيره، موضحاً أن التعويض المالي سددته ولاية الخرطوم لصالح وزارة المالية اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام باعتبارها الطرف الأول في العقد.
استثمار شركتين كويتيتين
وفي ذات الاتجاه واصل المحقق النيابي وكشف المزيد خلال جلسة المحكمة، وأفاد بأن المتهم الثاني وزير دولة بالمالية أسبق بالعهد البائد بالتحريات اتضح عدم علاقته بشركة النيل للنقل النهري، وإنما هو الذي أصدر أول قرار بدراسة )خصخصة( النقل النهري بصفته وزير دولة للمالية آنذاك، موضحاً أن عبارة )الكوايتة( التي وردت في إفادته السابقة أمام المحكمة تشير إلى شركتين كويتيتين هما )عارف والخليج والكويت( اللتان استثمرتا في هيئة النقل النهري بالبلاد، وهي ذات المجموعة التي فازت بخصخصته، كاشفاً للمحكمة أن الشركتين الكويتيتين حازتا على أسهم داخل النقل النهري لمدة لا تتجاوز )سنة( من تاريخ خصخصتها، وذلك بعد صدور قرار بدراسة الخصخصة، وأضاف المحقق كذلك للمحكمة أنه عقب ذلك فإن الشركتين الكويتيتين حازتا على نسبة )50%( من أصول النقل النهري بعد الخصخصة، وذلك بتاريخ 20 مايو عام 2007م، وهو تاريخ الفوز بعطاء الخصخصة على حد تعبيره.
فيما أفاد المحقق في سياق مغاير بأن شركة عارف الكويتية دخلت البلاد واستثمرت فيه في أربعة مجالات أساسية وهي )المجال المصرفي ببنك المال المتحد والخطوط الجوية السودانية )سودانير( والمجال العقاري والنقل النهري(، منوهاً بأنها استثمرت في البلاد بموجب عقود مستندات اتهام وقعتها مع حكومة البلاد.
قصة مدير لشركتين
فيما نبه المحقق المحكمة أيضاً إلى أنه بالتحريات فإن المتهم الثالث بصفته الاعتبارية عن الشركة السودانية للنقل النهري كان يمثل هيئة النقل النهري قبل خصخصتها، إضافةً إلى أنه بحسب التحريات وأقوال شهود الاتهام فإنه من قام شخصياً )بتقييم( أصول النقل النهري قبل الخصخصة، موضحاً أن المتهم الثالث بعد الخصخصة كان مديراً للشركة السودانية للنقل النهري، بجانب منصب آخر وهو مدير شركة النيل للنقل النهري، وأردف قائلاً بأن المتهم الثالث كان يقود إدارة الشركتين في فترة الخصخصة منذ عام 2007م وحتى 2019م، مبيناً أنه بالتحريات فقد أعفى المتهم الثالث من منصبه كمدير للشركة السودانية للنقل النهري وقت إحالة البلاغ للمحكمة، بجانب إعفائه بموجب قرار من مجلس الإدارة من منصب مدير لشركة النيل للنقل النهري.
التنازل خلال )13( يوماً
فيما أوضح المحقق النيابي جلال سنين للمحكمة بأنه بالتحريات فقد اتضح أن المتهم الرابع قد تسلم إدارة شركة النيل للنقل النهري بعد دخول المجموعة الدولية للتجارة والاستثمار مساهمة فيها بنسبة )50%( في عام 2019م، لافتاً إلى أنه بالتحريات فقد اتضح أن بقية الأسهم تم توزيعها بنسبة )18%( لصالح حكومة السودان ممثلة في وزارة المالية، إضافة إلى توزيع نسبة )12%( لصالح حكومة جنوب السودان، إلى جانب نسبة )20%( لصالح الشركة السودانية للنقل النهري التي تنازلت عن أسهمها لشركة مجموعة )عارف الكويتيىة والخليج والكويت( وبدورها تنازلت عن )50%( من الأسهم لصالح شركة )تايكو جنرال( والأخرى تنازلت عن الأسهم لمجموعة جياد الصناعية وبدورها تنازلت عن الأسهم لشركة )فاسكو(، والأخيرة تنازلت عن أسهمها لإحدى الشركات، وأن كل تلك التنازلات تمت في )13( يوماً فقط على حد قوله.
محاسبة جنائية قضائية
وأفاد المحقق في خواتيم إفاداته للمحكمة بأن لجنة مخالفات أصول النقل النهري وخصخصته التي شكلها النائب العام الأسبق كانت لها سلطتان، الأولى بأن تدفع بتقريرها حول المخالفات للجنة استرداد المال العام أو أن تتم إحالة المتهمين في تلك المخالفات للمحكمة، موضحاً انه بموجب ذلك أوصت لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو بتاريخ )16 أبريل 2020م( باسترداد جميع أصول النقل النهري، وذلك بعد صدور قرار اللجنة بإحالة الملف للمحكمة لمحاسبة المتهمين بالمخالفات الجنائية المتعلقة بالخصخصة، مشيراً إلى أن اللجنة قد وضعت في اعتبارها وقتها أن قرارات لجنة التفكيك ليست )نهائية(، لذلك أحالت الملف للمحكمة وبذات الأصول التي قررت اللجنة استردادها للحصول على حكم قضائي.
ومن جهتها حددت المحكمة جلسة الإثنين المقبل لاستجواب المحقق في الدعوى الجنائية والفراغ من أقواله فيها، وأمرت أيضاً المحكمة بإعلان المبلغ في القضية للمثول أمامها في الجلسة القادمة.