السبت 5 مارس 2022 - 6:13

الشيوعي: الميثاق لإحداث التغيير الجذري والبديل لما بعد السقوط


البعث: الميثاق يؤسس لنظام دكتاتوري بتكريس وجمع السلطات بيد رئيس الوزراء


المؤتمر السوداني يدعم المقترح وسنجري مشاورات داخلية لدعمه


الخرطوم: مهند بكري
يبدو جلياً أن المشهد الذي تحاول لجان المقاومة رسمه على الخارطة السياسية تجاوز مرحلة تحريك الشارع، إلى مرحلة رسم خريطة طريق سياسية، لهزيمة الانقلاب العسكري أو كما يصفه المؤيدون لخطوة رئيس مجلس السيادة في 25 أكتوبر الماضي، بـ)تصحيح المسار( فيما انتقلت لجان المقاومة أيضاً عبر ميثاقها )تأسيس سلطة الشعب( والذي أفرجت عنه بعد شهور من التشاور إلى مرحلة جديدة بوضع الأسس لما بعد الانتصار عليه، وعلى الرغم من أهمية الميثاق، يرى فيه متابعون بعض الثغرات، إلا أن القائمون على إعداده أكدوا وجود فرصة للتعديل عليه، فيما وجد ترحيباً من قبل عدد من الجهات الحزبية والمجتمعية.
لكن بالمقابل ألهب الميثاق الساحة السياسية من جديد ليترك مساحات للنقد والاتهام لبنود سطرتها أقلام من يرفعون شعارات: “لا تفاوض لا مساومة لا شرعية”، والذين لم تنجُ القوى السياسية المعارضة لقرارات قائد الجيش والتي كانت شريكاً ولاعباً أساسياً في خطة إسقاط نظام المخلوع من سهام نقدهم.
رفض وتحفظ
بحسب المتحدثين لـ)اليوم التالي( فإن الميثاق يحمل إشارة واضحة برفض العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في السودان، للتقريب بين أطراف الأزمة، وهي عملية تقوم حتى الآن على التفاوض غير المباشر، وهو أمر سبق أن رفضته اللجان وامتنعت فيه حتى عن الجلوس مع رئيس البعثة، فولكر بيرتس.
واتفقت أحزاب أبرزها “الشيوعي والبعث والمؤتمر السوداني” في إفاداتهم للصحيفة على مبدأ توحيد القوى الحية لمجابهة الانقلاب واحتفظ بعضهم برأيه حول الميثاق حتى اكتمال مشاوراتهم حول بنوده، عدا حزب البعث والذي وضع عدة مآخذ ببنود حملها الميثاق.
وبحسب أعضاء في لجان المقاومة ـ رفضو الإفصاح عن هويتهم ـ يأتي الاهتمام بالميثاق السياسي الأخير، نتيجة القوة التي اكتسبتها اللجان في خطواتها لإنهاء الانقلاب، حيث نجحت في تنظيم نحو 30 مليونية في الخرطوم، وعشرات التظاهرات الليلية في الأحياء، منذ الخامس والعشرين من أكتوبر من دون أن يوقف نشاطها اليومي، علاوة على التعاطي العنيف من قبل السلطات الأمنية مع الحراك الثوري، الذي نتج عنه، مقتل ما لا يقل عن 83 شخصاً، وإصابة أكثر من 2300 آخرين، واعتقال المئات من عناصر لجان المقاومة حسب ما أعلنته لجنة الأطباء المركزية، وهي جماعة ضغط مستقلة، عقب مقتل متظاهرين اثنين، إثر إصابتهما بالرصاص الحي خلال مشاركتهما في مسيرات احتجاجية بالخرطوم ـ الاثنين الماضي.
ولا توجد إحصائية رسمية من السلطات السودانية، لعدد القتلى الذين سقطوا خلال الحراك الأخير الداعي للحكم المدني.
ومع تنامي الأهمية السياسية والميدانية للجان المقاومة، والتي بات من الصعب تجاوزها، سعت جهات عدة لخطب ودّها ومغازلتها، بما في ذلك قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك قبل استقالته الأخيرة في الثاني من يناير الماضي، وكذلك قوى إعلان الحرية والتغيير لإعادة العلاقة معها.
فلاش باك
في السابع والعشرين من فبراير المنصرم أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة ولاية الخرطوم، طرح إعلانها السياسي “ميثاق سلطة الشعب” للتوقيع عليه، بعد أن أرجأت الخطوة في وقت سابق.
وتقول لجان المقاومة إن الهدف من الميثاق إسقاط السلطة الحاكمة حيث تشهد البلاد احتجاجات راتبة مناهضة لقرارات القائد العام للجيش وحل بموجبها مجلسي السيادة والوزراء واعتقل عدداً من رموز القوى السياسية ووزراء الحكومة الانتقالية، كما ينص على مراجعة اتفاق جوبا للسلام وتكوين هياكل حكم انتقالي.
وردد المتظاهرون من أمام القصر الجمهورية هتافات تطالب الجيش بالرجوع إلى ثكناته وتولي المدنيين الحكم.
ونص الميثاق على سحب جميع القوات السودانية المشاركة في حرب اليمن وضمان عدم مشاركة أي قوات سودانية في عمليات قتالية خارج الحدود دون موافقة البرلمان.
واشترط للتوقيع على المسودة عدم المشاركة في النظام السابق حتى سقوطه أو تأييد ومشاركة سلطة ما سماه انقلاب 25 أكتوبر.
وأشار أن من يحق لهم التوقيع على الوثيقة هم لجان المقاومة في العاصمة والولايات، والكيانات النقابية والعمالية والأجسام المطلبية، بجانب القوى السياسية والتنظيمات المهنية والطلاب والكيانات النسوية والنازحين وكل الرافضين لعسكرة السلطة.
واشترط لتوقيع القوى السياسية التي فاوضت المكون العسكري عقب سقوط نظام البشير، إجراء تقييم موضوعي للشراكة مع العسكريين وتقديم اعتذار رسمي للشعب السوداني عما سببته تلك الشراكة.
وأشار الى أن التوقيع على ميثاق “سلطة الشعب” يتم بصورة منفردة ولا يقبل توقيع التحالفات، على أن تفوض تلك التحالفات شخصاً يمكن الرجوع إليه حال نشوب أي خلاف.
وشدد الميثاق على رفض دعوات التفاوض المباشرة وغير المباشرة مع من وصفهم بالانقلابيين والاستمرار في المقاومة السلمية إلى حين إسقاطهم.
ونادى ببناء دستور انتقالي يؤسس لهياكل حكم انتقالي يعمل على تحقيق أهداف الثورة وإنجاز مهام التغيير في فترة زمنية قدرها عامان، كما نص على أن تشمل هياكل الحكم الانتقالي تسمية رئيس وزراء من الكفاءات الوطنية المستقلة المنحازة لثورة ديسمبر، لاستلام السلطة وتسيير المهام السيادية والتنفيذية بعد إسقاط الانقلاب إلى حين إجازة الدستور الانتقالي.
)البعث( انتقادات ومطلوبات
فيما يرى المتحدث الرسمي باسم حزب البعث عادل خلف الله في إفاداته لـ)اليوم التالي( أن ميثاق لجان المقاومة إقصائي ولا يعترف بقوى الحرية والتغيير، ويتجاهل الوثيقة الدستورية، وأضاف: “الميثاق يؤسس لنظام دكتاتوري بتكريس وجمع السلطات بيد رئيس الوزراء.
وبحسب خلف الله فإن قيمة ميثاق لجان المقاومة في قدرته في توحيد لجان المقاومة وتعزيز حوارها مع القوى السياسية والاجتماعية، مشيراً إلى أن الميثاق يأتي في إطار استمرار الإعلان عن المواثيق وتعدد الجهات التي تعلنها، إضافةً إلى ما عرف بالمبادرات، ولذلك مع التقدير للجهد الذي بذل، وقال إن المطلوب في هذه المرحلة التوحد، والتوافق، ولو في الحد الأدنى التنسيق، بين لجان المقاومة أولاً، بمعنى أن واحد من أهم مفاعيل الميثاق، دوره في ترصين وحدة لجان المقاومة بالحوار والتفاعل مع المواثيق والمبادرات الأخرى، لا سيما وأن أهمية الميثاق تكمن في أن يتفاعل مع المواثيق الأخرى المطروحة في الولايات، وهذا يحتاج إلى رؤية تفاعلية توافقية وليست إقصائية كما ظهر في العديد من بنود الميثاق المطروح، والذي بنى على موقف مسبق في العديد من القضايا والتي جعلته يبدو وكأنه يعبر عن رأي جهة واحدة، “كالموقف من لجنة التمكين، الوثيقة الدستورية، الأحزاب، الحرية والتغيير”.
بيد أن خلف الله أكد على موقف حزبة المرحب بالميثاق والمواثيق الأخرى وثمنا الاهتمام والجهد المبذول مشيراً إلى أن قيادة حزبة حددت موعداً لتداول المواثيق المطروحة، ومضى: “سنرد برأي مكتوب نقدم فيه الملاحظات والبدائل المقترحة موثقة”.
ورأى خلف الله أن الميثاق يمكن أن يكون بمثابة مساهمة في الخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد بترصينه بما ينتجه من تفاعل وحوار، وتجاوز التعميم والعموميات وتجنب النزعة الإقصائية والاشتراطات التي لا تتسق وضرورة الحوار والتفاعل.
وبحسب خلف الله فإن الحل للأزمة الراهنة يكمن في بناء جبهة شعبية عريضة لإسقاط النظام والانقلابيّين بتوحيد قوى الديمقراطية والتغيير السياسية والاجتماعية، وتأسيس وضع انتقالي دستوري جديد، بفترة انتقالية قصيرة، بمهام محددة تتمثل في تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات، وتنفيذ الترتيبات الأمنية لبناء جيش وطني واحد، بإنهاء تعدد الجيوش والمليشيات، وحل المشكلة الاقتصادية، وإعادة تكوين لجنة إزالة التمكين، من أجل تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو، وتكون الفترة الانتقالية قصيرة وواضحة المهام والتي أشرنا إليها سابقاً.
)الشيوعي( تأييد وتشاور
ويقول عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف في إفاداته لـ)اليوم التالي( إن حزبه يرحب بالمواثيق التي تدعو إلى وحدة قوى الثورة، مشيراً إلى أن الميثاق الذي طرحته لجان المقاومة يخضع للدراسة والتشاور داخل أروقة حزبة.
وبحسب الحزب الشيوعي فإن الميثاق يأتي في وقت حاسم لقطع الطريق أمام أي تسوية سياسية أو شرعنة للسلطة العسكرية.
وأضاف: )يأتي الميثاق في وقت حاسم يتطلب توحيد القوى الثورية التي تتبنى مشروع التغيير الجذري البديل لما بعد إسقاط الديكتاتورية العسكرية(.
ودعا الحزب الشيوعي لتشكيل المركز الموحد لقيادة الثورة لقطع الطريق على أي تسوية سياسية أو شرعنة أو شراكة.
واعتبر الميثاق باباً للحوار بين مواثيق لجان المقاومة في كل أنحاء السودان بطرح قضايا الريف، وتوحيد القوى الاجتماعية الثورية في كل السودان حول ميثاق واحد يعبر عنها.
فيما أشاد يوسف بما وصفه بالجهد الجماعي المبذول في صياغة الميثاق والمشاركة القاعدية الواسعة، للتأسيس لعهد جديد من الديمقراطية الشعبية في القضايا السياسية، والاقتصادية والاجتماعية. وأكد شروعه في دراسة الميثاق وإبداء الرأي حوله في القريب العاجل.
ورفض يوسف الاتهامات التي تدور حول علاقة حزبه بالجان المقاومة، وقال إنهم حزب سياسي ولجان المقاومة هم ثوار مستقلون ويشكلون تنظيماً، وتساءل يوسف: “هل قالوا إنهم أعضاء في الحزب الشيوعي؟”.
)المؤتمر السوداني( دعم وتقويم
بدوره قال رئيس حزب المؤتمر السوداني بولاية الخرطوم سليمان القوث في إفاداته لـ)اليوم التالي( إنهم يثمنون مقترح ميثاق سلطة الشعب المطروح بواسطة لجان المقاومة بولاية الخرطوم للنقاش، وتابع: “سيعمل الحزب في الولاية على دراسه وتقييم المقترح” مشيراً إلى أنهم سيدعمون الميثاق وتقديم وجهات النظر التي تمكن من تقويم القصور.
وتابع القوث في إفاداته: يعتبر هذا العمل من حيث المبدأ جهداً مقدراً، يضاف إلى الجهود المبذولة من جهات ثورية عدة بهدف الوصول إلى المركز الموحد للمقاومة.
وأضاف: كما نرى أن المرحلة القادمة يجب أن تتوحد فيها الرؤى والأفكار التي تم طرحها في عدد من المواثيق وتتكامل الجهود وصولاً لميثاق موحد لتحقيق التحول الديمقراطي ومدنية الدولة.